المحتوى الرئيسى

حسني الخطيب يكتب: تدمير مكة مكرمة | ساسة بوست

10/08 21:29

منذ 1 دقيقه، 8 اكتوبر,2015

لم يعد يمكن لاحد ربما ان يصف مكه علي انها تعبر عن الجمال القديم لاقدس مدينه في الاسلام، حيث سوف يبحث الحجاج خلال اداء الحج او العمره عن تاريخ مكه المكرمة،

لان الموقع المعماري المسيطر في المدينه اليوم لم يعد المسجد الحرام حيث الكعبة المشرفة والتي تمثل المركز الرمزي للمسلمين في كل مكان بل هو فندق برج الساعة الملكي، والذي هو علي ارتفاع 1972 قدمًا ويعتبر من بين اطول المباني في العالم، وهذا الفندق هو جزء من تطور ناطحات السحاب العملاقه التي تضم مراكز التسوق الفاخره والفنادق والمطاعم التي تخدم فاحشي الثراء،

فلقد دكت الجبال القديمه حول المدينه، واصبحت تحيط بها اليوم بشراسه الهياكل الصلبه والخرسانات المستطيله، وهو ما يشبه مزيجًا معماريًّا من ديزني لاند ولاس فيغاس، وهذا يدل علي ان الاوصياء والمسؤولين عن هذه المدينه المقدسه (مكه) بالاضافه الي بعض رجال الدين فيها، يحملون في نفوسهم كراهيه عميقه للتاريخ، بحيث انّهم يريدون ان يبدو كل شيء جديدًا.

فلقد بدات المرحله الاولي من تدمير مكه المكرمه في منتصف السبعينيات، حيث كانت المباني القديمه التي لا تحصي، بما في ذلك مسجد بلال، والذي يعود تاريخه الي عهد النبي محمد صلي الله عليه وسلم،

كل ذلك تم جرفه بالاضافه الي تدمير البيوت العثمانيه القديمه والتي تم استبدالها باخري حديثه وبشعه.

وهكذا وفي غضون بضع سنوات، تحولت مكه المكرمه الي مدينه حديثه، فيها طرق كبيره ومطاعم وفنادق مبهرجه ومراكز تسوق،

كما تم مسح المباني والمواقع ذات الاهميه الدينيه والثقافيه المتبقيه، بحيث تم بناء برج الساعه الملكي في مكه المكرمه، والذي انجز في عام 2012، وذلك علي انقاض ما يقدر بنحو 400 من المواقع ذات الاهميه الثقافيه والتاريخيه والتي شردت منها الاسر التي عاشت هناك منذ قرون.

ويجدر الذكر هنا ان مجمع الساعه هذا يقف فوق انقاض قلعه اجياد، والتي بنيت حوالي عام 1780 لحمايه مكه المكرمه من اللصوص والغزاه، بالاضافه الي بيت خديجه، وهي الزوجه الاولي للنبي محمد صلي الله عليه وسلم، والذي قد تحول الان الي مجموعه من المراحيض العامه، كما وان فندق مكه هيلتون مبني فوق بيت ابي بكر الصديق، وهو الذي كان اقرب رفيق للرسول وخليفته الاول.

اما النواه الداخليه من المسجد الحرام فهي تحتوي علي جزء كبير من التاريخ ايضًا، والتي تتكون من اعمده رخاميه منحوته بشكل معقد ومزينه باسماء صحابه النبي، بناها سلسله من السلاطين العثمانيين،

حيث ان تاريخ هذه الاعمده يعود الي اوائل القرن السادس عشر، والان هناك خطط علي قدم وساق لهدمها، جنبًا الي جنب مع كل من المناطق الداخليه الاخري للمسجد الحرام واستبدالها بمبني عصري.

في حين ان المبني الوحيد الاخر ذا الاهميه الدينيه في مكه هو المنزل الذي عاش فيه النبي محمد صلي الله عليه وسلم، وخلال معظم العهد السعودي استخدم هذا المبني لاول مره كسوق للماشيه،

ومن ثم تحول الي مكتبه وهي ليست مفتوحه للناس، ولكن حتّي هذا المبني فان رجال الدين السعوديين المتشددين دعوا مرارًا وتكرارًا لهدمه، لانهم يخشون حسب قولهم من ان بعض الحجاج قد يصلون الي النبي وليس الي الله، وهذه خطيئه لا تُغتفر، كما انها ليست سوي مساله وقت قبل ان يتم هدمه وتحويله علي الارجح الي موقف للسيارات.

فنلاحظ هنا ان التخريب الثقافي لمكه المكرمه يتم بشكلٍ جذري، فبعد ان كانت مكه مركزًا للفكر والثقافه الاسلاميه العظيمه ومدينه التعدديه، حيث كان النقاش دائرًا بين المذاهب والمدارس الفكريه الاسلاميه المختلفه،

اما الان فقد تم خفض هذا المكان ليصبح موقعًا لكيانٍ ديني واحد فقط، بحيث تعتبر كل الطوائف الاخري والتي لا تتوافق مع التفسير السلفي – الوهابي السعودي للاسلام خاطئه وكافره.

وفي الواقع فان كثيرًا ما يهدد المتعصبون في السعوديه الحجاج والمعتمرين من الطوائف الاخري، حتي اصبحت بعض الطوائف الاسلاميه تطلب الحمايه اثناء الحج والعمره،

وهكذا اصبح لمحو التاريخ المكي تاثير هائل علي الحج نفسه، فبعد ان كانت كلمه (الحج) تعني بذل الجهد للسفر الي مكه والقيام بالطقوس الدينيه المفروضه، والتعامل مع اشخاص من ثقافات وطوائف مختلفه، اصبح اليوم رحله مخططه سلفًا، حيث يمكنك التحرك مع مجموعتك فقط، ومن فندق الي فندق، ونادرًا ما تصادف اناسًا من ثقافات واعراق مختلفه،

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل