المحتوى الرئيسى

أحمد نصار يكتب: أمريكا ترقص التانجو على دماء السوريين! | ساسة بوست

09/26 14:52

منذ 1 دقيقه، 26 سبتمبر,2015

منذ سقوط مدينة الموصل العراقيه في يد تنظيم الدوله في يونيو 2014، ثم سقوط مدينه عين العرب كوباني السوريه – مؤقتًا– بعدها بشهور بيد التنظيم ايضًا، تغير الموقف الغربي من الحرب في سوريا، وتحولت اولويه امريكا تحديدًا من المطالبه الصريحه بسقوط الاسد الي تكوين تحالف دولي لمحاربه داعش.

لكن التحالف الذي قادته واشنطن ضد تنظيم الدوله كان مقتصرًا علي الضربات الجويه فقط، مما جعله غير مثمر، وتحولت انظار الجميع الي الطرف الذي سيقود الحرب البرية علي الارض، علي غرار ما قام به الجيشين المصري والسوري في حرب تحرير الكويت عام 1991 (عاصفة الصحراء). وبدات امريكا في التفكير في عده خيارات:

في البدايه لجات واشنطن الي وحدات حمايه الشعب الكرديه، التي تلقت تسليحًا امريكيًّا ملحوظًا، لقتال تنظيم الدوله في سوريا والعراق.

ووصلت ذروه المواجهه بين الاكراد وداعش حين هاجم التنظيم مدينه عين العرب كوباني، وهي مدينه شمال سوريا ذات اغلبيه كرديه، مما دفع كثيرًا من اكراد تركيا الي الضغط علي الحكومه التركيه لتوجيه ضربه لداعش نصره لاخوانهم من اكراد سوريا!

لكن تركيا كانت لها مخاوف مشروعه، فسيطره اكراد سوريا علي مدن شمال سوريا الحدوديه مع تركيا سيغري اكراد تركيا في مدن تركيه حدوديه ايضًا علي التقارب مع نظرائهم السوريين، في خطوه نحو تكوين دويله كرديه جنوب شرق تركيا، وهو ما لم تكن لتسمح به انقره!

لم تتدخل تركيا لتحارب ضد تنظيم الدوله، بل علي العكس؛ راج كلام كثير عن دعم تركي خفي لتنظيم الدوله، وتساهل مع مرور اعضاء التنظيم بالاراضي التركيه، وهو ما دفع جو بايدن نائب الرئيس الامريكي الي اتهام انقره بدعم الارهاب، وهي التصريحات التي اغضبت انقره بشده وطلبت اعتذارًا امريكيًّا رسميًّا، واضطر بايدن الي الاذعان وتقديم الاعتذار!

لكن مع التفجير الذي وقع في مدينه سروج التركيه بولايه شانلي اورفا الحدوديه مع سوريا  غير الموقف التركي من الحرب في سوريا، وخاصه مع فشل حزب العداله والتنميه في تشكيل حكومه ائتلافيه، والتيقن من الذهاب لانتخابات تشريعيه مبكره.

عوامل السياسه الداخليه التركيه كانت حاضره بقوه في قرار التدخل العسكري التركي في سوريا، فصلناها في مقال (خمسه اسباب لتدخل تركيا عسكريًّا في سوريا). وحدث تنسيق تركي امريكي لاستخدام قاعده انجرليك الجويه في عمليات التحالف ضد تنظيم الدوله.

لكن تركيا كانت حريصه علي عدم الانخراط بشكل كبير في الحرب السوريه، خصوصًا انها اول من سيدفع الثمن بقواتها المنخرطه في القتال في سوريا، او بتعرضها لهجمات متتاليه عبر الحدود.

لذا استفادت تركيا من الظرف لصالحها فقط، وقامت بتوجيه الضربات الاقوي لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، اكثر بكثير من توجيه ضربات لتنظيم داعش في سوريا، مما اغضب واشنطن ودفعها لسحب بطاريات باتريوت من تركيا.

ومع انحسار سيطره الاسد الي ما يقارب 17% فقط من مساحه سوريا، ومع تزايد احتمال انهيار النظام عسكريًّا، بدا الحديث يكثر عن قوات روسيه تتوالي الي روسيا مع تسليح نوعي لنظام الاسد، لحمايته من السقوط.

ربما ياتي التدخل العسكري الروسي في سوريا، كحل امريكي اخير لتوجيه ضربه جاده لتنظيم الدوله حتي لا تقوي فصائل اسلاميه راديكاليه بسقوط الاسد. وبدا الموقف الامريكي في التراجع والتحول من المطالبه الصريحه بتنحي الاسد فورًا، الي عدم اشتراط الرحيل الفوري للاسد، ومطالبه روسيا بالضغط علي الاسد كي يجلس الي مائده التفاوض!

حلم روسيا القيصريه تاريخيًّا كان الوصول الي المياه الدافئه في المتوسط، وكان لا يمنعها من ذلك الا تركيا العثمانيه بمضايقها (البوسفور والدردنيل) الرابطه بين البحر الاسود شمالًا والابيض جنوبًا. واخر موطئ قدم عسكري للروس في المنطقه هو قاعده طرطوس البحريه في سوريا علي ساحل المتوسط، وهي لن تتنازل عن موطئ القدم الاخير هذا بسهوله.

ودون شك فان التدخل العسكري الروسي في سوريا هو بتنسيق مع امريكا، التي تخشي من وجود فصائل اسلاميه متشدده ستتواجد في سوريا شمال اسرائيل اذا سقط الاسد.

ومع ذلك فاني اعتقد ان امريكا تمارس لعبه ما في سوريا، واعتقد ان الضربات الروسيه الاقوي ستوجه ضد جبهه النصره، العمود الفقري لجيش الفتح الذي هزم الاسد في شمال سوريا، ولحركه احرار الشام التي تقاتل الايرانيين وحزب الله في الزبداني، اكثر من داعش.

كما انه من غير المستبعد ان تمد امريكا اطرافًا في المعارضة السورية بسلاح نوعي لاستخدامه ضد القوات الروسيه القادمه، حتي تكون سوريا مستنقعًا جديدًا للدب الروسي بشكل مصغر لما حدث لها في افغانستان في الثمانينات!

منذ وقت طويل كانت الاستراتيجيه الامريكيه في سوريا: “دعهم يتقاتلون”.. بمعني انها تريد الابقاء علي الحرب دائره في سوريا لاطول فتره ممكنه، وان تمنع انتصار احد الاطراف علي الاخر عسكريًّا!

فانتصار الاسد يعني انتصار ايران، وهو ما كان مرفوضًا من قبل واشنطن وبالذات قبل توقيع الاتفاق النووي، كما ان سقوط الاسد يعني كما قلنا وجود فصائل اسلاميه متشدده ستتواجد في سوريا شمال اسرائيل، وهو ما كان مرفوضًا كذلك.

وفي سبيل ذلك منعت امريكا تزويد المعارضه السوريه بسلاح نوعي، وبالذات صواريخ مضاده للطائرات، لكبح جماح سلاح الجو السوري الذي يقصف السوريين يوميًّا بالبراميل المتفجره والصواريخ الفراغيه. كما انها رفضت طلبات متكرره باقامه منطقه عازله No Fly zone  شمال سوريا، وهو العامل الحاسم الذي عجل بسقوط نظام القذافي في ليبيا!

في المقابل بدت الخطوط الحمراء التي وضعتها واشنطن ضد بشار الاسد بخصوص استخدام السلاح الكيماوي غير جديه! فبشار الاسد استخدم الكيماوي 4 مرات ضد شعبه دون تحرك امريكي جدي تجاه افعال تصنف انها جرائم حرب، وجرائم ضد الانسانيه.

امريكا ترقص التانجو في سوريا، والتانجو رقص يحتاج لشخصين (رجل وامراه) حيث يؤدي الرجل بعض الحركات ليدعو المراه للقيام بحركه معينه.  وفي سبيل ذلك يعتم الرجل علي الارتجال والابداع والملاحظه الشديده لتحركات المراه، اي ان خطوات الرجل ليست ثابته او محفوظه، بل تتغير وفق الظرف والحال!

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل