المحتوى الرئيسى

المصرى إذ يمشى وقد أغضبه الألم

10/10 15:51

اقرا ايضا: عدو الشعب..!! اعتداءت الاقصي ..وزياره البابا لامريكا الديكتاتور.. والسقوط في بحر الظلمات اسلاميو المغرب .. واسلاميو مصر.. اين الخطا؟ المتلاعبون بالعقول (موت التساؤل والضمير المزعج)

صدر للدكتور أحمد عكاشة في الثمانينيات كتاب بعنوان(ثقوب في الضمير..نظره علي احوالنا) يتناول فيه بالتحليل التغيرات الكبيره التي حدثت للمجتمع والانسان المصري في الاونه الاخيره. ويلقي بالضوء علي عدد من المواضيع المثيره مثل التشريح النفسي للشخصيه المصريه وفكره الضمير العام ومعني الانتماء وعلاقه المصريين بامريكا وعلاقتهم بالاعلام وتاثرهم به.. والادمان والعلاقه بين الجنسين وحال الشباب.

الدكتور جلال أمين ايضًا له كتاب شهير بعنوان(ماذا حدث للمصريين) صدرت منه اربع طبعات.. رصد فيه بعين عالم الاجتماع المهموم التغيرات التي طرات علي المجتمع المصري علي مدي نصف قرن.

وكنت قد كتبت من ما يقرب من سبع سنوات عن كتاب للدكتور خليل فاضل استشاري الطب النفسي عنوانه (وجع المصريين) حاول فيه ان يبحث عما اسماه (الشمبانزي الاجتماعي) الموجود فينا ومعنا.. ذلك الذي يملك شبكه علاقات اجتماعية مع الناس في العشوائيات والقري.. في الشركات وقاع المدينه وفي الهضاب المحيطه بالعاصمه يسكن كالحيات في خبايا القري الساحليه الشماليه.. شمبانزي كون كياناً مستقلاً يمكن الاصطلاح عليه بالكيان (المِبَهْظَظْ).. وهو اصطلاح مناسب لثقافه(مَشي حَالَك). هكذا نحن المصريون نتطبع مع الواقع المر المعاش تدريجيًا حتي نعتاده مثل الذي اعتاد رائحه العفن فزكمت انفه ولم يعد قادرًا علي الشَمّْ..!!

تحدث في الكتاب عن الشارع الذي انتشر فيه التسيب والقبح والكلمات الصداه.. راصدًا فقد المصريين لاغلي ما امتلكوه واشهر ما عرف عنهم وهو الاقتراب من الاخر ومبادلته المشاعر الصادقه.. والذي حل محله الخوف العام والفساد الاخلاقي والتربص الاجتماعي والنفور والتوجس وسلوكيات الاكل والماكول..                         

هناك اغنيه شعبيه واسعه الانتشار هذه الايام تقول بعض كلماتها (مافيش صاحب بيتصاحب ولا راجل بقي راجل ..ح تتعامل ونتعامل خللي سلاحك متكامل).. ومعروفه هي العلاقه الوثيقه بين الغناء الشعبي وحال المجتمع .

تحدث ايضًا عن المثقف (الاليت elite) ذلك المصطلح الذي تحول عبر سخريه المصريين الي(الاليط) اي المثقف المتعالي قائلاً (ان الباس كل الباس في الا يطابق المثقف بين ما يضمر وما يعلن..الا يسمي الاشياء والمواقف باسمائها فلا يزايد احد علي احد.. ولا اظن المصريين الا من الذكاء بحيث يمكنهم من التعرف علي المثقف الاليط من المثقف العضوي(بتعريف المفكر الايطالي جرامشي) الذي تعنيه بلاده وطموحاتها وهزائمها بقدرما تعنيه طموحاته وهزائمه من زاويه انهما شيء  واحد.                                                       

وقد اظهرت لنا سنوات ما بعد 25يناير نموذج المثقف الاليط / النفعي الذي يسود الحياه السياسيه والثقافيه حولنا اذ يمكن فرز نخبه لم تجن مصر ولا المصريين من نخبويتهم شيئا. وهذا الجرح تحديدًا لم يشا د . خليل ان يطيل فيه بما يساوي خطورته.. الا انه بالفعل يكاد يكون مثقفو مجتمعنا عبر ما يقرب من اربع عقود يعملون لحساب انفسهم !!.. واتخذوا من الاستاذ هيكل  نموذجا حيا لهم .. فلم نسمع او نري واحدًا منهم ضحي بغال او ثمين.. لم نر احدًا منهم صرخ صرخه مدويه ازهقت روحه في وجه طاغيه اومستبد.. بل اقصي ما سمعناه منهم مداورات ومحاورات عن التعايش مع(المؤسسه/الدوله).. وكان شغفهم بالحياه(الهنيه) اكبر من حبهم للوطن والانسان والحريه. ولا ادري ما هو(الاسوا ) الذي ينتظرونه اكثر من ذلك.

ايضا يناقش الكتاب ظاهره الاب الحاضر الغائب متحدثا عن الاب(حبه اللقاح)الذي ليس له وظيفه اسريه سوي بذر بذره الحمل من اجل ذريه صالحه او طالحه يبدا ابوته قبل ولاده اطفاله وبعدئذ ينهيها.. مؤكدًا اننا اصبحنا مجتمعا يفتقد الي الاب بمعناه الارحب والاشمل.. مجتمع يفتقد الي الحضور النفسي والتربوي والوجداني والمادي للاب بل والنوعي المتميز.. مقارنه باجيال مضت.

وعن سنوات المراهقه الشاقه يؤكد المؤلف ان (المراهقون في مصر قنابل موقوته فما هو متاح في عصر العولمه والانترنت يجعل هناك صراع علي ما هو ديني اخلاقي نموذجي اسري.. صراع بين البحث عن الفضيله وبين التفوق والاستمتاع بالحياه.)..طبعًا غياب مفهوم(العمل العام) وتجريم الاختلاف السياسي تجعل طاقات هؤلاء المراهقون تذهب مع الريح .. الدعاه الشبان يحاولون طرح اشكاليه الفضيله/الاستمتاع.. وان كان الامر تعوزه بعض المقاربات الاكثر فهما وتطبيقا للايه الكريمه(وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخره ولا تنس نصيبك من الدنيا).. فالدنيا ليست بدار بقاء وخلود ولا ينبغي للمؤمن (الاطمئنان بها)كما انها ليست جيفه وطلابها كلاب.. بل هي (نعمه مطيه المؤمن .. بها تدرك الاخره).

يتناول المؤلف ايضا مشاكل الزواج في مصر والعنوسه وطلاق الاقباط والاسباب التي تدفع بالمراه المصريه لطلب الطلاق او الخلع معلنه ان (ضل حيطه.. ولا ضل رجل).مشيرا الي ان الشجار المزمن بين شركاء العمر مجرد واجهه لامور اخري.. بمعني ان يكون هناك سبب اخر غير الامور الماديه.. تدخلات الاهل.. ضغط العمل مذاكره الاولاد والدروس الخصوصيه.. نجد هنا ان السبب الاهم بل ربما يكون السبب الوحيد هو الادعاء بان العمل والبيت والاولاد لا يتركون اي وقت للتواصل الحميم والافتقاد الي دفء عش الزوجيه.                  

كما يناقش ظاهره اطفال الطلاق والطريقه الحاده التي تناولها المصريون واعتمدوها في صراعاتهم الزوجيه من منع رؤيه الاطفال او تشويه الطرف الغائب وهي الطريقه التي ادت الي ظهور جيل من الشباب (ماكول الحواف فاقد الثقه بنفسه مشوش وغير واضح المعالم).

ثم يعرج علي التعليم في مصر الذي وصفه بانه في محنه.. وازمه متفاقمه تصيب مثلثا متساو الاضلاع: المدرس والطالب والاهل. ولا يتناسب ابدا مع خطوات البدايه الاولي التي بدات من القرن التاسع عشر .. لم يقف د/خليل بما يكفي عن الدور الفاسد المفسد الذي الحقه ج.ح.عبد الناصر وزملاؤه بالمنظومه التعليميه دونما نظر عميق للمجتمع في تطوره ونموه واحتياجات هذا التطور والنمو.

ويفتح د. فاضل ملف المدارس الاجنبيه في مصر وخطوره تواجد مؤسسات ثقافيه غربيه وغيرها علي ارض الوطن حيث تغزو مناهجها الطلاب المصريين في بيئتهم في حين انهم ياتون من بيئه وثقافه وحضاره مختلفه.

(يمشي المصريون منهكون يتساندون علي بعضهم البعض يتكئون علي اكوام من الروشتات واوراق التحاليل والاشعه..يمضي المصريون في الارض متعبون يحملون كدهم وهمومهم فوق رؤوسهم وعلي جباهم.. يتكدسون علي عتبات المستشفيات وخارجها ينتظرون الفرج والشفاء او ينتظرون موتاهم).

اوجاع اجساد المصريين من الموضوعات المهمه التي تناولها المؤلف عارضا بعض من امراضنا ازمه الجهاز المناعي.. التلوث.. مرض السكر وانتشار امراض القلب. ويوضح ان الصحه ليست الخلو من الامراض بل ان من يعتبرون انفسهم اصحاء ليسوا كذلك وبعض من يعانون من امراض معروفه يعدون اصحاء نسبيا فالصحه ليست تلك الاعضاء السليمه او الافكار المعقوله لكنها مصطلح شامل يتعلق بالانسان ككل..فالصحه تعني صحه النفس والجسد والوجدان مؤكدا احتياجنا الي معلمين لفن الحياه اكثر منا الي اطباء.

ويصرخ المؤلف مؤكدًا ان الحكومه لم تتخذ اجراء واحدًا يشير الي انها استجابت لنداء الاستثمار في الصحه من اجل مستقبل امن لملايين المرضي ولكنها في كل صغيره وكبيره قد استجابت لخصخصه المرض والعلاج بل والمرضي انفسهم. ويتناول ازمه التامين الصحي و بارونات الدواء.. ويتحدث عن (الصحه النفسيه) مؤكدًا من موقعه كطبيب نفسي انه لا احد محصن ضد الجنون ولا مناعه لاحد ضد انهيار او انكسار نفسي بمعني ان في اعماق كل منا نواه الاضطراب النفسي التي اذا توافرت لها الظروف نبتت وتفجرت واذا كمنت ظهرت في صور واشكال مختلفه ومتباينه.                                                                                        

ويري ان نفسيه المصريين قضيه امن قومي توجب الاهتمام بها جيدا دون هواده او استخفاف خاصه في ضوء ارتفاع نسبه الاصابه بالاكتئاب/ والغضب المكتوم لدي المصريين وهو مرض نفسي قد يتطور للجنون ويعلق ان الامر يحتاج الي علاج حقيقي للوطن حتي يصح المواطنين.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل