المحتوى الرئيسى

محللون فلسطينيون: مياه البحر المصرية لتدمير الأنفاق تخنق قطاع غزة

10/02 15:44

يري محللون ومسؤولون فلسطينيون، ان ضخ الجيش المصري، كميات كبيره من مياه البحر، علي طول الحدود مع قطاع غزة، في محاوله لتدمير انفاق التهريب في تلك المنطقه، بمثابه اجراء سينعكس سلباً علي سكان القطاع المحاصر منذ عام 2007.

ووفقا لوكاله ” الاناضول”، كان مواطنون وملاك انفاق، تحدثوا في الـ11 من الشهر الماضي، عن قيام الجيش المصري، بضخ مياه البحر عبر انابيب عملاقه مدّها في وقت سابق علي طول الحدود بين الطرفين، في محاوله لتدمير الانفاق، عبر اغراقها، وهو ما لم تؤكده او تنفيه القاهره بشكل رسمي.

غير ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال مؤخراً، وفق بيان رئاسي، ان الاجراءات الامنيه التي اتخذتها بلاده علي الحدود مع قطاع غزه، لا تهدف الي الاضرار بالفلسطينيين، وتتم بالتنسيق مع السلطه الفلسطينيه، دون ان يتطرق الي ماهيه تلك الاجراءات، او مساله مياه البحر.

ويري عبد الستار قاسم، استاذ العلوم السياسيه في جامعه بيرزيت، برام الله، وسط الضفه الغربيه، انّه من الصعب الجزم بان يؤدي اجراء الجيش المصري الاخير الي انهاء ظاهره الانفاق بشكل كامل.

وفي حديث مع الاناضول قال قاسم: “واضح ان هذا الاجراء موجه ضد حركه حماس، والعمل علي خنق قطاع غزه، من خلال اجراءات تعمق الحصار المفروض عليه للعام الثامن علي التوالي”.

واضاف: “هذا الاجراء قد يؤثر بالسلب علي العلاقه بين حماس ومصر، بعد ان شهدت في الاونه الاخيره نوعاً من التحسن” (يصرح بهذا التحسن قاده من حماس، دون ان تؤكده او تنفيه السطات المصريه).

وتابع:” الضغط تجاه حركه حماس يزداد مؤخراً، من عده اطراف، ومن الواضح ان الحركه تدرك جيدا انها امام مازق سياسي، وانساني، باعتبار انها من يتولي مقاليد الحكم في قطاع غزه، وهناك خشيه ان يكون ما يجري مقدمه لتضييق الخناق عليها”.

لكنه استدرك قائلاً: “للاسف هذا التضييق لا يستهدف حماس، انه يمس حياه سكان غزه، ويزيد من عزلتهم، القطاع تحول فعلياً الي اكبر سجن مفتوح في العالم”.

ويقول مواطنون، وملاك انفاق للاناضول، انّ ضخ مياه البحر، ادي الي غمر عدد كبير من الانفاق، وحدوث انهيارات جزئيه في عدد منها.

حركه حماس من جانبها، قالت في بيان رسمي لها، انها اجرت اتصالات رسميه مع السلطات المصريه، لوقف ضخ  كميات من مياه البحر، اسفل الحدود، ووقف ما وصفته بـ”الاجراءات المرفوضه”.

ومنذ عزل محمد مرسي، اول رئيس مدني منتخب، في يوليو/ تموز 2013، وما اعقب ذلك من هجمات استهدفت مقارًا امنيه في شبه جزيره سيناء المتاخمه للحدود مع قطاع غزه، شددت السلطات المصريه من اجراءاتها الامنيه علي حدودها البريه والبحريه مع القطاع، حيث طالت تلك الاجراءات، حركه الانفاق.

واعلن المتحدث باسم الجيش المصري، العميد محمد سمير، في حوار مع صحيفه الاهرام المصريه (شبه رسميه)، بتاريخ 25 مايو/ ايار الماضي، ان الجيش دمر 521 فتحه نفق علي الشريط الحدودي (مع غزه)، خلال 6 اشهر.

وقال ان ”الهيئه الهندسيه (احدي اجهزه الجيش) تعمل علي وضع حل هندسي سيكون من شانه القضاء نهائياً علي ظاهره الانفاق”.

ومنذ اكتوبر/ تشرين اول الماضي، تعمل السلطات المصريه علي انشاء منطقه خاليه من الانفاق في الشريط الحدودي مع القطاع، وتحديداً في مدينه رفح المصريه، تبلغ مساحتها 2 كيلومتر مربع، من اجل “مكافحه الارهاب”.

ويقول احد ملاك الانفاق، للاناضول، مفضلاً عدم ذكر اسمه، انّ ضخ المياه اسفل الحدود، سيؤثر علي الانفاق المخصصه لنقل البضائع والمواد الغذائيه.

واضاف: “هناك انفاق مخصصه لنقل السلاح الي فصائل المقاومه في غزه، قد تتاثر، ولكن بشكل عام، هذا الاجراء لن يقضي علي ظاهره حفر الممرات تحت الارض”.

وفي 22 سبتمبر/ايلول الماضي، قالت منظمه” هيومن رايتس ووتش”، ان قطاع غزه لا يُدخِل سلاحاً الي مصر.

وبحسب التقرير، فقد برات المنظمه الدوليه، قطاع غزه، من اتهامات تحملها قضايا مصريه، وتقارير محليه نشرت علي مدار السنتين الماضيتين، من انها تغذي المتشددين بالسلاح عبر الانفاق لمواجهه السلطات المصريه.

و”بامكان فصائل المقاومه ان تبحث عن وسائل اخري غير الارض لتهريب السلاح”، كما يقول مصطفي ابراهيم، الكاتب السياسي في عدد من الصحف الفلسطينيه.

واضاف ابراهيم في حديث مع الاناضول: “قد تلجا المقاومه الي اساليب غير الانفاق، ولا يمكن الجزم بان هذه الخطوه ستؤثر علي كيفيه بحث الفلسطينيين عن منافذ لجلب السلاح لمواجهه اسرائيل، هذه الخطوه سياسيه بالدرجه الاولي تستهدف حركه حماس، ومحاوله تضييق الخناق عليها اكثر”.

ويري الكاتب السياسي انه علي حماس تبني خطاب يكون عنوانه “ازمه غزه” الانسانيه في ظل الحصار الاسرائيلي الخانق المشدد علي القطاع.

واستطرد: “علي الحركه ان توضح انها ليست ضد تامين مصر لحدودها، وان الانفاق وسيله ابتكرها الفلسطينيون للتخفيف من معاناتهم، وان ما يجري هو نوع من تشديد الحصار، وخنق القطاع، وتدميره بيئياً واقتصادياً، مطلوب خطاب فلسطيني انساني بعيداً عن السياسه “.

والانفاق هي عباره عن ممرات حفرها الفلسطينيون تحت الارض علي طول الحدود بين غزه ومصر، في محاوله لادخال “مواد” تمنع اسرائيل ادخالها للقطاع.

ونشطت تلك الظاهره مع اندلاع “انتفاضه الاقصي” قبل 15 عاماً، حيث استخدمتها فصائل المقاومة الفلسطينية لتهريب الاسلحه والذخائر.

ومع اشتداد وطاه الحصار الذي فرضته اسرائيل منتصف يونيو /حزيران 2007 علي قطاع غزه وازدياد وتيرته، اتجه الفلسطينيون للانفاق لسد رمق احتياجاتهم، وتهريب الادويه والاغذيه، والوقود.

وفي البدايه كانت الانفاق تعمل في نقل بضائع خفيفه مثل السجائر، والاطعمه المحفوظه، ثم تطور الامر لنقل الدقيق، والسكر، وغيرها من المواد الغذائيه الاساسيه.

وشيئاً فشيئا بدات الانفاق تورد لقطاع غزه كافه المنتجات والسلع التموينيه، لتمتد لتخصيص انفاق لنقل مواد البناء، والماشيه، وتهريب قطع الغيار الدقيقه للالكترونيات، واحدث اجهزه الاتصالات الحديثه، والمركبات والاليات بمختلف اشكالها وانواعها.

ولم يعد الفلسطينيون يعتمدون علي الادوات البدائيه والبسيطه لحفر الانفاق، بل لجاوا الي التقنيات الحديثه، والمعدات الاليه، ليصبح احتمال انهيار النفق بسيطاً، وعمره اطول، وسرعه انجازه، بحيث لا يتجاوز الثلاثه اشهر.

ويوجد لحفر النفق، مصممون يرسمون الخرائط، وحفارون متخصصون، ومهندسون يشرفون علي عمليات الحفر، ويقومون باصلاح ما يتم هدمه من انفاق وتطويرها بزياده عدد فتحاتها.

ولم يقتصر التهريب علي البضائع، فمع اغلاق معبر رفح، المنفذ الوحيد بين قطاع غزه والعالم الخارجي، اصبحت تستخدم الانفاق لتهريب الفلسطينيين من خارج فلسطين والمغتربين الذين يودون العوده.

ولم يفلح الجدار الفولاذي، او الجدار المصري العازل الذي تم تشييده في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك، وبدا تنفيذه في عام 2009 من انهاء ظاهره الانفاق.

وتم بناء الجدار تحت الارض من الحديد الفولاذي علي طول الحدود، ويمتد لـ11 كيلومترًا، وبعمق نحو 20 متراً تحت الارض.

غير ان حفاري الانفاق تمكنوا من اختراقه باستخدام الات حراريه فائقه القوه، لاحداث ثقوب في الجدار الفولاذي.

وبعد ثوره 25 يناير 2011 التي اطاحت بنظام مبارك، تم ايقاف العمل في بناء هذا الجدار، وشهدت الانفاق بعد الثوره ازدهاراً كبيراً.

من جهته، قال طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفه الايام الفلسطينيه الصادره من الضفه الغربيه، للاناضول، ان اجراء الجيش المصري الاخير، يستهدف خنق غزه.

واردف قائلاً: “من حق مصر ان تؤمّن حدودها بالكيفيه التي تريد، وتتخذ الاجراءات اللازمه، لكن دون اتخاذ اجراءات عقابيه بحق السكان المحاصرين، وهنا مطلوب من كافه الاطراف الفلسطينيه ان تسعي لايجاد حل توافقي مع القاهره، لحل هذه الازمه، وان تفصل مصر والسلطه بين مواقفهما تجاه حماس، وبين ما تعيشه غزه من ازمه انسانيه خانقه”.

وفي تاريخ 27 سبتمبر/ايلول الماضي اتهمت حماس، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بقيادته لما وصفتها بـ”المؤامره الحقيقيه” لخنق قطاع غزه، عبر التنسيق مع مصر بشان اجراءاتها  الامنيه علي الحدود الفلسطينيه المصريه.

واعتبرت الحركه، التصريحات المصريه حول التنسيق مع السلطه بشان اغراق الانفاق اسفل الحدود المصريه الفلسطينيه، بمياه البحر، دليلاً قاطعاً علي ما اسمته بـ”المؤامره التي يقودها عباس لخنق غزه”.

وفي هذا الصدد، اشار عوكل الي ان “شكوكاً بدات تتسرب الي نفوس سكان القطاع، من ان اطرافاً كثيره تحاصرهم”، مستدركا بالقول:”باتوا يفتقرون الي متطلبات حياه تتوفر فيها الحدود الدنيا من اسباب الحياه”.

واستبعد عوكل ان تؤدي الاجراءات المصريه الاخيره الي الغاء ظاهره الانفاق، غير انه لفت الي انه قد “يتم تعطيلها مؤقتاً، مع استمرار ضخ المياه، لكن مع استمرار الحصار الاسرائيلي واغلاق الانفاق سيبقي الفلسطينيون يبحثون عن منافذ للحياه”.

وقال التقرير السنوي الصادر عن منظمه مؤتمر الامم المتحده للتجاره والتنميه “الاونكتاد”، الشهر الماضي، ان غزه قد تصبح منطقه غير صالحه للسكن قبل عام 2020، خاصه مع تواصل الاوضاع والتطورات الاقتصاديه الحاليه في التراجع.

وبحسب تقرير صادر عن البنك الدولي، في مايو/ايار الماضي، فان اقتصاد غزه يصنف ضمن اسوا الحالات في العالم، اذ سجل اعلي معدل بطاله في العالم بنسبه 43% ترتفع لما يقرب من 70% بين الفئه العمريه من 20 الي 24 عاماً.

وتغلق السلطات المصريه، معبر رفح، علي الحدود مع قطاع غزه، بشكل شبه كامل، منذ تموز/يوليو 2013، وتفتحه فقط لسفر الحالات الانسانيه.

وتقول الجهات الرسميه المصريه، ان فتح المعبر مرهون باستتباب الوضع الامني في محافظه شمال سيناء، وذلك عقب هجمات تستهدف مقرات امنيه وعسكريه مصريه قريبه من الحدود.

ويمتد ضخ المياه لاغلاق الانفاق، الي ترك اثار سلبيه علي الاراضي الزراعيه، والمياه الجوفية، كما يقول صبحي رضوان، رئيس بلديه مدينه رفح.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل