المحتوى الرئيسى

هل بدأ ربيع أكراد العراق أم هو صراع على النفوذ بين الأحزاب؟

10/15 12:50

يشهد قضاء السليمانيه في اقليم كردستان العراق احتجاجات اطلقها مدرسون وعمال وموظفون يطالبون برواتبهم المنقطعه منذ شهر يونيو الماضي، هاتفين "اين رواتبنا!" و"اين ذهبت اموال المبيعات النفطيه المتزايده". وسرعان ما تحولت تلك الاحتجاجات الي حاله عنف.

ولا يري الصحافي دلوفان برواري ان هذا العنف عفوي. حتي الان، سقطت ضحيتان واصيب نحو 18 في هجمات علي مقار تابعه للحزب الديمقراطي الكردستاني، واثناء محاوله المحتجين الوصول الي مجمع شاري جوان الفندقي في السليمانيه، مكان انعقاد الاجتماع التاسع للاحزاب الخمسه الكبيره، للتوصل الي اتفاق في شان التسويه علي رئاسه اقليم كردستان، التي يشغلها مسعود البارزاني المنتهيه ولايته منذ اغسطس الماضي.

في كلر ورانيا وقلعة دزه وحلبجه وسيد صادق، وهي اقضيه في السليمانيه، قطع المتظاهرون الطرق الرئيسه، وغيّروا الشعارات المطالبه بمحاربه الفساد الي شعارات تطالب برحيل البارزاني. هذا التحول العنفي تجاه جهه واحده "اخرج الاحتجاج عن صفته الجماهيريه"، بحسب برواري.

الاحتجاجات الاخيره ابعد من ان تكون ربيعاً كردياً واقرب الي بدايه رسم طريق يوصل الي توافق سياسي بين الاطراف السياسيه، بحسب ممثل الحزب اليساري الكردي في اقليم كردستان العراق فتح الله الحسيني.

ووافق الكاتب والصحافي سامان نوح علي عدم وصف الاحداث بالربيع الكردي لان الاقليم يختلف عن الدول العربيه، "فنظام الحكم فيه اكثر تعدديه، ولا يوجد حزب قائد متمسك بكل مفاصل السلطه". واعتبر ان التظاهرات ستتوقف في الايام المقبله، وربما تعود مجدداً لانها ترتبط باسباب اقتصاديه في الدرجه الاولي.

وقال نوح ان الاحتجاجات في بغداد ضد الحكومة العراقية، حفّزت بعض الناشطين والشباب علي التحرك والمطالبه بالاصلاحات ومحاربه الفساد في اقليم كردستان.

يعيش اقليم كردستان العراق ازمه اقتصاديه منذ العام الماضي، عندما قرر رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وقف صرف الرواتب لموظفي القطاع العام في الاقليم. وترافق قراره مع انخفاض اسعار النفط، بالاضافه الي تفاقم الوضع بسبب صراع الاقليم مع داعش.

ووصف سامان نوح الواقع بـ"ازمه فرض الارادات الحزبيه علي حساب المصلحه العامه والقوميه للاقليم". وفي رايه، ظهرت هشاشه المؤسسات في كردستان بما فيها البرلمان والحكومه وجهاز البيشمركه، "وما يُسوّق من حجج مختلفه لتبرير التجاوزات الحاصله يتعارض مع الاسس القانونيه ومبادئ العمل الديمقراطي".

وقال: "يريد الديمقراطي الكردستاني (برئاسه البارزاني) التحكم بكل مفاصل العمل السياسي والاداري والامني في اربيل ودهوك من دون التنازل عن السلطه الحاليه، بينما الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامه جلال الطالباني) وحركه التغيير (يتزعمها نوشروان مصطفي) متمسكان بما يسميانه اعاده التوازن الي مؤسسات الاقليم، وتوزيع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث، مع تحويل نظام الحكم الي برلماني، ولكنهما ايضاً غير مستعدين لتقديم تنازلات جوهريه، بل يلوحان باداره السليمانيه وحلبجه وكركوك بشكل منفرد".

لا يستبعد نوح تفاقم الاحتقان السياسي من دون الوصول الي حلول، ولكن "انذاك سيضطر الجميع الي قبول مبادره خارجيه اما من ايران او الولايات المتحده الامريكيه، لتخفيف التشنج فقط، وليس للوصول الي حل نهائي".

الشباب الاكراد مغيّبون عن المشهد السياسي بحسب سامان نوح، فهم يتطلعون الي تحسين وضعهم الاقتصادي والاستقرار الامني والاجتماعي، والبحث عن مشاريع تساهم في تخفيف البطاله وزياده فرص العمل، مع معالجه الفروق الطبقيه المتزايده والتمييز الموجود علي الاسس الحزبيه والعائليه، بالاضافه الي تعزيز الشفافيه والحدّ من الفساد، لكي تُفتح امامهم فرصٌ لحياه افضل.

راواز، موظف في دائره السياحه من دهوك، لم يقبض راتبه منذ ثلاثه اشهر. يؤيد التظاهرات ويري انها خرجت بمطالب محقه كورقه ضغط علي الحكومه، لكن حركه التغيير (كَوران) غيّرت منحي المطالب وسخّرتها لمصلحتها الحزبيه الخاصه، برغم ان وزارتي الماليه والبيشمركه ورئاسه البرلمان اساساً يشغلها محسوبون عليها.

وراي راواز ان الاستغلال السياسي للاحتجاجات ظهر اثناء مهاجمه البعض مراكز تابعه للحزب الديمقراطي الكردستاني، من دون مهاجمه مقار تابعه للاحزاب الاخري، برغم ان الاحزاب الخمسه الكبري مشاركه في الحكومه. ويشغل الحزب الديمقراطي الكردستاني خمس وزارات، والاتحاد الوطني الكردستاني خمساً، وحركه التغيير اربعاً، والجماعه الاسلاميه ثلاثاً، والاتحاد الاسلامي ثلاثاً.

وعلي خلفيه التوتر السياسي، منعت قوات الامن الكرديه يوم الاثنين رئيس البرلمان في الاقليم يوسف محمد المحسوب علي حزب التغيير من دخول العاصمه اربيل، وهذا ما اعتبره مساعده الشخصي تصعيداً للازمه السياسيه. ياتي ذلك برغم دعوه رئيس الاقليم الي تهدئه الاوضاع وضبط النفس وعدم السماح بتطور الاضطرابات وتمددها الي مناطق اخري.

علماً ان بيان الحزب الديمقراطي الكردستاني اتهم بشكل مباشر زعيم حركه التغيير نوشيروان مصطفي بالعمل علي زعزعه الاوضاع في كردستان العراق، وتحدث عن "تهاون" حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، المسؤول عن الامن في السليمانيه، في حمايه مقاره.

وكان مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في قلعه دزه قد اُحرق، بينما تعرض مبني قناه روداو التابعه لرئيس وزراء الاقليم نيجرفان البارزاني لهجومٍ ورشق بالحجاره، وفي مدينه شارزور هاجم المحتجون مقار جميع الاحزاب باستثناء حزب التغيير وانزلوا اعلامها.

واكّد سامان نوح ان وزراء الموارد الطبيعيه والمال والتخطيط فشلوا في تخفيف الازمه الاقتصاديه، وهم اليوم غير قادرين علي دفع رواتب الموظفين.

ويري الموالون لرئيس حكومه اقليم كردستان ان حزب التغيير يستغل الاحتجاجات الشعبيه لتصفيه حسابات سياسيه ولمنع مسعود البارزاني من تجديد ولايته. ويذهب اخرون الي اتهام حركه التغيير بالعمل بحسب اجنده ايرانيه.

اما الموالون لحركه التغيير فقد اعلنوا احقيه الاحتجاجات ولم يخفوا مشاركتهم فيها برغم انهم جزء من الحكومه.

ومعروف ان الحزب الديمقراطي الكردستاني حمي مؤسسات الاحزاب الاخري في اربيل وزاخو ودهوك ونشر عناصر امنيه حول مقار حركه التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني.

بعض المثقفين والناشطين في اقليم كردستان اطلقوا حملات تدعو الي عدم استغلال التظاهرات المطالبه بالحقوق المعيشيه لتصفيه حسابات سياسيه، وحملت احداها عنوان "احتج، لكن لا تخرب وطنك".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل