المحتوى الرئيسى

محلل إسرائيلي: بـ “حق الشهيد"..الجيش المصري يغير الاتجاه

09/14 21:45

قال "افي يسسخروف" المحلل الاسرائيلي للشئون العربيه ان الجيش المصري استفاق مؤخرا علي واقع مرير في شمال سيناء التي اهملها لسنوات طوال مقابل التركيز الامني علي قطاع ساحل البحر الاحمر.

واعتبر في تحليل بموقع "walla”  تحت عنوان" العمليه المكثفه للجيش المصري بسيناء التي قد تمهد طريقنا للعوده للاكواخ" ان عمليه "حق الشهيد" التي يخوضها الجيش حاليا شمال شرق سيناء- وان صدقت البيانات بشانها- فانها تعد تغيرا نوعيا في اتجاه الجيش المصري لتطهير المنطقه من العناصر التكفيريه.

“يسسخروف" راي ان القبائل هي مفتاح الاستقرار وكذلك الارهاب بسيناء، فبينما تمكن الجيش بفضل التعاون مع قبيله الاحيوات بجنوب سيناء من احلال الامن والهدوء، تحولت قبائل الشمال كالترابين والسواركه والرميلات الي مورد رئيسي بالرجال والسلاح للجماعات المسلحه.

زعم المتحدث العسكري المصري محمد سمير يوم الخميس ان الجنود المصريين نجحوا في قتل اكثر من 80 ناشطا ارهابيا واعتقال نحو 200 كجزء من العمليه الاخيره التي يشنها الجيش المصري شمال شرق سيناء.

تحول الامر الي "اجراء عسكري" فخلال كل يوم من الاربعه ايام الماضيه تحدث سمير لوسائل الاعلام عن انجازات الجيش في العمليه، وتحدث عن عدد السيارات والدراجات الناريه التي تم تدميرها والانفاق التي دمرت، وعن المستودعات التي اكتشفت وجري تدميرها وكان يستخدمها الارهابيون وغالبيتهم عناصر تنظيم"انصار بيت المقدس" الذي اصبح ذراع داعش بسيناء.

واوضح ان الحديث يدور عن العمليه الاكبر التي يقودها الجيش المصري في مدن شمال-شرق سيناء، اي في المثلث الفتاك بين رفح والعريش والشيخ زويد.

يصعب في هذه المرحله الجزم بمدي دقه تصريحات المتحدث العسكري حيال ضخامه العمليه. فخلال العامين الماضيين سمعت دعاوي مماثله عن عمليات عسكرية "هي الاكبر" بشبه جزيره سيناء.

لكن ان كانت العمليه بالفعل التي حملت اسم "حق الشهيد" قد خصصت كما يزعم الجيش المصري لتطهير تلك المدن من العمليات الارهابية، فان الحديث يدور عن تغير الاتجاه بالنسبه للجيش.

حتي الان فضل رئيس الاركان المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي، تركيز الجهود في احباط العمليات الارهابيه داخل مصر وفي القطاع الساحلي للبحر الاحمر بشبه جزيره سيناء. فيما اهملت منطقه وسط سيناء والزوايه الشماليه- الشرقيه النائيه بشكل كبير رغم ان الجيش قد ارسل اليها عده مرات تعزيزرات بل شن هناك عمليات عسكريه.

مع ذلك، لوحظ ان جل الاهتمام انصب في الحفاظ علي الهدوء والنظام بسيناء في منطقه خط الساحل بين طابا وشرم الشيخ. والي حد كبير لم يدرج مثلث رفح العريش الشيخ زويد في موقع متقدم بجدول اولوليات الجيش المصري.

لكن يحتمل الان، ومع تفهم الخطر الكامن في مثل هذا التكتيك وامكانيه انزلاق الارهاب تجاه قناه السويس، ان يغير متخذو القرار في مصر الاتجاه ويبدءوا في العمل بقسوه اكثر شده بشمال شرق سيناء.

كان القطاع الساحلي بين طابا وشرم الشيخ علي مدي عشرات السنين هدفا مفضلا للاستجمام بالنسبه للاسرائيليين. فالاكواخ ومواقع الغطس والاسعار المنخفضه وحتي السحلب الشهير جذبوا عشرات الاف الاسرائيليين في كل عيد، الذين فضلوا هدوء سيناء علي الصخب بمواقع الاستجمام داخل اسرائيل.

استمر التدفق ايضا حتي بعد الخروج الاسرائيلي من شبه الجزيره في 1981 وحتي بعد اندلاع الانتفاضه الثانيه عام 2000. ولم توقف العمليات الارهابيه الشديده التي نفذت في العقد الماضي الاسرائيليين من الوصول الي هناك، لكن عدد السياح الاسرائيليين بسيناء انخفض بمرور السنين.

مع سقوط نظام حسني مبارك في يناير 2011 توقف تدفق السياح الاسرائيليين علي سيناء بشكل شبه تام. تحولت سيناء بين عشيه وضحاها لبؤره للعمليات الارهابيه التي جذبت اليها نشطاء اسلاميين من كل انحاء الشرق الاوسط، وجرَت الكثير من السكان المحليين للمعمعه. وانضم اخرون لتنظيمات ارهابيه متطرفه نشطت ضد النظام المصري، حتي في ايام محمد مرسي رجل الاخوان المسلمين.

الثوره الثانيه التي شهدتها مصر في يونيو 2013، كانت ايذانا بتغير الاتجاه بالنسبه للنظام في القاهره، الذي قرر شن حرب ضد العناصر الارهابيه. تغيير الاتجاه بدا ايضا بين الاسلاميين بسيناء، فقرر البدو والاجانب تصعيد حربهم ضد النظام الجديد.

علاه علي ذلك، وطوال الفتره العاصفه التي امتدت لاربعه اعوام نجح الجيش المصري في الحفاظ علي هدوء نسبي علي ساحل البحر الاحمر. فالعملية الارهابية الاخيره التي شهدتها المنطقه وقعت قبل عامين.

القبائل البدويه..مفتاح الاستقرار او الارهاب

نجاح الجيش في حفظ الهدوء علي خط الساحل الجنوبي لشبه الجزيره هو نتاج عده عناصر رئيسيه: العنصر الاول- الجديه التي يبديها الجيش في عملياته بتلك المنطقه. الكثير من القوات الخاصه يتم ارسالها لمنطقة الساحل، وفقط قبل عده شهور عُين هناك قائد ميداني علي درجه عميد.

وعلي سبيل المقارنه يُكلف ضباط بدرجات اقل كثيرا بالمسئوليه عن قطاعات اخري. العنصر الثاني- الاتفاق الذي توصلت اليه السلطات المصريه مع قياده قبيله الاحيوات البدويه، المنتشره في منطقه سواحل البحر الاحمر. لعبت منظومه التعاون بين الجيش والاحيوات دورها واسفرت عن نتائج يصعب الاختلاف بشانها، وبناء عليه استمر الهدوء في قطاع الساحل.

لكن في النصف الثاني من سيناء، لاسيما في الزاويه الشماليه- الشرقيه، فان الواقع مختلف 180 درجه، حيث تحولت قياده القبائل هناك منذ وقت طويل الي مورد القوه البشريه والسلاح لخلايا الارهاب الاسلامي، كالسواركه والرميلات والترابين.

المناطق الرئيسيه التي تقطنها السواركه والرميلات هي ذات مثلت المدن الفتاك المزدحم للغايه بسكان مختلطين فلسطينيين ومصريين وبدو. وتستوطن الترابين الي الجنوب والشرق قليلا من هناك بالقرب من المثلث الحدودي بين اسرائيل وغزه ومصر.

يعتقد الكثيرون ان المواطنين الاجانب الذين وفدوا من عده دول اسلاميه هم المتسببون في غالبيه العمليات الارهابيه بالمنطقه، لكن السكان البدو المحليين هم المسئول الرئيس.

انشئ تنظيم "انصار بيت المقدس" في عام 2008 وفي صيف 2011 كان المسئول عن العمليات الارهابيه بمنطقه عين نتافيم (الاسرائيليه). حققت الجماعات السلفيه الجهاديه شعبيه بين السكان من قبائل اخري مثل البريقات والعزازمه، بما في ذلك نتيجه للالتزام الديني في كل انحاء سيناء. صحيح ليس بالضروره ان يصبح كل متدين ارهابي، لكن بين "التائبين" ظهر الكثير والكثير من المؤيدين للافكار المتشدده للاسلام التكفيري.

حدث ايضا ان اصبح في كل قبيله بسنياء نواه جهاديه، ميزت نفسها لمرات كثيره عن الاخرين- حيث اقاموا لانفسهم خياما منعزله، ومساجد، ونظام تحكيم منفصل.

ادت هذه الظاهره الي احداث شرخ مجتمعي داخل المجتمع البدوي بسيناء، وانقسام القبائل بل والعشائر. الشاهد علي ذلك هو امتناع ابناء وبنات النواه السلفيه داخل قبيله معينه من الزواج من رجل او فتاه من نفس القبيله لكنه ليس عضوا في النواه.

وبعيدا عن تصاعد النزعه الدينيه، يرتبط نجاح الاسلام التكفيري في شمال-شرق سيناء بخصائص المنطقه ايضا. فسكان المنطقه يعانون من وضع اقتصادي صعب يمثل اجواء مثاليه للالتحاق بتلك الجماعات من جانب ولقتال جيش نظامي من الجانب الاخر.

من الاهميه بحال التذكير بان الجيش يخصص موارد كبيره، طاقه وقوه للتعامل مع العناصر الارهابيه شمال شرق سيناء. اقامه المنطقه العازله التي يصل عرضها حتي الان الي نحو 1.2 كم هي فقط احدي الدلائل علي ذلك.

مئات المنازل بمدينه رفح المصريه اجتثت من فوق الارض، واختلفت المدينه عما كانت عليه في السابق. ورغم هذا الجهد والواقع الاقتصادي والجغرافي، فلو كان الاستعداد المصري لحشد قوه عسكريه اكبر- متوفره لديه- للتعامل مع هذه الزاويه من سيناء، كان الواقع سيختلف انذاك.

العمليه التي نفذها داعش بسيناء مطلع يوليو ضد نحو 15 هدفا للجيش المصري بشكل متزامن في منطقه رفح والعريش والشيخ زويد، هي علي ما يبدو انجاز حقيقي بالنسبه للتنظيم، لكنها حملت معها ايضا ثمنا فادحا.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل