لماذا لا يصلح رجال الأعمال لإدارة اقتصاد الدول؟ - ساسة بوست

منذ 1 دقيقه، 30 سبتمبر,2015

يظل رجال الأعمال احد الفاعلين في السلطه  بشكل غير مباشر عبر عمليه استثماراتهم التي تنعكس علي اقتصاد الدوله، لكن هذه الفاعليه قد تصل الي التاثير بشكل مباشر عبر احتلالهم مواقع التنفيذ للسياسات الاقتصاديه للدوله علي خلفيه نجاحهم في اداره استثمارتهم، وهي المساله التي تجد خلافًا واسعًا عن علماء الاقتصاد.

خلال السطور التاليه، تشرح “ساسه بوست” كيف تختلف طريقه التفكير المطلوبه في التحليل الاقتصادي  بشكل كبير عن الطريقه المطلوبه في تحقيق نجاح الاعمال، وما هي مقومات نجاح المُستثمر في مجال اعماله، وكذلك المقومات التي تقوم عليها سياسات اقتصاديه ناجحه للدول.

تختلف طريقه التفكير المطلوبه في التحليل الاقتصادي ورسم السياسات الاقتصاديه للدوله، عن الطريقه التي يتبعها رجل الاعمال في إدارة أعماله، فطبيعه العقول التي تصنع رجل أعمال ناجح، لاتصنع محللًا اقتصاديًّا ناجحًا، وكذلك تظهر التجارب والخبرات السابقه في اكثر من دوله ان النظريه القائمه علي ان رجل الاعمال الذي يصنع مليار دولار، نادرًا مايكون الشخص المُناسب لاداره اقتصاد حجمه سته تريليون دولار، فمساله ان من يستطيع تكوين ثروه خاصه، تتوفر لديه القدرات علي جعل امه اكثر ازدهارًا هي مساله غير صحيحه، اذ تشير الي ان نصائحهم تكون كارثيه ومُضلله الي حد كبير.

من وجهه نظر، بول كروجمان، الكاتب والمُفكر الاقتصادي، الحائز علي جائزه نوبل في الاقتصاد لعام 2008 ان هذا الاستنتاج لايتعلق بفكره ان رجال الاعمال اغبياء او ان الاقتصاديين اكثر ذكاء، بل من وجهه نظره ان طريقه التفكير المطلوبه في التحليل الاقتصادي تختلف بشكل كبير عن الطريقه التي تحقق النجاح في مجال الاعمال”.

كيف يختلف تفكير رجل الاعمال عن راسم سياسات الدوله الاقتصاديه؟

يوضح المثالان التاليان الاختلاف في التمايز في طريقه التفكير بين رجال الاعمال وراسمي السياسات الاقتصاديه للدول لفهم هذا الامر واستيعابه:

يري رجال الاعمال ان التوسع في التجاره العالميه له اثر ايجابي علي مستوي التشغيل وزياده فرص العمل، وانه كلما زاد حجم صادرات الدوله الي الخارج زادت فرص العمل، اي ان الفكره الرئيسيه التي تتبلور وراء ذلك هو ان حريه التجاره كفيله بتوفير نسبه مرتفعه من الوظائف الناتجه عنها.

من وجهه نظر الاقتصاديين، ان هذا الافتراض “غير مقبول”، فمن وجهه نظرهم ان زياده حريه التجاره تعني المزيد من الصادرات وبالتالي المزيد من الوظائف المتعلقه بالتصدير، لكن المُشكله الرئيسيه تظهر في انها تتجاهل ان صادارات دوله ما ليست الا واردات دوله اخري، وان كُل دولار من عائدات التصدير هو بالضروره نفس الدولار الذي تحول عن المنتجات المحليه لدوله اخري لصالح وارداتها.

كذلك فمن وجهه نظر الاقتصاديين الامرييكين، فان القيود علي مستوي التشغيل في الولايات المُتحده لا تكمن فقط في قدره الاقتصاد الامريكي علي خلق الطلب سواء عن طريق الصادرات او من اي مصدر اخر، لكنها تكمن في مستوي البطاله الذي يري الاحتياطي الفيدرالي انه ضروري للسيطره علي التضخم.

الاستثمار عند رجل الاعمال والاقتصادي

يؤمن رجل الاعمال ان ضخ مليارات الدولارات للاستثمار (كبناء مصانع مثلًا) في دوله لها موقع مميز، مُعتقدين بان ذلك سيؤدي الي ضخ مئات الملايين، ويتحقق الفائض التجاري، غير عابئين باحتماليه معاناه هذه الدوله من عجز هائل في ميزانها التجاري.

علي خلاف هذه الرؤيه القاصره لمفهوم “الاستثمار” لرجل الاعمال، يعتقد المسؤول عن تحديد السياسة الاقتصادية للدوله انه عندما تجذب الدوله الاستثمارات الاجنبيه مع تدفق رؤوس الاموال، يمتلك الاجانب اصولًا في الدوله اكثر مما يمتلكه مواطنو تلك الدول المقيمون في الخارج، وهي المساله التي تعني تجاوز واردات تلك الدوله صادراتها، وعجز تجاري.

يوضح هذا الامر ماحدث لدوله “المكسيك”، ففي بدايه الثمانينات لم تكن هناك استثمارات في المكسيك، وكان لديها فائض تجاري، وبعد عام 1989 بدات الاستثمارات الاجنبيه في التدفق وسط تفاؤل بمستقبل جديد للمكسيك، وتسببت هذه الاموال الناتجه في زياده في النشاط الاقتصادي، انعكست علي الواردات، وادت الي الارتفاع المُبالغ فيه في تقدير قيمه (البيزو) العمله الوطنيه للمكسيك، وتاثرت الصادرات سلبيًا، ودفع العديد من المُستهلكين لشراء المنتجات المستورده، وادي الي عجز هائل في الميزان التجاري.

كيف يمنع «مرض العظمه» رجل الاعمال من تقديم استشارات اقتصاديه؟

المبادئ العامه التي تجب اداره الاقتصاد علي اساسها مختلفه عن تلك المُستخدمه في إدارة الأعمال، فالمدير التنفيذي الذي يتعامل بسهوله مع الامور المحاسبيه في مجال الاعمال لايعرف بالضروره كيفيه قراءه حساب الدخل القومي، التي تقيس اشياء اخري، وكذلك اداره شؤون العاملين تختلف عن قوانين القوي العامله والرقابه الماليه علي الشركات تختلف عن السياسات النقديه.