المحتوى الرئيسى

كتالونيا.. اقتراع الانفصال؟

09/28 00:51

اقترع اهالي مقاطعه كتالونيا امس في انتخابات محليه حاسمه، يفترض ان يعبر فيها الناخبون عن موقفهم من خطه الاستقلاليين الذين يريدون الانفصال عن اسبانيا في العام 2017 والتحول الي دوله مستقله، وذلك عبر خطه تدرجيه من 18 شهراً.

وتريد اللائحه الرئيسيه للاستقلاليين «معا من اجل النعم»، التي يعد الرئيس المنتهيه ولايته ارتور ماس اهم شخصياتها، اطلاق عمليه الانفصال اذا حصلت مع اللائحه الاستقلاليه الاخري علي الغالبيه المطلقه (68 من اصل 135 مقعداً) في البرلمان الاقليمي لكتالونيا.

وتحرك النزعه الاستقلاليه طموحات المقاطعه الشهيره بسياحتها، وصناعتها، كما كونها مركزا للنقل، وشهرتها الرياضيه ايضا، بسبب قرون من الاضطهاد الثقافي. ويتهم سياسيو كتالونيا الحكومه الاسبانيه المركزيه في مدريد «بالاضطهاد الاقتصادي»، عبر التوزيع غير العادل لثروه البلاد التي يؤمن الاقليم حوالي 20 في المئه منها.

وكثيراً ما يواجه السائل في كتالونيا عن سبب النزعه الانفصاليه المتناميه اخيراً، بتفسيرات الهاجس الاقتصادي الذي وفقا لتقديرات الاقتصاديين المحليين يمكن ان يجعل وضع كتالونيا، باعتبارها دوله مستقله، شبيها بالدنمارك وفنلندا، من حيث مستوي الدخل.

وفاقمت بالطبع الازمه الاقتصاديه التي تعصف باسبانيا منذ خمس سنوات من هذه الحمّي، وقادتها الاحزاب اليمينيه نحو يوم السابع والعشرين من ايلول، الذي اعتبره كثيرون موعد اقتراع علي الاستقلال. ووقع رئيس الحكومة المحليه في كتالونيا ارتور ماس علي مرسوم يقضي بتنظيم الانتخابات في هذا التاريخ.

ولنزعه كتالونيا جذور ثقافيه عميقه، اذ سبق للامه الكتالونيه ان اختبرت استقلالاً، وان ناقصاً عبر تاريخها. وتعد اولي محاولات «قهر» الثقافه المحليه في العام 1700، حين نجح احد القاده المحليين في احتلال برشلونه، ومنع سكانها من استخدام لغتهم، كما قام بتدمير جزء كبير من المدينه، التي تحظي باثار ثقافيه رومانيه واسلاميه، وتعتبر اهم نقاط العبور والتجاره في البحر المتوسط.

وعادت كتالونيا لتحظي بنوع من الفدراليه في القرن الماضي، وذلك حتي انقلاب الجنرال فرانكو في الثلاثينيات وانتصاره لاحقاً في الحرب الاهليه الاسبانيه، ففرض عقوبات شديده علي استخدام اللغه والمجاهره بالهويه المحليه، وذلك حتي الثمانينيات من القرن الماضي.

وانعكست بالطبع حاله القمع علي الحاله النفسيه للمجتمع الكتالوني الذي كثيرا ما ميز نفسه عن الاسبان باعتباره «اكثر نشاطاً واجتهاداً في العمل». ومع تنامي ازمات النظام الاسباني البنيويه، لا سيما في مواجهه طلبات مماثله كما في اقليم الباسك، والتطورات التي حلت باوروبا مع تشكل الاتحاد الاوروبي، وحالات التفكك التي حصلت في دول اوروبا الشرقيه، بات الحلم الانفصالي اقرب للعيان كواقع.

وتعيش كتالونيا حالياً كيانا شبيها بالمنفصل، فهي تتمتع بمقومات الاستقلال من نواحي عديده، حيث يتم تعليم اللغه المحليه قبل الاسبانيه، وتحجب اعلامها المزينه بالنجمه البيضاء، العلم الاسباني تماما في شوارعها.

لكن هل تحقق الحلم ممكن، بحيث تتحول كتالونيا الي دوله مستقله؟

نظريا، تحقق الحلم ممكن، اما من الناحيه العمليه، فهناك مرارات ستواجه المتحمسين بعد سكره الانتصار، ان حصل الاستقلال فعلياً. ففك الارتباط مع اسبانيا لا يعني بالضروره دخول كتالونيا العباءه الاوروبيه. وهو ما ابلغته برلين ولندن وباريس الي سلطات كتالونيا بشكل علني واضح.

وسيكون علي سكان كتالونيا ان يتجردوا من الجنسيه الاسبانيه، وفقا لما هدد به وزير الداخليه الاسباني منذ اسابيع، وذلك اضافه الي تهديدها بتاثر الكثير من الارتباطات والجسور بين قطاعي الاعمال والسياحه في مدريد وبرشلونه.

ومعروف ان اسبانيا حظيت هذا الصيف بـ47 مليون سائح، توزعوا بين اقليمي كتالونيا والاندلس بشكل اساسي. والطريف ان سكان الاقليم كثيراً ما يشكون ان «تعب عرق جبينهم» يذهب للاقليم «الجنوبي الكسول» ممثلا بالاندلس، الذي ترتفع فيه البطاله ويعتمد بشكل اساسي علي قطاعي السياحه والزراعه، وذلك في الوقت الذي تنتج فيه كتالونيا 20 في المائه من الناتج المحلي الاسباني، وفيما تقدم، وفقا لاحصائيات العام 2010، حوالي 62 مليار يورو كعائدات ضريبيه للحكومه المركزيه، تستعيد منها ما يقارب 45 مليار يورو، وهي ارقام كانت في ظل اوضاع اقتصاديه افضل لاسبانيا، علما ان تقديرات العام 2013 تشير الي ناتج محلي بحدود 214 مليار يورو.

لذلك، تعمل الحكومه المحليه علي طمانه هذا الراسمال واغرائه بتسهيلات اقتصاديه وعبر الجبايه، لاقناعه بجدوي خطتها للانفصال عن اسبانيا، علي الرغم من الصعوبات التي ستنجم عن هذا الانفصال، والتي من بينها، قد يكون تغيير العمله عبر العوده الي العمله المحليه القديمه «البيزيتا» وذلك في امكانيه تعثر اتفاق مع الاتحاد الاوروبي حول استمرار التعامل باليورو. كما سيكون صعبا ابرام الاتفاقيات الدوليه في حال لم تحصل الدوله الجديده علي اعتراف سريع من الامم المتحده، وسيحمل سكانها جنسيه جديده تتطلب تعاطياً دولياً جديداً، من دون الاشاره الي ان مجد الاقليم الرياضي سيصبح مهزوزا في ظل منع المشاركات المحليه علي النطاق الاسباني.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل