المحتوى الرئيسى

5 أيام حول العالم داخل طائرة لا تستخدم الوقود!!

10/03 13:24

طيار سويسري لا يدع مجالًا للخطا في اثناء رحله طويله عبر المحيط الهادي.

صُممت طائره سولار إمبلس2 التي تعمل بالطاقة الشمسية لتقوم برحله هي الاصعب الي يومنا هذا، وقد صُنعت طائرات عديده تعمل بالطاقه الشمسيه وطارت بنجاح، لكن لم يسبق لها ان طارت لايام، وفي اثناء الليل، وعبر المحيطات.

مغامر سويسري داخل المقصوره الضيقه لطائره سولار امبلس 2 التي تعمل بالطاقه الشمسيه بالكامل ليبدا رحله غير مسبوقه عبر المحيط الهادي.

سيقلع اندريه بورشبيرج من ممر اقلاع طائرات في نانجينغ بالصين ليبدا المرحله السابعه من اصل اثنتي عشره مرحله في مُخطط للطواف حول الكرة الارضية.. وسيقضي الطيار المحارب سابقًا اغلب ايام الاسبوع في الجو، وستعمل الطائره ليلًا ونهارًا، وسوف يتجه الي هاواي بارتفاع يصل الي 30 الف قدم (9144 مترًا)، وسوف يطير بعيدًا عن الجزر ومدرجات هبوط واقلاع الطائرات وما توفره من وسائل امان او انقاذ، فسوف يطير عبر مساحه شاسعه مهجوره فوق المحيط، وقد يكون مصيره اشبه بمصير اميليا ايرهارت التي اختفت منذ 77 عامًا.

من المخطط ان تبدا الرحله يوم الثلاثاء اذا سمحت الاحوال الجويه وتستمر لمده 5 ايام وربما 7 لان الطائره المصنعه خصيصًا لتعمل بالطاقه الشمسيه، والتي تتميز بخفه وزنها، ستناضل ضد الرياح المحيطيه والطقس الذي ستواجهه عند المرور بـ 5077 ميلًا (8170,6 كيلومتر) من اجل الوصول الي هونولولو.

ستكون رحلة طيران بورشبيرج اول رحله علي الاطلاق تعبر مثل هذه المساحه الشاسعه بطائره تعمل بالطاقه الشمسيه – اذا صحت التوقعات – وبها تتاسس وسيله جديده للمواصلات تُستخدم فيها وسائل التكنولوجيا النظيفه.

طائره تعمل بالطاقه الشمسيه في جوله حول العالم.

صرَّح بورشبيرج مؤخرًا: “ستكون لحظه تنجلي فيها الحقيقه؛ فقد اجرينا العديد من التجارب لكننا لم نقم برحله كهذه قطُّ”.

واضاف وهو يضحك: “وستري المهندسين متوترين الي حدٍّ ما”.

صمم بورشبيرج وصديقه في المغامره برتراند بيكارد الذي يعمل طبيبًا نفسيًّا سويسري الجنسيه الرحله؛ ليخترقا عالم الطيران الذي تعمل فيه الطائرات بالطاقه الشمسيه، ويلقيا الضوء علي امكانات الطاقه المتجدده.

شغلت بيكارد هذه الفكره منذ ما يعدو علي 12 عامًا عندما اوشك الوقود علي النفاد في اثناء محاوله للقيام باول رحله طيران تجوب العالم بمنطاد يعمل بالغاز. وفي النهايه، نجح في اتمام الدوران حول العالم في 19 يومًا، بيد انه تعهد بالا يدع الوقود يقف امامه عائقًا مره ثانيه بعد انتهاء جولته التاريخيه.

وقال: “وددت ان استطيع الطيران الي ما لا نهايه”.

واليوم وبعد سنوات من البحث والتجارب صُممت طائره سولار امبلس 2 لتحقق مُرادي بالضبط ولو نظريًّا علي الاقل.. وتوافق هيئه الطائره وظيفتها، فيصل باع جناحها الي 71,9  متر، وهو ارحب من نظيره لطائرة ركاب من طراز بوينج 747 وجسمها طويل ورشيق ومصنوع من الكربون الخفيف.

وتمتد علي قمم الجناح طبقه مرصعه باكثر من 17 الف خليه ضوئيه واسفل العمود الفقري للطائره، وتغذي شبكه الخلايا الضوئيه كل اجهزه الطائره بدءًا من اجهزه الكمبيوتر التي علي متنها، والكاميرات في المقصوره، وصولًا الي محركاتها الكهربائيه الاربعه، وتغذي الخلايا ايضًا اربع بطاريات عاليه الكفاءه تختزن ما يكفي من الطاقه اثناء النهار لتعمل اثناء الليل.

جون تومانيو من فريق ناشيونال جيوجرافيك

ان الوصول الي هاواي (الذي استغرق عده ايام في عبور المحيط) يقدم اول محاوله حقيقيه لطائره سولار امبلس 2، وسيتم الاقتضاء بهذه التجربه في الحال عندما ينطلق بيكارد ليطير في الاتجاه الشرقي حيث فينيكس باريزونا من دون هبوط.

وسيتم اختبار بيكارد وبورشبيرج ايضًا؛ اذ ان كليهما من شانه ان يقضي ايامًا بمفرده في مقصوره يقترب حجمها من صندوق سياره، وسيجلس علي مقعد ينثني كمقعد المرحاض، ولن يستطيعا الوقوف داخلها، وان كان المقعد مريحًا يمكن الاضطجاع عليه، ولن ينام الا غفوه يمكنه اخذها عند الطيران الامن.

صرَّح بورشبيرج الذي قاد طائرات محاربه لسنوات عديده بالقوات الجويه الاحتياطيه السويسريه – قائلًا: “لاول مره يمتد بنا الوقت في الطائره، وكل دوره من ليل ونهار ستكون مختلفه، وستورد الينا معلومات غزيره”.

اقام اندريه بورشبيرج – رجل اعمال وطيار سويسري محارب سابقًا – مشروع سولار امبلس بالتعاون مع برتراند بيكارد عام 2004. سيقود بورشبيرج الطائره في اصعب مراحلها حتي الان في رحله تستمر لما يقرب من اسبوع من دون توقف، وسوف تقوم الرحله من نانجينغ بالصين وتمر بالمحيط الهادي الي ان تصل لـ “هاواي”.

بدا الرجلان رحلتهما في مارس الماضي، واقلعا من مطار عسكري بدبي واتجها شرقًا الي عُمان وبورما حتي وصلا الي الهند والصين.. وقد عكف كل من بيكارد وبورشبيرج والفريق المساعد علي نشر رسالتهم عن التكنولوجيا النظيفه عند الوقوف للصيانه ونَيْل قسط من الراحه؛ فقد ادلوا باحاديث لمن قابلوهم من السكان المحليين، وفتحوا الطائره لالاف الفضوليين من الزوار.

وقد اوضح الطياران ان اجهزه الطائره تعمل علي ما يُرام حتي الان في اثناء رحلات وصلت مده الطيران فيها الي 20 ساعه، وقد ازعجتهم مشكلات فنيه صغيره تتمثل في عدم ملاءمه اقنعه الاكسجين، وتعطل احدي الخلايا الضوئيه، وعدم اشتعال جهاز الانذار في المقصوره الا ان فريق المساعده علي الارض سرعان ما عالج هذه المشكلات.

كدت اختفي ولا يراني جهاز الرادار الخاص بمراقبه المرور الجوي؛ لانني كنت اطير الي الوراء!

ثمه تحدٍّ يواجه الطيارين باستمرار؛ اذا انهما كانا بصدد ريح عاتيه متعامده؛ تلك الريح التي نادرًا ما تعوق الطائرات الاثقل وزنًا فما بالك بهذه الطائره؟ فخفه وزنها يزيدها قوه، لكنهما واجها امرًا لم يستطيعا السيطره عليه يتمثل في بطء الطيران؛ فخفه وزن طائره سولار امبلس 2 يساعد في دفعها بالطبع او يضطرهما  الي احداث تغييرات في خطه الطيران، وهما ياملان اتمام الجوله عبر المحيط الهادي قبل بدء الرياح الموسميه.

وفي اثناء الجوله عبر اسيا ادت الريح المتعامده الي ارجاء مواعيد الاقلاع والهبوط عده مرات، ودفعت بيكارد الي الوراء عند اقترابه من مطار تشونغتشينغ بالصين.

واضاف بيكارد قائلًا: “كدت اختفي ولا يراني جهاز الرادار الخاص بمراقبه المرور الجوي؛ لانني كنت اطير الي الوراء!”.

سوف يضع الاقلاع من هاواي الطائره وطياريها في بُعد جديد من المتغيرات؛ اذ ان الجو قد تزداد حدته ومن الصعب التنبؤ به، ولا يمكن تصليح بعض الاعطال الطفيفه بسهوله، كما ان الاجهاد والارهاق ايضًا الذي يصيب الطيارين يمثل عبئًا ان لم يكن اصعبها.

بيد ان بيكارد وبورشبيرج قالا انهما ظلا سنوات يحددان المخاطر، ويبحثان عن طرق لعلاج كل ما يخرج عن المسار..وقد هبطا بالمظلات في المياه البارده ببحر الشمال بالاتفاق مع البحريه الالمانيه، وقد تدربا علي فك انفسهما من الحبال الملتويه والالتحاق بطَوْف الانقاذ.. وقد صمما بالتعاون مع مدربي يوجا واطباء – اساليب في الـتامل وانظمه غذائيه جديره بايقاظهما ومساعدتهما في التمتع بصحه جيده.

وفي اثناء كل مرحله من الرحله سيراقب فريق مراقبه المهمه – الكائن بموناكو – خط سير الطائره، وسوف يوافي بتقارير منتظمه عن احوال الطقس.. وسيكون ضمن الفريق طيارون سابقون بعضهم اصدقاء قدامي لبورشبيرج اثناء خدمته العسكريه؛ لاسداء النصيحه وتقديم المساعده.

تعمل الطائره بالكامل بـ 17248 خليه ضوئيه متراصه علي امتداد اجنحتها وذيلها وهيكلها الاساسي، وعلي الخليه استجماع ما يكفي من أشعة الشمس وتخزينها اثناء النهار لتعمل اثناء الليل.

اذا توجب علي بورشبيرج او بيكارد الهبوط الاضطراري، فعليه ان ياخذ معه مظله، وطَوْف الانقاذ وطعامًا وراديو.. ومن ثم تصدر اشاره من الطائره تطلب الانقاذ سواءً من خلال البحريه بشكل ودي او من خلال سفينه ماره اذا اسعده الحظ.

كانت اميليا ايرهارت جميله الوجه، وساظل اذكرها كلما طِرتُ طيله حياتي.

وترتبط مثل هذه التجهيزات – بالنسبه لبيكارد – بموروث عائلي من المغامره؛ ففي عام 1960 ركب جاك والد بيرتراند بيكارد غواصه اعماق ونزل الي اكثر المناطق عمقًا في المحيط الهادي. وفي عام 1931، طاف جده اغسطس في طبقه الستراتوسفير (احدي طبقات الجو العليا) علي متن منطاد مُجهز بكبسوله ركاب مُكيفه الضغط.

كان بيرتراند بيكارد مع زميله الطيار بريان جونز اول من طاف حول الكره الارضيه لاول مره علي متن منطاد من دون توقف عام 1999، وقد اوحت اليه هذه الجوله بفكره تصميم طائره تعمل بالطاقه الشمسيه ولا تتوقف عن الطيران ابدًا.

كان اغسطس من بين معارف اميليا ايرهارت، ويذكر بيرتراند بيكارد ان لديه صوره فوتوغرافيه قديمه تجمعهما.

واضاف بيكارد قائلًا: “اكاد اغار من جدي عند رؤيه هذه الصوره؛ فقد كانت ايرهارت جميله الوجه، وساظل اذكرها كلما طِرت طيله حياتي”.

واوضح بورشبيرج قبل القيام برحله الطيران انه كان مشغوفًا لرؤيه كيف يتالف الجو مع التكنولوجيا مع صمود الانسان وصبره في الايام المقبله، وقد قضي اكثر من عقد من الزمان يفكر في هذه الرحله، وكان يحلم بها من دون ان يدع هذا الحلم يشكل هاجسًا له.

واضاف قائلًا: “فمن الاهميه بمكان ان تكون هادئًا مستكينًا بمعزلٍ عما يجلب التوتر، علي الا يهيمن الهدف علي تركيزك، فانا مشغوف لما سياتي اكثر من كوني متوترًا. اعتقد اننا صنعنا طائره عظيمه”.

وخلال الايام المقبله سيصبح هذا الاعتقاد حقيقه من خلال الطيران فوق اكبر محيط في الكره الارضيه بطائره تعمل بالطاقه الشمسيه، وهو يعلم انه عند نقطه معينه ستتحقق افكاره وسوف تلمس عجلات الطائرة اليابسه عند هبوطها في امن وسلام بعد انتهاء الرحله.. وقال ان من شانه ان يحاول الا تتعدد امنياته اكثر مما ينبغي.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل