المحتوى الرئيسى

"الغرفة 102" للميس سعيدي.. سيرة شبه ذاتية

09/14 12:40

في عملها السردي الاول "الغرفه 102.. سيره ابي" الصادر مؤخرا عن دار العين بالقاهره، تؤرخ الشاعره الجزائريه لميس سعيدي لموت وحياه والدها الكاتب الدبلوماسي الجزائري بطريقتها الخاصه.

وبلغه سلسله ومتدفقه، تكتمل الحكايه اخيرا انطلاقا من مجموعه حكايات صغيره شذريه، كانها كُتبت لتبقي في دفاتر شخصيه، ويبدو ان السرد تدفّق بشكل عفوي فجاءت هذه التجربه الخاصه.

تتجاوز لميس سعيدي في هذا الكتاب طريقه السرد الخطي للاحداث، كما تتجاوز اسلوب اليوميات، لتجمع بين هذا وذاك. ولا تكتفي بسيره والدها، بل تمزج معها بعضا من سيرتها الشخصيه، في تزاوج بين الذاتي والموضوعي، مستخدمه طريقه التقطيع السينمائي، حيث تتداخل الازمه والامكنه. وانطلاقا من شذرات بسيطه، تبدا الجوانب الغامضه في شخصيه محمد سعيدي تتضح شيئا فشيئا.

ومع التقدم في القراءه اكثر، يمكن لنا ان "نلتقط" معلومه هنا ومعلومه هناك، الي ان تعيد تشكيل شخصيه الرجل الذي كتبت سيرته، او ما يفترض بها ذلك، فلا يكاد يجزم القارئ ان كان الامر يتعلّق فعلا بكتابه سيره "اخر" حتي لو كان الاب، ام انه يتعلق بسيره "ذاتيه" بشكل مراوغ، وكان الكاتبه تقرا نفسها في هذا الحدث الكبير، حدث الموت الذي كان سببا في الكتابه.

لم تكن الغرفه رقم 102 بمستشفي "سانت انطوان" مجرد غرفه، وهي التي تحولت من مجرد غرفه في مستشفي للاورام السرطانيه شهد السنوات الاخيره للدبلوماسي والكاتب الجزائري محمد سعيدي، الي مكان ادبي اصبح بعض من القراء يعرفون بعض تفاصيله.

ورغم ان الغرفه لم تكن حاضره بشكل كبير في الكتاب/السيره، فانها اخذت عنوان الكتاب، وربما كان مبرر الكاتبه ان المكان الذي ارتبط بلحظه زمنيه مفصليه كان المحور الذي تعود اليه في كل مره مع نصوصها الشذريه التي انطلقت في البدايه كتدوينات يوميه علي موقع للتواصل الاجتماعي، تاريخا لذلك الحدث، وسرعان ما انسابت ولم تتوقف طيله الشهرين من الكتابه لتاخذ هذا الشكل النهائي فيما بعد.

وتتواصل الشذرات التي تفصل نجومٌ بعضَها عن بعض، من الذاتي الي الموضوعي، وسرعان ما نغادر تلك الغرفه (رقم 102) الي مقبره "مجاجه" قرب مدينه الشلف غربي الجزائر، لننتقل بشكل سلس نحو كثير من الامكنه وكثير من الازمنه، فنسافر نحو موسكو حيث درس الراحل الادب الروسي، ونحو تونس قبل ذلك حيث بدا رحله التعلم خارج الجزائر، ونحو ليبيا حيث شغل الراحل منصب سفير بلاده في تسعينيات القرن الماضي، وسرعان ما نعود الي باريس حيث الغرفه 102 بمستشفي سانت انطوان، وهي الغرفه النظيفه ذات المنظر الخلاب "كما في اللوحه الكلاسيكيه" بتعبير الكاتبه.

وفي ثنايا الكتاب، نقرا علي جناح طائر بعضا من تاريخ الجزائر المعاصر الذي كان الراحل احد شهوده، وقد شغل كثيرا من المناصب الحساسه: مديرا لاهم صحيفه يوميه "الشعب" في ستينيات القرن الماضي، حيث جرت محاوله الانقلاب علي الرئيس الاسبق هواري بومدين عام 1967، ومسؤولا كبيرا في بعض الوزارات والحزب الحاكم (جبهه التحرير الوطني)، وسفيرا ومديرا لديوان رئاسه الجمهوريه عام 1992، حيث بدات البلاد تدخل شيئا فشيئا فتنه العنف الدموي.

الدبلوماسي والكاتب محمد سعيدي الذي شرع في الكتابه عن ذكرياته مع بعض الشخصيات الكبيره التي عايشها، كان يرغب في الاستمرار، لكن جسده خانه، فطلب اله تسجيل من النوع الجيد يملي من خلالها بعضا مما كان يرغب في كتابته، لكن الصوت خانه ايضا ليدخل غيبوبه الموت.

وتحوّلت طريقه الكتابه حيث انتقلت ابنته لميس من شاهده علي الكتابه الي مدونه سيره اختلط فيها الذاتي بالموضوعي.

هي سيره ادبيه تعتبر نوعا نادرا في الجزائر، لكنه بدا ياخذ طريقه مع بعض الادباء، علي غرار ما فعله قبل سنين الروائي الراحل الطاهر وطار الذي كتب جزءا اولا من سيرته بعنوان "اراه" ولم يمهله الموت لكتابه بقيه الاجزاء.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل