المحتوى الرئيسى

ما حقيقة الذكاء الاصطناعي؟ وماذا ينوي "فيسبوك" أن يصنع به؟

10/05 14:20

ابحاث الذكاء الاصطناعي هذه الايام لم تَعُد حكراً علي الجامعات وحسب، فشركات التكنولوجيا الكبيره هي ايضا حريصه علي المشاركه في هذا المجال وبقوه. جوجل، فيسبوك، بايدو، مايكروسوف، وغيرهم مشغولون بالذكاء الاصطناعي ويفتتحون مختبرات لاجله ويقتنصون بعض اساتذه الجامعات الموهوبين في المجال لرئاسه اقسام البحوث لديهم.

البروفيسور "يان لوسين Yann LeCun" هو احد الشخصيات المؤثره بشكل كبير في مجال "التعلم العميق"، وهو الان مدير ابحاث الذكاء الاصطناعي لشركه فيسبوك. عقدت هيئة الأذاعة البريطانية BBC لقاءاً معه خلال هذا الاسبوع، حول ما تقوم به فيسبوك مع تلك التقنيه، ولماذا تستثمر فيسبوك في ابحاث الذكاء الاصطناعي، ولماذا يري ان "ايلون ماسك" و"ستيفن هوكينغ" علي خطا في توقعاتهم بشان قوه الالات الذكيه علي تدمير الانسانيه في المستقبل. سيعرض لكم هذا الحوار بعض افكاره في المجال، والتي يدير بها مركز ابحاث فيسبوك للذكاء الاصطناعي بالتاكيد.

هو قدره اله لفعل الاشياء التي نعتبرها –نحن كبشر- السلوك الذكي للاشخاص او الحيوانات. من خلال قدرتها علي تعلُّمها من تلقاء نفسها وتحسين ادائها.

نسمع الكثير عن "تعلُّم الالات"، ولكن هل يفكرون حقا؟

الالات التي لدينا في الوقت الراهن هي بدائيه جداً في هذا الطريق. بعضهم -الي حد ما- يحاكي المبادئ الاساسيه لكيفيه عمل الدماغ، انها ليست نسخه كربونيه للدوائر الكهربائيه التي في المخ، ولكن لديها القليل من نفس نكهتها؛ فهي صغيره جدا وفقا للمعايير البيولوجيه.

اكبر الشبكات العصبيه التي نحاكيها في المخ تبلغ في حدود بضعه ملايين من الخلايا العصبيه وبضعه مليارات من نقاط الاشتباك العصبي (التي هي مراكز الاتصال بين الخلايا العصبيه) وهذا من شانه ان يضعهم علي قدم المساواه مع عقول الحيوانات الصغيره جدا، لذلك لا شيء يوجد علي نفس الشكل الذي نفكر به نحن البشر، وبهذا المعني فهي لا تُفكّر. ونحن لا نزال بعيدين جدا عن بناء الالات التي يمكنها ان تعقل، وتخطط، وتتذكر بشكل صحيح، والتي يكون لديها حس سليم ومشترَك مع غيرها، وتستطيع ان تفهم الكيفيه التي يعمل بها العالم.

لكن ما يمكن للاله القيام به، هو التعرف علي الاشياء والصور، مع ما يبدو ان يفوق ادائها في ذلك طاقه البشر في بعض الاحيان، كما يمكنها القيام باداء لائق في ترجمه النصوص من لغه الي اخري او ان تقول كلاماً مفهوماً. في ضوء هذا المعني، هم يفعلون الاشياء التي يعتقد البشر انها مهمه الذكيه.

الكثير من الالات التي نقوم ببنائها تكون ذات شبكات عصبية اصطناعية. يفعلون عدد كبير جدا من العمليات البسيطه، التي تبدا بعمليات الضرب المضاعف وما الي ذلك. هذه الشبكات الكبيره تتضمن خلايا عصبيه تحاكي الشبكات العصبيه للفار مثلا، فكل خليه عصبيه منها مرتبطه مع عده الاف من الخلايا العصبيه الاخري، بعضها يجمع بكسل لصوره او ياتي بـ اشاره صوتيه، اي ينفذ عمليه بسيطه. مع العدد الذي تحمله الخلايا العصبيه والقيم التي تعمل عليها، هناك المليارات من العمليات التي تؤديها تلك الخلايا العصبيه.

نحن نقوم بتنظيم الخلايا العصبيه في طبقات بطريقه مستوحاه من الهندسه المعماريه للقشره الدماغيه (التي تحيط المخ بغلاف رمادي) في الثدييات، وعلي هذا يمكننا تدريب الالات علي التعرُّف علي الاشياء حين تُعرض امامهم الالاف من الامثله. اذا كنا نريد الالات ان تتعرف علي الطائرات والسيارات والناس والجداول، نجمع لهم الكثير من الصور حول كل هذه الامور، ونعرضها عليهم من خلال جهاز واحده  تلو الاخري. فاذا خرجت الاله بنتيجه خاطئه اثناء تعرفها علي احدهم، نعمل علي استفهام الطريقه التي استنبطت بها الاله تلك النتيجه، وبناء علي ذلك نضبط قوه الاتصالات بين الخلايا العصبيه، في المره القادمه ستعرف الاله ما الذي تراه وتبحث عنه بشكل افضل.

مهمه الفيسبوك هي ربط الناس مع بعضهم البعض، وهذا يعني تسهيل التواصل بينهم اكثر، ولكن ايضا ربطهم مع العالم الرقمي في حياتهم اليوميه. واحد الاحلام التي كانت لدينا منذ سنوات هو ابتكار اداه ذكيه بما فيه الكفايه لتفعل الكثير من المهام، بما في ذلك تنظيم لقاءات مع الاصدقاء، والحصول علي المعلومات حول كم سياخذ منك الطريق ساعه ام ساعتين؟ من خلال جوجل. فاذا كان لدينا الات لديها القليل من الحس السليم، وتعرف قليلا عن الكيفيه التي يعمل بها العالم، تفهمك وتعرف المصالح التي من الممكن ان تكون مفيده جدا لك. فهذا هو الهدف المرجو علي المدي الطويل؛ لانه في غضون ذلك يمكننا استخدام تلك التقنيات للقيام بالكثير من الاشياء المفيده: اختيار المحتوي الذي  قد يكون مثير لاهتمام مستخدمي الموقع، وتصفيه المحتوي غير المرغوب فيه، وترجمه صوره الي نص لضعاف البصر، واعمال اخري من هذا القبيل.

هو مشروع يسمي "M"، عباره عن مساعد رقمي يمكنك ان تساله عن اي سؤال او ان يحل لك اي مشكله. بعض الاسئله قد تتطلب خبره الانسان لحلها، لذلك في كل مره لم يتمكن فيها الجهاز من الاجابه علي سؤال ما، يتم ارساله لمدربين من البشر، ومن ثَم يمكن له تعلُّم القيام بالاجابه علي ذلك السؤال في المره القادمه بشكل افضل. كلما اصبح الاله اكثر خبره، سنكون قادرين علي بناء الالات التي تقدم الخدمه بشكل اكثر اتوماتيكيه، واوسع نطاقاً لعدد اكبر من الناس.

ما نامل القيام به هو ان ناخذ فكره المساعد الرقمي هذه الي مستوي اكثر تقدماً. فمثلاً، اكثر الاجابات التي يقدمها كل من "سيري"، "كورتانا"، و"جوجل الان" للمستخدم تكون مكتوبه لهم مسبقاً، اما اذا سالت المساعد الرقمي الذكي M سؤال خارج السيناريو الذي لديه، فربما تجيب عليك الاله بنكته او تحاول الخروج من الموقف بشكل اخر. بالتاكيد سلوك الاله مُبرمج من قِبَل البشر، ولكن ما نحاول القيام به مع M هو اختبار قدره الاله علي التعلم. هذا الامر طموح جداً، محفوف بالمخاطر للغايه، وما هو بين ايدينا الان مجرد تجربه صغيره، ولكن سنري كيف ستسير الامور خلال السنه او السنتين المقبلتين.

نحن متحمسون جدا بشان المساعد M لانه في الحقيقه جوهر الذكاء الاصطناعي. الاله التي يمكنك التحدث اليها والتي يمكن ان تساعدك.

بعض المهتمون بالشان التقني كـ "ايلون ماسك" و"ستيفن هوكينج" قلقون بشان التهديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي علي البشريه، فالي اين سيؤول الامر من وجهه نظرك؟

انا لا اتفق معهم. اولا وقبل كل شيء، علي الجميع ان يدركوا ان الكثير من الناس التي خرجت بمثل تلك التصريحات ليسوا باحثين في الذكاء الاصطناعي. في حاله "ايلون ماسك"، هو قال انه يؤمن في حدوث تهديدات وجوديه للبشر في المستقبل، وهذا هو السبب في انه يبني الصواريخ للذهاب بها الي المريخ في حاله حدوث شيء سيء علي الارض.

في حاله "ستيفن هوكينج"، فقد تغيرت رؤيته للامر كثيراً بعد ان كان صخباً حول هذا الموضوع، خاصه بعدما تحدث للباحثين في المجال. ايضا قلّت حماسته حول ذلك الراي، انه كان يتوقع حدوث ذلك التهديد في فترات زمنيه تتجاوز الملايين والمليارات من السنين. وماذا يمكن لنا ان نتوقع لما ستكون عليه الانسانيه في غضون مليار سنه! من الصعب جدا ان نقول اي شيء عن هذا.

الذكاء الاصطناعي هو بالفعل تقنيه قويه وسوف تصبح اكثر قوه. لكن كل تقنيه قويه لديها القدره علي حد سواء ان تكون مفيده جدا وخطيره جدا، لذلك علينا ان نفكر فيما نقوم به نحن البشر.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل