المحتوى الرئيسى

"أهل الكهف" في المغرب

09/25 15:51

البهاليل قريه مغربيه صغيره بجوار مدينه صفرو جنوبي مدينة فاس (26 كلم)، تحتضن اسرار وقصص اناس يعيشون زمن الكهف. سكان كهوف حقيقيون في القرن الحادي والعشرين. في هذا المكان المنسي من المغرب العميق يعيش مواطنون ماساه حقيقيه وهم يبحثون عن موطيء قدم في الحياه.

تاريخياً، عرفت البهاليل بمدينه الكهوف، حيث كانت تشكل الكهوف موروثاً ثقافياً بالنسبه لسكان المنطقه. وبرغم تطور الزمن وانتقال عدد من السكان الي مساكن عصريه، هناك من لا يزال يستوطن الكهوف المهترئه والقديمه والتي تنتفي فيها شروط العيش الانساني، وذلك بسبب الظروف الماديه المزريه لمعظم السكان. كثيراً ما يضطر هؤلاء للتعايش مع ماساتهم الكبري في ظل اهمال كلي من الدوله التي لم تبذل اي عناء لانتشالهم من حاله البؤس، بحسب شهادات الفاعلين المحليين في المنطقه.

القصور الصحراويه في تطاوين التونسيه حيث صُوّر فيلم Star Wars

ومن الاسباب الرئيسيه لظهور فئه كبيره من السكان تقطن مغاور لا تصلح للعيش الادمي، تغير التشكيله الاقتصاديه والاجتماعيه للمنطقه بالاضافه الي عامل توزيع الارث. لكن من المغالطه ان يتم اعتبار الكهف في المجمل سكناً غير لائق، اذ يقول الناشط كمال المريني: "هناك ماساه حقيقيه يعيشها ساكنو المغاور، لكن وجب عدم اهمال معطي طبيعه المنطقه. فالامر ليس مرتبطاً بالكهف في حد ذاته. هناك كهوف عديده حُولّت مساكن عصريه او ملحقات فقط للمنازل، تستعمل للتخزين وسكانها يعيشون حياه جيده، بل ان ظهور ظاهره سكان الكهوف الذين يعيشون اوضاعاً معيشيه مزريه راجع الي عوامل ديمغرافيه واقتصاديه".

بدوره، يلوم الناشط حسن ابو ربيع الدوله لاقصائها المنطقه من مشاريع التنميه التي استفادت منها بقيه المناطق، فبحسبه ان الدوله لم تستغل الكهوف لانتشال منطقه البهاليل من حاله الضياع والفقر التي تعيشها. يقول ابو ربيع: "اضافه الي فشل الدوله في ايجاد حل للعائلات التي تعيش ظروفاً ماسويه في الكهوف، فانها عجزت كذلك عن استغلال هذا الموروث الثقافي والتاريخي كما يجب وخصوصاً علي المستوي السياحي، فقد كان يمكن مثلاً تحويل الكهوف ورشاتٍ للصناعه التقليديه، او غرف فندقيه".

بعيداً عن المحظوظين الذين استطاعوا تحويل كهوفهم مكان سكن لائق عبر اعاده بنائه وترميمه بطريقه حديثه، يعيش اخرون مكابده مريره. "حجو" (اسم امازيغي) امراه مسنه شارفت علي السبعين من عمرها تظهر عليها علامات تعب السنين، تسكن كهفاً صغيراً مع سته افراد اخرين، يوشك علي السقوط علي راسها. مغاره لا اناره فيها. المشهد داخل الكهف مفجع. الجدران ليست جدراناً والافرشه القديمه التي تملكها لا تقيها البرد. ولا تملك الاسره التي تسكن هذا الكهف الايل للسقوط القدره علي دفع تكاليف ترميمه او الانتقال الي سكن اخر.

حاله هذه السيده ليست الوحيده، فحفيظ، وهو شاب في الثلاثين من عمره، يعيش ظروفاً مماثله في الكهف الذي يؤويه هو وجدته المقعده. يحكي حفيظ عن معاناته قائلاً: "هذه حياه لا يمكن لانسان ان يحياها، لقد مللت من كثره الشكوي، لا نوافذ ولا تهويه ولا اي شيء يوحي ان من يسكن هنا انسان، كما اننا نعاني من انعكاسات الرطوبه. نحن نعيش في الكهف وهو علي هذه الحاله منذ نحو 13 سنه، لكننا لا نملك حلاً اخر، ولا نستطيع ان نذهب الي اي مكان".

يعتقد فوزي هليبه احد ابناء القريه ان الحل لانتشال هؤلاء السكان من الوضع المؤسف هو وضع مشاريع تمكنهم من الحصول علي الحقوق الاجتماعيه والاقتصاديه التي حرموا منها نتيجه الاهمال المتواصل، "علي الدوله ان تضطلع بمهمه تاهيل هذا الموروث لخلق متنفس في هذه المنطقه. الي اللحظه نسجل غياب الاهتمام بسكان الكهوف بشكل مطلق، اذ يمكن استغلال هذه الكهوف وتحويلها نقطه جذب سياحي ومصدر رزق بالنسبه لعائلات المنطقه".

يمكن تلخيص القصه كالاتي، البهاليل قريه ضائعه في زحمه الجغرافيا المغربيه لم تعرف في تاريخها حياه اخري غير الكهف. مع العلم ان الكهف بالنسبه للسكان المحليين ارث تاريخي اهملته الدوله وطوره السكان المحليون دون ان يتخلوا عنه، غير ان الاوضاع الاجتماعيه والاقتصاديه جعلت عدداً من السكان يعيشون حياه الجحيم.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل