المحتوى الرئيسى

التدخل الروسي في سوريا والواقع الجديد

10/16 14:12

خلق العدوان الروسي علي الشعب السوري والتدخل المباشر في الصراع الدائر في سوريه بين قوي الحريه وقوي الاستبداد، -واقع جديد فيما يبدو انه سيولد ـ عواقب في غايه الخطوره ليس علي سوريه فحسب بل علي المنطقه والعالم .

اذ لا يحمل هذا العدوان العسكري سوي المزيد من الدماء والدمار لسوريه وشعبها، ويدفع المنطقه بصوره خطره ومتسارعه نحو عدم الاستقرار والفوضي العنيفه.

ان الهدف الواضح للدخل العسكري الروسي المندفع هومسانده نظام احترف طوال عقود، لعبه بث الفوضي وزعزعه الامن والاستقرار في اوساط جيرانه المباشرين وحيثما تصل يده، وخاصه عبر خلق تنظمات ارهابيه وتسليطها علي كل من يختلف مع النظام في الموقف او التوجه.

لقد وصل الامر في امتهان النظام لهذا السلوك "البلطجي" الي حد اعلان وزير خارجية النظام بان كره النار ستمتد الي كل العالم، واصدار مفتي النظام لفتاوي تهدد دول العالم بان مجرمين قتله انتحاريين سيسيلون الدماء في عواصم ـاورباـ اذا تمت معاقبه الاسد بسبب جريمه استخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين .

التدخل الروسي في سوريه بعد عجز الايرانيين ايقاف انهيار النظام هو بمثابه احتلال اذ لا يقوم الروس بقياده جيش النظام الي مزيد من قتل السوريين فقط بل الي تسيير كل المؤسسات المفصليه للنظام، العسكريه منها والامنيه والسياسيه وحتي الماليه بواسطه عناصر روس مفروضين علي الدوله بصفه خبراء ..

وبعيداً عن الدعايه الروسيه التي تقول ان هدف التدخل العسكري الروسي في سوريه يهدف لمكافحه الارهاب، والقضاء علي تنظيم داعش، تثبت الوقائع ان الطائرات الحربيه الروسيه تصب حممها علي السوريين وعلي القوي التي تقاوم النظام المستبد في سوريه، لكنها لا تحارب داعش لا بل تحارب الجهات التي حاربت داعش منذ وجدت، والحقت بها اهم الخسائر.

وبدقه اكثر، تشير كل الاحصاءات الجديه والمحايده ان مابين ٩٣ الي ٩٥ ٪ من الغارات الروسيه تستهدف مواقع مدنيه سوريه او فصائل الجيش السوري الحر والفصائل المقاتله للنظام الاستبدادي السوري، وان ما بين ٥ الي ٧٪ فقط من هذه الغارات تستهدف مناطق تسيطر عليها داعش.

واستهداف مناطق سيطره داعش لا يعني استهداف التنظيم، بل استهداف مرافق موجوده في مناطق سيطره التنظيم فقط. ولم يستطع احد حتي الان ان يثبت قيام الطائرات الحربيه الروسيه باستهداف واصابه موقع واحد ذو قيمه لتنظيم داعش.

وبلغت الامور حد الفضحيه في محافظه حلب، حيث تقصف الطائرات الحربيه الروسيه مواقع القوات المعارضه المواجهه لداعش ، فتسقط كل الصواريخ والحمم علي من يواجهون داعش، ولا تسقط ولا تستهدف مواقع داعش التي نسقت قبل ايام مع النظام لتحتل المنطقه الحره في حلب ومدرسه المشاه من الجيش الحر ثم لتسلمها لجيش النظام ا..

يعزز الروس في سلوكهم ما داب النظام علي فعله، بترك المواقع الاستراتيجيه ـ تحت سيطره ـ تنظيم داعش كتلك الغنيه بالنفط في شرقي البلاد، ـ بعد ـ انسحابه من مطار الطبقه ومن ثم من مدينه تدمر انسحاباً منظماً تاركاً المدنيه للتنظيم وتاركاً له مخازن اسلحه استراتيجيه هامه جداً، فيما نقل المعتقليين السياسيين الموجودين في سجن المدينه المعتبر احد اسوا المعتقلات في العالم، قبل اسبوع من الانسحاب من المدينه.

ويفاقم ما تقوم بها الطائرات الحربيه الروسيه ـ من ـ الماساه الانسانيه التي يعاني منها السوريون، والتي وصفتها الامم المتحده بانها اكبر كارثه شهدها العالم منذ الحرب العالميه الثانيه، فاستخدام احدث واثقل ما توصلت اليه صناعه الدمار الروسيه ضد مواقع مدنيه محاصره ومستهدفه منذ اربع سنوات، دفع الالوف للنزوح من مدنهم وقراهم في اللاذقيه وحماه وادلب وحمص، وزاد من عدم قدره المرافق الصحيه عن القيام بدورها، واغلقت مدارس ومعاهد تعليميه خشيه القصف العشوائي الروسي، وقطعت طرق حيويه، وتوقفت برامج مساعدات غذائيه عن العمل خشيه القصف الاهوج الذي تقوم به طائرات سوخوي.

ان ما يساعد به بوتين الذي اتخذ موقف مناهض للربيع العربي منذ اليوم الاول هو منع تحول سوريه الي دوله حره ومستقره بقياده تحالف بين قوي يجمعها العداء لقيم الحريه والممارسه الديمقراطيه،وهذه القوي هي النظام الاسدي ونظام الملالي الايراني، وميليشيا حزب الله الطائفيه الارهابيه المتحكمه بلبنان ، هذا التحالف الذي يهدف لقمع الشعب السوري، وكسر اراده الحياه والتحرر لديه، باسلوبه الدموي وادوات الفوضي الذي يستخدمها قد يخلق بؤره صراع تجذب المتطرفين من المنطقة وخارجها، تماماً كما حصل في افغانستان وقد يتعزز هذا السيناريو بسبب الموقع الجغرافي لسوريه، وحدودها المفتوحه والقريبه من قارات العالم الثلاث اوربا واسيا وافريقيا.

ان الرد علي هذا التوجه التدميري الفوضوي المزعزع للاستقرار والامن ، لا يكون الا ـ بالعمل علي عوده ـ الاستقرار والتمسك بادواته. ويجب علي المجتمع الدولي، وعلي راسه الولايات المتحده الخروج من دور المتفرج وتحمل المسؤوليه تجاه هذه الشراره التي اشعلها الديكتاتور بشار الاسد في سوريه وما تزال تكبر وتمتد. ان احد الاسباب الرئيسيه لتمدد قوي الفوضي والعنف المعاديه للحريه في سوريه، هو الفراغ الذي تركته الولايات المتحده لهذه القوي، وان المفتاح الرئيس لمواجهه تمدد هذه القوي يتمثل بقيام الولايات المتحده بتحمل مسؤولياتها كدوله عظمي ومؤثره في المنطقه، ودائمه العضويه في مجلس الامن الدولي ، ورافعه لشعار الحريه في العالم. علي الولايات المتحده ان تدعم الشعب السوري الذي يواجه لوحده قوي محليه واقليميه ودوليه، عليها تسليح ودعم قوي الحريه والاستقرار في سوريه، السياسيه منها التي تضم ممثلين عن جميع مكونات المجتمع السوري وتياراته وتوجهاته، والعسكريه التي ترفع علم الاستقلال الذي يرمز للوطنيه السوريه بكل مكوناتها، كالجيش السوري احر الذي يتوجه للتحول نحو قوه استقرار وطنيه .

المقاربات التي مازالت الولايات المتحده تلجا اليها لمواجهه هذا الخطر الكبير، ما تزال قاصره وخاطئه. اذ ان دعم ميليشيات الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكريه قوات الحمايه الكرديه التي ثبت بما لا يدع مجالاً للشك بانها ارتكبت جرائم حرب وجريمه التهجير القسري لمكونات سوريه كالسريان الاشوريين والعرب والتركمان، وثبت بما لا يدع مجالاً للشك قمعها للاحرار من ابناء المكون الكردي بالتواطؤ مع النظام الاسدي، واذرع نظام الملالي الايراني، وبتكامل مريب للادوار مع داعش ظهر في حصار شمال حلب الاخير . تدعم الولايات المتحده هذا التنظيم بينما تتغاضي عن وجود المجلس الوطني الكردي ـ المنضم تحت مظله الائتلاف الوطني السوري ـ والذي يضم ١٢ حزباً كردياً ديمقراطياً و٢٠ منظمه مجتمع مدني ـ محرومه من اي مساعده للقيام بدورها في دعم صمود المجتمع الكردي الذي تتسلط عليه قوي الاستبداد والتحكم والعنف.

علي الولايات المتحده ان تتجه نحو مقاربات تتجاوز الحسابات اللحظيه ، وتحقق الاستقرار لسوريه والمنطقه، وهذا يتطلب المراهنه علي القوي والمكونات التي تريد اسقاط النظام الديكتاتوري في سوريه واقامه دوله القانون والعداله التي يتساوي فيها السوريون جميعاً في الحقوق والواجبات، ويتمتعون بحرياتهم وحقوقهم الفرديه والجماعيه دون اي تمييز او اضطهاد .

للخروج من هذه الحلقه الجهنميه المفرغه التي تطحن عظام المزيد من السوريين باقسي وابشع ادوات القتل والتدمير، يجب ان تترك الولايات المتحده ـ الامبالاه بالمنطقه ـ وتظهر الاراده السياسيه في وقف ـ المذابح الكبري الدمار العظيم الفوضي المنفلته الناتجه عن بقاء بشار الاسد علي راس الحكم وـتبذل جهداً مضاعفا ـ في تفعيل عمليه التسويه السياسيه بممارسه ضغط جدي علي النظام السوري الذي رفض وافشل بدعم روسي كل الجهود للوصول الي مخرج سياسي، وفي مقدمتها مفاوضات جنيف 2 . فالحل الممكن والواقعي الذي يمكنه تجنب ازمه اكبر ووضع اخطر، يتمثل بالعوده الي مسار جنيف الي يعبر عن اراده المجتمع الدولي، والحد الادني المقبول من كل السوريين، مترافقاً مع تمكين الشعب السوري من الدفاع عن نفسه وافشال خطط النظام السوري والمحتلين الروسي والايراني.

ـ بظهور الاحتلال الروسي كمكمل للدور الايراني في سوريا تحول نضال الشعب السوري من ثوره علي علي نظام طاغيه الي حرب تحرير ضد احتلال ـ ولقد قدم الشعب السوري مثالاً نادراً للبطوله والشجاعه والثبات، لكنه بحاجه للتزود بالسلاح لمواجهه اله حرب عملاقه ـ كما ان شعب سوريا ما زال في امس الحاجه لحظر طيران يحميه من براميل الموت والقنابل التي يلقيها طيران النظام من الجو علي المناطق المسكونه دون ان تفرق بين مدني وعسكري ، ويوفر ارض صلبه في المناطق المحرره تسمح للاجئين بالعوده الي ارضهم بدل التشرد والموت في البحار والبراري ، وتمهد لاداره مدنيه واستقبال الاغاثه الانسانيه وتساعد علي محاربه التطرف من خلال قوه استقرار وطنيه .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل