المحتوى الرئيسى

ماجدة خير الله تكتب من تورنتو: إيدي ريدماين.. هل يفعلها ثانية وينال ترشيحا للأوسكار؟

09/14 10:37

الفيلم عن التحول الجنسي.. وليس به اي مشاهد جنس!

الزائر لمدينه  تورنتو، يعتقد ان اهلها لا يفعلون الا احد امرين، الوقوف لساعات طويله في طوابير، امام دور السينما، او تناول الطعام، في احد المطاعم والكافيهات المتناثره بكثافه في كل مكان، وفي الحقيقه حتي لا نفتري علي شعب تورنتو، فالمساحه التي كنت اتحرك فيها، اثناء المهرجان، قد تكون كبيره فعلا، لكنها لا تمثل الا جزء بسيطا من المساحه الكليه للمدينه، ونظرا لضيق الوقت، فانا لم اغادر شارع كينج ستريت الذي توجد به معظم دور السينما التي تعرض افلام المهرجان! وهي مساحه لو تعلمون كبيره  ومهلكه، ممكن ان تقترب في طولها من شارع الهرم بكل تفريعاته، وعليك ان تذهب الي مقصدك سيرا علي الاقدام، لان وسائل المواصلات المختلفه لا تدخل المنطقه، اثناء انعقاد المهرجان! الذي يمتد لعشره ايام، اما النجوم فهم ينزلون في فنادق فاخره تقع علي بعد خطوات من دار سينما princess of wheelz التي تعرض افلام الشركات الامريكيه الضخمه!

تبدا العروض اليوميه من الساعه الثامنه والنصف صباحا، وحتي تستطيع ان تنال مقعدا، في دار السينما، عليك ان تقف في الطابور قبلها بساعه  علي الاقل، هذا وانت تحمل كارنيه صحافه، لكن اذا كنت مواطنا عاديا فعليك ان تقف في طابورين.. الاول كي تحصل علي تذكره، والثاني حتي تدخل السينما، ومع ذلك الناس هنا تفعل ذلك بمنتهي السعاده بدون تذمر او تململ، المهم ان يحظوا بمتعه  مشاهده  الافلام، في مكانها الطبيعي! ومن اجل هؤلاء تستمر صناعه السينما، في الدول المتحضره، التي تستوعب ان بقاء هذه  الصناعه وازدهارها، وتطورها يعتمد عليهم في المقام الاول، وعلي راي المثل “كل شعب يستحق نوع الفنون التي تقدم له”!

تم عرض فيلم الفتاه الدانمركيه “THE DANISH GIRL ” في الحفله  الصباحيه  ليوم السبت، وكنت استعد لهذا اليوم جيدا، نظرا للاهميه  الخاصه  للفيلم، نزلت قبل الميعاد بساعه ونصف، وبمجرد ان خرجت من باب الاوتيل، حتي فوجئت، بهطول المطر بغزاره، وطبعا لم اكن اضع في حسابي هذا الموقف السخيف، لان الحياه قبلها بايام كان لونها بمبي والدنيا ربيع، وحاول شيطاني ان يقنعني بالعوده  لغرفتي  بالفندق وتناول الافطار الساخن علي مهل، لكن ضميري من جهه اخري، دفعني للتضحيه والسير تحت المطر، لمده نصف ساعه، او يزيد، وصلت الي باب السينما وجدت طابورا يمتد من بغداد الي الصين “علي راي كاظم الساهر”، وكان عليّ ان اقف في اخره، ولا تحاول مطلقا ان تجرب الطرق المصريه  في الاستعباط، والوقوف في النص او تتحشر باي طريقه، مفيش امامك الا الطريق المستقيم، وهو ان تقف في اخر الصف، لكن ما يطمئنك انك سوف تجد في ثوان ان خلفك مئات ممن اتوا بعدك، المهم الناس تقف في الطابور دون اي نوع من الضيق، وقد احضر بعضهم كتبا يقراون فيها اثناء الانتظار، واخد البعض الاخر يتابع الدنيا من خلال موبايله، واثناء الوقوف تلاقي ناس تانيه اصحاب وقرايب ونسايب اللي واقفين في الطابور، يزروهم ومعاهم ماج شاي او قهوه وساندوتشات، وشطائر وخلافه، يعني الحياه  شغاله ومحدش متضايق! لكن الشيء اللطيف انه فور فتح ابواب السينما، تجد ان الطابور اتحرك بسرعه غريبه، مع ملاحظه ان مفيش حد يجرؤ يستهبل ويتخطي الدور في الزحمه، وفي اقل من دقيقتين تجد نفسك جالسا علي مقعد وثير، في مكان محترم وسط ناس محترمه!

فيلم “الفتاه الدانمركيه” ، ماخوذ عن قصه حقيقيه حدثت في كوبنهاجن 1882-1931 وضع تفاصيلها “دافيد ايبرشوف”، وقراها المخرج “توم هوبير” بعد انتهائه من تصوير فيلمه  “خطاب الملك”، لكنه لم يجد شركه انتاج تتحمس لتحويل الروايه  لفيلم، واثناء تصويره لفيلم “البؤساء”، الذي كان الممثل الانجليزي “ايدي ريدماين” احد ابطاله، عاد الحماس لهوبير، وتخيل “ايدي” وهو يمثل الدور، ويتالق فيه، ومن حسن الحظ ان الحماس قد انتقل للممثل الشاب، وقرر ان يحول الحلم لحقيقه، هذا قبل ان تاتيه  بطوله فيلم “نظريه كل شيء” الذي نال عنه جائزه الاوسكار، البعض يجزم، وانا بينهم ان ريد ماين فرصته في الحصول علي ترشيح جديد للاوسكار كبيره جدا، لان حاله الشخصيه من تلك التي تنال اعجاب اعضاء الاكاديميه، الذين يولون اهتماما كبيرا بالشخصيات المتحديه  لضعفها الانساني، او لاختلافها عن السائد، ولذلك هناك مقوله  يتداولها نجوم هوليوود، لكي تحصل علي الاوسكار، اعمل شخصيه معاق او شاذ! لكن الحكايه لا تؤخذ علي علاتها، لكن تامل شخصيه توم هانكس في “فيلادلفيا” التي نال عنها اول اوسكار، كانت لشاب مصاب بالايدز، نتيجه  ممارسه  جنسيه، وتم رفده من عمله، رغم ان الحقيقه الطبيه تؤكد ان الايدز لا ينتقل الا من خلال التعامل الجنسي او نقل الدم، ولان الرفد من العمل جاء بشكل تعسفي، فان الشاب المصاب، استخدم حقه  القانوني في رفع قضيه علي الشركه، وكسب القضيه قبل وفاته  بايام، المهم ان الشخصيه لم تستسلم ولم تتوان عن استخدام حقها، بغض النظر عن راينا في اسباب الاصابه بالمرض! وتوم هانكس نفسه نال الاوسكار عن الفيلم الجميل، “فورست جامب”، الذي كان يقدم من خلاله  شخصيه  شاب يعاني من اعاقه ذهنيه منذ طفولته، لكنه تمكن بفضل اصراره من تحقيق حلمه في الفوز في مسابقات العدو لمسافات طويله، كما اصبح يمتلك اسطولا لصيد الجمبري! الحكايه اذن تخص القدره علي التحدي وعدم الاستسلام لكونك مختلفا او مضهدا لاي سبب!

اما شخصيه  “اينار ويجنير” التي يقدمها ايدي ريدماين، فهي لشاب وسيم، رسام، يقع في حب فتاه ويتزوجها، ويعيش معها حياه هانئه  لا يتخللها ما يثير الانزعاج، حتي ان فكره عدم وجود اطفال لم يشكل للزوجين العاشقين اي نوع من الاضطراب، اما نقطه  التحول فهي تحدث عندما تطلب الزوجه الفنانه  من زوجها ان يرتدي حذاء نسائيا، ويجلس بطريقه معينه، حتي تستطيع ان تكمل لوحتها، التي تجسد امراه فاتنه تجلس علي “ليزي بوي” وساقها ممدوده امامها، وبمجرد ان يرتدي الزوج هذا الحذاء، وكان مسا من السحر قد اصابه، وايقظ داخله مشاعر كان يتجاهلها، او لا يعلم بوجودها، وقد اعطي السيناريو تلميحا سابقا، يبدو عفويا، عندما كان يزور “اينار” صديقته بالمسرح الذي تعمل فيه، ويمر بحجره  الملابس، ثم يتحسس الملابس النسائيه، وكانها تمنحه بعض الراحه، تظن الامر في البدايه نوعا من الشبق او الشغف، بكل ما يخص النساء ويثير غريزه الرجال، لكن مع الوقت تكتشف ان “اينار” كان يحب تلك الملابس وعقله الباطن يصور له، انها تناسبه  اكثر من ملابس النساء، ويزداد الامر توترا عندما يدخل هو وزوجته في لعبه، حيث يضع ماكياج امراه ويرتدي ملابس امراه، ويذهبان الي حفل ضخم، وتقدمه  للناس باسم “لي لي”، المراه  التي تثير الاعجاب، والمدهش انه اثار اعجاب الرجال فعلا، وينقلب الموقف الي حاله كارثيه، وتشعر الزوجه العاشقه، ان زوجها ينسحب من بين يديها، وانها تفقده، تحاول ان ترده لما كان عليه، لكنه يؤكد لها ان داخله شخص اخر يسعي للخروج والاعلان عن نفسه وان الشخص الاخر هو” لي لي”.

الفيلم ليس فيه اي مشاهد ممارسه جنس، فالبطل هنا ليس مثليا، يريد ممارسه الجنس مع الرجال، لكنه يعاني من وجود اعضاء تناسليه انثويه مدفونه داخله، وخلل ما، يدفعه ان يكون امراه، وهو يطيل النظر لجسده في المراه، ويتمني اختفاء الاعضاء التي تجبره  ان يكون ذكرا، هو فقط يريد ان يكون ما يشعر به، ولذلك يقرر ان يخضع لعمليات جراحيه متعدده، رغم التحذير من خطورتها، لعدم وجود مضادات حيويه  في القرن التاسع عشر، وقبل اختراع  البنسلين، ولذلك فان الجراحات الخمس التي اجريت له، كانت الاولي من نوعها في العالم ، لتحويل الجنس، وقد دفع الينار ثمن كونه يرفض ان يعيش بهويه جنسيه يرفضها!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل