المحتوى الرئيسى

الطريق إلى جسر الجمرات

09/26 10:14

قبل ان يحين موعد اذان مغرب يوم الاربعاء الماضي في جبل عرفات كان كل حجيج بيت الله الحرام يستعدون للمغادره الي المزدلفه كي يجمعوا الجمرات من هناك ويصلوا المغرب والعشاء جمعا وقصرا قبل التوجه الي مني لبدء عمليه رمي الجمرات.

لو تاخر تحرك اتوبيس لدقائق فانه قد يدفع ثمن ذلك ذلك التاخر لساعات، وهي تجربه عشت تفاصيلها المرهقه بالكامل منذ ما قبل مغرب يوم عرفة وحتي دخولي غرفتي بالفندق بمكه في الثامنه من صباح اليوم التالي.

جوهر المشكله الاكبر ان هناك اكثر من مليوني حاج ــ والبعض يقول ان عددهم الاصلي قد يكون ضعف هذا العدد بسبب عمليه التسلل من المقيمين داخل الممللكه ــ يتواجدون في مساحه صغيره ويتحركون الي مكان محدد في وقت واحد، ومهما كانت الاستعدادات كبيره فلن يخلو الامر من مشاكل.

المسافه من عرفه الي المزدلفه الي مني ومنها الي الحرم المكي لا تزيد علي ١٦ كيلومترا لكنها تستغرق احيانا اكثر من عشر ساعات في حين ان وقتها الطبيعي لا يزيد علي عشر دقائق.

تحركنا من عرفات الي المزدلفه متاخرين ساعه بسبب تاخر الاتوبيس بفعل حادث، وصلنا الي المزدلفه بعد ساعتين.

حاولنا النزول للصلاه وجمع الجمرات لكن الشرطه لم تكن تسمح لنا بذلك وتريدنا التحرك للامام، حتي ظننا اننا تجاوزنا المزدلفه الي مني!

كان البعض ينزل بسرعه ويصلي في الشارع العام خطفا، لان الشرطه تطارد سائقي الباصات وتمنعهم من التوقف، ونتيجه ذلك ان اكثر المجموعه تفرقت وتاه كثيرون وتشرد و«تشحطط» اخرون، واذا اضفت ان معظم التليفونات فصلت شحن لامكنك تصور الوضع!!.

اعرف وزيرا حينما نزل للصلاه وجمع الحصوات فاته الباص الذي كان يقله، وكذلك مسئول بارز، وسفير عربي كبير ظلوا يسيرون علي اقدامهم ومعهم زوجاتهم وفي النهايه ركبوا ميكروباصات عاديه بالنفر، الاجره فيها عشرون ريالا! ويحسب لهؤلاء انهم لم يستغلوا مناصبهم وادوا الفريضه شانهم شان بقيه الحجاج بكل شجاعه وتحمل دون تبرم او ضيق..

كنت اخطط انا وبعض زملائي ان نذهب مباشره الي الحرم لاداء طواف الافاضه علي ان نعود الي مني صباح اليوم التالي لرمي الجمره الكبري، لكن توهان بعض الزملاء جعلنا نتاخر حتي لما بعد منتصف الليل وبالتالي ذهبنا الي مني في الثانيه صباحا والقينا الجمرات، ثم تحرك الباص الي مكه ليصلها في الرابعه صباحا تقريبا.

وللموضوعيه كان جسر الجمرات هادئا وتمت عمليه الرمي في سهوله ويسر، وربما كان سبب ذلك ان غالبيه الحجاج قد اصابهم الارهاق والتعب طوال يوم كامل وبالتالي فضلوا النوم ليلا والعوده الي مني صباحا.

دخلت الحرم وصليت الفجر واديت طواف الافاضه وصليت العيد وعدت الي فندقي قبل الثامنه صباحا بقليل. ونمت قليلا لاصحو علي خبر الماساه ومقتل اكثر من ٨٠٠ حاج في مني، في نفس التوقيت الذي كنا نخطط للذهاب فيه لرمي الجمرات، لنحمد الله كثيرا علي ان كل التاخير في الليله السابقه وتوهان او تاخر بعض الزملاء قد انقذنا ربما من التواجد وسط هذه الماساه. والمفارقه ان الخيمه التي كانت مخصصه كي ننزل فيها في مني تحولت الي مستشفي ميداني امتلات بخثث الضحايا وبالتالي لم نتمكن من العوده اليها يوم الجمعة، وظلت حقائب معظم مجموعتنا موجوده وسط برك الدماء طوال يوم كامل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل