المحتوى الرئيسى

كيف استحقت الصحفية سفيتلانا أليكسفيتش الفوز بجائزة نوبل للآداب؟ - ساسة بوست

10/10 19:32

منذ 2 دقيقتين، 10 اكتوبر,2015

ويعد الادب اللا خيالي الذي تقدمه الصحفيه البيلاروسيه ذا طابع سياسي بحت، فجدارتها الادبيه تجعل من كل كلمه كُتبت في اعمالها تستحق الفوز بجائزه نوبل.

استقبل العالم اعلان الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 2015 يوم الخميس الماضي، حتي ان (زان بروكس)، احد كُتّاب صحيفة الغارديان، كتب تغريده ساخره علي موقع تويتر قال فيها انه يسمع “اصوات لوحات المفاتيح لعشره الاف صحفي يبحثون علي موقع غوغل عن سفيتلانا اليكسفيتش”. وحتي تلك اللحظه اضحي من المعروف ان لدي الأكاديميه السويديه التي تختار الفائز بالجائزه عاده تضليل خُطي الصحافه العالميه. ربما كان من الافضل لنا ان نكون علي اهبه الاستعداد لذلك الاعلان؛ فجائزه نوبل لها تاريخ من التسريبات عن اعلان الفائز قبل الموعد المحدد، والصحفيه الاستقصائيه البيلاروسيه كانت، وان بدا الامر مفاجئًا، الرهان المفضل في سباق منح الجائزه.

وتكمن الدلاله الحقيقيه لفوز اليكسفيتش في مقام اخر، فقبل ثلاثه ايام من الانتخابات الرئاسيه للبلد الذي عُرف في الماضي باسم الجمهوريه البيلاروسيه السوفياتيه الاشتراكيه، قررت هيئه مُحكمي جائزه نوبل للاداب منح الجائزه الي الصحفيه التي يُنظر الي جمله اعمالها الادبيه، والتي امتدت لاكثر من ثلاثين عامًا، علي انها هجومًا دائمًا علي السلطات، فقد كان هجومها في البدايه ضد الاتحاد السوفياتي، ثم اضحي مؤخرًا ضد روسيا البيضاء واوكرانيا وجارتهما الصلفه روسيا.

وعلي الرغم من ان كُتاب الادب اللا خيالي استُبعدوا خلال السنوات الاولي لبدء منح الجائزه، فان اليكسفيتش تعد اول كاتبه ادب لا خيالي تفوز بالجائزه منذ ان فاز بها وينستون تشرشل في عام 1953 “لبراعته في الوصف التاريخي وسرد السير الذاتيه، فضلًا عن  اسلوبه الخطابي الرائع في الدفاع عن القيم الانسانيه الساميه” علي حد وصف الاكاديميه.

وفتح اختيار الاكاديميه للفائز بالجائزه هذا العام وكذلك التوقيت الذي اُعلن فيه، الباب علي مصراعيه امام الاتهامات التي تقول ان الاختيار يبدو اقرب الي محاوله للتاثير علي الاجنده السياسيه اكثر منه التزامًا بالقيمه الادبيه. ولعل اليكسفيتش قد اوقعت بنفسها في خيوط ذلك الاتهام بتصريحها الذي يعود الي اعوام سابقه، والذي صرحت فيه انها ربما صارت روائيه ان تسنت لها فرصه الكتابه في القرن التاسع عشر، لكن في عصرنا هذا “ثمه امور عن البشر لا يمكن توصيلها عبر الفن”، علي حد قولها.

بيد ان كتاباتها تعد شيقه الي حدٍ بعيد، وذلك ينفي عنها اعتبارها كتابات تهدف الي المنفعه وحسب؛ فقد كتبت انها تكتب باسلوب طوره مواطنها اليس اداموفيتش، وهو الاسلوب الذي يصفه الكاتب والناقد البيلاروسي الراحل بتعبيرات متعدده من قبيل “الروايه الجماعيه”، او “القصص الموسيقي الديني”، او “الروايه التي تحمل ادله”، او “الجوقه الملحميه”.

ويعتمد اسلوبها البنائي علي مقابلات مع شخوص عاديين، يُفضي في النهايه الي نسيج متسق من الاصوات. يقول صديقها السياسي البيلاروسي المعارض اندريه سانيكوف: “يمكنك اعتبار اعمالها لا خياليه، لكنها اسره لقرائتها اكثر من الاعمال الخياليه؛ فهي تتحدث الي الناس قبل ان تضع اي كلمه علي الورق. وفي اغلب الاحوال تكتب عن الماسي البشريه، فتجعلها تجري في عروقها ثم تكتب عما يدور لدي الطبائع البشريه بدقه الجراحين”. ويشير سانيكوف قائلًا: “ان تشبيهاتها عميقه وصادمه. فعندما قرات كتابها “اصوات من تشيرنوبل” كنت مصعوقًا باستخدامها للتعبيرات المجازيه”.

ويذهب فيليب غوريفيتش، الصحفي بمجله النيويوركر، بتلك الفكره الي مقاله لهيومن رايتس ووتش عن الكاتبه، فيبرهن من خلالها علي ان صوتها اكثر من جمله اصوات مواضيعها، وانها “متحرره بصوره رائعه من اي اجنده انفعاليه او نُشطائيه”.

وتسطع كتابات اليكسفيتش في منطقه شديده التنافس بين “الفن” والصحافه، فيقول جوريفيتش: “ان تلك الاصوات المتكبره التي استمرت لفتره طويله في عالم الادب وتود ان تستبعد الادب اللا خيالي من تصنيفات الادب، موجوده بكل تاكيد. فانها تلمح الي ان ذلك النوع من الادب يفتقر بطريقه ما الي الصبغه الفنيه، او الخيال، او الابتكار عند مقارنته بالأدب الخيالي. وتلك العقليه قريبه من مثيلتها المجحفه التي نَحّت التصوير الفوتوغرافي لمده طويله بعيدًا عن عالم الفنون المرئيه”.

ورغم ان القليل جدًا من اعمال اليكسفيتش تُرجم الي الانجليزيه، فانها كتبت لمجله (غرانتا) الادبيه الدوريه، وفازت في عام 2005 بجائزه دائره نقاد الكتب الوطنيه بالولايات المتحده عن كتابها “اصوات من تشيرنوبل”، والذي تبنت المخرجه الايرلنديه غوانيتا ويلسون حادثًا منه في فيلمها القصير الذي رُشح لجائزه الاوسكار لعام 2010 “الباب”. ومع ان وصف الفيلم القصير يقول “مونولوج عن حياه كامله كُتب في فيلم الباب، لشهاده نيكولاي فاومتش كالوغين” واعتمد علي شهاده حقيقيه، فان العمل علي نفس الدرجه من قوه اي عمل خيالي، وذلك في عرضه لاستعاده ذكريات محاوله اب التعايش مع الكارثه التي وقعت سنه 1986.

وفازت اليكسفيتش في عام 2011 ايضًا بجائزه ريزارد كابوشنسكي البولنديه عن الريبورتاج الادبي، في اشاره الي التقدير الذي يلقاه الريبورتاج في اوروبا الشرقيه. وخلال ساعات من فوزها بجائزه نوبل، المح بعض المتشككين الي حقيقه ان الاكاديميه السويديه لم تكن ابدًا علي وفاق مع فكره منح الجائزه لكابوشنسكي نفسه، واعتبروه دليلًا علي ان الاختيار كان تتويجًا سياسيًا، اكثر من كونه فنيًا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل