المحتوى الرئيسى

هل الماء هو الذهب السائل حقاً؟ - BBC Arabic

10/02 02:28

قد تكون الاستفاده من اثمن موارد الارض هي احد اكبر الموضوعات المهمه في المستقبل القريب، واليكم الاسباب.

اذا سالتَ الخبير الاقتصادي "اوين فاهي" عن اثمن موارد كرتنا الارضيه، فلن يتردد في الاجابه بالقول: "هذا امر واضح تماما. انه الماء الذي يعد اهم ماده اساسيه في هذا العالم".

غالباً ما يُدهش هذا الرد بعض الناس، كما يقول، وخاصه عندما يركز مستثمرون كثيرون جلّ اهتمامهم علي اسعار النفط التي تتهاوي حاليا.

فقد وصلت الاسعار مؤخراً الي مستوي 45 دولاراً امريكياً للبرميل الواحد، ويعني هذا انخفاضاً بنسبه 57 في المئه عما كان عليه سعر البرميل في يونيو/حزيران عام 2014، وهو 107 دولار امريكي.

علاوه علي ذلك، غالباً ما يفترض الذين يعيشون في البلدان المتطوره توفر الماء النظيف باعتباره امراً مفروغاً منه ـ كل ما يتطلبه الامر هو ان تدير الصنبور وستجده يتدفق. لكنه سلعه محدوده، وتختفي ببطء.

ويعمل "فاهي" كمخطط لاستراتيجيات الاستثمار، وهو كبير الاقتصاديين لدي شركه "كلاينتورت بينسون اينفستورز"، وهي شركه استثمارات مقرها دبلن. وقد جعل "فاهي" من دراسه المياه، والاستثمار فيها ايضا، مهنه له.

بطريقه او باخري، يُعتبر الماء قطاعاً مثالياً للاستثمار، وذلك بخلاف النفط، اذ لا يمكن اعاده انتاج الماء، والجميع يحتاج اليه لكي يظل علي قيد الحياه، حسب تعبير "فاهي". وفي الجانب الاخر، تُعتبر الطاقه الشمسيه وطاقه الرياح من المصادر البديله المتناميه.

يقول "فاهي": "ان مصادر تمويلنا بالماء ثابته، ولا نستطيع صنع المزيد منها. تستطيع العيش بدون النفط والوقود الحفري، ولكنك لن تستطيع العيش بدون الماء. هذا هو احد اسباب قضيه الاستثمار ـ الاهميه المحضه لهذه الماده".

في الوقت الذي نجد فيه نمو هذه السلعه، جني بعض الاسهم في مجال الاستثمار في المياه عوائد فاقت 100 في المئه. من المرجح ان الفُرص ـ والعوائد ايضاـ ستزداد كلما نضج هذا القطاع، حسبما يقول "فاهي".

ليست المشكله في وجود ماء قليل علي سطح كرتنا الارضيه، بل هي في عدم وجود ما يكفي من الماء العذب النظيف ليُستعمل مرات ومرات.

ووفقا لـ "وكاله حمايه البيئه الامريكيه"، فان واحداً في المئه فقط هي النسبه القابله للاستهلاك البشري. ولا يزال بناء محطات تحليه المياه - التي تحول الماء المالح (اي 97 في المئه من الماء في العالم) الي ماء عذب- باهظ التكاليف.

هناك عوامل عديده ادت الي انخفاض مصادر المياه النظيفه بشكل كبير. من بين هذه العوامل، التلوث، والزياده السكانيه، وزياده الطلب علي المياه ـ لاستعمالها في جميع الامور، مثل الزراعه، وانتاج الطاقه، والرعايه الصحيه، والصناعه.

وفي وقت يستمر فيه الجفاف في كاليفورنيا كاحد الامور الملحه للولايات المتحده الامريكيه، نجد ان الصين تعاني من مشاكل اكبر في توفير المياه، كما يقول دين دراي، المدير العام لشركه "ار بي سي كابيتال ماركتس"، والاستشاري في قضايا المياه لدي الامم المتحده.

ويضيف دراي: "بدون جدال، انها المشكله الاسوء هناك". وتواجه الصين زياده سكانيه سريعه في المدن، وبحسب تقديرات الامم المتحده، سينتقل للعيش في المدن وما يجاورها قرابه 292 مليون انسان بين اعوام 2014 و 2050. سيشكل ذلك ضغطاً علي البنيه التحتيه الحاليه لمصادر المياه في تلك المناطق، حسب قول دراي.

اضف الي ذلك، تعد مصادر المياه في الصين في معظمها من الانهار والبحيرات التي يعاني نصفها تقريباً من التلوث، حسبما يري دراي.

كما ان اكثر المياه المستعمله في الصين تقع في الجنوب، بينما يعيش اغلب سكانها في الشمال. ولاصلاح مشاكل بنيتها التحتيه، ستحتاج الصين الي انفاق التريليونات، حسب تقرير "ماكينزي اند كومباني" في عام 2013.

هناك دول اخري تعاني من ذات المشكله، مثل الهند، واستراليا، واسرائيل، والاردن، والامارات العربيه المتحده، واجزاء من افريقيا. انها تعالج ايضاً نقص المياه لديها. ومع الزياده السكانيه العالميه، فحتي دول غنيه بالمياه، مثل كندا، وروسيا، والبرازيل، ستواجه مشاكل حسب قول دراي.

لتفادي حصول صراعات، سيتوجب علي الحكومات في نهايه المطاف معالجه ذلك النقص. هنا ياتي دور الفرص الاستثماريه. ان اسهل وسيله لجني الارباح لاستغلال هذه المشكله هو شراء اسهم شركات معنيه بتحسين نوعيه المياه، حسبما يقول "فاهي".

ربما تكون هذه شركات انشاءات تقوم بتشييد محطات تحليه المياه او اعمال البنيه التحتيه لاقامه السدود، ومراكز معالجه المياه في البلدان الناميه، او شركات التقنيه التي تحاول ايجاد سبل لجعل الماء انظف.

حسب راي "دراي"، علي كل من يريد ان يعرف المزيد عن المال والاعمال في هذا القطاع ان يقرا تقرير "معلومات المياه في العالم"، وهي نشره تجاريه تغطي هذا القطاع.

ومع انه استثمار بعيد الاجل ـ حيث لا تزال المساله في طور التكوين ـ فبامكان اي مستمثر ان يحصل علي عوائد معقوله في وقتنا هذا. يقوم "مؤشر اس اند بي للمياه العالميه" بمتابعه 50 شركه من مختلف بقاع العالم معنيه باوجه تجاريه او صناعيه ذات علاقه بالمياه.

ولهذا المؤشر عوائد سنويه، والتي تصل علي مدي ثلاث سنوات الي 7 في المئه، وعلي مدي خمس سنوات الي 8.1 في المئه. ومع ان هذه النسب هي اقل من العوائد السنويه لاكبر 500 شركه تتابعها "اس اند بي"، وهي 12 في المئه، الا انها تُعتبر عوائد مُجزيه بالنسبه لمن يريد المراهنه علي المدي الطويل علي المياه، حسبما يقول داري.

وتعد شركه "امريكان ووتر ووركس" من ضمن اقوي الشركات ذات الاسهم الفرديه التي يدرسها "فاهي"، وهي شركه قابضه في مجال خدمات تصريف المياه. وهناك ايضا شركه "داناهر كوربوريشن"، وهي شركه عالميه للعلوم والتكنولوجيا.

وقد ارتفعت اسهم الشركتين الي اكثر من 121 في المئه خلال السنوات الخمس الاخيره. وتدار الشركتان بشكل جيد، كما يقول فاهي، وذلك هو السبب الرئيسي الذي يزيد من عوائدها.

من المهم التذكير بانه في الوقت الذي حصلت فيه شركات عامله في مجال المياه علي عوائد ضخمه، فقد واجهت غيرها خسائر كبيره. ان مجرد تحقيق هاتين الشركتين للنجاح لا يعني انهما سيمضيان قُدُماً في تفوقهما.

احدي المعضلات البارزه في هذا المجال الاستثماري هي ان اغلب هذه الشركات تعمل اساساً في قطاعات اخري. اذ تشكل الاعمال المتعلقه بالمياه نسبه 12 في المئه فقط من النشاطات التجاريه لشركه "داناهر".

اما "جنرال الكتريك"، التي تقع ضمن قائمه "داري" من الشركات التي يتابع اسهمها، فان جزءا صغيراً من نشاطاتها فقط يتعلق بالمياه. ومع الدلاله التي تظهر في ادراك الشركات الكبيره للفرص الموجوده في قطاع المياه، الا انه لا يزال من الصعب علي المهتمين ان يستثمروا بتركيزهم علي المياه فقط.

الوسيله الاخري للاستثمار في المياه هي امتلاكها بشكل مطلق. في استراليا، باستطاعه المستثمرين شراء حصص في حقوق امتلاك المياه ـ مع حريه الوصول الي نسبه محدده من مياه بحيره او نهر ما.

يمكن لصاحب الحصص ان يبيع حقوق التملك الي شخص اخر، او ان يدع شركه اخري ـ شركات زراعيه علي سبيل المثال لا الحصرـ لاستعمال الماء الذي يمتلكونه مقابل رسوم معينه.

يقول "يوان فرايدي"، المدير العام للمياه في شركه "كيلتر رورال"، للاستثمارات في فيكتوريا باستراليا ان سوق المياه بدات في اوائل تسعينيات القرن الماضي عندما استُعملت مياه "حوض موراي دارلينغ"، في جنوب شرقي استراليا، بشكل مفرط.

تمتلك شركه "فرايدي" ما يقرب من واحد في المئه من المياه الموجوده في هذا الحوض. يمكن للمستثمرين ان يشتروا حصصاً بمبلغ 20 الف دولار استرالي (14,155 دولار امريكي) ويستفيدوا من رسوم "الاستئجار" المدفوعه بغرض استخدام حقوق التملك هذه.

ويحصل المستثمرون في تلك الشركه علي نسبه تترواح بين اربعه وسبعه في المئه كعوائد سنويه، حسبما يقول فرايدي.

ولحقوق التملك نفسها نسبه عوائد سنويه مركبه تقرب من 10 في المئه ـ وهي نسبه مماثله لسوق الاسهم، غير ان الاستثمارات المباشره في المياه تميل الي عدم الارتباط بالاسهم، كما يفسر فرايدي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل