المحتوى الرئيسى

محمد الشهاوي يكتب: العاصمة الجديدة: حقيقة أم تَكسُب سياسي | ساسة بوست

09/21 19:44

منذ 2 دقيقتين، 21 سبتمبر,2015

اليوم يكون قد تمت سته اشهر علي انتهاء فعاليات المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ الذي اسفر عن صياغه مذكرات تفاهم بين الحكومة المصرية وبعض المستثمرين والدول الاجنبيه الا ان الاهم كان المشروع الذي اعلن عنه وزير الاسكان المصري، مصطفي مدبولي، وهو مشروع العاصمه الاداريه الجديده الذي ما زال مؤيدو النظام يتباهون به بين الحين والاخر.

اين مشروع العاصمه الجديده الان؟ من الممول الامارات ام الصين؟

محمد بن علي العبار هو المدير التنفيذى لشركه اعمار الامارتيه وهي من اكبر شركات الاعمار بالعالم العربي والشرق الأوسط. اعمار الامارتيه هي التي قامت بتنفيذ وسط مدينة دبي الذي اصبح من اهم مناطق الجذب السياحي في السنوات الماضيه والشركه هي ايضا المنفذه لمشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.

قام العبار بتاسيس شركه كابيتال سيتي بارتنرز خصيصًا من اجل مشروع العاصمه المصريه الجديده لكن النظام ومؤيديه قدموا العبار وشركته علي انه الممول والمنفذ وبذلك اخلوا بمفهومي التنفيذ والتمويل والفارق الواضح بينهما.

في السابع من الشهر الجاري كشف وزير الاستثمار، اشرف سالمان، عن الغاء مذكره التفاهم مع العبار التي تم توقيعها في مارس الماضي. هكذا نقلت صحيفه “اليوم السابع” الخبر ثم صرح الوزير ذاته “لم اقل اننا الغينا مذكره التفاهم مع العبار بل ذكرت تحديدًا انه ممكن يحصل (العبار) علي جزء من المشروع”. ثم اضاف ان مصر وقعت اتفاقًا اخر مع شركه صينيه “لدراسه بناء وتمويل الجزء الاداري من مشروع العاصمه الجديده”.

الباحث سيخلص الي تضارب في التصاريح حول حقيقه استمرار رجل الاعمال الاماراتي، محمد العبار، في دعم المشروع من عدمه ودخول شركه صينيه جديده بغرض “دراسه بناء وتمويل الجزء الاداري”. كما يفيد البحث بمشاركه الهيئه الهندسه للقوات المسلحه في عمليه التشييد والانشاء. لان المشاركه الوطنيه ستكون محدوده قياسًا علي الوضع الاقتصادي الحرج للدوله المصريه فسنهمل عنصر التمويل الداخلي ونبحث في حقيقه وجود الدعم الخارجي من عدمه.

مدينه مصدر الاماراتيه: نجاح نسبي ودرس في الاقتصاد

في عام 2006، اطلقت حكومه ابو ظبي مشروع انشاء مدينه صديقه للبيئه بتكلفه تتراوح من 18 الي 22 مليار دولار امريكي واطلقت عليها اسم مصدر. المدينه تهدف للارتكاز علي مصادر الطاقه المتجدده فقط والا تطلق اي انبعاثات كربونيه، ضاره بالبيئه. تم تخطيط انشاء المدينه علي مرحلتين علي ان يتم الانتهاء تمامًا في خلال ثماني سنوات.

كان التخطيط ان تتم المرحله الاولي بنهايه عام 2009 الا ان الازمه الماليه التي ضربت دول العالم في عام 2008 حالت دون اتمام المشروع في الموعد المحدد وتم تاجيل موعد انتهاء المرحله الاولي الي 2015 الا انه لم يتم اعلان انتهائها الي الان. كما تم تقديم موعد انتهاء اعمال المدينه كليًّا الي 2025.

المدينه نجحت في جذب الانظار اليها كونها مبنيه علي فكره مميزه ولان حكومه الامارات انفقت اموالا وجهدا في الدعايه للمدينة الجديدة. فمن اهم مظاهر الدعم الدولي ان اعلنت حكومه الولايات المتحده دعمها للمشروع وكذلك اعلنت وزاره الطاقه الامريكيه. كما زارت وزيره الخارجيه الامريكيه السابقه، هيلاري كلينتون، المدينه. ومن اهم مظاهر الانفاق ان ابوظبي عرضت علي الوكاله الدوليه للطاقه المتجدده استضافه مقرها الرئيسي في مقابل الحصول علي المبني مجانًا و20 منحه دراسيه لمعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا وما يقارب 350 مليون دولار قروض للدول الناميه في مجال الطاقه.

من خلال تجربتها، هل تدعمنا الامارات؟

نجحت الامارات في الحفاظ علي استمراريه المشروع لكنها فشلت في الحفاظ علي جدول اعماله. كما ان نجاح المدينه كان مرتبطًا بامتلاكها طبيعه خاصه بالاضافه الي الارتكاز علي التمويل الوطني الذي وصل الي مستوي عالٍ من الدعايه الدوليه للمشروع. كما ان الترحيب الغربي بالمشروع كان مرتبطًا بطبيعه المدينه التي ترتكز علي الطاقه المتجدده غير الحفريه وهو امر مهم وحيوي ويؤسس لخلق مدن اخري علي نفس الطراز.

بالعوده الي حقيقه تمويل الامارات لمشروع العاصمه الجديده من عدمه وبالاخذ في الاعتبار ما نقلته سابقًا جريده “المصرى اليوم” عن “مصادر خاصه” رجحت ان الخلاف المصري مع المستثمر الاماراتي يعود الي رغبه الاخير في الاقتراض من البنوك المصريه بدلًا من الاعتماد علي مصدر تمويل خارجي، نجد ان الامارات التي قامت بتقديم جدول اعمال مدينه، وطنيه، بتكلفه 18 مليار دولار اكثر من عشر سنوات بالتاكيد لن تمول مشروع تكلفته تتجاوز 50 مليار دولار امريكي في دوله اخري والاغلب انها ايضًا لن تشارك.

مع بدايه عام 2000، بدا العملاق الصيني خططًا كبري بالتوسع في بناء المدن الجديده رغبه من الحكومه في استدراج ابناء الريف الي المدن التي اصبح الاقتصاد الصيني مرتكزًا علي الصناعات القائمه بها. ذكر تقرير حديث من “رويترز” ان عدد المدن الجديده من عام 1949 الي الان قفز الي 600 مدينه توصف بانها “ميجا سيتيز” اي مدن عملاقه.

علي مدار السنوات الماضيه، نشرت صحف دوليه عن مشاريع المدن الجديده العملاقه التي تم تنفيذها في الصين ولقبها الكثير بانها “جوست سيتيز” اي مدن تسكنها الاشباح. بالاضافه الي ان هذه المدن تسببت في جرف الاف من الافدنه الزراعيه وتبويرها لتقدمها الحكومه ارضًا بخسه الثمن لرجال الاعمال الا ان المدن كانت بمثابه استثمار غير مُربح.

في تقرير من مجله “انترنشونال بيزنيز تايمز” نقلت فيه عن صاحب محل للورد، قام بافتتاح محله في احدي المدن الجديده، قوله “اين الناس؟ لا احد هنا”. وعن مستثمر اخر: “سافقد مشروعي قريبًا. انا وفريق عملي ندرس الانتقال الي بكين بحثًا عن عمل”. لكن هذا التقرير تم نشره في عام 2013 عندما بدا الحدث عن فشل الصين في جذب سكان الي مدنها الجديده فهل يتفق واقع اليوم مع التقرير ام لا؟

وسط المقالات التي تنتقد استمرار استنزاف الصين للموارد الطبيعيه في بناء مدن جديده الي اليوم، هناك مقال تم نشره علي “رويترز” يعترض علي فكره “مدن الاشباح” ويرتكز التقرير علي بعض الارقام الضئيله نسبيًا تفيد بانتقال سكان جدد الي المدن الجديده. الا ان تقارير اخري اكدت ان الصين فشلت الي الان في استقطاب سكان الي المدن الجديده لتدور عجلتها الاقتصاديه.

مجله “فوربس” المختصه بالاعمال نشرت تقريرًا ذكر ان “40 بالمائه تقديريًا من 300 مليون صيني (مستهدف انتقالهم للمدن) سينتقلون الي المدن بحلول عام 2030” وهو عدد ضئيل جدًا في مدي زمني طويل.

من خلال تجربتها، هل تدعمنا الصين؟

الشركه الصينيه التي ذكرت الحكومه المصريه عقد اتفاق معها تدعي “تشينا كونستراكشن” وهي مملوكه ضمن مجموعه شركات تحت مسمي “تشينا كونستراكشن جروب”. الشركه مملوكه للدوله ولها مكانه مرموقه دوليًا في عالم الانشاء والتعمير والبنيه التحتيه. كون الشركه صينيه يعني ان لديها ادراك لطبيعه المشاكل التي تواجه المدن الجديده وعدم وضع خطط منطقيه لنقل السكان في الاعتبار يعني انها مخاطره استثماريه للشركه.

ولو اخذنا في الاعتبار ان الصين مستمره في بناء المدن الجديده رغم الانتقادات فان قدرات الشركه ستكون مستنفذه داخليًا وهو ما تدل عليه نوعيه المشاريع التي قامت بها خارج الصين التي كانت قاصره علي “طريق للعاصمه اديس ابابا” و “ميناء تجاري بالسودان” و “ميناء للشحن النفطي بالمكسيك” ومشاريع اخري تقريبًا بنفس القدره الانشائيه.

كون الشركه ملكيه عامه يضع شكوكًا حول لفظه “تمويل” التي استخدمها وزير الاستثمار، اشرف سالمان، اثناء حديثه عن الاتفاق مع الشركه الصينيه. لان الصين حاليًا تتخذ اجراءات حازمه تجاه سحب العمله الامريكيه من بنوكها بسبب هروب رؤوس الاموال وزياده عدد المهاجرين الصينيين عن طريق الاستثمار في الولايات المتحده الامريكيه وعده دول اوروبيه. ووصفت “سي ان ان” حصول رجال اعمال الصين علي “الجرين كارد” بانه “تذكره خارج الصين، بعيدًا عن التلوث وبحثًا عن تعليم افضل لابنائهم”.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل