المحتوى الرئيسى

عُمان أرض المحبة والسلام

10/05 20:00

زيارتي الي سلطنه عُمان تزامنت في وقت تشهد السلطنه فعاليات مهرجان صلالة السياحي تحت شعار " عمان ارض المحبه والسلام" حقاً وجدتُ عُمان بلداً يعمه السلام، ليس علي صعيد الامن فقط؛ وانما يعيش اهله في سلام ووئام اجتماعي، وعنوان مقالي مقتبس من شعار المهرجان الذي احيته سلطنة عمان؛ لابراز وجهها الجمالي المشرق من صلاله الخضراء.

كثيراً ما كنتُ احلم بزياره سلطنه عُمان، والتعرف عن قرب ثقافه اهلها، وتاريخهم وعاداتهم، وهي عادات قريبه جداً لعاداتنا نحن الصوماليين في كثير من النواحي، وبما انني صحفي احب زياره البلدان والامصار،والتجول فيها، وكتابه انطباعاتي عنها، واقتناء الكتب، وجمع الطوابع النقديه، فقد زرتُ قبل السلطنه الكثير من البلدان ،ولي فيها حكايات ساكتبها تباعاً في مدوناتي القادمه.

لكن زيارتي الي عُمان تختلف كثيراً عن تلك البلدان التي زرتها،فحبها منقوش علي ذاكرتي منذ الصغر،اتذكر وانا في مقتبل العمر كنتُ اتناول حلوي هلالي التي كان يجلبها التجار العائدون من صلاله في طريق عودتهم الي مدينه بوصاصو الساحليه في شرق الصومال، ويوزعونها علي الاطفال كنوع من الهدايا.

طعم حلوي هلالي اللذيذ والجلابيه العُمانيه ذات التطريز المميز، والتي كنا نرتديها يوم الجمعه، واحاديث التُجار الصوماليين العائدين من تلك الديار ،كلها عوامل كان لها وقعها الخاص في نفسي.

وصلتُ مطار مسقط الدولي في وقت متاخر من المساء، كان برفقتي تاجر صومالي تعرفنا في اديس ابابا (عاصمه اثيوبيا) ونحن في طريقنا الي مسقط، فالخطوط الجويه الاثيوبيه لها رحلات يوميه من والي الصومال، وتنقل الركاب من الصومال، منطلقين الي وجهاتهم نحو العالم، وتوفر الخطوط الجويه الاثيوبيه فرصه السكن في احد فنادق العاصمه علي حساب الطيران، لمن عليهم الانتظار الطويل، حتي وصول توقيت رحلاتهم الخارجيه.

سكنتُ الفندق مع ركاب من دول شرق افريقيا تختلف وجهاتهم نحو العالم،انتهزتُ الفرصه واستاجرتُ سياره اجره اتفقنا مع سائقها مستخدمين مفردات من لغه حبشيه بسيطه، هي حصيله ذخيره لغويه لسنوات عشتها في اثيوبيا سابقاً، وقام السائق بجوله سريعه داخل العاصمه،وعلي المعالم والبنايات المشهوره منها: مقر الاتحاد الافريقي، وفندق هيلتون، ومستشفي " طقر امباسي" اي الاسد الاسود باللغه الامهريه.

بعد الانتهاء من جولتنا داخل اديس ابابا - ومعناها باللغه الحبشيه الزهره الجديده- حان موعد انطلاقتنا نحو سلطنه عمان، ركبنا الطائره الاثيوبيه، وانطلقت بنا تمخر في عباب السماء، وبعد ساعات وصلنا مطار مسقط الدولي.

كان المطار هادئاً، شباب وشابات عمانيات يعملن من اجل تسهيل مهمه الزائر والمقيم في السلطنه، دقائق فقط، وبعدها وجدتُ نفسي خارج المطار، اللافتات المعلقه علي جدران مطار مسقط الدولي كلها مكتوب عليها عبارات الترحيب ، واعلانات لشركات وبنوك عمانيه، القيت - - كعادتي- نظره سريعه علي اللافتات، وقراتها بتمعّن، وجدتُ ان كل عباره عربيه تحتها ترجمه انجليزيه، عكس السودان التي عشتها فتره من عمري تتجاوز سبع سنوات، فاللافتات كلها مكتوبه بالعربي، اما هنا في الخليج، فالوضع يختلف،لان هناك عماله وافده لا تجيد سوي الانجليزيه.

دقائق معدوده وصلتُ نزلي في حي " روي" بمسقط،غالبني النوم ، فلست من النوع الذي ينام علي مقاعد الطيران، نمتُ ساعات طوالاً، وبعد الاستيقاظ، تمشيتُ قرب مكان نزلي بحي " روي" معظم المقاهي التي فيها هنديه وبنغاليه، ولا يجيدون العربيه،وليس فيهم رغبه في التعلم،تعاملتُ معهم عند زيارتي السابقه الي الكويت، يستخدمون عبارات ممزوجه ما بين انجليزي وعربي ولهجتهم المحليه، يقولون لك مثلاً : "امش سيدا" اي امش الي الامام، وكلمه "مني" ويقصدونها ( هنا) وكلمه "معلوم" وغيرها من العبارات، والاعجب فيهم يستخدمون ضمير المتكلم كالغائب.

في اليوم التالي زرتُ السفير عبد الرزاق فارح علي في مقر السفاره بحي شاطيء القُرم، لم يكن في داخل السفاره سوي طاقمها، فمعظم الصوماليين الموجودين داخل السلطنه مقيمون في صلاله، يمارسون مهنه التجاره هناك، اما في العاصمه لم يبق فيها سوي عدد قليل يعمل معظمهم في الدوائر الحكوميه.

هوايتي المفضله هي القراءه، وفي كل بلدٍ ازوره ابحث عن كتب تشفي غليلي المعرفي، بحثتُ عن مكتبه لبيع الكتب،وبعد طول بحث وجدتُ مكتبه مسقط في حي الوطيه، تجولت داخل المكتبه، والقيت نظره سريعه وخاطفه علي الكتب.

تحوي المكتبه مؤلفات تاريخيه عن السلطنه، واخري عن المذهب الاباضي، وهو مذهب اهل عُمان، وفجاهً وقع نظري علي كتاب في اعلي ارفف المكتبه بعنوان "صراع الحب والسلطه.. السلطانه جُومبيه فاطمه والتنافس العُماني الفرنسي علي جزيره موهيلي القمريه (1841-1878) " دون تردد اقتنيت الكتاب ودفعتُ مبلغ 4 ريالات عماني، اي ما يعادل 15 دولاراً امريكيا.

بدات تصفح الكتاب، وقرات مقدمه الكتاب الضافيه بقلم الدكتور محمد المحروقي ( المحاضر بجامعه سلطان قابوس سابقاً ومدير مركز خليل بن احمد الفراهيدي حالياً) بحثتُ عنوان الدكتور محمد المحروقي؛ لكي اتحدث معه في موضوع يخص الحُضور العُماني في منطقه القرن الافريقي (الصومال وجيبوتي علي وجه الخصوص) بعد دقائق وجدتُ الرد من الدكتور عبر بريدي الالكتروني، ودعاني لماذبه غذاء في بيته الواقع في العذيبه بمسقط.

تناولتُ وجبه الغذاء معه في اليوم التالي، متجاذباً معه اطراف الحديث،وبما انه اديب ولغوي ومؤرخ درس الدكتوراه في بريطانيا،دار حديثنا حول تلك المحاور؛خاصه فيما يخص الحُضور العُماني في الصومال، وتشابه العادات والتقاليد والاكلات.

المحروقي رجل خلوق وفاضل،اوصلني بسيارته الي الفندق، وانتظرني خارج الفندق، وقال لي اوصلك الي المطار ، وكنت ذاهباً يومها الي صلاله الخضراء، تلبيه لدعوه رئيس الجاليه الصوماليه هناك برخد محمد محمود.

سالتُ الدكتور المحروقي ان كانت هناك صله قرابه بينه وبين رئيس تحرير جريده " عمان" لانه يحمل نفس اسم عائلته، فقال لي اعرفه بحكم منصبه،فاخبرته بانني زرته في مكتبه، واستقبلني برحابه صدر،وتكريم الضيف وتذليل الصعاب امامه من العادات العمانيه المتوارثه.

اثناء اقامتي في مسقط زرتُ جامعه سلطان قابوس، وهي جامعه عريقه في بنيانها لم ار مثيلاً لها من قبل، فقد زرتُ جامعه " ماكريري" باوغندا، وتعتبر من اكبر الجامعات الافريقيه عراقهً ومساحهً، ومع ذلك لا يمكن مقارنتها بجامعه سلطان قابوس من حيث المساحه.

جامعه سلطان قابوس فيها مراكز بحثيه متخصصه،ومساحه الجامعه واسعه لدرجه انني استاجرتُ سياره اجره للتجول داخلها، اجتهد جلاله السلطان قابوس بن سعيد ان تكون الجامعه حاضنهً تربويه للعمانيين وللاجانب علي حد سواء،وهي دليل واضح علي رؤيته الثاقبه.

تبعُد صلاله عن عاصمه السلطنه الف كيلو تقريباً،وهي مدينه تكتسي بالخضره في موسم الخريف، وتمتاز بالتنوع العرقي، وفيها جاليه صوماليه اخذ بعضهم الجنسيه العُمانيه، وهناك قبائل مشتركه بين سلطنه عمان والصومال، منهم قبائل: المهره، وقبيله الدارود،وعوائل الفاضل والكثيري.

وصلاله مدينه تجاريه فيها مصانع للدقيق والمشروبات والاسمنت، وتُشحن البضائع الي موانئ الصومال، وتستورد عمان الثروه الحيوانيه الصوماليه؛ خاصهً الاغنام والابقار.

في الليله الاولي التي وصلت فيها صلاله، سكنتُ احد فنادقها داخل سوق مكتظ بالسكان والماره، بتُ ليلتي في فندق صغير داخل هذا السوق، تحدثتُ مع عمانيين عرفوا ملامحي لاول وهله بانني صومالي، عكس سكان مسقط؛ الذين كانوا يقولون لي هل انت من السودان؟ الجوار الجغرافي بين بوصاصو وصلاله يلعب دوراً في توثيق عري المحبه بين الصوماليين وسكان محافظه ظفار، حقاً صلاله مدينه صوماليه في عمق سلطنه عمان.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل