ليالى قريش.. 149

شفنا الحمزه، وشفنا قربه وقرابته من النبي، قريبه في العمر "الحمزه اكبر بـ سنتين تلاته"، وعمه اخو ابوه، وابن خالته، واخوه في الرضاعه من كذا مرضعه، يعني كل اسباب الترابط.

حمزه كمان خال الزبير بن العوام "اخو امه"، وعم علي بن ابي طالب "اخو ابوه"، وعم زيد بن حارثة بـ التبني، وخال ولاد جحش كلهم "اخو امهم"، فـ كتير من المسلمين الاوائل قرايبه من الدرجه الاولي، ومقربين له.

لكن الحمزه برنس، راجل عايش حياته، صحيح مش تاجر كبير، لكنه ابن عبد المطلب، واخر العنقود، وفارس وصياد اسود، وما ثبتش اي اهتمام ليه بـ الشان العام في مكه.

طب ايه اللي وداه هناك؟

مره، بعد الدعوه بـ خمس سنين، وبعد اعلانها بـ سنتين، كان راجع من رحله صيد، وشايل العده، وجي اخر مزاج، فـ قابل وليه من موالي بني مخزوم، او جواريهم، فـ قالت له: الحق يا سي الحمزه، سيدي ابو الحكم بهدل ابن اخوك، وشتمه وقال له وعاد له، وسيدي محمد ما ردش عليه.

الحمزه ما اتكلمش، طلع يدور علي ابو الحكم، لقاه قاعد كده وسط ناس، فـ راح ضاربه بـ حاجه كانت معاه: بـ تشتم ابن اخويا؟! طيب انا علي دينه بقي، وهو رسول الله، وريني هـ تعمل ايه؟ "ردها علي ان استطعت".

الناس اتلمت عليهم، اعقل يا حمزه، انت هـ تكفر؟ "هـ تكفر هنا يعني هـ تدخل الاسلام"، اهدا كده وصلي علي هبل.

اللافت كان موقف ابو الحكم، اللي ادرك انه غلط لما تعرض لـ محمد بن عبد الله، اصل مش كل الطير اللي يتاكل لحمه، هو يعذب مواليه، يقتل عبيده، هو حر، من حكم في ماله ما ظلم، لكن يتغابي كده علي حفيد عبد المطلب، ما يصحش.

ابو الحكم قال لـ الناس: خلاص يا جماعه، ابو عماره عنده حق، انا برضه تعرضت لـ ابن اخوه بـ شكل مش كويس، واتفضت.

بس الحمزه رجع البيت، وحس انه اتورط، هو دلوقتي اعلن انه دخل الدين الجديد قدام الناس، واتبع ابن اخوه، ومش هـ ينفع يطلع بكره يقول لهم: معلش يا جماعه، اصلي كنت غضبان شويه، هو الحمزه برضه.

وبـ حسب نص الروايه، المرويه في اكتر من مصدر منها سيره ابن اسحق، وعند ابن كثير وغيرهم، الحمزه قال لـ نفسه: "ما صنعت؟ اللهم ان كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي، والا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا" فبات بليله لم يبت بمثلها من وسوسه الشيطان".. الترجمه: هو انا عملت ايه؟ يا رب اذا كان صح، خليني اصدقه، وان كان غلط عرفني اخرج منها ازاي، وبات ليله مالهاش زي، من كتر وسوسه الشيطان.

تاني يوم الحمزه طلع علي النبي، وحكي له، وقال له: انا عايز اسمع منك انت بـ تقول ايه؟ فـ النبي بدا يحكي له، ويشرح له، ويكلمه عن التوحيد والجنه والنار، فـ الحمزه اقتنع، وقرر اعلان قبوله الدعوه بـ شكل نهائي، بعد ما كان ماضي علي بياض، من غير ما يعرف اي حاجه عن الموضوع.

اسلام الحمزه شكل حمايه اضافيه لـ الدعوه، ونرجع نكرر، لو ان ولاد عبد المطلب "ابو طالب والحمزه"، كانوا اتصرفوا زي ما اتصرف الخطاب بن نفيل مع اخوه وابن اخوه زيد بن عمرو، الموحد الاول، لو كانوا باعوا محمد زيه، وسلموه لـ قريش، ان شاء الله يقتلوه، كان الامر فرق جدا، ويمكن ما كانتش الدعوه استمرت سنه علي بعضها.