المحتوى الرئيسى

رأي: مراقبة تركيا اليوم هي مثل مشاهدة كارثة تحدث أمامك بالتصوير البطيء.. فعلى أنقرة التعامل مع داعش والأسد وروسيا والأحزاب الكردية

10/12 00:11

مقال لسونر كاجابتاي، مدير برنامج الابحاث التركيه في معهد واشنطن الامريكي، ومؤلف كتاب "صعود تركيا: اول قوه مسلمه في القرن الحادي والعشرين." المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعكس بالضروره رايCNN .

نيويورك، الولايات المتحدة الامريكية (CNN) -- هجوم السبت في العاصمه التركيه هو اقرب ما شهدته تركيا لاحداث التاسع من سبتمبر. تفجيرين في وسط انقره، علي الجانب الاخر من محطه القطار المركزيه في المدينه وعلي بعد دقائق فقط من المباني الحكوميه الرئيسيه، قتلت 95 شخصا علي الاقل وجرحت مئات اخرين. انه، باختصار، اسوا هجوم ارهابي في تاريخ الدوله.

ان المجزره محزنه وصادمه، ويبرز ذلك لانه يتعارض مع التصور بان تركيا دوله مستقره وسلميه نسبيا. ورغم انها تقع علي حدود منطقه الشرق الاوسط المضطرب، الا ان تركيا لديها اقتصاد نابض بالحياه، وطبقه وسطي كبيره وتتمتع بحكم ديمقراطي، والعنف بهذا الحجم لم يسبق له مثيل في السياسه الحديثه للبلاد.

ولكن رغم فجاعه الهجوم في حد ذاته، الا انه ياتي ايضا في الوقت الذي يتزايد فيه الاستقطاب، سواء اجتماعيا او سياسيا - انقسامات تفاقمت بسبب طبيعه حكم الرئيس رجب طيب اردوغان الشخصيه.

فمنذ وصوله الي السلطه في 2003، حكم اردوغان البلاد من خلال حزبه، "العداله والتنميه"، بعد فوزه بعده انتخابات متعاقبه. وفي حين اسفر اسلوبه المحافظ المتشدد ونهجه اليميني عن نمو اقتصاد الدوله، الا انه كان هناك جانب مظلم لحكمه.

والحقيقه هي ان اردوغان يهاجم بوحشيه المعارضه السياسيه، اذ يسجن النقاد ويرسل الشرطه لاتخاذ اجراءات صارمه وعنيفه ضد تجمعات المعارضه. ونتيجه لذلك، انشا اردوغان قاعده يمينيه قويه، ولكنها ولدت عداء كبير بين عدد السكان الكبير من الذين لا يؤيدونه.

ومع انقسام المعارضه في البلاد، هيمن حزب العداله والتنميه علي السلطه التشريعيه، ولكن في انتخابات السابع من يونيو/حزيران الماضي، خسر حزب اردوغان الاغلبيه المطلقه في البرلمان، بينما ارتفع دعم الحزب الديمقراطي للشعوب المواليه للاكراد في استطلاعات الراي، مما ترك البلاد في حاله من الفوضي.

ولم يكن من المتوقع للانتخابات المبكره، المقرر عقدها في الاول من نوفمبر/كانون الثاني، ان تخفف من الجمود السياسي، وزاد الهجوم علي انقره الوضع سوءا، لان الاستقطاب السياسي حول اردوغان يتخطي كل الاعتبارات الاخري – فهناك عدد قليل من الناس من المؤيدين والمعارضين لحزبه يُرجّح ان يغيروا اصواتهم، رغم مذابح السبت.

وما يجعل هذه الانقسامات العميقه مقلقه جدا هو وقوعها في وقت تواجه البلاد فيه تحديات امنيه في جوارها، يتمثل بشكل اساسي في النظام السوري الوحشي لبشار الاسد، والدوله الاسلاميه في العراق وسوريا، "داعش."

فمنذ بدايه الحرب الاهليه السوريه في 2011، حاولت انقره عبثا الاطاحه بالاسد، الذي اتهمته بالمسؤوليه عن تفجير 2013 في الريحانيه، البلده التركيه التي تقع قرب الحدود السوريه، والتي راح ضحيه الانفجار فيها اكثر من 50 شخصا.

ومع تعزيز روسيا لقوات الاسد حاليا، لدي العاصمه التركيه اسبابا اكثر للخوف من سوريا. لكنها تشعر بالقلق ايضا ازاء "داعش"، وخاصه منذ انضمام انقره للحرب التي تقودها الولايات المتحده ضد التنظيم الصيف الماضي، وهي الخطوه التي تلت هجوم "داعش" علي سروج، مدينه تركيه اخري بالقرب من الحدود السوريه. وللاسف، ليس الامر سوي مساله وقت قبل ان يهاجم "داعش" تركيا مره اخري.

واخيرا، علي اردوغان ايضا التعامل مع حزب العمال الكردستاني، الذي يحارب سلطه انقره، اذ اتهم الحزب العاصمه التركيه بعدم القيام بما يكفي لمنع التفجيرين اللذين وقعا في سروج، وهو الهجوم الذي كان مشابها بشكل مخيف لهجوم انقره، الذي استهدف ايضا تجمعا.

وفي حين تمسك حزب العمال الكردستاني بوقف اطلاق النار الذي اعلن عنه السبت، فانه لا يزال غير واضح ما اذا كانت القياده الاكبر سنا في الحزب بامكانها الحفاظ علي سيطرتها علي الاعضاء الشباب والاكثر تطرفا.

ولكن في نهايه المطاف، علي تركيا ان تخشي نفسها اكثر من اي شيء اخر. فعلي عكس ما حدث في التاسع من سبتمبر، التي ادت الي تضامن الولايات المتحده، من المرجح ان تترك تفجيرات انقره الدوله منقسمه، اذ تلقي الجماعات المؤيده لاردوغان اللوم علي حزب العمال الكردستاني وتلقي الجماعات المناهضه لاردوغان اللوم علي الحكومه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل