«الحج» رحلة ميلاد جديدة أصلها سيدة مصرية

ساعات قليله ويبدا اكثر من مليوني مسلم من شتي بقاع العالم مناسك حجهم، حيث تتوافد جموع الحجيج علي مشعر جبل عرفات المقدس (الذي يبعد عن حدود مكة المكرمة بحوالي 22 كيلومترا)، لاتمام ركن الحج الاعظم، بعد ان تهيئوا له بالنيه والاحرام وطواف القدوم والتوجه للمبيت في المزدلفه.

تتنوع الطقوس والمناسك وتتعدد العبادات في الاسلام، ويظل لموسم الحج وعيد الاضحى رونقهما الخاص، والاهميه الاكبر في قلوب المسلمين من عمار البيت حاجين ومعتمرين، مبتهجين بالعيد وذبح الاضحيه في رحاب الله ورسوله.

ويحظي المسلمون هذا العام بظاهره لم تحدث منذ عقدين، حيث سيكون هناك 3 خطب في ثلاثه ايام متتاليه، وهي خطبه وقفه عرفه يوم الأربعاء، وخطبه العيد الخميس، وخطبة الجمعة.

ميز الله يوم عرفة (التاسع من شهر ذي الحجه) علي غيره من الايام، ففيه يجاب الدعاء، وتقال العثرات ، ويباهي الله فيه الملائكه باهل المشهد، وهو يوم عظم الله امره، ورفع علي الايام قدره، فهو يوم اكمال الدين واتمام النعمه، ويوم مغفره الذنوب والعتق من النيران، واليوم الذي اقسم الله به، والعظيم لا يقسم الا بعظيم وصيامه يكفر سنتين، وهو اليوم الذي اخذ الله فيه الميثاق علي ذريه ادم .

وشعائر هذا اليوم تبدا بعد ان يصلي الحجيج صلاه الفجر في مني (التي تبعد 7 كيلومترات عن مكه) فينتظرون الي شروق الشمس، ثم يسلكون بعدها طريقهم الي عرفه وهم يرددون التلبيه، ويقضون فيها النهار كله حتي غروب الشمس، حيث يدعون الله ويذكرونه ويبتهلون اليه كثيرا مقتدين في ذلك بفعل النبي صلي الله عليه واله وسلم، ويتخلل اليوم خطبه يلقيها امام الحجاج ثم يصلون خلفه الظهر والعصر جمعا وقصرا باذان واحد واقامتين.

يقضي المسلمون يوم عرفه في الصلاه والدعاء والاستغفار وقراءه القران من شروق الشمس لغروبها، ثم النحر والحلق والتحلل ورمي جمرات العقبه مع بدايه ايام التشريق، وتبدا مناسك يوم عرفه منذ انتهاء الحجيج من صلاه الفجر في مشعر مني المقدس، وينزل الحجاج من مشعر عرفات مع غروب الشمس، حيث يتوجهون للمزدلفه ثالث المشاعر المقدسه.

تاخذهم مناسكهم الي مساحه من الصفاء والخشوع والشفافيه، يحاورون الله بقلوب محترقه ودموع مستبقه خائفه قلقه، وكلهم راج احسن الظن بوعد الله وصدقه، وتائب اخلص التوبه، هارب من ذنوبه لاجئا الي الله طارقا بابه، فكم هناك من مستوجب للنار انقذه الله واعتقه، ومن اعسر الاوزار فكه واطلقه وحينئذ يطلع عليهم ارحم الرحماء، ويباهي بجمعهم اهل السماء، ويدنو مشهدا ملائكته انه قد غفر لهم.

تتعلق بهم عيون القابضين علي الرغبه والتمني، قلوب الهبها شوق الزياره واحرقها، يتابعون مشهد الوقوف بعرفه عبر التلفاز والحجيج في ملابس احرامهم البيضاء، ليظل مشهد هذا اليوم مشهدا مهيبا وجليلا بمعناه الديني والانساني والاجتماعي، ياخذ قلوب ووجدان مشاهديه عن بعد. وفضل وقفه عرفه بين مناسك الحج لا ياتي من فراغ ففضلها عظيم وكبير بين سائر الايام الاخري، وايام شهر ذي الحجه نفسه فهو اليوم الذي اتم الله دينه علي امه الاسلام كما اعلن سيد الانام ذلك في خطبه الوداع، في حجته الاولي والوحيده للبيت الحرام.

والحج عباده تجمع العبادات وتربط شريعه محمد بابيه ابراهيم، وشرطها قبل السفر الاستطاعه والقدره الماديه والصحيه، وبعد العوده من الرحله الحفاظ علي التوبه لضمان استدامتها، ويرجع موضوع عماره بيت الله الحرام الذي يحج اليه المسلمون كل عام الي سيده مصريه هي السيده هاجر، عندما تركها زوجها ابو الانبياء ابراهيم في الصحراء وحيده مع ابنها، وهاجر اسم من جزئين «ها» وتعني باللغه الهيروغليفيه زهره اللوتس، و«جر» ومعناها ارض مصر، وكنايتهما مصر.