المحتوى الرئيسى

الصورة الأخيرة (3-3)

10/02 21:12

من دون شك، فان الصوره الاخيره للمفكر الكبير الدكتور عبدالوهاب المسيري، عززت الصوره الذهنيه الايجابيه عنه، التي قامت علي اكتاف كتبه العديده، وفي مطلعها موسوعته الخالده «اليهود واليهوديه والصهيونيه». فـ«المسيري» كمفكر كان محل اعجاب شديد، لكنه اثر في نهايه حياته ان ينزل الي الشارع، ويهجر غرفه مكتبه التي شهدت ميلاد الافكار واعداد الابحاث المطوله، ليشارك المصريين احتجاجهم علي اداء السلطه، ومطالبتهم بالاصلاح. وبنزوله هذا حقق «المسيري» نظريه «المثقف العضوي» التي وضعها المفكر الايطالي أنطونيو جرامشي، التي تنتصر للمثقفين الذين لا يكتفون بانتاج الافكار، بل ينخرطون مع الجماعه في سبيل نقل هذه الافكار من بطون الكتب الي رحاب الواقع.

وقرار «المسيري» المشاركه في الاحتجاج من خلال قبوله قياده حركه «كفايه» لمده عام تقريباً هو الذي ادي الي ظهور الصوره الاخيره في حياته، وكانت مؤثره في نفوس وعقول كثيرين. فقد بدا الرجل الذي هده مرض عضال وهو يكاد يسقط علي وجهه، بينما كانت مجموعه من رجال الشرطه ترتدي الزي المدني يدفعونه الي الامام، وانصاره ومحبوه يدفعون ايدي الشرطه عنه، ويحمونه بايديهم في الوقت نفسه.

كان «المسيري» مقوس الظهر، و«بذلته» متهدله، ونظارته متدليه عن مكانها قليلاً، وشعره مهوشاً، وملامحه يكسوها الاسي، لكنه بدا عازماً علي التمسك بموقعه داخل المظاهره المحدوده. وتوالت الصور، التي تم التعبير عنها كلامياً، لكن احداً لم يرها، ومن بينها خطفه وزوجته والقاؤهما في عمق الصحراء، عقب مظاهره شاركا فيها، لكن الكلام اكد الصوره الاخيره، التي رافقت خبر وفاه «المسيري»، واسهمت في انتشاره علي نطاق واسع، وفي اطلاق تعقيبات غزيره عليه، تؤبن الرجل، وتعدد ماثره في الفكر والنضال السياسي معاً.

وكانت الصوره الاخيره للرئيس المصري انور السادات حافله بالعبر، حيث ظهر وهو ملقي بين مقاعد «المنصه» الرئيسيه والدم يسيل من راسه، ويلطخ النياشين التي تكلل صدره. فهذه الصوره بقدر ما تبين نهايه غطرسه السلطه، فانها توضّح بجلاء غدر الجماعات المتطرّفه التي اقترب منها «السادات» وعزّز وجودها. وهناك صوره الديكتاتور الروماني نيقولاي شاوشيسكو وهو ملقي علي الارض بعد اعدامه رمياً بالرصاص، التي لخصت نهايه كل مستبد ظالم يستعبد شعبه ويستهين به.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل