المحتوى الرئيسى

ماذا تعرف عن الأنفاق في قطاع غزة؟ النشاة والوظيفة والآثار - ساسة بوست

09/23 17:15

منذ 10 دقائق، 23 سبتمبر,2015

لم تولد انفاق قطاع غزه، والتي تم هدم المئات منها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والسلطات المصريه خلال الاعوام الثلاثه الاخيره من فراغ، بل جاءت كبديل مؤقت لاستمرار غلق اسرائيل ومصر لكافه المعابر.

جذور نشاه الانفاق، والقائمون عليها، وابرز مجالات استخدامها، فضلا عن الثمار التي جاءت بها لسكان غزه، هي ابرز ما يتناوله التقرير التالي.

اولا: ما هي انفاق قطاع غزه؟

عند الحديث عن ظاهره الانفاق في قطاع غزه، والتي بدات بوادرها تظهر اواخر عام 2006، واوائل عام 2007، لابد من التفريق بين نوعين من الانفاق، الاولي مخصصه للمقاومه الفلسطينيه لاغراض السلاح والامداد العسكري، فيما الثانيه تجاريه تخطت اساليب الاستثمار الاقتصادي، فوصلت لعمليات تهريب سلع غير شرعيه الي القطاع.

فالانفاق هي مجموعه من الانفاق حفرها الفلسطينيون بشكل سري تحت الارض علي انخفاضات كبيره تصل الي 20 مترًا وتتركز تحت الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزه ومصر التي تستخدم لتهريب السلاح والدخان والمنتوجات الغذائيه.

لذلك، عند الحديث عن التهريب والانفاق في مدينه رفح جنوب القطاع تحديدًا، هو حديث عن ظاهره تاريخيه في المرحله الممتده من 1967-1949، ثم بعد احتلال قطاع غزه والضفه الغربيه حتي قيام السلطه 1994 وحتي الان.

بينما بعد انسحاب الاحتلال الاسرائيلي عام 1982 من سيناء شكلت عمليه الانسحاب المحطه التاريخيه في تفعيل التهريب وبدايه ظهور ظاهره الانفاق السريه لاغراض تهريب الممنوعات عمومًا، بالاضافه لما تحتاجه المقاومه.

ويشار الي ان اول نفق اكتشف من قبل الاحتلال كان عام 1983،اي بعد اقل من عام من تطبيق اتفاقيه كامب ديفيد بين مصر واسرائيل 1982، او ما يسمي عند اهالي القطاع بعمليه الفصل.

حتي ان عمل الانفاق قبل عام 2000 اتسم بعمليات تهريب المخدرات والذهب، اي الممنوعات التي تدر ارباحًا هائله، ونادرًا ما كان يهرب السلاح للمقاومه، ومع بدايه انتفاضه الاقصي بدات تاخذ منحي اخر وهو تهريب السلاح لفصائل المقاومه، وازداد عددها وتوسع نشاطها.

كل ذلك مهد الطريق امام سلطات الاحتلال لتفجير اي نفق يتم اكتشافه مما ادي الي استشهاد واعتقال العشرات ممن كانوا يعملون بالانفاق، ولكن لم يمنع ذلك من مواصله العمل بها، بل استمرت وتواصلت دون توقف.

ثانيا: متي بدا البناء الفعلي لانفاق قطاع غزه؟

مع اخلاء الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزه وانسحابه في سبتمبر 2005، تزايدت الاغلاقات والحصار لسكان القطاع ليصبح مبرمجًا ومشددًا، لاسيما بعد احداث حزيران 2007 بين” فتح وحماس” واحكام الاخيره علي القطاع.

فتح الاغلاق الاسرائيلي المحكم المجال لتجديد واتساع رقعه بناء الانفاق بدون اي تنظيم او اشراف كشكل من اشكال التحدي للحصار، وتعزيز صمود المواطنين والتخفيف عن السكان المحاصرين، خاصه بعد فوز” حماس” في الانتخابات يناير 2006، واحكام الاحتلال حصاره علي القطاع.

وقد رافق الحصار حاله من الركود والتباطؤ الاقتصادي، شمل كافه القطاعات الاقتصاديه بسبب منع ادخال المواد الخام، واغلاق اكثر من (90%) من المنشات، فضلا عن المواد الغذائيه والمتطلبات الاساسيه لسكان القطاع.

بينما تبنت المقاومه اسلوب حفر الانفاق فقامت عده عمليات نوعيه عن طريق حفر الانفاق مثل عمليه الوهم المتبدد التي قتل بها عدد من الجنود الاسرائيليين وخطف الجندي جلعاد شاليط عام 2006.

ويتطلب حفر الانفاق جهودًا كبيره، حيث يسري احيانًا علي مدار الساعه ويتناوب فلسطينيون كثيرون علي مهمه الحفر وكان العمل بدائيًّا من حيث اليات ومعدات الحفر لكن تنفيذه في النهايه كان بحرفيه.

ثالثا: من يشرف علي انفاق غزه؟

اثارت ظاهره الانفاق ومنذ حفرها في العام 2007 جدلًا واسعًا بين الاقتصاديين الذين دعوا منذ سنوات لاغلاقها او المراقبه عليها وان تعمل ضمن استراتيجيات معينه تخدم المصلحه الاقتصاديه وتكون سندًا لاهل غزه الذين يعانون من الفقر والبطاله وتراجع مستويات المعيشه.

علي الرغم من التحذيرات التي اطلقها الاقتصاديون علي ظاهره الانفاق واعتبارها ضمن الاقتصاد الخفي والوهمي الا ان الحكومه بغزه دافعت عنها في ظل تفاقم مشكله الانقسام السياسي واعتبارها حلًا للحصار ووسيله لتوفير السلع الاساسيه والضروريه اضافه لكونها ايرادات مهمه لحكومه غزه.

وبالتالي، فان السياسه الماليه الحكوميه انذاك اعتمدت علي الانفاق كجزء من تمويل نفقاتها، حيث نشرت صحيفه البرلمان التي تصدر عن المجلس التشريعي بغزه ان الموازنه العامه للحكومه بغزه للعام 2013 قد بلغت897  مليون دولار، حيث تمت تغطيه النفقات، بينما العجز يتم احتواؤه من الخارج دون الافصاح عن ذلك.

لكن وزاره الاقتصاد قد لفتت الي ان تدمير الانفاق قد ادي الي خسائر قدرت شهريًا بقرابه 230 مليون دولار، وهذا سبب رئيسي للازمه الماليه التي تعانيها حكومه غزه السابقه، منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي يوليو 2013.

واصبحت الانفاق التي تم ترخيصها من قبل حكومه حماس امرا واقعا لا بديل له في حياه سكان القطاع، كونها المنفذ الوحيد لادخال البضائع والحاجيات الاساسيه منذ فرض الحصار، فشكلت الحكومه انذاك بما يعرف بدائره “لجنه الانفاق”، والتي اشرفت علي الانفاق واصبحت الامر الناهي بكل ما يتعلق بتلك الانفاق وفرض الضرائب وجبايتها علي كل ما يدخل او يخرج.

رابعا: كم وصلت اعداد انفاق القطاع؟

تزايد عدد الانفاق من 20 نفقًا في منتصف 2007 الي ان وصل حسب بعض التقديرات الي500 نفق متعدد الاشكال والاغراض حتي نوفمبر 2008، ويقدر البعض ان العدد وصل الي 800 نفق تقريبًا سواء الجاهزه التي تعمل او التي هي قيد الانشاء.

وفي حين اعلن وزير الاقتصاد بحكومه غزه التابعه لحماس سابقًا ان عدد الانفاق يصل الي 1400 نفق، بينما اعلن قائد قوات حرس الحدود المصري ان القوات المصرية المسلحه قد دمرت ولغايه 24 ابريل للعام 2014 قرابه 1532 نفقًا.

ويتراوح طول الانفاق من 200-1000 متر ويصل احيانًا الي 1500 متر ويتراوح عرضها من نصف متر الي مترين، بينما يصل ارتفاعها الي متر ونصف، وهي تحفر علي عمق يتراوح من 8-15  مترًا تحت سطح الارض ويصل احيانًا الي 30 متر تحت الارض.

وتكون بعض الانفاق علي هيئه نظام طوابق اي تجد نفقًا علي عمق 8 امتار، وتحته نفق علي عمق 15  مترًا، وثالث علي عمق 20 مترًا، اما بالنسبه لتكلفه حفر النفق فانها تتراوح ما بين 70-100 الف دولار حسب طول النفق، اي ان تكلفه المتر الواحد يساوي 100 دولار.

حتي ان الاستيراد الشهري عبر الانفاق يتراوح ما بين 35-40 مليون دولار مع العلم بانه لا يتم تصدير اي سلع انتاجيه للخارج ويقدر حجم الاستيراد السنوي بـ 650 مليون دولار سنويًا، وتقدر الارباح التي يجنيها اصحاب الانفاق والعاملين من 200-300 مليون دولار في حاله احتساب نسبه ربح من 30-50% تقريبًا وتصل بعض الاحيان نسبه الارباح الي 100%.

ويوجد بالنفق اكثر من شريك وتدار عبر الاسهم، حيث يحدد سعر السهم وعدد الشركاء ونظام توزيع الارباح علي المساهمين، ومع اشتداد الحصار اصبح يهرب عبر الانفاق المواد والسلع بانواعها المختلفه بما فيها الاجهزه الكهربائيه وخاصه التي تدر الارباح، لكن المحروقات بانواعها المختلفه تدخل عبر الانفاق باستثناء الغاز.

خامسا: ماذا يخرج الي غزه عبر الانفاق؟

خلال السنوات الاولي من الحصار المطبق حتي اللحظه علي قطاع غزه، غزت العديد من السلع عبر الانفاق في السوق المحلي الفلسطيني، فهي تشمل كافه انواع الطعام، الملبس، اثاث المنزل، بضاعه اضطر المواطن الغزي التعامل معها رغم قله جودتها وارتفاع اسعارها، فيما يشتكي البعض من بضاعه الانفاق التي لا يجدون فيها منتجًا بديلًا لا يرتقي الي درجه القبول لدي المستهلكين، ولا تقنعهم اسعارها.

اما اهم سلع الانفاق فهي، مواد التنظيف، مواد غذائيه، مولدات كهربائيه، دراجات هوائيه، قطع غيار للسيارات، ادوات سباكه، احذيه، ملابس اطفال، اسمنت، ادويه بيطريه، سجائر، اسطوانات الغاز، العجول، وبعض الحيوانات.

واصبحت الانفاق مصدرًا رئيسيًّا لادخال الوقود الي قطاع غزه في ظل الحصار، حيث يوجد حوالي 12  نفقًا تستخدم لادخال الوقود بمتوسط 20 الف لتر لكل نفق يوميًا، واخري لادخال الاسمنت حيث تم ادخال هذا النوع من البضائع من خلال 6 انفاق بمعدل 30-35 طن اسمنت يوميًا خلال السنوات الماضيه، فيما بات اليوم صعبًا.

لكن بعض البضائع تتسم بعدم الجوده، وعدم الرقابه علي الاسعار، حيث تتضاع الاسعار دون اي رقابه خاصه علي السلع الضروريه، فقد ارتفعت اسعار العدس والبقوليات والزيوت والفواكه والمعلبات والملابس والاحذيه والشمع ووسائل التدفئه، بصوره غير مسبوقه بسبب استغلال التجار.

سادسًا:  هل اثمرت الانفاق شيئًا لقطاع غزه؟

يجمع الاقتصاديون في غزه انه بعد سبع سنوات من تجاره الانفاق واغلاقها يمكن القول بان اقتصاد الانفاق هو اقتصاد مُدمر، وغير منتج، رغم حله الجزئي للمشكله الانسانيه المتمثله بتوفير السلع الاساسيه والضروريه، حيث استطاعت تلك الظاهره ان تقوض امكانيه بناء وتاسيس اقتصاد منتج يقوم علي تعظيم الموارد الذاتيه المتوفره والممكنه.

وفي دراسه اعدها مؤخرًا المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات فانه ترتب علي اقتصاد الانفاق تعميق التشوهات البنيويه والهيكليه التي يعانيها الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزه، فضلًا عن تعزيز مفاهيم الثراء السريع دون قاعده انتاجيه حقيقيه، مما ساهم ايضًا في تفسخ النسيج الاجتماعي والسياسي القائم بغزه.

واخر الاحصاءات النهائيه بشان مصير اصحاب الانفاق في القطاع، نقلا عن موقع” الرساله نت” فان الانفاق المنتشره علي الحدود بين قطاع غزه ومصر، حصدت ارواح 232 مواطنًا منذ عام 2006  وحتي عام 2013، مع غياب اتخاذ تدابير من شانها الحد من سقوط الضحايا وحمايه العاملين فيها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل