المحتوى الرئيسى

جوزفين ديب: الإعلام «وسخ» والميدان معموديّة المهنة

10/09 09:30

بدات جوزفين ديب مسيرتها المهنيّه في الصحافه المكتوبه، ثمّ انضمّت مراسلهً الي فريق اخبار قناه «الجديد» في العام 2007. امضت في القناه عامين صنعت خلالهما خبره لا باس بها في العمل الميداني، ثمّ انتقلت الي «او تي في» حيث تواصل عملها كمراسله، الي جانب تقديم البرنامج الحواري السياسي الصباحي «حوار اليوم».

في حديث مع «السفير» تقول ديب انّها لم تبتعد بالكامل عن الكتابه الصحافيّه، لكنّها لم تعد تجد الوقت الكافي لذلك، بسبب دوام العمل الطويل في التلفزيون. «لا اجد متسعاً من الوقت للكتابه، وفي الوقت الحالي ما زلت غير مؤهله لكتابه التحليل السياسي، واري انّه ينقصني الكثير للوصول الي هذه المرحله. العمل في التلفزيون اسهل واسرع».

في مجال العمل التلفزيوني، تخوض ديب تحديّاً من نوع اخر. «اريد ان اثبت انّ لا شيء مستحيلاً. عشت طفوله صعبه بفعل التهجير، وكان احد احلامي ان اعمل في التلفزيون، لم اكن متفوّقه في المدرسه، وكان افراد العائله يقولون لي عليك ان تنجحي في الدراسه لتحققي حلمك، لكنّني حقّقت حلمي، واسعي لاترك بصمه مختلفه، من خلال تقديم نموذج مغاير لما نراه عبر الشاشات، لناحيه الحضور والمضمون».

كالكثير من العاملات في مجال الاعلام في لبنان والعالم، تجد ديب نفسها دوماً امام تحدّي اثبات الذات، بعيداً عن التركيز علي المظهر الخارجي. «لا اريد ان الغي اهميه العنصر الجمالي للصوره التلفزيونيّه، ولكن يجب ان يري الناس ما هو مختلف عن جمال الشكل، واعتقد انني بدات في تحقيق ما اصبو اليه، اذ انّ معظم التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي علي حلقاتي، تكون حول طريقه اداره الحوار والمضمون، وليس علي مظهري. صحيح انّ هناك تعليقات علي شكلي ايضاً، لكنّها لا تزعجني ابداً، بل تسعدني. ما يزعجني هو التركيز علي الشكل فقط، من دون الالتفات للمضمون والجهد المقدّم علي صعيد الاسئله». تضيف: «احبّ كوني جميله، هو شعور انثوي، ولست ضد عمليات التجميل، ولا ضد الاهتمام بالمظهر الخارجي، لكن الاساس هو ان يري الناس ما هو مختلف، او ان يشاهدوا ابعد من الجمال في عملنا».

علي صعيد اخر، لا تفكّر ديب بالتخلّي عن عملها كمراسله. «اجد ان معموديه الاعلام المرئي هي في عمل المراسل، ومع احترامي للجميع فان المحاور لا يصل الي نضج حقيقي اذا لم يعش ويختبر العمل علي الارض، عملت مراسله ست سنوات ومستمره في عملي الذي اراه اساساً لا يمكن الاستغناء عنه في عالم الاخبار السياسيه». لكنّ الا يحدّ ذلك من تطوّرها المهني، خصوصاً انّ الاعلام اللبناني يعطي لبرامج الحوار السياسي او لاذاعه الاخبار مساحه اكبر من الاضواء؟ تردّ: «هناك موضه سائده في اعلامنا بان المراسل يتحوّل بعد فتره لمذيع اخبار، برايي تلك ليست ترقيه، بل انتقال الي عمل مختلف. من جهتي، اجد ان المراسل هو صوره المحطه والنجم الحقيقي، اذ انّه صانع الخبر والباحث عن الحدث، بينما مذيع الاخبار يكون قارئاً في اكثر الاحيان. لدينا معايير مشوّهه في الاعلام. وهناك خيارات شخصيّه ايضاً، كثيرون مستمرون في عملهم كمراسلين منذ سنوات واخرون اصبحوا مذيعي اخبار. اري انّ مراسلاً قوياً بوجود مذيع عادي يمنح قوه لنشره الاخبار، امّا العكس لا يؤثّر علي النشره. مشروعي الدائم هو ان ابقي مراسله لا ان اكون قارئه، امّا مشروعي الثاني فهو تقديم حوار غير تقليدي ضمن برنامج مسائي مختلف عمّا يعرض عبر الشاشات».

بعد سنوات في مقعد المحاوره، تقول انّ تجربه الحوار مملّه في اكثر الاوقات، «خصوصاً حين تتكرّر المواضيع في ظلّ الاصطفاف السياسي الحالي، لكنّ الوضع يختلف حين اناقش ضيفاً في الايديولوجيات علي سبيل المثال في عمق الخطاب المذهبي وارتباطه بالدين، ومفاهيم «داعش» وارتباطها بالنص القراني، علينا التعمّق في المواضيع لا مناقشتها من خلال القشور». تضيف: «سبق وقلت انّ واقع الاعلام هو كالورق الملوّن للهدايا، لا يعكس ما يخفي تحته، وما تحته شديد البشاعه، والبعض يلمّع الصوره من خلال الحوار، وانا ارفض ان اكون ورقه هديه، وهذا ليس سهلاً لا سيما حين يكون الخطاب المذهبي مرتفع النبره وعالي السقف، وعلينا ان نهرب من التكرار بشتي الطرق لنناقش لب المشاكل ولنبني استمراريه قائمه علي النضج والعمق».

تعترف ديب انّ عالم الاعلام سيء لا بل «وسخ». لكنّها تجد انّها كانت محظوظه للقائها بزملاء «ممتازين»، دفعوها الي الامام. «في مجال الاعلام الغام كثيره، وقد يتورّط الصحافيون بمصائب علي غفله منهم، وهناك ظلم في بعض المقارنات. اجهد واتعب لاؤدي عملي بكل امانه من دون الغوص في وحول هذه المهنه». تضيف: «ما زلنا في وسائل اعلامنا نعالج القضايا بطريقه سطحيه وسخيفه احياناً، وذلك بسبب ازمه النظام السياسي والمحاصصه الاعلاميه القائمه، ولكن المشكله ايضاَ هي في الجسم الاعلامي نفسه، فلا يخفيّن علي احد وجود اعلاميين يشوهون هذه المهنه. لعبه التلفزيون خبيثه اذ تلمّع الصوره، وتظلم بشكل ينحرف عن اسس العمل واخلاقياته ونضالات الكثيرين في هذا المجال».

خلال الفتره الماضيه، ومع فتح القنوات اللبنانيّه هواءها لساعات طويله من اجل تغطيه الحراك، سالت ديب نفسها عن السبب، وسالت ايضاً بعض القيّمين في مجال الاعلام. «اتضح لي انّ البثّ المباشر في حالات كهذه هو اقلّ كلفه من البرمجه المقرّره للشاشات، ومعظم القنوات تعيش ازمات ماديه». تجد ديب ان نتائج الحراك الشعبي الراهن ستكون جيده نسبياً، «علي الاقل لناحيه تعاطي السلطة السياسية مع الملفات الحياتيه، اذ انّها ادركت انّ هناك رقابه الي حد ما علي عملها، الامر الذي يدفعها للتفكير مرتين قبل اقرار اي موضوع يتناول الناس بصوره مباشره. لا اري انّ هذا الحراك سيُسقِط النظام، ولكنّه سيُعرقِل عمل الفساد في ملفات مهمّه مثل النفايات. اهمّ ما في الحــــراك انّه اوضح صوره مهمّه، عن انّنا كلبنانيين لسنا مجرّد قطعان تساق وفق اهواء البعض».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل