المحتوى الرئيسى

أحمد شعبان يكتب: أشياء لا تعرفها عن الإسكندرية وأهلها | ساسة بوست

09/15 16:59

منذ 1 دقيقه، 15 سبتمبر,2015

اعتادت الافلام المصريه – كعادتها – علي اختزال مدينة الإسكندرية واهلها في انماط معينه، ففي كل الافلام هناك “بحر” واشخاص ينهون كل كلامهم بكلمه “يا جدع” ولا ياكلون سوي “الصياديه”، هناك يونانيون وشاب رافض للواقع، وهذا ما اعتدناه في افلام عباقره مثل “يوسف شاهين” و”داوود عبد السيد”،

انها افلام لا تفهم منها شيئًا سوي ان الاسكندريه “بحر وطلعلته مدينه”، وتخشي ان تنتقد هذه الافلام ومخرجيها حتي لا توصم بانك جاهل لا يفهم الاشياء العميقه والرسائل الغامضه التي تاتي وراء تلك الاعمال الفنيه اللوذعيه، هذه الفكره المغلوطه جعلت سكان المحافظات الاخري، وبخاصه القاهره ان تحدثوا مع اي شخص سكندري ان يقولوا “يا بختكم طول النهار شايفين البحر”!

والويل والثبور وعظائم الامور لاي سكندري لا يقول لصديقه القاهري “يا جدع” حينها يتضح انه “لاجئ” وليس من الاسكندرانيه “الماصلين”.

بادئ ذي بدء، فان الاسكندراني الذي يقول “يا جدع” غير موجود سوي في هذه الافلام وفي منطقه “بحري”، وسكان هذه المنطقه هم فقط “الاسكندرانيه الاصليون” وبقيه سكان المدينه اتوا من محافظات اخري،  لدرجه انهم كانوا يقولون عنها “البلد التي لا تقسو علي احد”، فكل من ارتحل وجد ضالته واحتضنته المدينه، ولا اعرف ما اذا كان سكان بحري يقولون “يا جدع” حتي الان ام لا؟ هذا مجرد تصحيح واقعه،

لكن هناك اختراعات سكندريه اخري مثل من يقول لك “هركب المشروع” وهو يقصد بذلك انه سيتسقل سياره اجره‘ يحول “الكاف” الي “قاف” ويفخمها، هناك “المستيكه” والمقصود بها “العلكه”، مليون اختراع يمكن ان يتحدث عنه سكان الاسكندريه سوي موضوع “يا جدع”.

الاسكندريه ليست “بحرًا” فقط – عليك ان تعلم هذا – ومن يختزل الاسكندريه في بحرها فاته الكثير، هناك خليط ثقافي يمكن لاي مخرج او منتج “جاد” ان يصنع عنه الاف الافلام لكن هذا لا يحدث لسبب غير مفهوم، في منطقه “ابي سليمان” بالاسكندريه ترتفع نسبه الجريمه وتزدهر تجاره المخدرات مع ان هذه المنطقه بالذات يسيطر عليها الاسلاميون بشكل تام، او نستطيع ان نقول بان النفوذ هناك منقسم بين الاسلاميين وبين تجار المخدرات، الا يستحق هذا الخليط الغريب فيلمًا يُصور هناك ويوضح كيف يمكن للنقيضين ان يتعايشا؟

سكان سموحه – المعتدون بانفسهم بسبب رُقي منطقتهم – اغلبهم من محافظه البحيره وتحديدًا من مركز “ايتاي البارود” او “دمنهور” او ما حولهما، بينما ياتي بوابو العمارات من منطقه تسمي “ابراج حمام” وهي بالقرب من ايتاي البارود سالفه الذكر، منطقه هادئه تصلح لتصوير فيلم رعب او مطاردات او حتي فيلمًا ثوريًّا فهناك “مديريه الامن” التي شهدت احداثـًا ثوريه جسيمه.

كما تحوي ميدان “فيكتور عمانويل” الذي تجمع فيه الثوار ابان 25 يناير، وكان لهم دور لا يمكن نكرانه، او يمكن لاي مخرج أفلام وثائقية ان يصور فيلمًا عن النتائج التي ترتبت علي قيام مديريه الامن باغلاق الطريق الرئيسي الذي تمر منه السيارات ويربط منطقه سموحه بمنطقه “المطار” والعوايد – وهي مناطق ذات كثافه سكانيه عاليه – وما نتج عن اغلاق هذا الطريق من اضطراب مروري وحوادث كثيره بسبب مرور سيارات الاجره داخل المناطق السكنيه، طبعًا لو قُبض عليه اثناء التصوير فانا لا اعرفه،

بينما علي الجانب الاخر هناك منطقه سيدي جابر التي تحوي “تقسيم القضاه” حيث الشقه هناك ثمنها 5472159624515151415 الف جنيه، وبجانبها محل العصائر الشهير الذي ادخل ثقافه خلط المشاريب ببعضها، فهناك مشاريب من نوعيه “كنتالوب بالبطيخ” او “هامبرجر بالكابتشينو”، بينما يتسابق الناس هناك علي شرب “الجرجير باللبن” فتسال احدهم عن سر تناوله هذا الخليط الغريب فيغمز ويقول: “اصله مفيد”!

بينما تسير قليلاً وتمر من السكه الحديد في محطه سيدي جابر ستجد السلم الكهربي الذي طالما ارق المعلق الرياضي “محمود بكر” واشتكي للمحافظ الف مره – من خلال المباريات التي يعلق عليها – لكي يعيد الكهرباء لهذا السلم ولكن احدًا لم يلتفت له.

يُحكم اصدقاؤنا الصعايده قبضتهم علي منطقه “العصافره” بشكل تام، وهناك بعض سكان البحيره والمحافظات الاخري ايضًا، في شارع 45 بمنطقه العصافره تجد سكانه ينقسمون لقسمين “سلفيين” و”مسيحيين”، واغلب المحلات التجاريه يسيطر عليها هذان الطرفان ويبالغ كلِ منهما في اظهار تمسكه بهويته لذلك تجد اسماء ذات دلاله واضحه تسيطر علي المنطقه مثل “البتول” او “نور الاسلام” او “مكه”، ومع ذلك لا يوجد هناك ايه حاله من حالات المقاطعه الاقتصاديه بين الطرفين فالمسلم يشتري من المسيحي والعكس صحيح، باختصار انها الوحده الوطنيه,

هذه الافكار اياها التي تغري المخرجين بالحديث عنها كي ينالوا جوائزَ عالميه موجوده هناك بشده فلماذا لا يتحدثون عنها؟!

هناك بعض المعالم السلبيه في الاسكندريه، كبعض الاماكن التي لا يجرؤ مسئول علي اغلاقها، او تتركها الحكومه لكي “تبسط” الشعب مثل تلك الحديقه الغامضه الكائنه بمنطقه السلطان حسين، انني اسميها حديقه “الموبقات”؛ فهناك تُرتكب كافه الجرائم الجنسيه بدءًا من الفعل الفاضح في الطريق العام  مرورًا بالتحرش الجنسي – بالتراضي – وانتهاءً باشياء لا احب ذكرها،

واذكر في بدايه عهدي بالاسكندريه اثناء دراستي بالجامعه اقترح عليّ صديقي السكندري ان نذهب الي المكان الذي كنا ننوي الذهاب اليه حينها من طريق مختصر، وقتها دخلنا تلك الحديقه المشؤومه فوجدنا الحرس الذين يقفون علي بابها “كخيال الماته” ينظرون لنا نظرات ناريه، ولما تعمقنا بالداخل راينا هناك “الاعاجيب” فادركت لماذا كاد الحرس يقتلونا بنظراتهم وقررت بعدها ان ابتعد بمسافه كافيه عن تلك الحديقه حتي لا اجلب لنفسي “شبهه”، لماذا اذًا لا تشدد الحكومه الرقابه عليها؟ لا اعرف،

ولكني اعتقد انها البديل المنطقي للحديقه الدوليه التي فاحت رائحتها، ولم يعد بامكان الحكومه ان تسكت عليها، فشددت الرقابه هناك وتركت المساله “علي البحري” في تلك الحديقه، فشكرًا لحكومتنا التي تحرص علي الا يصاب الشعب بـ”الكبت”.

مسجد ابي العباس المرسي من الاماكن التي يقصدها سكان الاسكندريه، لكنك تجد هناك اغرب خليط ثقافي يمكنك ان تراه، فامامه كنت تجد بعض السرادقات التي تقام بها الحضرات الصوفيه – وهي مسائل تتناسب مع الجو الثقافي للمنطقه حتي لو اختلفنا معها – بينما خلف هذا المسجد تشتعل تجاره المخدرات وبخاصه “البيسه”، وهي نوع يؤدي بمن يتعاطاه للموت السريع جدًا، لا اعرف هل الوضع بالفعل تغير ام لا؟ لكن هذا الخليط العجيب جدير بالدراسه.

“عماره الاشباح” في رشدي، مكان ظريف ويمكن لو ذهبت للمنطقه ان تحصل علي بعض القصص المثيره بدءًا من انتحار صاحب العماره، مرورًا بغرقه مع اسرته، وانتهاءً ببيع العماره لشخص اخر تعهد بتحويل الدور الاول الي مسجد لكنه حنث بوعده ووضع في الخرسانه مجموعه من المصاحف لكي تملا العماره البركه فانقلب السحر علي الساحر وانقض عليه “حماه المصاحف” وافسدوا عليه قصده،

انها حكايات لطيفه تؤمن بنظريه انتقام القوي الغيبيه ويروجها المصريون لانها تريحهم وتزيل من علي كاهلهم – او كاهل الحكومه التي يؤيدونها – عبء معاقبه المخطئ فتخرج الكائنات الخفيه لتعاقبه، ولو كانت نظريتهم صحيحه لخرجت اشباح المقتولين ظلمها لتعاقب قاتليهم، لكن الامور لا تجري هكذا ابدًا، عمومًا هذا المكان يصلح لتصوير فيلم رعب، ومع ان اسطوره العماره انتهت بقيام بعض الشباب باقتحامها بشكل طبيعي وقيام ملاكها الجدد باضاءتها تمهيدًا لتحويلها لفندق او شيء من هذا القبيل لكنها مازالت تصلح، فالمصريون يعشقون الاساطير التي هُدمت.

بينما في منطقه “كوم الدكه” وتحديدًا في الشارع الذي يربط بينها وبين “محطه الرمل” يتمرس اصدقاؤنا “النوبيون” ويشجعون “الزمالك” دون توقف بينما ينظرون لاي “اهلاوي” بارتياب شديد وبنظرات كالسهام قادره علي القتل، ربما تلقي علقه اذا جهر بتشجيعه للاهلي، وفي نهايه هذا الشارع تجد رصيفـًا لبيع الكتب، وهناك تجد ان تجاره الكتب رائجه نوعًا فتشعر بالامل في المستقبل؛ فمصيبه شعوبنا انها لا تقرا،

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل