المحتوى الرئيسى

في ذكرى ثورة سبتمبر اليمنية.. لا انكسار

09/26 14:01

- كيف وجدت يد مولانا الامام ايها القاضي عبد الله؟

هذا السؤال المفتوح علي احتمالات الدهشه تلقاه القاضي عبد الله الحجري وزير المواصلات في عهد الإمام يحيى (ورئيس الوزراء في عهد الجمهوريه) من اشخاص كانوا يعتقدون ان يد الامام المتاله علي الناس تختلف عن ايدي البشر.. فكان رد القاضي الحجري مؤلما وملفتا، لم يشا السخريه من يد الامام، بل وصف قسوتها كعود، لا ياتي بخير.

هذا المدخل اجده الانسب لروايه جزء بسيط من فصول ثوره انقذت شعبا واحيت امه في جنوب جزيره العرب، بعد ان دخل اليمن في عزله وغيبوبه قسريه قرابه الف سنه، منذ وطئ ارضه طاغيه بعمامه رجل دين اسمه يحيى بن الحسين القاسم الرسي قادماً من جبل الرس بالمدينه المنوره التي ولد فيها منتسباً الي الحسن بن علي بن ابي طالب.

ولانه جاء معتقاً بافكار دينيه شديده التطرف والعداء وتميل الي لغه القتل والدمار، فقد منح نفسه لقب "الهادي الي الحق" -تماماً كما يفعل الطغاه في كل العصور- وعُرِفَ لاحقاً بلقب "الإمام الهادي" رغم انه خاض 45 حرباً ضد قبائل شمال اليمن لمخالفتها له في الراي، وصلب الرجال علي جذوع الشجر في مناطق بني الحارث وجدر حتي استاذنت النساء لدفنهم لان روائح جثثهم اذت القري المجاوره!

ومجيء الرسي الذي لا يزال مسجده قائماً في صعده الي شمال الشمال اليمني كان باستدعاء وجهاء قبيلتي خولان بن عامر وهمدان بن زيد للتحكيم بينهم، وهذا ما جعل جراح ابناء صعده غائراً حين هجّرهم الحوثي من قراهم. ومرهً قال لي احد مشايخ صعده "نحن السكان الاصليون وياتي عيال الرسي اليوم يطردوننا من ارضنا".

توالدت سلاله الائمه وزادت وحشيتهم في الدفاع عن حقهم الالهي في الحكم، متدثرين بالزيديه وهي مذهب صغير لم يكتب له البقاء طويلاً بعد وفاه زيد بن علي رحمه الله، وهو ما يقر به علماؤهم بان الموجود اليوم هو فكر هادوي لا يقبل بالاخر ولا يعترف به ولا يتعايش معه، ويسيرون علي وتيره واحده من الرسي الي عبد الله بن حمزة الذي اباد طائفه المطرّفيه جميعاً لمخالفتها له في الراي وكفر الايوبيين، الي الامام يحيي الذي حكم حتي اواخر النصف الاول من القرن العشرين وقتل ابناء قبيله الزرانيق التهاميه المشهوره بالقوه والشجاعه حتي تخضع لحكمه!

لم يشذ عبد الملك الحوثي قيد انمله عن نسق اجداده الائمه، صحيح انه لا ينتمي الي اي اسره حاكمه، لكنه يدعو الي الحكم تحت رايه البطنين وال البيت، ويسير علي خطاهم في معاداه منابع التنوير من مدارس وجامعات ومساجد، ويراها خصمه اللدود، وحيثما حل فجّر المدارس والمساجد وعسكر الجامعات، وراي في المتعلمين ودعاه الحريه اعداء ارهابيين ودواعش وجب قتلهم والتنكيل بهم.

ولانه شاب تلقفته مخابرات ايران فجاه بعد مقتل شقيقه المؤسس للجماعه حسين، فقد وجد عبد الملك نفسه مضطراً لاحاطه فراغه بثله من الشباب الطامحين انصاف المتعلمين الذين لا يتوقفون طويلاً للتفكير في الخطوه التاليه، فما نسبته 90% من قيادات الجماعه الحوثيه اعمارهم تحت الاربعين، ولا احد منهم يملك خبره في العمل السياسي، لهذا ملؤوا انفسهم بعُصب متشنجه ومسلحه عوضاً عن الحوار والمنطق.

هذا النسق الاستبدادي والاستعلائي المتوارث كان يشيخ بمرور السنوات في مقابل ارتفاع الوعي عند الناس، وحين جاءت ثوره سبتمبر المجيده طوت صفحه عمرها الف سنه من الظلم والتنكيل والتجهيل للشعب اليمني، ومنحت المواطن دفعات معنويه كبيره من الحريه والشعور بقيمته، فتحول من متفرج علي عربات التاريخ وهي تتنقل بين قصور الحكم، الي صانع للتحول ومدافع شرس عن ثوره منحته حقه في البقاء والعيش الكريم.

كان يمكن لثوره سبتمبر ان تعيد رسم سياسه المنطقه، وكان يمكنها بناء نظام جمهوري ديمقراطي قوي ومحصن، لولا الالتفاف عليها من قِبَل من التفوا علي ثورة التغيير 2011, وكادت الجمهوريه ان تسقط عام 1967 لولا ان هب كل الشعب للدفاع عنها في حرب السبعين يومياً، وفي مارس/اذار 1970 رعت السعوديه اتفاقا غير مكتوب بين الملكيين والجمهوريين، وعاد الكثير من الملكيين الي الداخل يرتزقون من النظام الجمهوري ويقودون الثوره المضاده لاسقاطه.

وكان التلميح الي محاسن النظام الامامي الكهنوتي ياخذ طوراً من المجاهره خاصه وقد وقفوا عوائق امام تطور الحياه، والاستفاده من خيرات الجمهوريه. ولا ادل علي ذلك من بقاء اهداف الثوره السته كما هي بعد 53 عاماً من قيامها، وهي الاهداف التي يمكن تحقيقها في السنوات العشر الاولي من قيام ثوره سبتمبر.

غير ان تلميع وجه الامامه القاتم والممتلئ بالدم والاجرام كان اسوا ممن يبرر للشيطان تمرده علي ربه، وفي احدي جلسات المقيل الصنعاني تقدم مسؤول رفيع يلمع وجه نظام ال حميد الدين بحسن نيه، وقال يكفي اليمن انه في عهد الامام يحيي كان الدوله الوحيده التي لم تتاثر بنتائج الحرب العالميه الثانيه!

نعم هي لم تتاثر لانها لم تكن دوله اصلاً، وليس لها صادرات ولا واردات، ولا عمله متداوله خارج حدودها، ولا جيش، ولا شيء يربطها بغيرها من الدول، كانت رقعه جغرافيه معزوله عن العالم.

"26 سبتمبر" يوم ولد فيه اليمن من جديد، وفيه اشرقت ارض السعيد بنور ربها، ورات من اياته الكبري ما يكفي لولادتها من جديد، فسبتمبر التنوير والتحرير حمل لنا هداياه الحسان من جامعات ومدارس وطرقات وكهرباء، وعرف الناس دوله اسمها اليمن، فقد جاءت ثوره سبتمبر وعدد المدارس صفر، والكهرباء لم تعرفها البلاد بعد، باستثناء مولد كهربائي صغير اهدته البعثه الروسيه في الحديده لسيف الاسلأم الحسن.

كان الاف اليمنيين يقضون سنوياً بابسط الامراض، وقواتنا المسلحه تعرف بالجيش الحافي، وكل طيران اليمن هو ثلاث طائرات صغيره "شبام وظفار وبلقيس" خاصه بالامام وافراد اسرته، وتجارتنا الخارجيه هي استيراد الشموع وزيت الكيروسين، ولا شيء يدل علي توجه سياسي او انساني جاد لدي الاسره الحاكمه لبناء الدوله، والشيء الوحيد الذي كان ينتشر في كل اليمن هو السجون والقيود الحديديه المرعبه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل