المحتوى الرئيسى

المياه على المريخ .. وبعد

10/04 11:24

فبعد خمسين عاما من ارسال اول مركبه تصل للمريخ -وهي مارينر 4- لاولي الصور المقربه لسطح الكوكب (في يوليو/تموز 1965) تُظهر وجود العديد من الحفر والقنوات الطبيعيه دون دليل علي وجود ماء متدفق، اعلنت وكالة ناسا عن اكتشافها لادله علي وجود مياه سائله علي الكوكب الاحمر، وذلك بعد التوصل الي حل لغز الندوب الطبوغرافيه التي تحمل بصمات تدفق الماء والمكتشفه منذ سنوات بفضل المسبار كيريوسيتي.

ما اكتشف لم يكن نهرا او بحيره من المياه العذبة كما يمكن ان يتصوره البعض، بل مياه مشبعه بانواع من الملح تسمح لها بالبقاء في حالة سائلة في فترات "الدفء" من السنه المريخيه، مما يسمح لها بالانسياب البطيء علي جوانب الانحدارات المتشكله حول الحفر النيزكيه المنتشره علي سطح الكوكب الاحمر.

ومساله وجود الماء السائل كانت مطروحه منذ سنوات عديده، لكن دون دليل علمي، خاصه ان درجه الحراره علي سطح المريخ تتراوح في اقصاها بين 35 درجه مئويه و143 درجه تحت الصفر، والضغط الجوي لا يتجاوز بضعه اجزاء من الالف من مثيله علي الارض. وهذه ظروف تجعل الماء يمر مباشره من الحاله الصلبه الي التبخر، ولا يسمح بوجود الماء في صوره سائله. غير ان الامر يصبح ممكنا في حدود معينه اذا كانت المياه تحتوي علي تركيبه معقده من الاملاح الذائبه كسيلفاتات الحديد واملاح الصوديوم والامونيوم.

وحسب المقال الصادر في دوريه "نيتشر جيوساينس" المتضمن لتفاصيل ما اعلنته ناسا فان مصدر هذه المياه قد يكون الغلاف الجوي للمريخ، اذ تقوم مركبات الكلورات والبيركلورات (المستعمله لمنع تكون الجليد في الطرقات وكذلك لمنع التكثف داخل الغرف شديده الرطوبه) بالتقاط جزيئات الماء من الجو بكميه كافيه تمكن من السيلان البطيء علي جوانب المنحدرات. وتمتد هذه السيول علي بضع مئات الامتار طولا وبضعه امتار عرضا، اما سمكها فلا يتجاوز السنتيمترات القليله.

لكن يبقي السؤال الاهم، وهو هل يمكن ان تتشكل احد مظاهر الحياه المجهريه في هذه البيئه؟ الاجابه ما زالت غير يقينيه. فرغم ان دراسه علميه اجريت سابقا في صحراء اتكاما في تشيلي بينت امكانيه بقاء انواع من البكتيريا المقاومه للبيئات القاسيه للغايه في محاليل الكلورات وفي درجات حراره متدنيه، فان امكانيه بقائها في ظل ظروف قاسيه كتلك الموجوده علي كوكب المريخ ما زالت تحتاج الي دليل.

ورغم الهاله الاعلاميه التي احاطت الاعلان عن هذا الاكتشاف فان مساله وجود الماء في شكل سائل مطروحه منذ سنوات في الاوساط العلميه. ففي سنه 2011 نشر باحثون من جامعه توسكون في اريزونا ملاحظات استقوها بفضل المسبار المداري "مارس روكونيسونس اوربتر" والتي تبين وجود سيول فصليه وخلصوا الي انها تحدث بفعل المياه السائله، لكنهم لم يقدموا دليلا علميا علي ذلك، وبالتالي فان ما توصل اليه الباحثون مؤخرا لم يكن مفاجاه، وكان محتملا جدا حسب الدراسات العلميه السابقه.

قنوات مياه بعرض يتراوح بين متر وعشره امتار في صوره لمنطقه علي سطح المريخ التقطها المسبار المداري روكونيسونس (رويترز)

الا انه من المتوقع ان يحدد هذا الاكتشاف اولويات جديده في خطط تنفيذ البرامج العلميه الموجهه لكوكب المريخ بتكثيف الجهود في اتجاه الكشف علي مزيد من مصادر المياه والبحث عن احتمال وجود حياه مجهريه علي سطحه وارسال مسابير الي الاماكن التي توجد بها مياه سائله مع تجنب تلويثها بالكائنات المجهريه الارضيه.

لكنه من ناحيه ثانيه لن يكون له تاثير هام علي مشاريع القيام برحلات ماهوله الي المريخ واستيطانه في مرحله ثانيه، وهي مشاريع من المتوقع انجازها في افق 2030، لان المياه المكتشفه لا يمكن ان تكون كميا ولا نوعيا قابله للاستهلاك او الاستغلال، فكمياتها قليله وتركيزها الملحي عال جدا، علاوه علي كون الظروف المناخيه علي الكوكب الاحمر لا تسمح ببقاء المياه الصافيه في حاله سائله.

لقد اختارت ناسا الاعلان عن الاكتشاف عبر مؤتمر صحفي حشدت له قبل ايام من عقده ابرز وسائل الاعلام العالميه والاميركيه، وكان بامكانها الاكتفاء بنشر المقال العلمي الذي قدم تفاصيل الاكتشاف في الدوره العلميه "نيتشر جيوساينس"، رغم علمها بان ما توصلت اليه من نتائج قد لا يعده الكثيرون في الاوساط العلميه من فئه الاكتشافات البالغه الاهميه.

وهذا الاختيار حسب العديد من الملاحظين كان مقصودا بحد ذاته من الوكاله التي تملك العديد من البرامج الموجهه للمريخ اكثر الكواكب شبها بالارض، منها برنامج "فاسيمر" لتطوير محرك صاروخ يعمل بالبلازما وبامكانه اختصار الرحله بين الكوكبين الي 39 يوما عوضا عن سته اشهر بالتقنيات المتوفره حاليا، اضافه الي مشاريع عديده اخري. وهي برامج تحتاج الوكاله لتنفيذها الحصول علي تمويلات كافيه من دافع الضرائب الاميركي. 

أهم أخبار صحة وطب

Comments

عاجل