المحتوى الرئيسى

طريقة بوتين ليصبح بطلا للعالم

10/11 11:32

يبدو ان  الضربات العسكريه الجويه للطيران  الروسي  علي سوريا ، اصبحت اكثر وضوحا بفضل تحركات موسكو الدبلوماسيه والعسكريه الحاليه علي ، ومن الواضح ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  يريد ان يظهر بصوره البطل المنقذ لذلك فقد اعد عدته لذلك .

ومن جانب آخر قامت ايران وحزب الله  بالالقاء بدلوها بيد وارسلوا عده الاف من القوات البرية لتتمركز شمال وجنوب سوريا المصغره العلويه-الاسديه في الجزء الغربي من البلاد. ويمكن ان تشارك هذه القوات في تطهير منطقه عازله حول سوريا الاسد المصغره، اذا لم يتحقق المشروع الروسيّ لابقاء كامل التراب السوريّ تحت سيطره حكومه صديقه.

وتُخبِرنا التحركات والاتصالات الروسيه الحاليه بان السيد بوتين يهدف الي هذا الحل "الشامل"، بموازاه قصف الطريق المؤدي الي المستقبل في سوريا.

وثمه تقارير تفيد بان موسكو قد تعيد تنشيط اتصالاتها بالمعارض المعتدل معاذ الخطيب (الرئيس السابق للائتلاف السوري) في محاوله لجمع شتات الحل السياسي. وهناك ايضًا تكهنات بين قاده المعارضه السوريه ان روسيا تتحرك علي المسار السياسي وفق اسس محدده:

- تشكيل حكومة سورية انتقاليه تستند الي الجمع بين المعارضه المعتدله (وفق التعريف الروسي) ورموز النظام (مثل: مناف طلاس). وهو ينتمي الي عائله سنيه بارزه، وكان عميدًا في الحرس الجمهوري، وعضو موثوق به في دائره الاسد الداخليه. كما كان ابوه وزير الدفاع السابق في عهد حافظ الاسد، والد بشار. انشق "طلاس" في عام 2012، ويعيش بهدوء باريس منذ ذلك الحين. وقال انه لم ينضم لاي جماعه معارضه.

- توفير وقف اطلال نار في محيط حلب، وفي بعض البؤر الساخنه الاخري علي طول خطوط النار، بموازاه عقد المؤتمر الاممي الذي دعا اليه المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا.

- التوصل الي اتفاق في اجتماع جنيف-3 المقترح مع بعض مجموعات المعارضه السوريه (البديل لـ جنيف-3 سيكون محادثات يستضيفها بوتين في العاصمه الروسيه).

- اخبار الجماعات المعارضه بان الاسد ينتوي مغادره دمشق، اما شريطه اجراء انتخابات، او كـ"تنازل" من الرئيس السوري لـ"انقاذ البلاد" (الثاني هو المطروح علي الطاوله الان في الغالب).

- المطالبه بمشاركه في الحكومه الانتقاليه، واعلان المعارضه المتعاوِنه ان الازمه انتهت، والوقت حان لتطهير الاراضي السوريه من "جميع الارهابيين".

هذه هي الطريقه التي سيظهر بها الرئيس بوتين كبطل امام العالم في كلتا الحالتين؛ سواء في مسار الحرب او الحل السياسي. اما كيف سيظهر اوباما في عيون العالم المراقِب؛ فلا تحتاج الي تعليق. بل لا يُعتَبَر الامر ذا بال في هذا السياق.

اما اذا فشل هذا الحل، فسوف يبدا الجيش السوري، مدعوما بقرابه 10 الاف جندي ايراني وعراقي وشيعي، ومقاتلي حزب الله، ومليشيات الاسد، والقوات الجويه الروسيه، معركهً من عده مراحل؛ لانهاء وجود المعارضه المسلحه حيثما كان ذلك مناسبا، واجبار الشعب علي الاذعان.

وسوف يرتبط التعريف الروسي لـ"المعارضه المسلحه" عموما بقبول هذه المبادره السياسيه. وسيجري فرز المعارضه عبر سردٍ محدد: اذا كنت معارضا للاسد، فها قد ذهب (او سيذهب بالتاكيد)؛ تعالَ وانضم الينا. اما اذا كنتَ تريد تحكيم الشريعه، او كانت قضيه اخري غير سوريا هي التي تُملِي اهدافك؛ فانت متطرِّف، وتستحق القصف.

ويبقي توقيت رحيل الاسد غير محدد. لكن الرئيس بوتين المح الي الرئيس التركي وبعض زعماء المعارضه بعبارات لا لبس فيها ان صفقه من هذا النوع سوف تشمل بالتاكيد رحيل الاسد في نقطه يُتَّفق عليها، وان الامور اذا سارت كما هو مخطط لها منذ البدايه فانه يضمن رحيل الاسد شخصيًا.

علاوه علي ذلك، التقي نيكولاي بوغدانوفسكي، النائب الاول لرئيس هيئه الاركان العامه في القوات المسلحة الروسية، يائير جولان، نائب رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، يوم 6 اكتوبر. وتوقع الاعلام الاسرائيلي ان قضيتي امدادات الاسلحه الي حزب الله عبر سوريا، وحريه القوات الجوية الإسرائيلية في التحرك لمهاجمه التحركات العدائيه في سوريا، تصدرت المحادثات. بالاضافه الي تاكيدات بعدم السماح لشن هجمات ضد اي مواقع اسرائيليه انطلاقًا من الاراضي السوريه بينما يتواجد الروس هناك.

والمنطق العام الذي يحكم النهج البوتيني واضح: هو يهدف الي تقسيم المعارضه علي طول خط القبول بخطته السياسيه. هذا سيضمن لموسكو دعما دوليا واسعًا، خاصه اذا تنحي الاسد او اعرب عن نيته للقيام بذلك.

ورفض اي طرف، سواء كان سوريا او غير سوري، سيظهر باعتباره مؤشرًا علي وجود اجندات خفيه. فاذا كانت هذه الاجندات جهاديه؛ سينحاز العالم الي جانب بوتين. واذا كانت استراتيجيه، مثل اخراج الايرانيين من شرق المتوسط، سوف يُقال للسوريين: ان القوى الخارجية (الاقليميه) تحاول تحقيق اهدافها الخاصه علي حساب سوريا، وان الاسد سوف يرحل، لذلك علي الجميع دعم الحكومه الانتقاليه، واداره ظهر المِجَنّ للقوي الاقليميه التي تريد محاربه الايرانيين حتي اخر قطره دمٍ سوريه.

وبينما يحاول بوتين تحسين خياراته، فانه ضمن بالفعل تحقيق الحد الادني من اهدافه عبر تمركز قواته في غرب سوريا.

(1) ما هي القوي التي ستقف ضد خطه بوتين؟

(2) والي اي مدي قد تنجح؟

للاجابه علي هذين السؤالين؛ علينا ان نعود الي ما يحدث بالفعل علي ارض الواقع:

اصدر 55 عالم دين سعودي، في الهيئه العامه لعلماء المسلمين، بيانا يوم 4 اكتوبر؛ يدين كلا من سوريا والولايات المتحده الامريكيه. وجاء فيه: ما اشبه الليله بالبارحه! فقبل ست وثلاثين سنه غزا الاتحاد السوفييتي الشيوعي افغانستان المسلمه لينصر الحزب الشيوعي ويحميه من السقوط، وها هي وريثته روسيا الصليبيه الارثوذكسيه تغزو سوريا المسلمه لنصره النظام النصيري وحمايته من السقوط، فلتعتبر بمصير سلفها. زعم الولايات المتحده والغرب صداقه سوريا وشعبها ونزع شرعيه بشار لم يعد ينطلي علي احد، فهم من منع الشعب السوري من امتلاك مضادات الطيران ليحمي نفسه، وهم من عطَّل حظر الطيران، وهم من عرقل المنطقه الامنه في الشمال، ولولا رضاهم ما دخلت روسيا ولا بقي الاسد، وقد ارادوا خداع الشعوب بزعم التحالف لحرب داعش، وانما هي خدعه، فلم يطل داعشًا منهم الا القليل، لكنه المكر الكبار".

ودعا البيان السوريين للقتال، قائلا: "ندعو القادرين منكم الي الالتحاق بركب الجهاد، فهذا يومكم، الله الله في اسلامكم ودياركم واعراضكم، فما ترك قوم الجهاد الا ذلوا، اقبلوا علي جهاد عدو الله وعدوكم فالله معكم، والمسلمون خلفكم بكل ما يستطيعون باذن الله. وان فجر النصر قريب".

وفي حين لم ينص البيان علي دعوه جميع المسلمين للانضمام الي الجهاد، ناشدت الفقره الاولي توحُّد جميع جماعات المعارضه في سوريا تحت رايه الجهاد. ودعا فرع الاخوان المسلمون في سوريا في بيان منفصل الي الجهاد في سوريا باعتباره واجبا علي كل مسلم بالغ، وهو التوجه الذي اعرب عنه قاده اسلاميون من مختلف التوجهات.

تاثير هذه البيانات الهامه في السياق التشغيليّ لا يرتبط فقط بالمعارضه السوريه. فمن يعرف وزن الاسماء التي وقعت علي البيانات يدرك الاثر الحقيقي الذي سيكون واضحا في وقت قريب. وسياتي في ثوب حشد الاسلاميين علي الارض في السعوديه وغيرها من الدول للانضمام الي "الحرب المقدسه" ضد "الصليبيين" الجدد.

اما اعلان الكنيسه الروسيه- الذي يفتقر الي الحكمه- ان الجهد العسكري المبذول في سوريا "حرب مقدسه"؛ فتردد صداع في جنبات العالم الاسلامي علي نطاق واسع. ومن الواضح ان الكنيسه كانت تحاول حشد تاييد لقرار بوتين غير الشعبيّ بالذهاب الي سوريا.

في هذه الاثناء، تسير الدول العربيه وتركيا قُدُمًا في خطه تزويد المعارضه بالاسلحه النوعيه، بما في ذلك المدفعيه المضاده للطائرات، وانظمه الاسلحه المضاده للدروع.

اما اداره اوباما فنات بنفسها لدرجه انها لم تعد قادره علي ان يكون لها القول الفصل في هذه الخطه. وحتي في ظل العقوبات، نقل بوتين قواته الي سوريا، ويستعد حاليا لمفاجاه جديده: حل سياسي.

وفي اعقاب النقاش الحالي بين المعارضين والمؤيدين قد نكتشف روايه محدده تتعافي ببطء. هذه الروايه هامه، نظرا لانها تعبر عن النوايا الحقيقيه لـ "الجانب الاخر".

يقول النقاش: ان روسيا تعتبر كافه الجماعات الاسلاميه- حتي تلك التي لم تتورط في الارهاب، واولئك الذين قاتلوا تنظيم الدوله وخسروا مئات الرجال في تلك المعركه- ارهابيين. وهم يعتقدون ان نوايا روسيا الحقيقيه في الواقع معاديه للاسلام في حد ذاته، ولا علاقه لها بتنظيم الدوله؛ مستشهدين بهجمات موسكو علي المعارضه من غير تنظيم الدوله باعتبارها دليلا واضحا علي تاكيداتهم.

علاوه علي ذلك، فان الوجود الايرانيّ علي الارض السوريه، وفقا لـ"الجانب الاخر"، لا يحظي فقط برفض العرب الداعمين للمعارضه، ولكن ايضًا برفض الغالبيه العظمي من السوريين الذين عانوا علي ايدي قوات الايرانيين وحزب الله والاسد.

حتي ان احد شخصيات المعارضه يتساءل: كيف يتوقع اي شخص ان نقبل بوجود قوات الاسد وايران وحزب الله علي ارضنا؟ وحتي لو ذهب الاسد، فمن اعطي الايرانيين وحزب الله حق البقاء في ارضنا؟ الروس؟!

من الواضح، بغض النظر عن مدي تماسك حجه المعارضه، انهم عازمون، في اغلبهم، علي مواصله القتال. لكنهم الان سيقاتلون الاسد وايران وحزب الله والروس. ويبدو ان الداعمين الاقليميين لهذه المجموعات مصممون ايضًا علي الاستمرار، بغض النظر عن لعبه موسكو السياسيه.

خلال الاسبوع الماضي، عُقِدَت سلسله اجتماعات الاسبوع الماضي في العواصم الاقليميه، انتهت بقرار بالمضي قُدُمًا، والقتال. ولكل طرف علي جانبي المواجهه روايته الخاصه، لكن الامر في الواقع ليس حرب سرديات.

حينما نخطو خطوه الي الوراء، وننظر الي نهج السيد بوتين بدقه، نجد انه في واقع الامر لا يغير ديناميكيه الازمه السوريه، التي تتحَدَّد وفق بُعدَين محددين: (1) الجمود السياسي-العسكري السوري، (2) الصراع الاقليمي بين العرب والايرانيين.

وفي حين تناول السيد بوتين البعد السوري بطريقه محدوده، فانه لم يكتفِ فقط بتجاهل البعد الثاني، لكنه يتجه لاستخدام الاول من اجل استمرار الثاني وتعميقه.

والطريقه التي سيتعامل بها الروس مع البعد السوري من هذه الازمه سوف تؤدي حتمًا الي تطرُّف المعارضه. وتاثير الحل الذي تتوقعه روسيا لن يتحقق باي طريقه طالما بقيت قوات ايران وحزب الله في سوريا.

لا يتعامل الزعيم الروسي مع الجوهر الحقيقي للازمه، ليس لانه لا يفهمه، ولكن لان الحسابات الاستراتيجيه تاخذه الي حيث يتجه الان.

وهنا سؤالان يستحقا ان يُثارا:

(1) من اين حصل سيحصل السيد بوتين علي القوات البريه اللازمه لقتال تنظيم الدوله؟

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل