المحتوى الرئيسى

الربيع العربي في تونس يفوز بجائزة نوبل للسلام

10/09 15:22

اقرا ايضا: هندسه البرلمان الجديد هل يكسرها مغامرون جدد انتخابات برلمانيه بلا طعم ولا روح المطبات الحائره ! الشعب والجيش .. ونصر اكتوبر العظيم الروس بداوا يستشعرون "الوحل" مبكرا في سوريا

مفاجاه كبيره احدثتها جائزه نوبل العالميه للسلام اليوم ، عندما قررت منح جائزتها الاهم عالميا لجبهه تونسيه مدنيه مهتمه بالحوار وترسيخ الديمقراطيه ، وهي اللجنه الرباعيه للحوار الوطني في تونس" ، واللجنه سميت بالرباعيه لانها تكونت من اربع منظمات مدنيه ، وهي : «الاتحاد العام التونسي للشغل» و«الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية» و«الهيئه الوطنيه للمحامين التونسيين» و«الرابطه التونسيه للدفاع عن حقوق الانسان» وقالت لجنه "نوبل" في بيانها ان منح الجائزه للجنه التونسيه كان بسبب : "«مساهمتها المهمه والحاسمه في بناء دوله ديمقراطيه تعدديه في تونس في اعقاب ثوره الياسمين العام 2011».

اذن ، هي جائزه الربيع العربي الثانيه ، بعد الجائزه التي حصلت عليها الناشطه اليمنيه "توكل كرمان" بسبب اسهاماتها القويه في انتصار الثوره اليمنيه ، احد اشجار الربيع العربي التي اطاحت بالديكتاتور الفاسد علي عبد الله صالح ، غير ان الجائزه العالميه الرفيعه هذه المره لها رمزيه اهم بكثير من نضال "فردي" ، انها جائزه للنضال الجماعي المدني من اجل حمايه الديمقراطيه وانقاذها من الانقسام والفوضي ، فنوبل منحت الجائزه العالميه للسلام هذه المره ليس لشخص ، وانما لتجمع من عده منظمات مدنيه ، عمال ومهنيين ومحامين ومثقفين ، بذلت جهدا دؤوبا وصعبا للغايه لصياغه حوار وطني جاد ومقنع في وقت شديد الحرج وكان يهدد تونس بالاندفاع في مسار العسكره او مسار التمزق الذي شهدته تجارب اخري في الربيع العربي ، هؤلاء "الابطال" الحقيقيون نجحوا في انقاذ سفينه وطنهم من الغرق او التمزق او الانتكاس عن المسار الديمقراطي ، وحفظوا للربيع العربي هناك مساره ـ ولو البطيء والمرتبك ـ نحو التعدديه والديمقراطيه والسلام الاجتماعي .

جائزه نوبل هذا العام لها وجه عقابي بالنسبه لتجربه القوي المدنيه في مصر ، التي عجزت علي مدار ثلاث سنوات من عمر الثوره عن صياغه حوار وطني جاد ومقنع وفعال ، لان الجميع تحول الي طرف في المشاحنه والمناكفه والاهانه للاخرين والتشكيك والاستعلاء علي المسار الديمقراطيه ، فاصبحوا طرفا في الازمه وليسوا فرصا للحل ففشلوا جميعا، وقد ظهر هذا "المرض" اكثر وضوحا في فتره حكم الرئيس الاسبق محمد مرسي ، حيث فقدت السلطه قدرتها علي الحوار الحقيقي او استيعاب واحترام حقيقيه التنوع والتعدد السياسي في تجربه ديمقراطيه ما زالت رخوه وناشئه ، وفقدت المعارضه المدنيه قدرتها علي الابداع السياسي والبحث عن طريق ثالث وانشغلت بكسر الخصم وليس بانقاذ الديمقراطيه ، وعلي الرغم من ان الدكتور محمد البرادعي ، الرمز الاهم للقوي المدنيه التي قادت ثوره يناير 2011 في مصر ، رحب بالجائزه ومنحها للجنه التونسيه ، وقال في تغريده له علي موقع تويتر : «تحيه وتقدير لشعب تونس، الحوار والمصالحة الوطنية والعمل المشترك واحترام حقوق الانسان والديمقراطيه ونبذ العنف هو السبيل» ، الا اني اعتقد ان هذه التهنئه هي اشبه ببيان اعتذار عن اخطائه هو نفسه ، وهو الحاصل علي نوبل للسلام سابقا ، عندما عجز عن ان يدير حوارا وطنيا مدنيا حقيقيا في مصر ، واستسلم للانقسام والحرب الفكريه والسياسيه بكل مراراتها ، واستسهل الطريق ، باللجوء الي استدعاء القوات المسلحه للتدخل ، فتغير المسار وانتهي كل شيء .

ذهاب جائزة نوبل للسلام الي رابطه تونسيه كان انجازها الوحيد والاهم هو "الحوار" ، هي رساله من العالم للربيع العربي وعواصمه المختلفه ، ان الحوار هو الطريق ، وهو الحل ، وان الصراعات السياسيه خاصه اذا اخذت الطابع العنيف او الدموي او العسكري لا يمكن ان تفضي الي السلام او تصنع واقعا افضل ، وانما هو الحوار والشراكه والتعدديه الحقيقيه والقبول بتعايش الجميع ، وجميع بلدان تجارب الربيع العربي تعيش اليوم كوارث ومخاطر هائله ، بدرجات متفاوته ، ولكن جوهرها التمزق الاجتماعي والسياسي وزراعه الاحقاد ، في ليبيا او مصر او سوريا او اليمن ، لان "الحوار" غاب ، واستخدمت جميع اطراف الصراع لغه القوه وكسر العظم او المعادلات الصفريه ، كل شيئ او لا شيء ، البلد الوحيد الذي نجا حتي الان من تلك المحرقه هو "تونس" ، رغم انه البلد الاقل في مقدراته والاكثر في تنوعه السياسي ، ورغم انه يشهد الانقسام السياسي والفكري النمطي بين تيار اسلامي يمثله اخوان تونس "حزب النهضه" وتيار علماني تقوده قوي يساريه بالاساس ، وتيار الماضي الذي يقوده "نداء تونس" ويضم كثيرا من اقطاب النظام القديم الذين لم يتورطوا في فساد او دم ، وكان بين الجميع تطاحن سياسي واتهامات خطيره للغايه وظهرت دعوات للاقصاء ، ووصلت تونس الي حافه الانهيار ، حتي نشطت "اللجنه الرباعيه" المدنيه ، بجهد مدني وطني خالص ، تحدي مؤامرات عربيه معروفه وتحدي تلاعبا امنيا خطيرا في الداخل واستعدادات عسكريه للانحياز ، وادارت حوارا جادا وذكيا وشفافا ومحايدا ، اقنع الجميع بان يتراجع خطوه من اجل الوطن ، ونجح في انقاذ مسار الثوره ، ومسار الديمقراطيه ، وبقي ان يكمل الجميع المسار ويحموه من "التامر" المستمر ، محليا واقليميا ودوليا .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل