المحتوى الرئيسى

إسماعيل يس.. جمهوري أصيب بمرض الملوك

09/15 06:49

حياته العائليه كانت حزينه منذ وفاه والدته وسجن والده، ما دفعه لهجره السويس والتوجه للقاهره، حتي تتاح له فرصه تقديم فنه للجمهور، وبعد فتره من الرفض بدا صيته ينتشر في تقديم المنولوج بتلقائيه دون دراسه فنيه، وبعد ثوره يوليو قدم 5 افلام عن الجيش المصرى زادت من شعبيته وشعبيه جيش بلاده.  

حياه اسماعيل يس كلها حكايات، وهو الذي تمر اليوم ذكري ميلاده، فلا ننسي مواقفه مع الملك فاروق وكوكب الشرق أم كلثوم، وذكرياته في اليمن، وامنيته في اخر ايام حياته، وهو الذي واجه المعاناه والتشرد بالمعني الحرفي للكلمه، اذ عاش طفوله بائسه وحياه غير مستقره، لم يكمل تعليمه الابتدائي، وترك المدرسه عقب وفاه امه ودخول ابيه السجن، فعمل مناديًا امام محل بيع اقمشه، ونمت موهبته وهو صغير، وتاثر بعبد الوهاب واعد نفسه ليكون مطربًا، فغني في الافراح والمقاهي، ثم نزح الي القاهره وانضم الي فرقه بديعه مصابني، والتفتت اليه السينما حيث قدمه فؤاد الجزايرلي في فيلم "خلف الحبايب".

ثم انضم الي فرقه علي الكسار المسرحيه فعمل مطرب ومونولوجست وممثل، وظل احد رواد هذا الفن علي امتداد عشر سنوات من عام (1935- 1945)، ثم عمل بالسينما واصبح احد ابرز نجومها، وكون فرقه تحمل اسمه وظلت هذه الفرقه تعمل علي مدي 12 عامًا، قدم خلالها ما يزيد عن خمسين مسرحيه بشكل شبه يومي.

مثل مع الكثير من الممثلين والمطربين، وقضي مده طويله في دور الرجل الثاني (سنيد)، حتي واتته الفرصه فاصبح بطلًا، بدا ينحسر نجم اسماعيل يس في المسرح والسينما شيئًا فشيئ.. ابتعاده عن تقديم المونولوج، وتكرار نفسه في السينما والمسرح بسبب اعتماده علي صديق عمره ابو السعود الابياري في تاليف جميع اعماله، ومرض القلب، وتدخل الدوله في اﻹنتاج الفني في فتره الستينيات، وانشاء مسرح التليفزيون، كلها اسباب مهدت لنهايته الفنيه.

تراكمت عليه الضرائب والديون، فاضطر الي حل فرقته المسرحيه، ثم سافر الي لبنان وشارك هناك في بعض الافلام القصيره، ثم عاد الي مصر مره اخري وعاش فيها فتره صعبه للغايه الي ان وافته المنيه نتيجه ازمه قلبيه حاده في مايو عام 1972.

في ذكري ميلاده نذكر بعد المواقف التي واجهها خلال مسيرته الفنيه..

كان الملك فارق يحضر حفلًا خيريًا لصالح جمعيه «مبره محمد علي» في ملهي «الاوبرج»، واستدعي اسماعيل ياسين ليقدم بعض العروض لمونولوجاته، قائلًا: يلا يا اسماعيل سمعنا نكته جديده. 

استجاب يس وقال: «مره واحد مجنون زي جلالتك كده»، فصرخ الملك قائلًا: «انت بتقول ايه يا مجنون!»، فعلم ابو ضحكه جنان انه اخطا، وحاول ان يتظاهر انه اصيب بحاله اغماء حتي يفلت من العقاب، لكن الخدعه لم تفلح اذ حاصره حراس الملك بعد افاقته حتي ينفذوا العقاب الذي امر به الملك، وهو نقله الي مستشفي الامراض العصيبه والنفسيه، وبالفعل دخل المستشفي ودفع الملك مصاريف علاجه علي نفقته الخاصه، وغادر «يس» المستشفي بعد 10 ايام.

خفه ظلها من الاشياء التي تميزت بها، واجمع الكثير من المحيطين بها علي ذلك، لكن ليس لها مكانًا بجوار سمعه اسطوره الكوميديا..

ام كلثوم كانت في احدي زياراتها للاسكندريه بصحبه احمد رامي ورياض السنباطي، وهناك التقوا مصادفهً اسماعيل يس، في احدي الصيدليات، وبعد تبادل التحيات، لفت نظر ام كلثوم وقوفه بجوار الميزان الالي، فسالته عن وزنه، واجاب: «زي الفل 78 كيلو فقط لا غير». 

اندهشت كوكب الشرق وقالت: «مش معقول.. لازم اتوزنت من غير بقك» فضحك الجميع بقوه، وهنا اصر اسماعيل علي ان تزن نفسها هي الاخري.

ورفضت ام كلثوم بعد تحذيرات رامي لها بانه يتميز بسرعه البديهه وخفه الدم، وما من شك انه يريد الانتقام منها في نفس اللحظه، وبعدما لاحظ نجم الكوميديا ترددها ثم رفضها، اجاب سريعاً: «اكيد سيبتي صوتك في مصر وخايفه توزني نفسك من غيره»، فلم يتمالك الجميع انفسهم من الضحك وكانت هي اولهم.

معجب وفدائي في ان واحد

عشقه الجمهور العربي، ولا شك في هذا، لكن للامر سلبيات خطيره، فمن ينجو مضايقات المعجبين؟ في سوريا طارته الجماهير العاشقه لفنه وشخصه، فكانوا كلما راوه في الطريق او بهو الفندق، اجتمع المئات حوله وكانهم في مظاهره، ولا يستطيع ان يشق طريقه الي الشارع الا بصعوبه. 

ذات مره زار معرض دمشق الدولي ودعته الاذاعه السوريه الي القاء كلمه في جناحها الخاص الذي اقامته، ولكنه لم يكد يبدا الكلام حتي اطلّ احد المعجبين عليه من «سقف» الجناح، فالتفت يس لينبه المشرفين علي الجناح الي هذه التحيه «الخطيره»، بينما انشغلوا هم بابعاد الناس عن نوافذ الاستوديو تفاديًا لتحطيمها.

خلال نفس الرحله تنكر نجم الكوميديا ليطوف سوق الحميديه، اكبر الاسواق التجاريه في العاصمه السوريه، وحينما نزل الي احد المحال ليشتري بعض الهدايا، لم يعرفه صاحب المحل، الذي اصيب بذعر كبير حين شاهد حشدًا ضخمًا من الناس يتزاحمون امام الفاترينات التي كادت ان تتحطم، فسارع الرجل يريد اغلاق المحل، ولكنه ادرك من همسات الناس ان التزاحم بسبب زبونه اسماعيل ياسين، فباع له زجاجه الكولونيا بارخص من ثمنها ثمانيه ليرات سوريه حتي يتخلص من هذا الزبون الخطر.

وقبل سفره اراد ياسين ان يستقل سياره اجره ليقوم بزياره احد معارفه، ولكن سائقي السيارات رفضوا ان ياخذوه معهم، فسال احدهم: «ايه الحكايه؟!»، واجابه السائق: «مو شايف كل هالناس؟ مين اللي هيبعدهم عن السياره؟» ودق اسماعيل ياسين علي صدره قائلًا: «انا اللي هحوشهم» فضحك السائق وهو يقول: «لا.. اتفضل سوق انت.. وانا اللي هحوشهم».

في تسجيل نادر لسمعه (حكي عنه الناقد طارق الشناوي)، تظهر علاقه اسماعيل يس بـ«القات»، ذلك النبات مخدر، الممنوع في مصر، والسائد في المحال التجاريه في اليمن، التي اشتهرت به.

يقول الشناوي في كتاباته عن هذا التسجيل، ان اسماعيل يس خلال حفل له في اليمن التقي الرئيس اليمني انذاك، في مسكنه ووجده بيتًا متواضعًا، وساله: لماذا لا تسكن في قصر؟ فاجابه: احنا اقمنا الثوره عشان الشعب اليمني يسكن في القصور، وليس من اجل ان يسكن رئيس الجمهورية في القصر. 

وفي جراه منه انتقد تعاطي الشعب اليمني «القات»، الذي يعتبر هناك قضيه شائكه وحساسه، فمازق «القات» ان الشعب تقريبًا كله يتعاطاه يوميًا، وهناك رضا وغطاء اجتماعي لا يري اي ضرر، بل هو يوحد اليمنيين في توقيت محدد يبدا من الواحده ظهرًا ويمتد الي ما شاء الله، ليكون الفنان الوحيد الذي تاخذه الجراه لينتقد تلك العاده الاصيله الموروثه التي لا يمكن الاستغناء عنها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل