المحتوى الرئيسى

«التحرير» تزور قرية المتهم الأول في تفجيرات برجي التجارة العالمي

09/12 19:24

"206 عمارات الضباط بمزرعه الهرم في محافظه الجيزه".. معلومه عابره  لم تتجاوز السطر كانت وارده ضمن بيانات جواز السفر الوحيد الذي ذكرته اداره الرئيس الأمريكي الاسبق، جورج دبليو بوش الابن، انّها عثرت عليه ضمن بقايا حطام الطائره الاولي المنكوبه لشاب مصري من محافظه كفر الشيخ، يدعي محمد الامير عوض السيد عطا، الشهير بـ"محمد عطا"، المتهم الاول في تفجير برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك.

بدانا منها خيوط البحث عن موطن الرجل الاول، والوارد اسمه في القائمه المطلوبه دوليًا ضمن طاقم الطائره الاولي من الاربع طائرات التي دخلت في البرجين، وعلي راس التسعه عشر متهمًا المشاركين في تنفيذ تلك الهجمات التي وصفها "بوش" بانّها "حرب صليبيه" علي الغرب.

وفي عمارات الضباط  لا احد يعرف شيئا عن "عطا"، وكانت الدهشه تعلو وجوههم كانّهم لاول مره يعلمون تلك المعلومه، وانّ كانوا يعلمون جيدًا خطوره ما ارتكبه ضمن افراد تنظيم القاعده، ولكن احد الشيوخ الكبار في السن هناك ذكر انّ والده المحامي المتقاعد، محمد الامير، يقطن بحي العمرانيه في محافظه الجيزه .

وهاتفيًا اتصلنا بوالده، الذي رفض التسجيل معنا او الحديث عن اكاذيب يرددها الاعلام كل عام مع الذكري السوداء، حسب تعبيره، قائلاً "ما عنديش اي اخبار عن ابني تطفي النار اللي جوايا عن غيبته واخر مره اتصل بيّ محمد كانت في اليوم التالي للاحداث، للاطمئنان علي صحتي، لكن الاخبار انقطعت عنه بعد ذلك تماما"، وهو ما دفعه للقول "لو كان ابني حيا لبادر بالاتصال بنا كعادته، ولكن ابني اختفي، وكل الاخبار بتقول انه تمت تصفيته من قبل البنتاجون".

في المقابل فان المعلومات الصادره عن وزاره الدفاع الامريكيه "البنتاجون" تؤكد بعد تفريغ التسجيلات علي وجود محمد عطا علي متن الطائره "التي اصطدمت بالبرج الشمالي" لمركز التجاره العالمي، الذي توفّر بعد بضعه ايام من انهيار الابراج الثلاثه.

يقول والده المحامي ساخرًا، "لقد عثر احد رجال الشرطه علي جواز سفر محمد عطا بين ركام البرج الشمالي! كل شيء احترق مع البرجين وحطام الطائره، لكن جواز سفر ابني محمد الذي يمثّل دليل ادانته الوحيد ظل سليما لم يحترق، في اي منطق وباي عقل يمكن تقبل تلك الخرافه؟"، ثم يستطرد، قائلاً "فقط مع تكنولوجيا الامريكان والجرافيك وعصر الفوتوشوب يصبح كل شيء ممكنا".

ويضيف والد عطا، "اداره بوش ارادت انّ تدعم هذا الدليل الواهن فبثّت صورا ضوئيه تُظهر محمد عطا وشريكه زياد جراح، في افغانستان، قبيل تسجيل وصيه كل منهما علي الكاميرا في يناير 2000، لكن الاداره الامريكيه ذكرت انّهما كانا يصعدان علي متن الطائره، لكنها الطائره التي اقلعت من مطار بورتلاند، وليست تلك التي انطلقت من بوسطن نحو البرج الشمالي في نيويورك"، علي حد قوله، متابعًا "بالاضافه الي شريط اخر تم بثه في 2006 يظهر محمد عطا، وهو يتدرّب في مخيم تابع لاسامه بن لادن في افغانستان خلال نهايه عام 2000".

وعن مكان مولده اخبرنا، والده انّه من مواليد كفر الشيخ وتحديدًا  في حي ابو دشيش، بمركز بيلا، في الاول من سبتمبر 1968، هنا اخذنا الخيط واتجهنا الي موقف ميكروباصات كفر الشيخ، وسالنا اكثر من سائق عن الاسم والعائله، البعض لا يدري عنه شيئا، ولاول مره يسمع اسمه، والبعض الاخر يخشي الحديث عنه او التفوه بكلمه واحده الينا كي لا تُحسب عليه بمجرد سماع كلمه "تفجيرات"، حتي اكّد لنا احد السائقين القدامي بالموقف علي مكانه وعنوانه القديم بمركز بيلا، كما اخبرنا والده واعطانا رقم احد الاهالي هناك، ويدعي "عم مجاهد" الذي اكَّد معرفته الشخصيه لمحمد عطا، ووالده، وانهما من مواليد حي "ابو دشيش" بالفعل.

 وحينما وصلنا الي هناك عند موقف المؤسسه علي طريق "المقابر" في طريقنا الي "ابو دشيش" كان الصمت يخيم علي القريه، التي يشق طريق الدخول اليها ترعه علي طول الطريق و"مزلقان" قطار السكه الحديد، وكلما اقتربنا من الحي يظل لسان حال الاهالي "احنا ما نعرفش حاجه عن الاسم ده.. اه عيلته من هنا، لكن اول مره نعرف انه اتولد هنا، والناس هنا في حالهم زي ما انت شايف اغلب من الغُلب".

 وبين نفي واثبات وصمت وريبه وتجاهل وخوف من الحديث عن المتهم الاول في تفجيرات سبتمبر، او تصديق اي معلومات تشير الي مولده هناك، لكن الجميع اجمع علي رفض ما قام به "عطا" من تفجيرات او ما اطلقوا عليه "عمليات ارهابيه" ضد الدين والشريعه الاسلاميه، كانت بدايه لانتشار الارهاب في العالم العربي علي مدار الاربعه عشر عامًا الماضيه، وهو ما اتخذه الغرب ذريعه لغزو واحتلال الدول العربيه لاحقا تحت مسمي "الحرب علي الارهاب"، التي ثبت كذبهم بعد ذلك.

وخلال تجولنا بين شوارع الحي تصادفنا بجنازه احد افراد العائله من شارع "البوسطه"، وبعد انتهاء الجنازه اقترب منا احدهم هامسًا "انت بتصلي؟" السؤال كان مباغتًا وصادما، وانْ كانت نبرته تكتسي بالهدوء والوعظ الديني، لكنني اجبته بنفس الهدوء، فاكمل نصائحه لي وسط المقابر "لازم تداوم علي الصلاه وما تسيبش فرض ربنا وتبرّ ابوك وامك وتطيع ربنا، وتعمل للاسلام"، ثم اخرج زجاجه عطر "فل" كانت في جيبه ونثرها علي يدي وفوق ملابسي، هنا سالته: "انت من عيله عطا؟ فرد بالايجاب، فسالته عن محمد عطا منفذ تفجيرات سبتمبر في امريكا، او كما يطلق عليه المقربون منه "منفذ غزوه مانهاتن" وصاحب عمليه الثلاثاء المبارك، هنا اصابه الصمت وانصرف بعيدًا كما جاء دون استئذان .

علي بعد خطوات من حي ابو دشيش توجد قريه ابشان التابعه لنفس المركز، التي يقطن بها عدد غير قليل من افراد عائله "عطا" ضمن 25 الف نسمه اخرين، وهناك التقينا ايمن عطا الضادي، احد المرشحين المحتملين لانتخابات مجلس النواب، الذي نفي معرفته بمحمد عطا من قريب او بعيد، قائلاً "كانت مفاجاه لي انه من بلدنا، وانه يقوم بتفجير نفسه في برج امريكي دا شيء لا يتقبله عقل او منطق او دين مستغلين جهل الناس، والمشكله اننا بندور للغرب علي حجه لتشويه صوره اسلامنا، ليقولوا عليه ارهابي، وديننا بريء من كل ذلك، واحنا ديننا دين السماحه والوسطيه، والغرب هما اللي صدروا الارهاب للعالم".

واضاف الضادي، "التعليم مالوش دخل بالارهاب، ومش مقياس للثقافه"، ضاربًا مثلاً بجماعه الاخوان الارهابيه المسيطرين علي جميع النقابات ويقومون بالتفجيرات هنا وهناك، متابعًا "في ثقافه الحياه اكبر بكثير والجماعات الدينيه المتطرفه تمارس الدور الاكبر في تغييب العقول والسيطره عليها".

عدد من الاهالي اجمعوا علي ما ذكره الضادي، قائلين "ماعندناش ارهابيين هنا في بيلا، والاخوان اللي هنا ملتزمين بيوتهم، وحي ابو دشيش اهله مثقفين وطيبين جدًا، ولا يمكن محمد عطا يكون احد ابناء هذا البلد الهادئ المسالم".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل