المحتوى الرئيسى

استهداف الأمراض غير المعدية

10/13 03:55

في مختلف انحاء العالم، كان احد العوامل الرئيسيه التي تُزهِق ارواح البشر وتعرقل النمو الاقتصادي هو ايضاً واحداً من تلك التي اثبتت ان التصدي لها هو الاكثر صعوبه علي الاطلاق.

فالان، تُعَد الامراض غير المعديه -مثل أمراض القلب، والسكري، والسرطان- مسؤوله عن ثلثي الوفيات في مختلف انحاء العالم. وبالاضافه الي اختصار حياه البشر، تُلحِق الامراض غير المعديه اضراراً اقتصاديه هائله بضحاياها، واسرهم، ومجتمعاتهم، وتضعف الانتاجيه الاقتصاديه وتدفع التكاليف الطبيه الي الارتفاع. فعلي مدي العقدين المقبلين، قد ترتفع الخسائر الاقتصاديه الاجماليه الناجمه عن الامراض غير المعديه الي ثلاثين تريليون دولار.

وسوف يتطلب التصدي للتحدي المعقد الذي تفرضه الامراض غير المعديه جهوداً دوليه منسقه. ومن حسن الحظ ان هناك بعض الخطوات المهمه التي اتخذت في ذلك الاتجاه. ففي سبتمبر/ايلول، تبنت الامم المتحده اهداف التنميه المستدامه، وهي مجموعه تتالف من سبعه عشر هدفاً عريضاً لتوجيه اجنده التنميه العالميه علي مدي السنوات الخمس عشره المقبله. فالي جانب اهداف مثل القضاء علي الفقر وتدابير حمايه البيئه هناك التزام بالحد من الوفيات الناجمه عن الامراض غير المعديه، وهي المره الاولي التي تستهدف فيها اجنده الامم المتحده الرسميه في مجال التنميه هذه المشكله بشكل مباشر.

وهذا يعد تطورا محمودا، ولكنه ليس سوي خطوه اولي بين خطوات عديده علي طريق طويل. فالقدر الاعظم من الاعباء الماديه والاقتصاديه المرتبطه بالامراض غير المعديه يقع علي عاتق من هم اقل قدره علي تحمله: البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث تقع 80% من الوفيات المرتبطه بالامراض غير المعديه. والملايين من البشر الذين افلتوا حديثاً من براثن الفقر ربما يُدفَعون الي العوده اليها نتيجه لهذا.

الواقع ان ما تضمنه اهداف التنميه المستدامه من الاهتمام والضغوط من قِبَل الاقران من الممكن ان يساعد في دفع التقدم. ولكن تحقيق الاهداف سوف يتطلب التركيز المتواصل، اعتماداً علي موارد وخبرات الحكومات، والمنظمات الدوليه غير الساعيه لتحقيق الربح، والقطاع الخاص الذي تُعَد مشاركته شديده الاهميه.

لقد قادتني خبرتي في القطاع الصحي الي الانتباه الي عاملين مهمين سوف يثبتان اهميتهما الحاسمه في التصدي للتحديات التي تفرضها الامراض غير المعديه. وسوف يعتمد التقدم، اولاً وقبل كل شيء، علي صياغه اساليب محليه فعّاله ويمكن تكييفها وتكرارها وتوسيع نطاقها. فلا توجد حلول موحده صالحه للجميع لحل مشاكل مثل مرض السكري او امراض القلب. ولكن لان الامراض غير المعديه تصيب المجتمعات في مختلف انحاء العالم، فسوف نجد ارضيه مشتركه لا ينبغي لنا ان نعيد اكتشافها في كل مره.

ففي عام 2013 علي سبيل المثال، اجرت مؤسسه كارلوس سليم تقييماً اساسياً صارماً في ثماني عيادات للرعايه الاوليه لفهم حاله الوقايه من مرض السكري وعلاجه. واستناداً للبيانات التي تم جمعها خلال الدراسه، جربت المؤسسه ما يعرف باسم نموذج كاسالود (CASALUD model) لتحسين سبل الفحص والعلاج والوقايه باستخدام اجهزه منخفضه التكلفه وسهله الاستخدام ويمكنها قياس مجموعه من العلامات الحيويه ذات الصله، بما في ذلك مستويات الغلوكوز في الدم. وقد تم تجهيز العيادات المشارِكه بنظام علي الانترنت لتتبع المخزون من العقاقير وتجنب النقص.

وكان ذلك النهج فعّالاً الي الحد الذي جعل مكتب الصحه في المكسيك يستخدم هذا النموذج كاساس لحملته الوطنيه لمكافحه السمنه، والتي قد تغذي مرض السكري وغير ذلك من الامراض غير المعديه، وهو مثال رائع لترقيه الجهود استناداً الي الخبره المحليه.

ويتمثل المفتاح الثاني للنجاح في مكافحه الامراض غير المعديه في الالتزام باستغلال موارد القطاع الخاص. ولا يشمل هذا حشد الاستثمارات العامه فحسب، بل وايضاً نشر كميات هائله من الخبرات الفنيه والتشغيليه المصممه محلياً والتي اكتسبتها الشركات الخاصه في سياق ممارسه الاعمال في مختلف انحاء العالم. ومن خلال تكوين الشراكات مع الحكومات والمنظمات الدوليه والمحليه، تستطيع الشركات ان تساعد في الحد من تاثير الامراض المدمره والمكلفه.

وانا اعلم هذا لان شركتي تشارك في هذا الجهد علي وجه التحديد: شركه ليلي للامراض غير المعديه، والتي من خلالها نتعاون مع شركاء اخرين وحكومات الهند والمكسيك وجنوب افريقيا والبرازيل في مواجهه الامراض غير المعديه.

ففي البرازيل علي سبيل المثال، نعمل بشكل وثيق مع منظمات محليه رئيسيه، بما في ذلك جامعه ريو جراندي دو سول الفدراليه، لتحسين سبل الوقايه من الامراض مع التركيز علي مساعده الامهات اللاتي يتم تشخيص حالاتهن بانهن مصابات بسكري الحمل اثناء فتره الحمل والمعرضات الان لخطر الاصابه بمرض السكري من النوع الثاني.

والواقع ان برامج كتلك التي نديرها تُظهِر ما يمكن تحقيقه من خلال شراكات دائمه مدفوعه محلياً بين القطاعين العام والخاص في مختلف انحاء العالم. وضمان نجاح اهداف التنميه المستدامه بما في ذلك الحد من الوفيات نتيجه للاصابه بامراض غير معديه، سوف يستلزم تجاوز الشركات للعمل الخيري التقليدي وصياغه حلول خلاقه للمشاكل الاجتماعيه والاقتصاديه.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل