المحتوى الرئيسى

أسامة عطيفي يكتب: الربط بين نهر الكونغو و نهر النيل بين الممكن و الواقع | ساسة بوست

09/23 12:51

منذ 3 دقائق، 23 سبتمبر,2015

الربط بين نهري الكنغو والنيل، هو مشروع ضخم لنقل المياه من نهر الكنغو الي مجري نهر النيل، والمشروع المطروح ليس بجديد؛ فعمر المشروع المطروح قد يناهز اكثر من مائه عام  تقريباً :

فمع بدايه القرن الماضي، واثناء فتره الاستعمار البريطاني  لمصر والسودان اعد مهندسو الري فكره لربط نهر الكونغو بنهر النيل، من خلال قناه تصل نهر الكونغو باحد روافد نهر النيل، ولكن لم يتم التنفيذ.

ثم عاد المشروع مره اخري في عهد الرئيس المصري السابق أنور السادات عندما قام بارسال مجموعه من الخبراء الي الكونغو لتقديم دراسه وتقييم عن المشروع، وقد عادت مره اخري فكره المشروع بعد الثورة المصرية في 25 يناير بقوه.

وفي هذه الايام، وفي ظل ما تعانيه مصر من فقر في المياه  واستمرار مشاكلها مع دول المنبع  لنهر النيل، وخاصه اثيوبيا ومشروعها لبناء سد النهضه الذي تعده اثيوبيا مشروعها القومي، ويعده المصريين خطراً علي امنهم المائي والقومي.

طبيعه المشروع و اهدافه :

طبيعه المشروع تقوم علي اسإس إلربط بين نهر الكونغو ” غزير المياه ” بنهر النيل من خلال قناه تصل من نهر الكونغو لتصب في احد روافد نهر النيل في جمهوريه جنوب السودان ومن ثم الي بحيره ناصر في مصر.

ويهدف المشروع الي توفير المياه التي تحتاج اليها مصر التي تعاني من نقص المياه في ظل احتياج مصر لزياده مواردها المائيه لمواجهه النقص في المياه والزياده السكانيه الضاغطه.

وهذا في ظل عدم وضوح وضبابيه المشهد لخلافات مصر التي تعد من الدول الفقيره مائياً مع دول المنبع لنهر النيل بشان اتفاقيه عنتيبي، واتفاقيات تقاسم المياه وخاصه اتفاقيتي عامي 1929 و 1959م التي  تعطي لمصر والسودان حق تقاسم متوسط ايراد مياه النهر المقدره بـ 84 مليار متر مكعب بينهم بواقع 55.5 مليار متر مكعب لمصر و 18.5 مليار متر مكعب للسودان.

وتاتي الخلافات مع الجانب الاثيوبي خاصه في المقدمه، وذلك في ظل استمرار الجانب الاثيوبي في موقفه بشان مشروع سد النهضه الذي يعتبره مشروعه القومي الاول؛ لتحقيق الرخاء والتنميه.

كذالك سيعمل مشروع ربط النهريين علي توفير طاقه كهرومائيه كافيه لكل من جمهوريتي السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطيه ومصر والتي يمكن تصديرها لباقي دول القاره الافريقيه.

تبدو فكره انشاء قناه لربط نهر الكونغو غزير المياه  قليل الاستفاده منه بنهر النيل فكره اكثر من رائعه، قد تكون شبه مثاليه في ظل ما يطرحه مؤيدو المشروع من تحقيق اهداف المشروع وتحقيق المصالح المشتركه لكل من مصر والكونغو ودولتي السودان، حيث يري مؤيدو المشروع انه سيعمل علي توفير ما لا يقل عن 120 مليار متر مكعب من المياه.

بما يتيح لمصر من خلاله سد عجزها المائي والقيام بمشاريع تنمويه وزراعيه من خلال زياده رقعتها الزراعيه، وذلك عبر استصلاح اراضي جديده في الصحراء وقيام مجتمعات عمرانيه جديده و ايصإل ألمياه اليها.

وكذلك فان المشروع سيتيح انتاج طاقه كهرومائيه تكفي لاناره اكثر من نصف القاره الافريقيه، بما يعود علي دول المشروع بتحقيق ارباح ضخمه في حاله تصدير تلك الطاقه الناتجه عن المشروع.

يقع نهر الكونغو في جمهوريه الكونغو الديمقراطيه (زائير سابقاً) وهي احدي المنابع الاستوائيه لنهر النيل، وكذالك هي من اغني دول العالم من حيث الوفره المائيه؛ حيث ان المناخ في جمهوريه الكونغو الديمقراطيه مناخ استوائي ماطر، اي ان الامطار تتساقط طوال العام عليها، وهو ما يجعل اعتماد الكونغو علي مياه الانهار قليله واعتمادها بالاساس علي مياه الامطار في الزراعه والري.

كما تقع الكونغو الديمقراطيه علي حدود جمهوريه جنوب السودان وهي دوله ممر لنهر النيل، ويعد نهر الكونغو هو ثاني اكثر انهار العالم غزاره وتدفقاً للمياه في العالم بعد نهر الأمازون، حيث يغذي النهر مجموعه كبيره من الروافد وتصل نسبه تدفق المياه فيه الي 41800 متر مكعب في الثانيه.

يبلغ طول نهر الكونغو ما يقرب من 4700 كيلومتر وعليه يعد ثاني اطول انهار القاره الاقريقيه بعد نهر النيل, وينبع نهر الكونغو من جنوب شرق جمهوريه الكونغو الديمقراطيه ويتجه غرباً ليصب في المحيط الاطلسي، ويقدر ايراد نهر الكونغو من المياه 1450 مليار متر مكعب تقريباً، وهي كميه تعادل تقريباً 17 مره مياه نهر النيل التي تقدر 84 مليار متر مكعب.

ورغم غزاره مياه نهر الكونغو، الا انه يضيع مليارات الامتار المكعبه من مياهه في المحيط الاطلسي تصل تقريباً الي 1000 مليار متر مكعب سنوياً في المحيط الاطلسي دون ادني استفاده منها حيث يصب مياهه الغزيره الي مسافه تصل الي 30 كيلو متر داخل المحيط الاطلسي.

ويتميز نهر الكونغو عن بقيه الانهار بعدم وجود دلتا له، كما يعد نهر الكونغو  نهرا محليا؛ اذ لا يمر باي دوله اخري غير الكونغو الديمقراطيه اذا لم نحتسب روافده.

يجد مؤيدو مشروع الربط بين نهري الكونغو والنيل في العوامل السابقه من حيث قرب الموقع الجغرافي بين دوله الكونغو الديمقراطيه ودوله جنوب السودان وهي دوله ممر لنهر النيل.

غزاره مياه نهر الكونغو المهدره في المحيط دون الاستفاده منها فرصه هائله لتعزيز التعاون والاستثمار بين الدول القائمه علي المشروع، وزياده ايراد نهر النيل من المياه وبالتالي حل مشاكل نقص المياه، كذلك انشاء محطات ضخمه لتوليد الكهرباء التي تحتاجها تلك الدول لتحقيق التنميه.

هل المشروع المطروح مثالي يمكن تحقيقه ؟

برغم المثاليه المطروحه للمشروع، الا ان عددا من الخبراء قد شكك في امكانيه او استحاله تنفيذ المشروع المطروح واعتبروه نوعاً من العبث، فقد اكدوا ان هناك مجموعه من العوامل الطبيعيه والجغرافيه نظراً لموقع نهر الكونغو وموقع انشاء المشروع، مما قد يصعب او قد يستحيل معها تنفيذ هذا المشروع.

بالاضافه الي مجموعه اخري من المشاكل والمعوقات السياسيه والقانونيه وكذلك العوامل اقتصاديه والتمويليه، والتكلفه البيئيه والمجتمعيه التي ستترتب علي هذا المشروع ويمكن ببعض من الايجاز ايضاح  تلك المشاكل والمعوقات التي يراها المعترضين علي فكره المشروع  فيما يلي :

المعوقات الطبيعيه و الجغرافيه :

تاتي المعوقات الطبيعيه والجغرافيه في مقدمه العقبات الرئيسيه لهذا المشروع نظراً للطبيعه الجيولوجيه و الجغرافيه للموقع المفترض اقامه المشروع عليه ومن اهم تلك العقبات ما يلي:

اختلاف اتجاه المجري بين نهر الكونغو مع اتجاه مجري نهر النيل، فنهر الكونغو ينبع من الشرق باتجاه الغرب ليصب في المحيط الاطلسي وهو عكس اتجاه مجري نهر النيل الذي ينبع من الجنوب ليسير شمالاً ويصب في البحر الابيض المتوسط . المشروع يفترض نقل مئات المليارات من الامتار المكعبه من المياه من نهر الكونغو الي احد روافد نهر النيل في جمهوريه جنوب السودان وفي حين ان الطبيعه الجغرافيه والجيولوجيه للمكان الذي سيصل بين النهرين منطقه وعره للغايه تعج بالجبال والهضاب وهو ما يصعب عمليه نقل المياه من خلال شق قناه او مد انابيب لمئات الكيلو مترات . كذلك عند الحاجه لنقل المياه سنحتاج الي طاقه ضخمه قد تكون اكبر من طاقه السد العالي لتشغيل محطات رفع المياه لمحطات الرفع التي ستفوق امكانات محطه توشكي, عبر تلك المنطقه المنطقه الوعره من الكونغو لتصل وتصب في احد روافد نهر النيل في جمهوريه جنوب السودان وذالك لضمان تحقيق الجدوي الاقتصاديه، فمن اين ستاتي بتلك الطاقه ؟ فرضاً انه من الممكن مع التقدم الهندسي والتقني وتم نقل المياه من نهر الكونغو الي احد الروافد نهر النيل في جمهوريه جنوب السودان تكون هنالك مشكله اكبر وهي ان منطقه جنوب السودان هي من اكثر مناطق الهدر المائي لمياه نهر النيل حيث تغرق تلك المنطقه في مجموعه من المستنقعات نتيجه لانخفاض معامل انحدار المياه في تلك المنطقه مما يجعل المياه تنتشر بشكل افقي مكونه مجموعه ضخمه من المستنقعات، فهل يمكن ان تنقل مياه تقدر بمئات المليارات من الامتار المكعبه الي تلك المنطقه الغارقه اصلاً في المياه ؟ كذالك يطرح سؤال هل يتحمل مجري النيل مثل تلك المياه الاضافيه ؟ هذا في ظل ما نراه عند حدوث فيضان لمياه النيل فانه يغرق مدناً باكملها كما حدث بجمهوريه السودان مؤخراً او كما كان يحدث بمصر قبل انشاء السد العالي , كذلك فالنيل الأبيض مفترض ان تعبر المياه من خلاله معروف بانخفاض ضفتيه ويفقد تقريباً نصف ايراده المائي عند عبوره لمنطقه المستنقعات لعدد عوامل منها التسرب والتبخر، فهل يتحمل تلك المليارات الاضافيه من المياه ليحملها حتي التقائه مع النيل الأزرق في العاصمه السودانيه الخرطوم ومن ثم جريانهم معاً حتي الوصول الي بحيره ناصر في مصر, ام سيغرق المنطقه المحيطه به ويحولها الي مجموعه ضخمه من المستنقعات الجديده.

الاوضاع السياسيه لدول المشروع  :

لا يمكن اغفال الجوانب السياسيه عند الحديث عن مشروعات ضخمه بهذا الشكل في ظل ان المشروع ليس محلياً وانما هو مشروع عابر للحدود في منطقه معروف عنها كثره الحروب الاهليه والصراعات القبيله، فتقع كل من دولتي الكونغو الديمقراطيه وجنوب السودان في الاقتتالات القبليه الدائمه والحروب الاهليه المستمره منذ زمن، كذالك فالسودان ومصر يعانون من اوضاع سياسيه داخليه وخارجيه صعبه، ويمكن ايجاز اهم المعوقات السياسيه لدول المشروع فيما يلي :

 1- جمهوريه الكونغو الديمقراطيه :

منذ استقلالها عام 1960م لم تنعم بالسلام حتي وقتنا هذا فكلما خرجت من حرب نشبت اخري فاصطلح علي ما يحدث بها من حروب بالحرب الافريقيه العظمي او الحرب العالميه بافريقيا نظراً لتعدد المتحاربين، ليس فقط من داخل الدوله، ولكن كذالك من التدخلات الخارجيه من الدول المحيطه، ويقدر عدد من قتلوا في تلك الحروب بـ5 ملايين شخص.

2- جمهوريه جنوب السودان :

رغم انها اخر دول العالم التي نالت استقلالها، عن جهوريه السودان، فلا تختلف الاوضاع فيها كثيراً عن جراتها الكونغو، فهي  تشهد صراعات سياسيه و قبليه داخليه عديده كان اخرها في محاوله لانقلاب عسكري فاشل، كذلك فلها صراعات سياسيه مستمره مع جارتها الشماليه جمهوريه السودان واحياناً عسكريه منذ استقلاها عنها علي المناطق الحدوديه ومناطق النفط ومشاكل الرعاه علي الحدود بين الدولتين، كذالك زعمها المستمر بتمويل الخرطوم لجماعات مسلحه جنوبيه مناهضه للحكم الحالي في جوبا.

لا يختلف الوضع كثيراً عن جارتها في الجنوب دوله جنوب السودان او جمهوريه الكونغو الديمقراطيه، فتعاني السودان من مشاكل داخليه وخارجيه كثيره من صراعات مسلحه وخلافات شبه دائمه مع دوله جنوب السودان علي المناطق الحدوديه، وكذلك مع مصر احياناً علي مثلث حلايب وشلاتين، كما جاءت في الايام الماضيه تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير التي امتدح فيها مشروع سد النهضه الاثيوبي مفاجئه للقاهره التي اعربت عن معارضتها لها بسبب مخاوف من تاثير السد علي حصتها من مياه النيل.

وتلك التصريحات قد تعني تراجع الخرطوم عن دعمها للقاهره امام اثيوبيا في ازمه سد النهضه مما يزيد من الخلافات بين القاهره والخرطوم، وخلافها الدائم مع المحتمع الدولي بسبب اتهامه للخرطوم بجرائم حرب ضد المدنيين في دارفور، كذلك المشهد السياسي الداخلي للسودان معقد حتي بعد انتهاء الحرب الاهليه مع الجنوب باستقلال الجنوب، فلا زال هنالك مجموعات مسلحه مناهضه لحكم البشير وكذلك هناك احزاب سياسيه تطالب بحقوق سياسيه واجتماعيه وتجلت تلك المطالب في التظاهرات التي شهدها السودان في الفتره الماضيه.

ومن يعتقد ان هذا الاوضاع السياسيه لن يكون لها تاثير علي هذا المشروع فعليه ان يراجع المشروعات السابقه مثل مشروعات استقطاب فواقد المياه وقناه جونقلي، فهي خير شاهد علي هذا.

فقناه جونقلي هذا المشروع الواقع في دوله جنوب السودان متوقف العمل فيه  منذ ما يزيد علي ثلاثه عقود منذ عام  1983م  بعدما كان قد اوشك علي الاكتمال وذلك نظراً للحرب الاهليه والصراعات في السودان بين السلطه المركزيه في الشمال والجنوب قبل استقلال الجنوب، والمشروع عباره عن استقطاب الفواقد المائيه من خلال انشاء قناه في منطقه بحر الجبل ويمكنها ان توفر تقريباً 5 مليار متر مكعب من المياه وحدها وفي حاله اتمام باقي المشروعات الاخري في بحر الزراف ومسنتقعات بحر الغزال ومستنقعات السوباط.

من الممكن توفير ما يقرب من 20 مليار متر مكعب من المياه، وستكون هذ المشروعات مفيده جداً لكل من مصر ودولتي السودان.

هنالك مجموعه المشكلات القانونيه للمشروع ياتي اولها في الخلافات المستمره فيما اذا كان نهر الكونغو نهراً دولياً نظرا، لان له روافده خارجيه ام انه نهر محلي نظراً لوقع المنبع والمصب داخل الدوله.

كما اكد مجموعه من الخبراء منتقدي المشروع ان القوانين الدوليه لا تسمح بنقل المياه من احواض مائيه الي احواض مائيه اخري كما في حاله المشروع المطروح لنقل المياه من حوض نهر الكونغو الي حوض نهر النيل، كذلك لا يعلم اذا ما كانت دول حوض النيل ستوافق علي هذا المشروع ام لا؟ نظراً لان نهر النيل نهر دولي ويجب موافقه دول حوض النيل علي مثل هذا المشروع .

المعوقات الاقتصاديه و التمويليه :

تمثل مشكله التمويل للمشروع احد العقبات الرئيسيه للمشروع، فلم يكشف مؤيدو المشروع عن كيفيه تمويله، هذا في ظل ما تشهده تلك البلاد القائم علي اراضيها المشروع من ضعف اقتصادي لايمكن معه تحمل تكاليف باهظه لمشروع لا يعلم مدي جدواه الاقتصاديه مع تلك التكاليف المرتفعه.

كذلك اختلاف الاولويات بين تلك الدول ومصر، حيث ان هذه الدول لا تهتم كثيراً بقضيه المياه نظراً لغناها المائي، وانشغالها بالصراعات الداخيله والخارجيه علي حساب التنميه، مما قد يؤدي لرفض تلك الدول للمساهمه في تمويل هذا المشروع فماذا لو رفضت تلك الدول ان تساهم في التمويل في المشروع؟

فهل يمكن لمصر في هذا الوقت ان تتحمل تكاليف مثل هذا المشروع وحدها ؟

كما ان المشروع يحتاج الي وقت طويل للتنفيذ نظراً لطبيعه المشروع من حفر ونقل للمياه، كذلك فسيكون هناك حاجه ماسه لتعويض المتضررين من المشروع نظراً ان بعض المناطق الرعي قد تغمر بالمياه او قد يتم تجفيفها مما يؤثر علي حياه الرعاه وثرواتهم الحيوانيه في تلك المناطق وسيحتاجون الي تعويضات عن الاضرار التي ستلحق بهم.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل