المحتوى الرئيسى

«أسبوع الفيلم الألماني 2».. حيوات مُختَرقة

09/21 10:02

تستمرّ العروض اليوميه للافلام المختاره للنسخه الثانيه من «اسبوع الفيلم الالماني»، المنظَّم من قِبَل «معهد غوته» و «جمعيه متروبوليس» في بيروت. عروض يوميه، تختلط فيها انتاجات حديثه (بين العامين 2013 و2015) وعناوين سينمائيه متفرّقه لفيم فانديرز، المُكرَّم في النسخه هذه (الافلام كلّها مُترجَمه الي اللغه الانكليزيه).

ينتمي «سترومبيرغ، الفيلم» (2014، 123 د.، 8 مساء اليوم الاثنين 21 ايلول 2015) لارني فيلدهوسن الي فئه سينمائيه ترسم صوره واقعيه لمال النظام الرأسمالي، عبر تفكيك بعض الظاهر في اشتغالات شركات كبيره، وتُقدّم نموذجاً للخراب الانساني المتاتي من انهيار (مقصود او غير مقصود) لاليه العمل هذا، بالنسبه الي عاملين يُشكّلون، بطريقه او باخري، جزءاً من الطبقه الوسطي. هناك تساوٍ بصريّ قائم بين نقدٍ مبطّن وهادئ للنظام الراسماليّ وجوانب انسانيه لحكايه الانهيار. فالاحتفال بالعيد الـ50 لتاسيس شركه «كابيتول» للتامين يترافق ومستويين من السرد: رحله جغرافيه لموظّفي الشركه للاحتفال بعيدها، ورحله انحدار نفسي ـ معنوي يعيشه هؤلاء في ظلّ الاحتفال. متعه الاستراحه الريفيه تواجهها عقبه: هناك اشاعه مفادها ان ظروفاً ما تحيط بالشركه تدفعها الي اعتماد خيار لن يُرضي الموظّفين جميعهم. هناك لحظه تحوّل تُفرض علي هؤلاء الموظّفين، تحت غطاء فرح اللقاء الريفيّ، والاحتفاء بذكري لا تُنسي. هناك توتر يحدث، و»انقلاب اقدار» ـ ان يصحّ التعبير هنا ـ بالنسبه الي اناس يظنّون ان الاحتفال خطوه جديده الي الامام، فاذا به عاصفه تُطيح باتّكائهم المعهود علي متانه الوظيفه، المؤدّيه الي متانه عيش.

لحظه الانقلاب هذه حاضرهٌ في «ستيريو» (2014، 94 د.، 10 مساء غدٍ الثلاثاء 22 ايلول 2015) لماكسيميليان ايرلينفاين، لكن بطريقه اخري. فالثنائيّ ايريك وجوليا متناغمٌ احدهما مع الاخر في علاقه لذيذه، ونمط عيش هادئ. ليندا، ابنه جوليا، مرتاحه الي «والدها» الجديد. لكن ظهور هنري مريبٌ. رجل غامض، لديه سلوك لا يُطمئن. تصرّفاته غريبه. يتدخّل في حياه العائله الصغيره هذه فجاه. يُشيع مناخاً عدائياً، ويُفرز ذبذبات سلبيه. يحاول ايريك التخلّص منه، من دون جدوي. هذا نوع سينمائي يرتكز علي لعبه حصار مفروض علي افراد يجدون انفسهم، فجاه، في ارتباك لحظه، او في دائره تسلّط يُمارس عليهم من قِبَل اخرين. لحظه تحوّل مرير تُصيب الثلاثيّ، فتنشا منها مرحله اخري من التوتر: عصابات، ومطاردات، وفوضي، وعلاقات معقّده وملتبسه تكشف جوانب «خفيّه» في ماضٍ او ذاتٍ او انفعالٍ. التشابه بين الفيلمين كامنٌ في لحظه الانقلاب. الرحله الريفيه في الفيلم الأول غطاء لمازق ينكشف ذات لحظه غير مُنتظره بالنسبه الي الموظّفين. الهناء والسكينه في الفيلم الثاني معرّضان الي اهتزاز عنيف ناتج من اختراق طرف خارجيّ لهما، ولناسهما. اما التفاصيل السينمائيه (الحبكه، فنّ المعالجه، السياق، التمثيل، التوليف، الخ.)، فمشغوله بحرفيه مهنيه تساهم في صنع تناقضات بين ذروه الهدوء، وقوّه الارتجاج الهادف الي تحطيم الهدوء هذا.

النازيه وتاثيراتها القاتله ماده سينمائيه (وغير سينمائيه ايضاً) غنيه بما يمنح اي مبدع امكانيه صنع جديد بصري ما. ليس مهمّاً الزمن. تناول النازيه وبشاعتها قابلٌ للتداول الفني دائماً، سواء يعود السينمائيّ (وغيره) الي زمن نشاطها الدموي العنيف، او يختار الاعوام الاولي لهزيمتها، او يلاحق اشباحها في الراهن. «متاهه الاكاذيب» (2014، 124 د.، 10 مساء الاربعاء 23 ايلول 2015) لغيليو ريتشياريلي يعود الي البدايات الاولي لاعاده اعمار المانيا المنقسمه الي دولتين. تُروي الحكايه في العام 1958. انه «زمن المعجزات الاقتصاديه». 13 عاماً علي نهايه الحرب العالميه الثانيه، وعلي انتحار ادولف هتلر، مخلّفاً وراءه ابشع الجرائم المرتكبه بحقّ البشريه. يوهان رادمان يُعيَّن حديثاً وكيلاً للنيابه العامه. شخصيه متواضعه ومنزويه، تقوم بوظيفتها بشكل كامل. اليوميّ دعوه الي فرح الحياه. داخل اروقه المحكمه، ينتبه الي كلام يقوله احدهم بخصوص «معلّمه»: انه حارس سابق في معتقل «اوشفيتز». لن يهدا بال يوهان. يبدا تنقيبه في ماضي بلده وناسه، وفي تاريخهما. يُلاحق الحارس السابق. يفتح ملفات ساخنه لم تُغلق اصلاً. يكتشف عالماً مختلفاً لم يعرفه. يكتشف «متاهه من الاكاذيب». ينتبه الي ما هو اخطر من «اكذوبه» الاعمار وتفاصيله المختلفه: هناك شبكه متكامله تعمل علي تزوير وقائع، وتمارس قمعاً ثقافياً وفكرياً وانسانياً بهدف اشاعه مناخٍ من «المثاليه» المطلقه.

فيلمان اخيران يُشاركان في النسخه الثانيه من «اسبوع الفيلم الالماني»، المنتهيه مساء 27 ايلول 2015، بعرض «القطع» لفاتح اكين («السفير»، 17 ايلول 2015). الاول بعنوان «زمن اكلي لحوم البشر» (2014، 93 د.، 8 مساء الخميس 24 ايلول 2015) ليوهانس نابر: قراءه سينمائيه اخري لواقع العمل في شركات راسماليه. موظّفان يتقاضيان راتبين كبيرين لقاء عملهما في شركه استثمار. لكنهما يخوضان صراعات ومنافسات حاده بينهما، بهدف تامين مصالح ذاتيه فرديه. يعيشان اختبارات بهدف مراكمه ارباح اضافيه لهما. الثاني بعنوان «المنزل من الداخل ـ وقائع رؤيه» (2013، 230 د.، 8 مساء السبت 26 ايلول 2015) لادغار رايتس: ريف المانيا في القرن الـ 19. جوع وفقر وقهر والام، واحلام بخلاص لا يظهر. الهجره الي اميركا الجنوبيه اشبه بنفاذٍ من دائره الموت البطيء هذا. لكن السؤال صعبٌ: البقاء، او المغامره واختبار الهجره؟

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل