ولكن كيف سقطت -حقًا- رافعة الحرم؟!

ولكن كيف سقطت -حقًا- رافعه الحرم؟!

الفيزياء وخبراء الروافع يحللون اسباب سقوط رافعه الحرم

WIRED – نيك ستكتون ترجمه: مصعب صلاح

قبل ساعه من غروب الشمس، كان الشفق يغطي سماء المدينه المقدسه. يحل طقس عاصف علي مكه مع نهايه موسم الصيف، وهو ايضًا الموسم الذي يسبق شعيره الحج مباشره.

كان المسجد الحرام في مركز المدينه ممتلئا بالزوار حين هبت عاصفه قويه وضربت المدينه ومرت من خلال الابراج المرتفعه، والمباني التي لم يكتمل بناؤها، وغابه من الرافعات العملاقه.

كانت، علي ما يبدو، عاصفه كبيره جذبت رافعه مجنزره، ودفعت برجها حتي انقلبت الي الخلف، وسقطت علي سقف المسجد.

عندما سقطت الرافعه في الساعه 5:20 مساء يوم 11 سبتمبر، سقطت بقوه، والاصطدام تسبب في تفكك اطنان من الحطام والخرسانه، وسقوطها علي الحجاج والزوار بالداخل. 111 شخصا لقوا حتفهم واصيب حوالي 400 اخرين. لكن الرافعات مخصصه لحمل الاشياء الثقيله من علي الارض، انها مصممه لتكون مستقره تمامًا، فكيف انقلبت بهذه الطريقه الكارثيه؟

يقول هنري بتروسكي، الذي درس الاخطاء الهيكيليه في جامعه ديوك، ان “المفهوم الفيزيائي (للرافعات) بسيط جدًا”. ويضيف: “ايًا كان ما تحمله فهو قوه لا يستهان بها، والحفاظ علي توازنها يعتمد علي تصميمها الهندسي”. وكانت الرافعه التي سقطت في المسجد الحرام من نوع الرافعات الهيدروليكيه المجنزره (crawler crane) التي تتكون من اربعه اجزاء هندسيه رئيسيه هي: قاعده الرافعه، وذراعها، ومحاورها، والكابلات.

قاعده الرافعه، حيث يوجد محاور الرافعه كما يوجد المشغل، ترتكز علي اثنين من الجنازير التي تشبه الدبابات. ويرتبط ذراع التطويل بالجزء الامامي من قاعده الرافعه، وهو الذراع الطويله التي ترفع حموله الرافعه، مرتبطه بواسطه كابلات صلبه لجزء اصغر يسمي الصاري، ويمتد من الجزء الخلفي من قاعده الرافعه. الكابلات تحرك ذراع التطويل لاعلي واسفل ولكن الصاري هو ما يحافظ علي توازن الثقل.

لنقل انك تريد رفع 10 اطنان. هذا الوزن يبدو متزنًا اذا كان قريبًا او مباشره فوق قاعده الرافعه، وبتمدد ذراع التطويل لحموله الرافعه، تواجه قاعده الرافعه مشاكل في البقاء علي الارض ويحتاج ذراع التطويل المزيد من الدعم للحفاظ عليه من الانحناء.

علي الرغم من انخفاض مركز الجاذبيه، لكن الرافعات المجنزره (crawler crane) سميت بهذا الاسم بسبب تحركها علي جنازير الدبابات، وهي اكثر استقرارًا من الرافعات البرجية (Tower crane). يقول تيري ماكاجنيتان، مشغل الرافعات المخضرم البالغ 43 عاما، وصاحب موقع متخصص في السلامه المهنيه: “بالاساس الرافعات الزاحفه يجب ان تكون علي ارض صلبه ولا يرتفع مستواها عن الارض الا بنسبه 1%”. ويضيف ان الارض اللينه تخل بتوازن الرافعه، وفي حال الاخلال بالتوازن تاتي لحظه الكارثه.

الرياح هي اكبر عدو للرافعات، وحتي افضل مواقع البناء عرضه لخطرها، وذلك لان ذراع التطويل يصبح عتله ضخمه يمكن ان تدفعها الرياح. ويوضح ماكاجنيتان: “لو فكرت في الامر، فانه كلما ارتفع ذراع التطويل لاعلي، كلما احتاج الامر رياحا اقل للتاثير علي الرافعه”

في مساء يوم الانهيار، اظهرت محطه الطقس في مطار مكه ان سرعه الرياح وصلت الي 25 ميلًا في الساعه، وهذا لا يظهر قوه هبوب الرياح في الاماكن المرتفعه، او كيف تتصرف الرياح حينما تواجه او تمر بين مباني ذي ارتفاعات كبيره مثل المباني المحيطه بالمسجد الحرام. يقول بتروسكي: “يمكن ان يكون لها اثار توجيهيه”، ويضيف: “فعلي سبيل المثال اذا كنت تواجه تدفق للمياه وقمت بتضييق مجري القناه، سيؤدي ذلك لسرعه تدفق المياه، المباني الشاهقه تفعل نفس الشيء مع الرياح حيث تجبرها علي التحرك بسرعه للمرور بينها”.

كانت الرافعه التي سقطت واحده من عشرات الروافع المحيطه بالمسجد الحرام، ويعتقد ماكاجيتيجان ان هذا الحشد من الرافعات لم يعط لمشغل الرافعه مساحه كافيه لخفض ذراع التطويل. فحينما تتحرك الرياح بهذه السرعه يجب علي مشغل الرافعه اما خفض ذراع التطويل لاسفل او وضعها في الارض.

واخيرًا، فان الارض نفسها يمكن ان تصبح عاملا يمنع ثبات الرافعه، فالروافع ثقيله للغايه وتضع كميه هائله من الضغط علي الارض اسفلها. يقول بتروسكي: “المطر يمكن ان يجعل الارض اسفل الرافعه لينه”. حتي في وجود الرياح البسيطه او انعدامها فان الارض الرطبه يمكن ان تكون السبب في اي حادث، فحتي الركائز المربوطه بشكل صحيح لن تساعد كثيرًا ان لم تكن مثبته بارض صلبه. وصوره الرافعه المنهاره تُظهر انتشارًا لركائزها علي الارض.