الراهب الفاجر.. يشرب السم ويُضرب بالرصاص ويموت من البرد

ليس امامنا حل سوي الخلاص منه، فالقيصر نيقولا الثاني مشغول في الحرب، وزوجته الكسندرا فيوديوروفونا تنصاع الي نصائحه، ولو سكتنا ستطيح بنا جميعا... حسنا، ليس هناك حل للايقاع به، الا عن طريق امرأة جميلة، فهذا الشيطان المتنكر في زي راهب، لا يغويه سوي الخمر والنساء.

اعد الامير فيليكس يوسوبوف، وابن عم القيصر الدوق الأكبر ديمتري، مائده عامره، فيها كعك مسموم بـ"سيانيد البوتاسيوم"، وخمر متشبع بنفس الماده من السم، في منزل "ايرينا" اجمل امراه في روسيا، ودعيا الراهب الارثوذوكسي جريجوري يافيموفيتش راسبوتين الي زياره المراه الفاتنه، التي ترغب في مضاجعته، فذهب.

كلما اقبلتَ علي الخطيئه كلما اقتربتَ من الله، فما الذ الخمر وما اجمل النساء، ولا باس لو سرَقت من هنا او هناك كي اعيش، والتائب دائما هو الاقرب الي الرب، كان هذا مذهب الراهب القادم من سيبريا في التعبد، ودعمه في ذلك امام الناس، الاعمال الخارقه التي كانت تقع علي يديه؛ فلا تنسي زوجه القيصر انه عالج ابنها المريض بالهيموفيليا، بطريقه اعجزت كل اطباء روسيا في بدايات القرن العشرين.

ذاع صيت راسبوتين وامن به الكثيرون، وعارضه رهبان اخرون كانوا يرونه شيطانا، ومنهم الراهب المتعصب، ليودور، واسقف ساراتوف، هيرموجان، اللذان روجا ان المعجزات التي تاتي علي يد راسبوتين ما هي الا فعل شيطاني، وان هذا الراهب ذو الشكل المرعب هو الشيطان نفسه، فدبرا اكثر من مؤامره لقتله لكنها فشلت.

دخل راسبوتين، قصر ايرينا، فوجد فيليكس في استقباله وقد اعد له المائده الموعوده، وعرض عليه الكعك والخمر المسمومين، واستاذنه في الصعود الي غرفه ايرينا ليخبرها انه قد وصل.

بعد نصف ساعه عاد فيليكس فوجد راسبوتين قد زاد نشاطه بعد ان التهم الكعكتين المسمومتين وكاسي الخمر المليئتين بـ"سيانيد البوتاسيوم"، بل ويطلب المزيد.

راسبوتين كان معارضا بشده لدخول روسيا الحرب العالميه الاولي، وكتب للقيصر: "هناك غمامه عاصفه مريعه تسري في سماء روسيا. اري كارثه، ظلاماً ، حزناً... ولا ضياء. انه بحر من الدموع والدماء... ماذا اقول ؟! لا اجد كلمات تصف ذلك الرعب. جميعهم يريدون منك الاندفاع نحو الحرب، لكنهم لا يعلمون ان الدمار ينتظر"... ولكن المتطرفين من الارثوذوكس كانوا يرون ان روسيا لابد ان تدخل الحرب، لحمايه ابناء دينهم من الدوله العثمانيه المسلمه.

اثناء الحرب ايضا كتب راسبوتين الي القيصر: اذا قتلني اقاربك فلن يبقي اي فرد من عائلتك حيا لاكثر من عامين، وتستطيع ان تقول اي من اولادك او اقاربك، فسوف يقتلهم الشعب الروسي. ساُقتل، لم يعد لي وجود في هذه الحياه. صلِ ارجوك، صلِ، وكن قويا، وفكر في عائلتك المصونه".

خرج الامير فيليكس من الغرفه وهو مذهول، وقال للمتامرين معه:

نزل فيليكس مره اخري الي غرفه الراهب، ومعه مسدسا، وقد اخفاه خلف ظهره، ثم اخرجه واطلق رصاصه استقرت في صدر راسبوتين.

بدا الجميع يتخذون الترتيبات لنقل الجثه وجمع اغراض راسبوتين من معطف وقبعه؛ لاحراقها. وبالمصادفه فقط، انحني احد المتامرين قريبا من الجثه، واذ بالرعب ياخذ منه كل ماخذ، راسبوتين يفتح احدي عينيه... ثم فتح العين الاخري... الراهب ينهض ويقف علي قدميه من جديد.

راسبوتين ينهض مترنحا، والزبد الابيض يسيل علي فمه، ويحاول الانقضاض علي احد المتامرين فيخاف، فيحاول راسبوتين ثانيه ولكن بشكل اعنف، وكانه يستعيد عافيته.

 فيجري المتامر وهو يصرخ مرعوبا: 

خرج راسبوتين مترنحا الي خارج القصر، فلحقه المتامرون واطلقوا عليه الرصاص مره اخري، فلم يسقط، فضربوه بهراوه علي راسه فوقع علي الارض وقيدوه، ثم القوا به في نهر نيفا.

بعد يومين عثرت الشرطه علي جثه راسبوتين في النهر، وشرّح جثته الاطباء، الذين قالوا: