المحتوى الرئيسى

فتاة الثورة المصرية على غلاف مرجع أجنبي.. "احنا لسة ساندين طولنا"

10/12 18:56

الامل هو المعني الذي يبقي بكل صوره، المقاومه هي جزء من الامل، وتظل صور الثوار، المطالبين بالحقوق، والممتلئين بالغضب، سواء بدي ذلك علي الملامح ام لم يظهر، هو الابرز، والصور بمعناها المادي، تلك التي تلتقط مشاهد بعينها، ويتوقف الزمن عندها، هي الدليل الاقوي علي وجود ذلك الامل بمرور الازمنه، يظل المعني المنفرد به الامل لا يعني شخصًا بعينه، ولا جماعه وحدها، انما يشمل الانسانيه اجمعها.

في اليوم الموافق الثامن والعشرون من اغسطس، عام 1963، تظاهر رُبع مليون مواطن امريكي عند نصب لينكولن التذكاري، بواشنطن دي سي، هتفوا حينها بمطالب بسيطه كان من بينها؛ السكن اللائق؛ الوظائف والمساواه، حيث كانوا يختلفوا عن غيرهم فقط في لون البشره، ذلك اليوم البعيد التقط احدهم صوره لسيده ترتدي الابيض مُعلق بيديها لافته تحمل عليها كلمه "الحريه"، الصوره صارت رمزًا الي الان، ودليلًا علي مقاومه الامريكان الافريقيين ضد التمييز العنصري الذي مورس ضدهم.

بطرقات الجامعه الكاثوليكيه، باستراليا، سارت "احلام مصطفي" محاوله اللحاق بالمحاضره، وفي طريقها اليها، وجدت مرجعًا تحت عنوان "نظريه معرفه المقاومه"، لكاتبه "خوسيه مِدينا"، الكتاب حمل صوره السيده الشهيره من المظاهره الامريكيه، وبجانبها صوره لفتاه ترتدي حجاب اسود ويغطيها كوفيه فلسطين، فمها مفتوح علي هتاف غير مسموع، غضب يملؤه وجهها، وورائها سيدات عديدات يهتفن.

استوقفت "احلام" صوره الغلاف، تلك الفتاه مصريه تعرفها، بمنتصف المحاضره علّقت بصوت عالٍ قائله بالانجليزيه "دي صاحبتي"، فصوره الشابه هي ايقونه من ايقونات الثورة المصرية، لا تعلم "احلام" ما وراء قصه السيده الامريكيه، لكنها تعرف "ساره علاء"، لم يبحث كاتب مرجع "نظريه معرفه المقاومه" وراء قصص النساء الذي احاط كتابه بهن، وفصّل في كتابه عن معني المقاومه، والقمع العنصري، لكن كل صوره منهن ورائها حكايه تستحق ان تُروي.

في اليوم الثالث والعشرين من ديسمبر الموافق الجمعه، عام 2011، المكان هو وسط البلد، وحمل اسم اليوم "جمعه حرائر مصر"، شاركت فيه النساء بمشهد ما يزال بالاذهان، حيث صرخن ضد ما حدث للفتيات باحداث مجلس الوزراء، خاصه ما حدث للفتاه التي تم تعريتها امام مجلس الوزراء من قبل عساكر الجيش، والتي عرفت اعلاميًا بـ"ست البنات".

شاركت "ساره" في ذلك اليوم، سافرت خصيصًا من المنصوره للحضور، هي المحسوبه علي التيار الاسلامي، حيث نظّم المظاهره عناصر حزبيه متعدده من بينهم اليساريين والاسلاميين، شاركت بشُحنه الغضب داخلها "مكنتش اعرف هي مين وقتها، ولما عرفت بعد كدا اتفجعت"، تتذكر يومها اثناء مرورهن بميدان "طلعت حرب" ان الهتافات كان محورها "انتو مفيكوش راجل"، تقولها ضاحكه، عَلِق بذهنها القوه التي صرخوا بها "كنا في حاله شد وجذب ممتعه، وفيه ناس من المخابرات كانوا وسطنا عاوزين يحولوا مسار المظاهره"، لكن المشاركات اتصفن بالحماس، ما جعلهن سريعات في اتخاذ القرارات وحمايه انفسهن.

التقط احدهم الصوره لـ"ساره" ذلك اليوم، فيما تتذكر انها هتفت ورددت السيدات ورائها الهتاف، حينما عرفت الشابه العشرينيه من هي ست البنات، فهي صديقه لها، فُجعت فيما حدث لها، لم تتصور ان يحدث لهذه الفتاه بالذات، تقول انها كانت تُشبهها في الهيئه، فيما ارتدت باحد ايام اعتصام العباسيه مثلها "هي كانت بتلبس طرحه سودا ونضاره سودا، وشال فلسطين علي اي عبايه"، مما جعل البعض يخبرنها علي موقع "تويتر" باخر اليوم ان "ست البنات" شوهدت بالعباسيه "كانت شبههي اوي".

تحولت صورتها المُلتقطه لايقونه بالثوره المصريه، حينما التقت بنفسها علي جرافيتي باحد جداريات شارع محمد محمود "كنت بعدي وانا مش طايقه الصوره"، تعاملت الشابه وقتها مع صورتها بنوع من الكره "كنت بقول اننا لو مكناش مرينا بكل اللي شفناه، مكانش زماننا اتوجعنا اوي كدا في الاخر"، الصوره ظلت تطاردها ليس فقط كجرافيتي، ولكن ايضًا بلافتات لها بارجاء العالم، ارسل اليها عديده صورتها بمظاهرات "ناس في روسيا في الحزب الشيوعي كانوا بينزلوا بالصوره في مظاهراتهم، وجروب دعم البرادعي في امريكا"، رُغمًا عنها صارت هي ايقونه للثوره والغضب.

اثناء المحاضره بالجامعه الكاثوليكيه كانت "احلام" تُعلق علي صوره الغلاف، وتقول للحضور ان صوره صديقتها بمظاهره ضمن احداث الثوره المصريه "وانا بقولها حسيت زي ما اكون بتكلم عن ماضي سحيق مش كام سنه فاتوا".

رويدًا تغير شعور "ساره" بشان الصوره، صارت الثوره غُصه بالحلق، بعدما كانت شوكًا ينغزها، في مرات اخري سارت امام الجرافيتي بدات تفكر ان صورتها "رمز للعزه"، تتذكر حينما رافق اخاها فنانين اخرين ليرسموا جداريات الجامعه الامريكيه، حينما بداوا برسم صورتها، قال اخاها لهم ضاحكًا "علي فكره دي من الاسلاميين"، ضحكوا ثم اكملوا الرسم.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل