المحتوى الرئيسى

انتخابات 4 سبتمبر/أيلول بالمغرب.. السياقات والدلالات

09/18 18:19

شهد المغرب يوم 4 سبتمبر 2015، انتخابات جماعية وجهويه، هي الاولي في البلاد منذ الحراك الشبابي الذي عرفه العالم العربي سنه 2011 بشكل عام، والحراك الذي عرفه المغرب منذ 20 فبراير من نفس السنه بشكل خاص، وما تلا ذلك من اصلاحات سياسيه عرفتها البلاد، تمثلت في اقرار دستور جديد شهر يوليو من السنه ذاتها، ثم انتخابات برلمانيه بعد اربعه اشهر، اعطت لحزب العداله والتنميه الاسلامي المرتبه الاولي.

حطت جميع الانظار علي هذه الانتخابات، نظرا لاهميتها كما تقدمت به في السياق الاولي من جهه، ومن جهه ثانيه لتتبع التنافس السياسي بين الاحزاب المغربيه، خاصه بين الاحزاب المشكله للاغلبيه الحكوميه واحزاب المعارضه، والاهم من هذا وذاك، فهي تاتي كعمليه استفتاء لشعبيه حزب العداله والتنميه قائد الحكومه. لذا سنقف عند سياقات ودلالات الانتخابات الجماعيه والجهويه بالمغرب، علي مستوي حزب العداله والتنميه قائد الاغلبيه الحكوميه، وايضا علي مستوي احزاب المعارضه.

حزب العداله والتنميه: انتخابات بطعم الاستفتاء

تمكن حزب العداله والتنميه خلال هذه الانتخابات، من الظفر بعدد مهم من المقاعد علي مستوي مختلف الجماعات الحضريه والقرويه، حيث حصل علي ما يقارب 1.672.000 صوت في مجموع التراب الوطني، وهو ما يعني حصوله علي اكثر من 5000 مقعد بالجماعات المذكوره، في الوقت الذي كان فيه الحزب قد حصل في الانتخابات الجماعيه لسنه 2009 علي ما يقارب 460.770 صوت، بعدد المقاعد حدد في 1552 مقعداً.

اما علي مستوي الجهات، فقد حصد حزب العداله والتنميه علي 174 مقعدا بالمجالس الجهويه، محتلا بذلك الرتبه الاولي بين باقي الاحزاب، ومتقدما عن اقرب منافسيه وهو حزب الاصاله والمعاصره بفارق 42 مقعدا.

هذه الارقام والمعطيات لا ينبغي المرور عليها مرور الكرام، كيف ذلك وهذا الحزب هو الذي يقود الحكومة المغربية، اي ان العديد من الاجراءات اصدرتها الحكومه، ربما لم تكن في مصلحه المواطنين، الشيء الذي سيدفع هؤلاء المواطنين بعدم التصويت علي حزب العداله والتنميه كاجراء عقابي له، او هكذا تمناها معارضوه.

تقلد حزب العداله والتنميه شؤون تدبير البلاد اواخر سنه 2011 في وقت عصيب، اتسم بطغيان نفس احتجاجي يطوف المغرب طولا وعرضا، شمالا وجنوبا، غير انه لم يصل الي نفس المستوي الذي عرفته البلدان المجاوره له، كتونس وليبيا ومصر، كما رفع الحزب في مرحلته شعار محاربه الفساد، الشيء الذي دفع بالعديد من المواطنين المغاربه بعقد العزم عليه.

خلال مسيرته التدبيريه لشؤون البلاد، اتخذ الحزب بمعيه احزاب الاغلبيه الاخري اجراءات اجتماعيه واقتصاديه لاقت استحسان المواطنين، كما اتخذت ايضا اجراءات اثارت حفيظه الطبقه الوسطي والفقيره، وهو ما كانت تبرره الحكومه بالظرفيه الصعبه للبلاد وبمصلحه الوطن، فيما كان رئيس الحكومة والامين العام لحزب العداله والتنميه عبد الاله بن كيران يكرر في كل مناسبه: "اذا كانت مصلحه الوطن تقتضي منا ان نضحي بشعبيه حزبنا، فلنضحي بهذه الشعبيه.. مصلحه الوطن اولي".

في هذه الانتخابات، وانطلاقا من النتائج التي حصل عليها حزب العداله والتنميه، يبدو ان المغاربه- ليس كلهم- قد استوعبوا الظروف التي تمر بها البلاد، واستوعبوا ما تقتضيه مصلحه الوطن، لذلك صوت اكثر من مليون ونصف المليون مغربي علي هذا الحزب، ربما لاقتناعهم بمنجزات الحزب علي مستوي الحكومه، ربما بتاثرهم بشخصيه عبد الاله بن كيران وملامستهم لصدقه ووفائه، او ربما لانهم لم يروا بديلا حقيقيا في صفوف احزاب المعارضه.

احزاب المعارضه: تقدم بطعم الهزيمه

منذ مده طويله واحزاب المعارضه المغربيه، المتمثله في حزب الاستقلال، حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيه، وحزب الاصاله والمعاصره، تعمل علي تاجيل موعد الانتخابات الجماعيه والجهويه، وهو ما اعتبره البعض امرا مثيرا للسخريه، ما دام في مختلف البلدان الديمقراطيه، المعارضه هي التي تطالب دائما باجراء انتخابات مبكره، فيما قراها البعض الاخر علي انها تكتيك سياسي، الغرض منه اجراؤها اواخر الولايه الحكوميه الحاليه التي ستنتهي اواخر سنه 2016، حتي تكون الاغلبيه الحكوميه منهكه شعبيا بفعل ما تراه المعارضه قرارات لا شعبيه تمس في جوهر الحياه العامه للمواطن البسيط اقدمت عليها الحكومه، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

سياسيا، لم تكن نتائج انتخابات 4 سبتمبر في صالح احزاب المعارضه، فالامين العام لحزب الاصاله والمعاصره مصطفي الباكوري لم يتمكن من الفوز بمدينه المحمديه، ومدينه طنجه التي كان يتراس مجلسها القيادي في الحزب ذاته فؤاد العماري قبل هذه الانتخابات، اصبحت بيد حزب العداله والتنميه، ومدينه فاس التي كان يعتبرها الاستقلاليون قلعه من قلاعهم المحصنه منذ 12 سنه، سقطت هي الاخري من يد الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط وراحت بين يدي القيادي في حزب العداله والتنميه ادريس الازمي الادريسي، نفس الشيء مع العاصمه الرباط التي كان يسيرها القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيه فتح الله ولعلو، اصبحت بعد يوم 4 سبتمبر في يد حزب العداله والتنميه، اضف اليها مدينه اكادير التي سيرها الاتحاديون لعقود، هوت هي الاخري بين احضان حزب العداله والتنميه، ولم تكن مدينه مراكش بعيده عن هذا التراجع حينما سقطت من حزب الاصاله والمعاصره وظفر بها حزب العداله والتنميه.

يبدو من كل هذا ان خطاب احزاب المعارضه لم يعد يجدي نفعا لدي المواطن المغربي، فاتهاماتها للامين العام لحزب العداله والتنميه بالانتماء لما يعرف بـ "داعش" و"الموساد" لم تنل من اختيار الناخبين، وخلقها لمعارك هامشيه لا تسمن ولا تغني المواطن من جوع، هي الاخري لم يعد لها جدوي، وكان حال هذا الاخير يقول: "صارحني حتي وان اخطات فانت مقبول عندي".

اليوم، وقبل عام من الانتخابات البرلمانيه، علي احزاب الحكومه ان تسرع من وتيره منجزاتها لصالح الطبقه الوسطي والفقيره، وان تكمل المشاريع التي انطلقت في هذه الفتره، وعلي احزاب المعارضه ان تجدد خطابها، ليكون واقعيا اكثر، حتي يري فيها الشعب بديلا حقيقيا لما هو موجود اليوم علي الساحه السياسيه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل