المحتوى الرئيسى

سقوط "صانع رؤساء الجزائر"- تمهيد لمرحلة ما بعد بوتفليقة؟

09/14 21:26

قد يكون رئيس المخابرات الجزائريه المقال محمد مدين المعروف بـ"الجنرال توفيق" الشخصيه العسكريه الوحيده، التي لا يعرف الجزائريون شكلها؛ اذ لم يعثر له سوي علي صور معدوده وغير واضحه تماما. لكن الجزائريين يعلمون حجم النفوذ الذي كان يحظي به مدين لدرجه ان فئه كبيره منهم كانت تعتبره اقوي رجل في الدوله، وهذا ما جعله يلقب بـ"الرجل الاسطوره"، الي ان جاء خبر احالته للتقاعد امس (الاحد 13 سبتمبر/ ايلول)، بقرار من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

اقاله رئيس المخابرات الجزائريه قرار اعتبره بعض المراقبين حلقه اخيره من حلقات صراع الاجنحه الذي تخوضه منذ سنوات القوي المتحكمه في الجزائر، كما يقول محمد العربي زيتوت. ويضيف الدبلوماسي الجزائري السابق والعضو المؤسس في حركه رشاد المعارضه في حوار اجرته معه DWعربيه: "الذي يحصل الان في الجزائر هو صدام متصاعد بين الاجنحه، وهو ليس بجديد. وقد بدات اخر فصوله سنه 2010 وتجدد في 2013، حيث اُسقط عدد من الجنرالات والشخصيات المقربه من توفيق كما تم تقليص صلاحيات هذا الاخير."

الدعم الفرنسي الاميركي واسقاط مدين

وفي اعتقاد العربي زيتوت فان الصراع علي السلطه في الجزائر تقوده ثلاثه اجنحه هي قياده اركان الجيش، والرئاسه والمخابرات: "عندما يكون الرئيس قويا فانه يُخضِع المخابرات وقياده الاركان وهذا ما حدث مع الرئيس الاسبق هواري بومدين. وعندما تتحالف المخابرات واركان القياده يخضع لها الرئيس. اما حاليا فقياده الاركان هي الطرف الاقوي."

الي اي حد سيخلط اعفاء توفيق الاوراق السياسيه في الجزائر في ظل التحديات التي تواجهها البلاد؟

لكن كان هناك اعتقاد سائد بشكل كبير في الجزائر بان محمد مدين، كرئيس للمخابرات، هو الحاكم الحقيقي للجزائر، فما الذي حصل حتي يتم اختيار هذا التوقيت لابعاده من قياده واحده من اقوي المؤسسات في البلد؟

عن اسباب اختيار توقيت اقاله مدين يقول زيتوت: "اولا هناك نوع من الدعم من فرنسا والولايات المتحده لقياده الاركان وهو مهم فقد اعطي الضوء الاخضر لاسقاط جنرالات داخل الرئاسه منهم قائد الحرس الجمهوري وهو ما مهد الطريق بالتالي للاطاحه بتوفيق خاصه وان الضربات التي تلقاها مؤخرا كسرت هيبته التي كانت قريبه الي الاسطوره وتحديدا بعد تصريحات سعداني التي كانت بايعاز من بوتفليقه بينما بقي توفيق متخفيا وساكتا."

اما سعداني؛ فهو الامين العام لحزب جبهه التحرير الوطني الحاكم، عمار سعداني، الذي خرج الي الاعلام في فبراير/ شباط من العام الماضي وهاجم رئيس المخابرات وقتها محمد مدين وطالبه بالاستقاله واتهمه بالتقصير في مهام حمايه البلد. وحينها زلزلت تصريحات سعداني الجزائر؛ فقد كانت تلك المره الاولي التي يتجرا فيها احد علي انتقاد الرجل الذي كان يلقب في الشارع الجزائري بـ"رب الجزائر" استنادا الي مقوله منسوبه الي مدين نفسه.

تخطيط لمرحله ما بعد بوتفليقه؟

من جانبه يري رشيد اوعيسي استاذ العلوم السياسيه في جامعه هامبورغ بالمانيا ان اعفاء مدين من رئاسه المخابرات هو نتيجه سلسله مشاكل ومنافسه بين الاجنحه السياسيه الجزائريه؛ "لكن لا يمكن ربط الاطاحه بهذا الرجل النافذ ببدايه تحول ديمقراطي او ما شابه لان الامر كله مجرد صراع حول السلطه داخل الجزائر وهنا يتعلق الامر بمحاولات جناح بوتفليقه اخضاع جهاز المخابرات له."

زيتوت: اعفاء الجنرال توفيق هو الحلقه الاخيره من صراع الاجنحه في الجزائر.

ورغم ذلك يستغرب الخبير الجزائري من اتخاذ قرار باعفاء جنرال بهذا الحجم في وقت تعيش فيه الجزائر صعوبات ابرزها الازمه الاقتصاديه القادمه "لكن من الواضح ان النظام حاليا يفكر ويخطط لمرحله ما بعد بوتفليقه ويبعد خصومه ليخلو له الجو من اجل اختيار رئيس مقبل للبلاد بسهوله"، يقول اوعيسي في تصريحات لـ DWعربيه.

بيان رئاسه الجمهورية الجزائرية تحدث عن احاله مدين للتقاعد لكن مصدرا امنيا رفيعا صرح لوكاله فرانس برس بان مدين كان قد قدم استقالته منذ عشره ايام علي الاٌقل. وعلق مدير ديوان رئاسه الجمهوريه احمد اويحيي علي القرار بالقول انه يندرج ضمن "تغييرات عاديه تطلبتها مرحله ما بعد الارهاب."

عثمان طرطاق المدعو بـ"بشير"، والذي شغل منصب المستشار الامني للرئيس بوتفليقه وكان قبلها مديرا للامن الداخلي بالمخابرات، هو الوجه الذي اختير ليخلف محمد مدين. خيار عزز التساؤلات حول مغزي هذه الخطوه؛ فطرطاق ليس سوي تلميذ مدين واحد اكثر المقربين منه. لكن زيتوت يفسر ذلك قائلا "طرطاق كان ضمن الجنرالات، الذين نشروا ملفات فساد تورط عبد العزيز بوتفليقه وشقيقه السعيد. واحاله بوتفليقه علي التقاعد ورحل الي فرنسا حيث كان يعيش هناك وضعا حرجا اشبه باللاجئ، وكان مصنفا لدي منظمات حقوقيه علي انه ممن ارتكبوا ابشع الجرائم خلال الحرب الاهليه في التسعينات من القرن الماضي." وتابع الدبلوماسي الجزائري السابق والعضو المؤسس في حركه رشاد المعارضه: "حين حان وقت الاطاحه بتوفيق تم استقدامه لانه يملك معلومات كثيره وملفات حول مدين قدمها لتُستخدم ضد مدين مقابل الا يُسلم للقضاء الدولي اذا طلبه بسبب ما ارتكبه في الحرب."

يبلغ الجنرال محمد مدين من العمر 76 عاما وشغل منصب مدير المخابرات لمده 25 سنه شهدت خلالها الجزائر تعاقب اربعه رؤساء جمهوريه علي الحكم و12 رئيس حكومة. ولم يسبق لمدين ان ظهر في الاعلام او ادلي بتصريح، ويُلقب ايضا باخر "الانقلابيين" علي الانتخابات التشريعيه، التي فاز بها الاسلاميون في بدايه التسعينات وهو ما جعل البعض يري في رحيله نهايه حقبه من تاريخ الجزائر. لكن زيتوت لا يتفق مع هذا الطرح ويقول: "حقبه الانقلابيين لن تتغير الا بتغيير النظام لان الاخير في النهايه نتيجه لذلك الانقلاب. قد نكون في بدايه نهايه تلك الحقبه وليس نهايتها تماما."

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل