المحتوى الرئيسى

الوجود الروسي في سوريا ليس مجرد تعزيز قوات

09/28 00:51

اثار لقاء رئيس الحكومه الاسرائيليه بنيامين نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الكثير من التعليقات في الجانب الاسرائيلي. وتركّزت التعليقات بشكل اساس ليس علي ما اذا كان اللقاء ضرورياً ام لا وانما حول الامال التي اثارها نتنياهو بشان نتائجه. وتقريباً عدا المقربين من نتنياهو والراغبين في استغلال الحدث لتعظيم صوره الزعيم فيه اندفع كثيرون واغلبهم اختصاصيون، لتاكيد ان جدوي اللقاء محدوده. ولكن بعضهم، وبينهم يوسي ميلمان، في معاريف، اكد ان اهميه اللقاء تكمن في اظهار محدوديه القوه الاسرائيليه.

ومن الواضح ان اسراع نتنياهو لطلب مقابله الرئيس الروسي بعد ان عزّزت روسيا وجودها في سوريا يعبر عن القلق الذي تشعر به اسرائيل من هذا الوجود. ورغم ان القياده الاسرائيليه بررت هذا الاسراع بالتركيز علي الرغبه في منع احتكاكات او صدامات لاحقه الا ان المشكله في جوهرها هي انزعاج من تغيير الموقف الروسي. وتزداد حده هذا الانزعاج جراء تعاظم القلق الاسرائيلي مما تراه اسرائيل تراجعاً اميركياً في الحلبه الدوليه عموماً وفي الشرق الاوسط خصوصاً. وتخشي اسرائيل بشكل متزايد من ان اميركا صارت توجه اهتمامها نحو الشرق الاقصي وجنوب شرق اسيا بسبب مصالحها هناك.

ومن الواضح ان اسرائيل الرسميه تري في الوجود الروسي في سوريا عنصر اعاقه وعرقله لحريه العمل التي كانت تتمتع بها حتي وقت قريب في المجالين الجوي والبحري. فالطائرات الاسرائيليه سواء لاغراض الرصد والمراقبه او الهجوم كانت تتصرّف الي حد كبير بنوع من الحريه في ظل معرفتها بثغرات الدفاع الجوي السوريه. ولكن وجود منظومات دفاع جويه روسيه، حتي لو كانت مقصوره علي حمايه التواجد الروسي، تقيّد الحركه الاسرائيليه. والاهم ان روسيا جاءت بقوه متجدّده تحت مبرر دعم الدوله السوريه ما يعني انها لن تسكت علي انتهاك السياده السوريه خصوصاً اذا كانت هذه الانتهاكات تتم بفظاظه واضحه وبشكل متواتر. وهناك ايضاً الحريه التي تتمتع بها الغواصات الاسرائيليه التي صارت ايضاً ذراعاً استراتيجياً هاماً للدوله العبريه في البحر المتوسط. وتؤمن اوساط اسرائيليه عديده بان النشاط البحري المتزايد للقوات الروسيه في البحر المتوسط سيجعل تحركات الغواصات الاسرائيليه اكثر انكشافاً.

ولكن لا يقلّ اهميه عن ذلك شعور اسرائيل بان الوجود الروسي في سوريا هو ثمره تنسيق ليس فقط مع الدوله السوريه وانما ايضاً مع ايران. وليس صدفه ان الايام الماضيه حملت انباء مزعجه جداً لاسرائيل مفادها ان صفقه عسكريه كبيره بقيمه 21 مليار دولار ستوقع بين ايران وروسيا. واذا اضيف هذا الخبر الي انباء تحدثت عن تشكيل اليه تنسيق ضد ارهابيي الدوله الاسلاميه (داعش) بين روسيا وايران والعراق وسوريا فان ذلك يشير لاسرائيل بوجهه غير مستحبّه وهي ان تحالفاً، ولو مؤقتاً، ينشا قريباً منها وعلي غير رغبتها.

ويرفض خبراء عسكريون اسرائيليون ما يشيعه الروس من اسباب تعزيز وجودهم في سوريا وخصوصاً رغبتهم في محاربه داعش. ويشير بعضهم الي انه ليس صدفه ان هذه التطورات جاءت بعد وقت قصير من هزيمه نتنياهو في الكونغرس الاميركي، حيث كان يراهن علي عرقله الاتفاق النووي الذي ابرمه الرئيس الاميركي باراك اوباما والقوي العظمي مع ايران. وكتب الجنرال اسرائيل زيف في «يديعوت» قبل ايام عن ان هدف الرئيس بوتين هو منع انتشار الارهاب الجهادي وانشاء محور في الشرق الاوسط يقود الي ثنائيه قطبيه وربما استئناف الحرب البارده.

واياً يكن الحال فان ما اشاعه نتنياهو من نجاح في تشكيل اليه تنسيق تحول دون الاحتكاك مع الجيش الروسي ربما لا يستند الي اساس. فمثل هذا التنسيق سيكون بين قوة عظمى واسرائيل التي وان كانت قوه عظمي اقليميه الا انها ليست بوزن روسيا. وهذا يعني ان روسيا في الغالب هي مَن ينجح في املاء شروطه في هذا التنسيق وهي شروط لن ترتاح لها اسرائيل وتقيّدها. وعموماً يثبت هذا اللقاء ان اسرائيل «في نهايه المطاف لاعب ثانوي في الدراما السوريه»، كما كتب المعلق العسكري في «هارتس»، عاموس هارئيل. وفي نظره فان التدخل الروسي في سوريا هو ثمره استراتيجيه روسيه اوسع نطاقاً. ومعروف ان روسيا تحاول انشاء علاقات افضل حتي مع الدول العربيه المعتدله مثل مصر والسعوديه والاردن وكل ذلك من اجل التمكن من لعب دور اوسع في المنطقه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل