المحتوى الرئيسى

الجنس المقدس... عن ممارسة الجنس باسم الإله

10/17 13:23

لدي بعض المجتمعات القديمه، لم يكن الجنس دائماً مجرد ممارسه حسيه غرائزيه لاشباع الدافع الجنسي، بل احياناً كان نوعاً من التقرب للاله، او التضحيه في سبيله، او الطقس الديني المرتبط بالعقيده. هذه بعض صور تلك الممارسات الجنسيه "المقدسه" عند شعوب تلك المجتمعات.

كان لدي قبيله "توهو" في جزر موريشيوس اعتقاد ان الاشجار مرتبطه بالحبل السري للسلف الالهي لشعب القبيله، لهذا كانوا يعلقون الحبإل ألسريه للاطفال الحديثي الولاده علي غصون الاشجار. وكان علي المراه الراغبه في التمتع بالخصوبه ان تلتمسها من تلك الاشجار، بان تعانقها كما يحدث في وضع الجماع. يختلف اتجاه معانقتها للشجره من ناحيه الشرق او الغرب حسب رغبتها في نوع المولود ذكراً او انثي، اي انها كانت، بشكل او باخر، تعانق السلف المقدس ليمنحها الابناء.

وشعب "بيبيل" في امريكا الوسطي، كان يربط العملية الجنسية بين الرجل والمراه بنمو المزروعات، فكان الرجال يكبتون شهواتهم عن النساء اربعه ايام قبل وضع البذور في التربه، ثم يضبطون موعد ممارستهم الجنس مع زوجاتهم علي وقت زرع البذور، ليتحقق التزامن المطلوب. كذلك قبل ازهار المزروعات، كانوا يزورون الحقول ويمارسون الجنس فيها لتحسين المحصول، ويتم ذلك بامر من رجال الدين.

اما في الجزر الواقعه بين غينيا الجديده (اسيا) وشمال استراليا، فقد اعتقد السكان الاصليون ان الاله الشمس هو الذكر الذي يلقح الارض الانثي، فكانوا ينتظرون بدايه موسم المطر ليزينوا الحقول له، كتزيين غرفه العريس ليله زفافه، ثم يقيموا حفلات الجنس الجماعي في الحقول، ليساعدوا الاله في القيام بمهمته المقدسه، حتي تحل طاقه الخصوبه علي المزروعات والماشيه.

وفي بعض جزر جنوب شرق اسيا، خصوصاً امبيانا في كوالالامبور، حين كانت البراعم تنذر بضاله المحصول، كان الرجال "يساعدون" الاشجار بان يعانقوها كوضع المضاجعه، ويقومون حركات الجماع نفسها مع الصراخ العالي، اعتقاداً ان هذا يساعد علي وفره المحصول.

وكان سكان الباجاندا في افريقيا الوسطي، يربطون العلاقات الجنسيه وخصوبه المراه بجوده المحصول، فكانوا يبعدون المراه العقيمه عن الحقول كي لا تؤثر عليها سلباً. وكان الزوجان الحاصلان حديثاً علي توام يزوران الحقول فتنام المراه وتضع بين ساقيها ورده، وياتي زوجها ويطيح بالورده بعضوه الذكري، ثم يدوران في الحقول وهما يرقصان لمنحها "البركه". كما سادت في اوكرانيا عاده قديمه، هي ان يخرج المتزوجون حديثاً في عيد القديس جورج، في 23 ابريل، ويستلقون علي ارض الحقول، ويتدحرجون مرات عده لمنح الخصوبه للمزروعات.

تشير الموروثات عن حضارات ما بين النهرين، الي وجود ما يسمي "العاهرات المقدسات" او "عاهرات المعبد". فاسطوره جلجامش السومريه، تتحدث عن ان مسخاً اسمه انكيدو كان يهاجم الرعاه والمزارعين، فاراد جلجامش اضعافه، لذا ارسل اليه "عاهره من معبد الحب" لتروضه بحبها.

ومعبد الالهه العراقيه القديمه عشتار كان فيه نساء نذرن انفسهن للوساطه بين المتعبدين والالهه، هن "العاهرات المقدسات". فكن يمارسن الجنس مع زوار المعبد الراغبين في التقرب لعشتار، مقابل مبالغ ماليه تستخدم في تمويل المعبد. وكانت "العاهرات المقدسات" مقسمات الي رتب ودرجات، فطبقه "الحريماتو" كن يؤدين "المهمه" لاشباع المتعه الدنيويه عند الزوار، وطبقه "القادشتو" هي العاهره المقدسه التي تنام مره واحده مع الكهنه، اما "العشتارتو" هن المنذورات للالهه، فلا يقربهن احد.

ولا توضح النصوص كيفيه ممارستهن الجنس مع الالهه، لكن العاهره المقدسه كانت توهب للمعبد من جانب والدها، لانه يري في ذلك تخفيفاً من عبء الانفاق عليها. وينتهي وجودها في المعبد بـ"تقاعدها" في حاله الزواج، او رغبتها في رعايه اي ابناء قد ينتجون عن علاقاتها. ويتحدث هيرودوت عن ان ثمه قانوناً دينياً كان يفرض علي نساء العراق القديم ان تقوم كل واحده منهن بمنح نفسها مره في حياتها لرجل غريب، فتذهب الي المعبد وتجلس في انتظار اول رجل يلقي لها قطعه فضيه، لتذهب معه، وتمارس معه الجنس وفاءً لواجبها، وليس لها ان تعود الي منزلها الا بعد اداء هذا الواجب. بطبيعه الحال فان الجميلات كن اسرع النساء في اداء العباده المطلوبه، لكن تدوينات هيرودوت في هذا الصدد تؤخذ بحذر، لما قد يشوب كتابات المؤرخين الرحاله من مبالغات.

وفي اليونان القديمه، قيل ان معبد الالهه افروديت في مدينه كورنيث، كان يحتوي علي اكثر من الف فتاه مخصصه لخدمه الالهه، وعبادها. حتي ان احد الرياضيين "الاتقياء" نذر ان يهب المعبد مئه محظيه اذا فاز في الاوليمبياد، والطريف انه خلال اجتياح الفرس لليونان كن هؤلاء المحظيات من قمن باداء الصلوات والتضحيات للالهه ليساعدوا الاغريق في الحرب ضد عدوهم.

وفي الامبراطوريه الرومانيه، بدا تاثر الرومان بهذه الممارسه الاغريقيه واضحاً في اعتبار العاهرات الحائمات حول ميادين المصارعه ومعسكرات الحرس الامبراطوري، ان الالهه "فينوس" هي "حاميه العاهرات وراعيتهن". حتي ان مهرجاناً للدعاره والجنس الجماعي كان يقام في 23 ابريل. وكانت تقام احياناً احتفالات ماجنه سريه علي شرف الاله باخوس، اله الخمر، تمارَس خلالها شتي انواع العربده والجنس، لكن السلطات الرومانيه، التي راعها هذا الانحلال، سارعت للقبض علي القائمين بذلك ومعاقبتهم وايقافها بصرامه.

وفي بعض مناطق الهند، كان رعايا "المهراجا" ينظرون اليه كتجسيد بشري للاله كريشنا، مؤمنين ان تجديد ارواحهم واجسادهم يرتبط بتكريم المهراجا، من خلال تسليم النساء انفسهن لمن يرضي عنه من الوزراء، ليتمتع بهن باعتبار ان ارضاءه شهوته هو في حقيقه الامر ارضاء للوعاء البشري الذي تسكنه الكائنات الالهيه.

في مصر القديمه، حين ساد معتقد الوهيه، او نصف الوهيه، السلاله الفرعونيه الحاكمه، كانت عمليه "تلقيح" الفرعون لزوجته الملكيه تجري في ظل معتقد ان من يجامعها حقاً هو الاله نفسه، ليزرع في رحمها النطفه الملكيه المقدسه. فكان اعتقادهم ان الاله يتخذ شكل زوجها او يتحد معه ليمنحها الابن الملكي المنتظر. وفي اوروبا القديمه، كان المتعبدون للالهه ديانا يكررون تمثيل زواجها المقدس، بان يقيموا كل عام زواجاً تمثيلياً بين ذكر وانثي منهما تجديداً لزواج معبودتهم.

اما في مقاطعه كانجرا الهنديه، فقد اعتادت الفتيات كل عام ان يقمن عرساً للالهين شيفا وبارفاتي، ويقمن وليمه علي شرف العرس ويقسمن انفسهن لفريقين احدهما يمثل شيفا والاخر بافارتي، ويحاكين باستخدام نموذجين مصنوعين للالهين، كل مراحل الزواج ثم يلقينهما في النهر. ويعتقدن ان هذا الطقس يحافظ علي الزواج الصالح للالهه وتالياً يعم الخير الارض.

في الصين القديمه، نظر الصينيون الي الجنس كوسيله لتحقيق الارتقاء الروحي، والاتحاد مع العالم، وتحقيق التفاعل الايجابي بين "القوي الكونيه" ممثله في رجل والمراه، فوضعوا المؤلفات المتعلقه بهذا الامر، او ما يسمي "كتب فن حجره النوم"، التي تقدم النصائح والارشادات الجنسيه من مرحله الملاطفه والمداعبه، حتي كيفيه التحكم في مده الجماع، وقوه القذف.

وكان الصينيون المعتنقون لفلسفه "الطاويه"، الساعيه لتحقيق السلام النفسي والانسجام العام مع الكون، يعتبرون ان مضاجعه الرجل عشر نساء في الليله يحقق الخير. لهذا لم يتوقف الجنس لديهم عند كونه مجرد وسيله للتكاثر او متعه حسيه، بل تعداه ليكون فلسفه حياه، كل مراحله مرتبطه بمدي اقتراب الانسان من تحقيق الانسجام المنشود مع قوي العالم. 

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل