المحتوى الرئيسى

يا مدينة الصلاة

10/17 15:59

اولاً يجب ان نتذكر ان هذا الشهر يشهد مذبحة كفر قاسم يوم 29 اكتوبر عام 1956. تكلمت عنها في مقال سابق، لكننا اليوم نتحدث عن الاقصي والانتفاضه التي تزعزع اسرائيل، خاصه انها قادمه من الداخل. من داخل الخط الأخضر، وليس لها قائد معروف يمكن التفاوض معه او قطع راسه. في هذا تذكرنا انتفاضه الحجاره الرائعه التي هبت، بينما عرفات في الخارج.

لا اؤمن بالثوره بالسكاكين واكره العنف، واري ان الفلسطينيين سيتاذون جدا من هذه الحرب. اعتقد ان اقوي واروع انتفاضه عرفتها فلسطين هي انتفاضه أطفال الحجارة، لكن المستوطنين كانوا هم من بدا العنف ككل مره، وحرقوا اسره فلسطينيه كامله واقتحموا الاقصي.. لهذا لم تعد اللعبه تتحمل ترف التحضر للاسف. تاريخ القدس والمسجد الأقصي تاريخ طويل يمثل اعنف درجه صراع بين دينين. وهنا تجد ترتيبًا زمنيًّا دقيقًا لمحاولات اقتحام المسجد من قبل اسرائيل، وان لم يتطرق للمحاولات الاخيره.

يذكر محمد حسنين هيكل ان الاسرائيليين عندما دخلوا القدس في عام 1967 هرع احد الحاخامات الي القائد الاسرائيلي يقول له: هذا هو الوقت المناسب كي تضع تحت قبه الصخره عده اطنان من الديناميت وتزيلها نهائيا. قال القائد الاسرائيلي انه لا يتحمل عواقب هذا. قال الحاخام في جنون: ومن الذي يمكن ان يعترض طريقنا اليوم؟

قال القائد الاسرائيلي: هناك دول اسلاميه صديقه مثل تركيا وايران وباكستان (وقتها) وبالتاكيد يهمنا ان لا نخسرها.

عندها انصرف الحاخام وهو يبعثر لعناته، مؤكدًا ان القائد اضاع فرصته لصنع التاريخ. لكن العقليه الاسرائيليه لم تتخل عن هذا الحلم.

في 21 اغسطس عام 1969 حدث حريق مروع في المسجد الاقصي، في الجناح الشرقي للجامع القبْلي الموجود في الجهه الجنوبيه. الفاعل هو سائح من اصل استرالي اسمه دنيس مايكل روهان زعمت التحقيقات الاسرائيليه انه مخبول، ومصاب بمتلازمه القدس النفسيه التي تجعل كثيرين يريدون تدمير المسجد الاقصي لبناء الهيكل، وقد تم ترحيله لاستراليا بعد التحقيقات، لكن غضبه العالم العربي كانت مخيفه فعلاً. الهجمه ادت لحرق منبر صلاح الدين ومحراب زكريا ومسجد عمر.. الخ. حتي لو كان روهان مخبولاً، فلا شك ان اسرائيل عطلت عمليات الاطفاء عمدًا وقطعت المياه عن مكان الحرم. لعبه التواريخ الساخره تظهر هنا بوضوح، فهذا اليوم هو يوم مذبحه الغوطه في سوريا عندما ضرب بشار شعبه بالغازات عام 2013، وفي نفس اليوم تمت تبرئه مبارك!

تتعدد حوادث الاقتحام بعد هذا، لكن ابرزها اقتحام شارون للمسجد في 28 سبتمبر عام 2000، ليلوث اقدس مقدسات المسلمين، ويقول في نفس الوقت ان اسرائيل يمكنها ان تعيش بسلام مع الفلسطينيين.

القدس لدي اليهود هي عاصمه مسيح الخلاص الاتي من نسل داوود. وفي كتاب (الاجاداه) القصصي الشفوي في التّلمود: (سياتي اليهود اِلي القدس وسياخذونها، وستمتلئ حدودها بالثروه). وفي تفسير التوراه صوّرت (القبالاه) (اورشليم) وكانها المكان الذي سيفيض بالخير من السماء، ومنها يوزع علي بقيه العالم.

هدم المسجد الاقصي جزء لا يتجزا من العقيده الصهيونيه. لن يعود المسيح لمعركه (هرمجدون) ونهايه الزمن الا بهدم المسجد الاقصي واقامه هيكل سليمان. وبالطبع نعرف ان لهذه العقيده اتباعًا مخلصين من مسيحيي الولايات المتحده البروتستانت المتعصبين وذوي الاعناق الحمراء ممن يسمونهم Jesus freaks. دعك من تاريخ طويل من الحفريات والانفاق حتي صارت الارض تحت المسجد اشبه ببيت نمل.

علي كل حال اتفق معظم هذه المنظمات علي هدم كل مساجد القدس مره واحده ساعه صلاه الجمعه علي سبيل الاباده كذلك.

عادل حموده كتب مقالاً مهمًّا عن هذا في التسعينيات، وكان ذلك بسبب ظهور البقره الحمراء المقدسه ميلودي في الجليل، والتي قامت مجموعه حاخامات بزيارتها في كفار حسيديم.. وقد باركوها واعتبروها مقدسه وان الحين قد حان، وهذا يتزامن مع نهايه الالفيه الثالثه للقدس عند اليهود. المفترض ان هذه البقره ستحرق، وقد اعدوا ثياب الكهنه والسكاكين وكل شيء، ثم يتطهرون برمادها قبل دخول الهيكل، فهم يؤمنون انهم نجسون ولا شيء يطهرهم سوي رماد البقره.. ضمن طقوس معقده شبه وثنيه. ثم يتم توزيع رماد البقره في زجاجات علي كل يهود العالم! لا اعرف كيف تكفي البقره كل هذه الملايين.

لحسن حظنا اكتشف الحاخام (شمار ياشوف) صاحب الذمه والضمير ان هناك بقعًا سوداء في جلد البقره، وقد اخرج عدسه مكبره ولاطف البقره وفحص ذيلها فوجد بعض الشعيرات البيضاء، اما عن الاهداب فقد لاحظ انها تبدا حمراء وتنتهي سوداء. هذا افسد دقه العمليه، وهم شعب معروف بالتقوي ولا يقبل انصاف الحلول. هكذا تم تاجيل العمليه الي حين، وقيل انهم يحاولون بالهندسه الوراثيه الوصول الي بقره متجانسه في مزرعه بالمسيسبي.

اقامه كنيس الخراب هي اللمسه الاخيره هنا، وهو مشروع تتبناه الحكومه الاسرائيليه ماليا ومعنويا. هذا اكبر كنيس يهودي يقام علي بعد امتار من المسجد الاقصي وحسب نبوءه حاخام يهودي من القرن الثامن عشر، تقضي بان يقام كنيس الخراب يوم 16 مارس عام 2010. لم تسمح الحكومه الاسرائيليه باقامه الكنيس فوق المسجد الاقصي، وان سمحت باقامته فوق مسجد اخر وفوق بيوت حاره فلسطينيه قديمه، علي ان يكون اعلي واشمخ من قبه الصخره.

في كل مره تغضب الشعوب العربيه وتعم المظاهرات، لكن من الواضح ان المواطن المصري الذي خنقته الانظمه الديكتاتوريه وصعوبه العيش لم يعد قادرًا علي مجرد الاحتجاج. ولو خرجت مظاهرات فلسوف تقمعها عصا الامن الغليظه بكل سهوله. لهذا عندما نري ما يحدث في القدس ندرك حقيقه مروعه هي ان السداده الوحيده التي تعوق اسرائيل عن هدم الاقصي، وتشعرها ان الامر ليس مزحه، هي فلسطينيو الداخل.. لو انصرف هؤلاء فلسوف تهدم اسرائيل المسجد في نفس اليوم.

هناك سداده اخري واهيه هي العلمانيون الاسرائيليون الذين يؤمنون بان الهيكل خرافه، ولعبه الجينات التي تتحكم في لون البقره!

يكفي ان تري الاراء علي فيسبوك لتدرك ان الفلسطينيين وحدهم تمامًا، بل هناك كثيرون يلومونهم علي ترويع المستوطنين الابرياء.

اسمح لي ان اعرض فقره من مقال قديم لي، يتصور سيناريو ما بعد هدم الاقصي. الكاتب مجاهد شراره قال التالي:

1- عبر رئيس الوزراء الاسرائيلي عن اسفه لعمليه التفجير ووصفها بعمليه سيئه والمح بان من قام بهذه الفعله بكل تاكيد مجنون، وبالطبع ليس علي المجنون حرج.

2- ادان الامين العام للامم المتحده عمليه التفجير في مؤتمر صحفي اقامه بالمقر العام للامم المتحده بنيويورك ووصف عمليه التفجير بالعمل غير المسئول، وطالب الفلسطينيين بضبط النفس، اما الامين العام للجامعه العربيه فقد اعرب عن اسفه لما الت اليه الاحداث ووصولها الي الذروه بتفجير المسجد الاقصي، وطالب بقمه عربيه طارئه لمناقشه المستجدات والوصول الي موقف عربي موحد امام هذه الغطرسه الاسرائيليه.

3- عبر رئيس السلطة الفلسطينية عن سخطه.

4- اطلقت كتائب عز الدين القسام وكتائب الاقصى وحركه الجهاد الفلسطيني مئات القذائف باتجاه المستوطنات اليهوديه.

الجزيره وقتها تخيلت ان: "الاف المتظاهرين قد خرجوا في مصر الان في تظاهرات كبيره وغير منظمه، رغم تاخر الوقت والجو المُمطر، هناك اخبار عن صدامات بين طلاب جامعه القاهره وقوات من الامن المركزي سيئ السمعه، التي حاولت منعهم من احتلال جامعه القاهره لاعلان غضبهم.. في ليبيا خرج ايضا الالاف رافعين الاعلام الفلسطينيه، واحرقوا العلمين الامريكي والاسرائيلي".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل