المحتوى الرئيسى

دراسة حديثة تكشف «ثغرات الفوضى» فى قانون الإدارة المحلية

09/28 11:18

كشفت دراسه حديثه، اعدّها الدكتور ابراهيم ريحان، خبير المحليات والرئيس الاسبق لجهاز القريه بوزارة التنمية المحلية والاستاذ بجامعه عين شمس، ان الفساد المنتشر في الادارات المحليه، نتيجه تراكم اخطاء وثغرات وفساد في كثير من مواد في قانون الاداره المحليه 43 لسنه 1979، الذي عفا عليه الزمن، ويجب علي الفور تعديله. واضافت الدراسه ان قانون الاداره المحليه الحالي به العديد من الثغرات ادت الي استغلال الموظفين له، سواء من القيادات، او الموظف العادي في تقاضي الرشاوي، خاصه في ادارات المرافق والادارات الهندسيه والتراخيص والاسكان والنقل والمرور بالمحافظات.

«ريحان»: قيادات سابقه وضعت «مواد مطاطه» لتربح الملايين دون حساب.. وتحسين رواتب الموظفين يحد من الرشوه

ولفتت الدراسه الي ان بعض القيادات السابقه الفاسده تعمّدت وضع مواد مطاطه في القانون حتي تستطيع التحايل علي القانون واللوائح المعمول بها في المحليات، لارتكاب مخالفات جسيمه تتربّح من ورائها ملايين الجنيهات دون ان تتعرّض للمسئوليه والحساب. واشارت الي ان ضعف رواتب موظفي المحليات بصفه عامه وهذه الادارات بصفه خاصه اعطي مبررات واهيه لموظفيها والقيادات ايضاً بارتكاب المخالفات والوقوع في براثن الفساد وتقاضي الرشاوي.

واوضحت الدراسه ان الفساد المستشري في المحليات بجميع قطاعاتها ليس اكثر من الفساد المنتشر في قطاعات ووزارات اخري بالدوله، منها «الكهرباء والتموين والصحه والنقل والطرق والمرور»، لكنه ربما يكون اقل حده.

وقالت الدراسه ان الفساد علي مدار الثلاثين سنه الماضيه تحول الي منظومه وخلايا سرطانيه تحتاج وقتاً اطول واستراتيجيات حاسمه وحازمه لاستئصالها، مشيره الي ان الفساد له العديد من الانواع والمظاهر التي تنتشر في مؤسسات الاداره المحليه وبعضها اكثر شيوعاً من البعض الاخر، والبعض منها ما يكون سائداً بشكل اكبر من حكومات محليه معينه بخلاف القطاعات الاكبر من الحكومات، ويمكن ان تكون الحكومات المحليه اكثر عرضه للفساد بسبب التفاعلات بين الافراد والمسئولين التي تتم علي مستويات اعلي من الموده والالفه وبشكل اكثر تكراراً علي مستويات غير مركزيه بشكل اكبر، ويمكن ملاحظه اشكال الفساد المتعلقه بالاموال، مثل الرشوه والابتزاز واختلاس الاموال العامه في انظمه الحكومات المحليه، ومن بين الاشكال الاخري للفساد الحكومي المحسوبيه وانظمه المحاباه، وقد تمثل احد الامثله التاريخيه علي ذلك في مجموعه «بلاك هورس كافالاري»، وهي مجموعه من المشرّعين في ولايه نيويورك من المتهمين بابتزاز المؤسسات.

وتناولت الدراسه مفاهيم الرشوه والابتزاز والاختلاس وغيرها من الاساليب غير المشروعه، معرفه الرشوه بانها عرض شيء ما غالباً ما يكون في شكل اموال، لكن يمكن ان يكون في شكل سلع او خدمات اخري من اجل الحصول علي ميزات بشكل غير عادل، ومن الميزات الشائعه التي يمكن تحقيقها من خلال ذلك تغيير راي الشخص او تصرفاته او قراراته او تقليل مقدار الرسوم التي يتم جمعها او تسريع المنح الحكوميه او تغيير النتائج الخاصه بالعمليات القانونيه.

تطبيق اللامركزيه واعطاء المحافظين صلاحيات اكبر يعيدان الثقه في الحكم المحلي

ويُقصد بالابتزاز، حسب الدراسه، التهديد بالاضرار، او الاضرار الفعلي بالشخص او بسمعته او ممتلكاته من اجل الحصول علي الاموال او الاجراءات او الخدمات او غيرها من السلع من هذا الشخص بشكل غير مشروع. ويعد الابتزاز المالي من اشكال الابتزاز، بينما يُقصد بالاختلاس الاستيلاء او التخصيص غير القانوني للاموال او الممتلكات التي تم ايداعها في عهده شخص ما، الا انها تكون بالفعل مملوكه للغير. ومن الناحيه السياسيه، يطلق علي ذلك اسم اختلاس الاموال العامه، وهو ما يحدث عندما يستخدم مسئول سياسي الاموال العامه للاغراض الخاصه بشكل غير مشروع، ويُقصد بالمحسوبيه ممارسه او الميل الي محاباه مجموعه او شخص من الاقارب عند منح الترقيات والوظائف وزيادات الرواتب وغير ذلك من الامتيازات للموظفين، وغالباً ما يعتمد ذلك علي مفهوم التوجُّه العائلي، الذي يشير الي ان الشخص دائماً ما يحترم ويقدر العائله في كل المواقف، بما في ذلك تلك المتعلقه بالسياسه والاعمال، ويؤدي ذلك ببعض المسئولين السياسيين الي توفير الامتيازات والمناصب التي تنطوي علي سلطه الي الاقارب، اعتماداً علي العلاقات، وبغض النظر عن قدراتهم الفعليه.

وتضمنت الدراسه تعريف انظمه المحاباه، مؤكده انها تتكون من منح الامتيازات او التعاقدات او التعيين في المناصب من خلال مسئول محلي عام او مرشح لاحد المناصب السياسيه كرد جميل للدعم السياسي. وفي العديد من الحالات، يتم استخدام المحاباه للفوز بالدعم والاصوات في الانتخابات او اثناء تمرير التشريعات. وتتجاهل انظمه المحاباه القواعد الرسميه الخاصه بالحكومه المحليه وتستخدم القنوات الشخصيه بدلاً من القنوات الرسميه من اجل الحصول علي الامتيازات.

واكدت الدراسه ان هناك عوامل ديموغرافيه تؤدي الي الفساد في المحليات، منها ان تكون السمات الاجتماعيه الاقتصاديه، وعدد السكان الذي تتكون منه المنطقه المحليه عاملاً مشجعاً لمسئولي الحكومات المحليه، للمشاركه في ممارسات الفساد، ويمكن العثور علي انماط الفساد السياسي في الاماكن التي تحتوي علي التركيبه الديموغرافيه نفسها، وتتمثل العوامل الديموغرافيه التي اشتهرت بانها تؤدي الي، او تزيد، احتماليه الفساد في النظام الحكومي المحلي في الدين والعرق والطبقه وحجم المنطقه المحليه والظروف الاقتصاديه المحليه والتعليم والثقافه السياسيه والجنس. وتكون بعض العوامل مرتبطه ببعضها البعض، او يمكن ان تؤدي الي عوامل اخري قد يترتب عليها المزيد من الفساد.

واضافت الدراسه ان المحليات صغيره الحجم تميل الي تشجيع الفساد في الحكومات المحليه، حيث تتطلب المحليات الصغيره المزيد من المسئولين المحليين، لتمثيل الحكومه المحليه وتسيير شئونها. ومع تزايد المسئولين، من الصعب الاستمرار في المراقبه الشديده لكل منهم وتاسيس اداره جيده ومراقبه انشطتهم. كما يمكن ان تحتوي المحليات الصغيره كذلك علي سياسات غير كافيه، بالاضافه الي عدم كفاءه اجراءات مقاضاه المسئولين المحليين من الفسده. ويشجع ذلك وقوع الفساد في الحكومه المحليه، لانه توجد احتماليه اضعف باكتشاف الجرم او المعاقبه، وبالتالي، يمكن ان يتحول المزيد من المسئولين الرسميين الي عدم النزاهه او علي الاقل يمكن ان يتم اغراؤهم علي ذلك.

واشارت الدراسه الي انه تمت ملاحظه ان بطء التطوير الاقتصادي واحد من بين العوامل المشجّعه علي الفساد السياسي داخل المحليات، وتعد الممارسات الاقتصاديه مثل الاعتماد علي الصناعات القائمه علي المواد الخام وتجاره المخدرات من السمات المميزه للمدن والمناطق الفقيره، مما يؤدي الي زياده مستويات الفساد، كما يؤدي الاعتماد الاقتصادي علي بعض الصناعات كذلك الي ضعف استقرار الحكومات وقله مقدار الاموال المتاحه لتمويل تلك الحكومات. وتؤدي الاقتصادات الهشه الي زياده مستويات الفقر وقله فرص الهروب من براثنه. ويعد الفقر من العوامل الشهيره التي تشجع علي الفساد في الحكومات المحليه. وفي بعض الاحيان، تحصل الاماكن التي ينهار فيها الاقتصاد، والتي ينتشر فيها الفقر، علي القروض، او تبدا في تطبيق برامج الاعانه لدعم الاقتصاد المحلي والشعب، ويمتلك المسئولون الحكوميون في الغالب القدره علي اخذ الاموال او البضائع من اجل تحقيق مكاسب بشكل غير مشروع. ومع قله الاموال المتاحه، تتزايد فرصه حصول المسئولين المحليين علي رواتب اقل، وهو ما يعد بمثابه عامل اخر يمكن ان يدفع الي الفساد. ويتجه العديد من المسئولين الذين يحصلون علي اجور ضعيفه لا تكفي للوفاء بمتطلباتهم الضروريه في الكثير من الاحوال، الي الفساد وتجربه امور مثل اختلاس الاموال التي تكون في عهدتهم في الخزانه العامه المحليه. ويمكن ان تسبب الاجور الضعيفه حاله من عدم الامان الاقتصادي، وقد تشجع السياسيين علي الاستفاده من الفرص الحاليه، كونهم يشغلون مناصب عامه ذات سلطات. وعلي النقيض، يقول بعض الباحثين انه كلما زاد مقدار الاموال الذي تنفقه الحكومه المحليه، زادت احتماليه انفاق تلك الاموال بشكل غير فعّال، وهو ما يمكن ان يؤدي الي شبهات فساد. وبشكل عام، فانه من المتصور ان تكون الحكومات المحليه في المحليات الافقر، اكثر فساداً من المحليات الغنيه.

واوضحت الدراسه انه يُنظر الي المستويات المنخفضه من التعليم التي غالباً ما تنجم عن الفقر، علي انها عامل يشجّع علي ممارسات الفساد الحكوميه في المحليات، ومع توافر مقادير اقل من التعليم، لا يكون لدي الشعب قدر كبير من المعلومات في ما يتعلق بكيفيه عمل الحكومه والحقوق التي يمتلكونها في ظل تلك الحكومه. ويكون من الاسهل علي شاغلي المناصب من الفاسدين اخفاء الانشطه الفاسده عن الشعب ضعيف التعليم. وتقل احتماليه ان يكون المواطنون من غير المتعلمين علي درايه بالفساد في الحكومات المحليه او كيفيه ايقافه، وبالتالي، يتمكن الفساد من البقاء والاستشراء. ودون نوع من انواع الوعي السياسي، لن يدرك المواطنون اي المرشحين يمكنهم اختياره، ومن منهم يتسم بالنزاهه ومن لا يتسم بالنزاهه، او الوسائل الاخري التي يمكن من خلالها منع الفساد من الظهور في الحكومات المحليه لديهم، وغالباً ما يؤدي ذلك الي ان تخضع المحليات دائماً لسيطره واحد او اكثر من المسئولين الفاسدين الذين يستخدمون ممارسات المحسوبيه او المحاباه من اجل البقاء في المنصب او من اجل استمراريه التاثير في الحكومه علي مدار فترات زمنيه طويله. وعندما يكون القاده السياسيون المحليون اقل تعليماً، تقل احتماليه عثورهم علي طرق مشروعه لجعل المنطقه المحليه جيده الهيكله واكثر انتاجيه واكثر نجاحاً.

واضافت انه لدي العديد من الحكومات المحليه تكون هناك ثقافه سياسيه راسخه مع بعض التوقعات والممارسات المحدده التي غالباً ما تحدد ما يمكن اعتبار انه امر مقبول او غير مقبول في اطار السياسات المحليه، وفي المناطق المحليه التي تحتوي علي ثقافه سياسيه غير مطوره، او التي تكون في سبيلها لتطوير تلك السياسات، غالباً ما تكون المحاسبه والشرعيه في مستويات منخفضه، ولا تكون مبادئ الاخلاقيات في الحكومه راسخه. ويمكن ان يشجع ذلك علي وقوع الفساد في الحكومه المحليه، لان المواطنين لا يعرفون ما يمكن ان يتم اعتباره فساداً، ولا يخشي المسئولون الحكوميون من ان يصبحوا فَسَده بسبب ضعف مستويات المحاسبه، وفي بعض الاماكن، تكون الحكومات المحليه فاسده لفتره طويله للغايه، لدرجه ان المواطنين يعتقدون ان تلك الطريقه هي التي يجب التعامل بها، لان ذلك هو كل ما تعرفوا عليه.

مفاجاه: الفساد في المحليات اقل حده من قطاعات اخري مثل «الكهرباء والتموين والصحه والنقل والمرور»

كما تؤدي فترات عدم الاستقرار السياسي كذلك الي الفساد في الحكومات، لان الشعب لا يكون علي درايه بالكيفيه التي يجب ان تعمل بها الحكومه، وبالتالي، لا يعرفون الممارسات التي تكون فاسده او كيفيه ايقافها اذا كانت فاسده فعلاً. واوصت الدراسه بضروره تطبيق نظام اللامركزيه الذي يعطي صلاحيات اكبر للمحافظين والقيادات المحليه دون الرجوع الي وزير التنمية المحلية مباشره او مجلس الوزراء، وهو ما يساعد في القضاء علي الروتين والبيروقراطيه التي انتشرت بالمحليات في السنوات الماضيه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل