الظواهر الجوية العنيفة والتغير المناخي

- الانحباس الحراري والتغير المناخي

- التغير المناخي والظواهر الحاليه

تعاني مناطق متعدده من العالم في هذه الايام من ظواهر جويه متباينه، ولكنها تمتاز جميعها بالعنف الشديد وباثارها التدميريه العنيفه.

- الأمطار الموسمية العنيفه التي تعرضت لها باكستان منذ 12 يوليو/تموز، وتسببت في حدوث فيضانات هائله الحقت باقليم السند دمارا واسعا، وادت الي وفاه اكثر من الفي شخص وشردت اكثر من عشرين مليون شخص، ودمرت مدنا وقري كثيره، والحقت بالبني التحتيه وبالزراعه والسكن وطرق المواصلات وغيرها دمارا هائلا.

- موجات الحر العنيفه المتلاحقه التي شهدتها روسيا وتسببت في حرائق هائله والحقت بالمناطق التي تعرضت لها دمارا واسعا، وادت الي تناقص انتاج الحبوب في روسيا بنسبه 6.6%. وقد وصلت درجه الحراره خلالها حدودا لم يتم تسجيلها منذ بدايه عمليات الرصد الجوي قبل اكثر من 130 عاما.

- موجات الحر العنيفه التي تعرضت لها الاقطار الواقعه في الحوض الشرقي للبحر المتوسط مثل الاردن وفلسطين وسوريا ولبنان، والتي وصلت درجات الحراره العظمي في بعض ايامها حدودا لم تصل اليها منذ سنوات عده، مما جعل النصف الاول من العام الحالي 2010 الاشد حراره منذ عشرات السنين.

- الفيضانات التي تعرضت لها موريتانيا وسببت خرابا ودمارا واسعين.

- الجفاف الذي تتعرض له المناطق الواقعه جنوب الصحراء الكبري في افريقيا.

- الفيضانات والانزلاقات الارضيه التي تعرضت لها الصين بسبب الامطار الغزيره التي تسببت في مقتل اكثر من 300 شخص

ومما يدعو الي القلق ان ظاهره الانحباس الحراري تتفاقم بسرعه كبيره، خاصه ان نسبه الغازات الدفيئه في الغلاف الجوى تتسارع بشكل كبير

المقصود بالتغير المناخي هو التغير الذي طرا علي الدوره العامه للغلاف الجوي والظواهر الجويه المرتبطه بها، مثل الاعاصير والمنخفضات الجويه والجفاف والفيضانات وغيرها، نتيجه لظاهره الانحباس الحراري.

اما الانحباس الحراري فالمقصود به ارتفاع درجه حراره الغلاف الجوي بشكل متواصل منذ مطلع الثوره الصناعيه في اوروبا، بسبب ما نتج عن الصناعه من انبعاث كميات كبيره من الغازات الدفيئه مثل ثاني اكسيد الكربون والميثان وغيرهما من الغازات التي تمنع جزءا من الاشعاع الارضي من الهروب الي اعلي وتبقيه قريبا من سطح الارض مما يساهم في رفع درجه الحراره.

وقد قدرت الزياده في درجه حراره الغلاف الجوي خلال الفتره 1860 – 2000 بحوالي 0.6 م

ومما يدعو الي القلق ان ظاهره الانحباس الحراري تتفاقم بسرعه كبيره، خاصه ان نسبه الغازات الدفيئه في الغلاف الجوي تتسارع بشكل كبير، كما في الشكل1.

وكانت الهيئه الدوليه للتغير المناخي

(الشكل 2) ارتفاع درجه الحراره خلال الفتره 1860- 2050

وكما يذكر جوناثان ليك من وكاله ناسا (NASA) الاميركيه فان معدل درجه حراره 12 شهرا الماضيه كان الاعلي خلال 130 سنه الماضيه.

وكما يذكر علماء أرصاد جوية يعملون في كل من دائره الارصاد البريطانيه وفي وكاله ناسا الاميركيه، من المتوقع ان يستمر هذا الاتجاه العام لدرجه الحراره حتي نهايه العام الحالي.

ولا يشير هذا الاتجاه الي التغير المناخي فقط بل الي ظاهره النينو التي ساهمت في اطلاق المحيطات المداريه لكميات هائله من الطاقه.

تاثير الانحباس الحراري علي ارتفاع درجه الحراره مضاعف في المناطق القطبيه والبارده اكثر منه في المناطق المداريه بكثير

لقد كان تاثير الانحباس الحراري علي ارتفاع درجه الحراره مضاعفا في المناطق القطبيه والبارده اكثر منه في المناطق المداريه بكثير. وقد كان لتلك الزياده في درجه حراره المناطق القطبيه تاثير كبير علي ذوبان الجليد وتناقص سمك الطبقات الجليديه.

كما يذكر عدد من علماء المناخ تعقيبا علي موجه الحر العنيفه التي تعرضت لها اوروبا عام 2003 ان الزياده الكبيره في شده موجات الحر مرتبطه بالتغير المناخي، وقد ادت الي انفصال كتل هائله من الجليد مثل ما حدث خلال النصف الاول من شهر اغسطس/اب من العام الحالي 2010، عندما انفصلت جزيره جليديه تبلغ مساحتها 258 كلم2 اي اربعه اضعاف مساحه منهاتن عن جزيره غرينلند.

وقد ادي تناقص الفرق في وفره الطاقه بين المناطق المداريه والمناطق القطبيه الي ضعف الدوره العامه للغلاف الجوي في المناطق المعتدله والمناطق البارده، خاصه ان ذلك الفرق هو المحرك الاساسي للدوره العامه للغلاف الجوي.

وقد ادي ذلك الي زحزحه نطاقات الضغط الجوي والرياح باتجاه الشمال والي تناقص الفرق في درجه الحراره بين الكتل الهوائيه القطبيه والكتل الهوائيه المداريه التي يسبب التقاؤها تكوّن المنخفضات الجويه للمناطق المعتدله.

وقد ادي ارتفاع درجه حراره المياه في المناطق البارده الي ضعف التيارات البحريه المداريه التي تنقل الطاقه من المناطق المداريه الي المناطق القطبيه، مما ساعد علي ارتفاع درجه حراره المناطق المداريه وزياده معدلات التبخر من المسطحات المائيه المداريه.

وساعد الارتفاع في درجه حراره المسطحات المائيه المداريه علي ارتفاع الرطوبه المطلقه للكتل الهوائيه المداريه بحيث تحولت تلك الكتل من كتل مستقره الي كتل غير مستقره.

من النتائج الرئيسيه المتوقعه للتغير المناخي حدوث ظواهر جويه عنيفه ومتباينه في جهات كثيره من العالم

اذا كان عدد كبير من علماء المناخ البارزين مثل بيتر سكوت يرون انه من الخطا ان نربط بين حدوث ايه ظاهره جويه والتغير المناخي، فانهم يؤكدون في الوقت نفسه -كما تذكر الهيئه الدوليه للتغير المناخي (IPCC) في تقريرها الرابع عام 2007- ان من ابرز النتائج المترتبه علي التغير المناخي التباين والعنف المتوقعين للظواهر الجويه مهما كانت نسبه التغير المناخي بسيطه.

ومما يؤكد هذا الاعتقاد ان مراكز مناخيه عالميه وعلماء مناخ بارزين قد اكدوا منذ سنوات عده علي ان من النتائج الرئيسيه المتوقعه للتغير المناخي حدوث ظواهر جويه عنيفه ومتباينه في جهات كثيره من العالم. وهذا هو بالضبط ما نشاهده هذه الايام فمن امطار غزيره وفيضانات في باكستان وفي الصين وفي بعض اقطار المغرب العربي الي موجات حر شديده في روسيا وفي الكثير من اقطار الحوض الشرقي للبحر المتوسط وشرقي الولايات المتحده وغير ذلك.