المحتوى الرئيسى

إسلام ماهر يكتب: ناقصات عَقْل و دين .. رَدَّاً على مَقال رِيهام عَطيَّة ” ناقِصات أم كامِلات عَقْل و دين ؟ “ | ساسة بوست

09/12 06:26

منذ 13 دقيقه، 12 سبتمبر,2015

اعْجَبني في مَقالها انَّها ارادت ان تَنتصِر لراي تَميل له مِن مُنطَلَق ” شَرْعي ” ، و مِن خِلال تَفْنيد ادِلَّه اصْحاب ” الرَّاي الاخر ” ، و انَّها ارادت تاصيل الفِكْره ، لا مُجرَّد طَرْحها فحَسْب.

غير ان مَيْلها لراي دون راي ، اوصلها الي غير السَّبيل ؛ اعْني الوُصول الي الصَّواب.

فلتَسْمح لي بتَمْثيل ” الرَّاي الاخر ” ، بُغْيَه الوُصول لا بُغْيَه الهَوي و الجَدَل. و سابدا بالتَّعْليق علي بَعض ما جاء في المَقال ، ثُم نَتَدارَس النِّقاط الثَّلاث الَّتي دار حَولها ، و هي : ” ناقِصات عَقْل و دين ” ، القِوامه ، الامامه.

” يَبرُز التَّمييز في تَفْسير ابن كَثير للايه ، فكَيف يَكون الرِّجال افضل مِن النِّساء وخَير مِنهم ، و لم يُفرِّق ربُّنا جَل و عَلا بين عَربي و اعجمي ، الَّا علي اساس التَّقوي ؟ “

بِدايهً فان التَّفاسير جَميعها تَتَّفق علي ان القِوامه للرَّجُل. امَّا عن افضليَّه الرِّجال الَّتي تَحدَّث عنها ابن كَثير ، فتُفهم في سياق الحَديث ، و هو مَساله القِوامه ؛ اي افضليَّه الرَّجُل في القِوامه ، و لَيس المَقْصود بان الرَّجُل افضل مِن المَراه علي وَجه العُموم.

” لم يَستنكر الهُدهُد مِن مُلك بَلقيس و قُوَّتها ، بل انكر عَليهم شَيئاً واحِداً و هو السُّجود لغير الله .. “

سُبحان الله ! و هل بعد الكُفْر ذَنب ؟! هل امامه امراه لقَومها كعِظَم الشِّرك بالله ، حَتَّي يَستنكره الهُدهُد جَنباً الي جَنب مع السُّجود لغير الله ؟!

ومع ذَلِك ففي كَلام الهُدهُد ما يَدُل علي اِسْتِنكاره! الم يَقُل : { انِّي وَجدت امراه تَملِكهم } ؟

لو ان مُلك امراه لقَومها امر ” مَقبول ” شَرعاً او عُرفاً ، لما كان الهُدهُد في حاجه الي ذِكر تلك المَعْلومه امام سُليمان.

” و كان مِن الاولي ان يُحرِّم الله وِلايه المَراه صَريحه في كِتابه العَزيز دون ان يَترُكها مَحل جَدل .. “

وماذا عن قَوله تَعالي : { الرِّجال قَوَّامون علي النِّساء .. } ؟!

” يَقول تَعالي : { الرِّجال قَوَّامون علي النِّساء } اي : الرَّجُل قَيِّم علي المَراه ، اي هو رَئيسها و كَبيرها و الحاكِم عَليها .. ” ( تَفسير ابن كَثير ). ” عن ابن عَبَّاس قَوله : الرِّجال قَوَّامون علي النِّساء يَعني : اُمراء ، عَليها ان تُطيعه فيما امرها الله به مِن طاعته. “

” عن الضَّحَّاك في قَوله : الرِّجال قَوَّامون علي النِّساء بما فَضَّل الله بَعضهم علي بَعض يَقول : الرَّجُل قائِم علي المَراه ، يامُرها بطاعه الله .. ” ( تَفْسير الطَّبري ).

” قَوله تَعالي : الرِّجال قَوَّامون علي النِّساء ابتداء و خَبَر ، اي يَقومون بالنَّفَقه عليهن والذَّب عنهن ؛ و ايضاً فان فيهم الحُكَّام و الاُمراء و مَن يَغزو ، و ليس ذَلِك في النِّساء. ” ( تَفسير القُرطُبي ).

اذا كان الرَّجُل قَيِّم علي المَراه ، فمَعني ذَلِك انَّه لا يَصح ان تَكون المَراه قَيِّمه علي الرَّجُل ؛ فَضلاً عن الرِّجال جَميعهم !

ثُم الم تُشيري انتِ في مَعْرِض حَديثك ان مَصادِر التَّشريع في الاسْلام هي القُران و السُّنَّه ؟

اقراي قَوله – صَلَّي الله عليه و سَلَّم – : ” لَن يُفلِح قَوم وَلَّوا امرهم امراه. ” ( سَياتي الرَّد علي تَعليقاتك بشان الحَديث ).

” و امَّا نَقص العِلْم فلان شَهاده المَراه مِثل نِصف شَهاده الرَّجُل .. “

الحَديث تَحدَّث عن نَقص العَقل ، و ليس العِلْم ، فلماذا التَّحريف ؟!

ونُقصان العَقل يَعني غَلَبه العاطِفه ، وهو ليس اِنْتِقاصاً للمَراه ، بل تَوصيفاً لطَبيعتها المُرْهَفه.

” هذا الحَديث تَعرَّض للكَثير مِن الشُّبُهات لان راويه ابو بَكْرَه قد طُبِّق عليه حَد القَذف، و لانَّه رَوي الحَديث بعد مرور 25 عاماً مِن وَفاه الرَّسول صَلَّي الله عليه وسَلَّم ، ولذَلِك يري بَعض المُفكِّرين اسْقاط الحَديث و عَدَم الاِعْتِداد به. “

المَعْنيُّون بدِراسه الاحاديث – سَنَداً و مَتْناً – هُم عُلَماء الحَديث و لَيس ” المُفكِّرين ” ، فلَيس مِن حَق احَد الطَّعن في صِحَّه حَديث الَّا اذا كان اهْلاً لذَلِك. و قَد خالَف هؤلاء ” المُفكِّرون ” الَّذين لم تَذكُريهم ما اقرَّه اهْل الحَديث :

اوَّلاً : ابو بَكْرَه الثَّقفي صَحابي جَليل ، والصَّحابه جَميعهم عُدول بنَص القُران ؛ كَقَوله تَعالي { لَقد تاب الله علي النَّبي والمُهاجِرين والانْصار الَّذين اتَّبعوه في ساعه العُسره مِن بعد ما كاد يَزيغ قُلوب فَريق مِنهم ثُم تاب عليهم انَّه بهم رَؤوف رَحيم } ، مع مُلاحظه ان الايه نَزَلت في اعْقاب غَزوه تَبوك ؛ اواخِر حَياه النَّبي صَلَّي الله عليه و سَلَّم. وكقَوْله تَعالي { والسَّابِقون الاوَّلون مِن المُهاجِرين و الانصار و الَّذين اتَّبعوهم باحسان رَضي الله عَنهم و رَضوا عنه واعد لهم جَنَّات تَجري تَحتها الانهار خالِدين فيها ابداً ذلك الفَوز العَظيم }. هَذا بالاضافه الي صَحيح الاحاديث واجْماع عُلَماء الاُمَّه.

ثانياً : كَوْن ابي بَكْرَه اخْطا او اُقيم عليه حَدَّاً ، لا يَقدح في عَدالته ، فعَقيده اهل السُّنَّه و الجَماعه ان الصَّحابه لا عِصْمَه لهم ، اي ان وُقوعهم في مَعْصيه وارِد ، و عَدالتهم تَعني صِدق مَحبَّتهم لله ورَسوله ( البَراءه مِن النِّفاق ) وانَّهم لا يَتعمَّدون الكَذِب علي رَسول الله صَلَّي الله عليه و سَلَّم. وقد اجْمَع العُلَماء علي عَداله ابي بَكْرَه وقُبول رِوايته. يَقول ابن قُدامه في المُغني : ” ولا نَعلم خِلافاً في قُبول رِوايه ابي بَكْرَه مع رَد شَهادته. ”

ثالِثاً : و ماذا في رِوايه ابي بَكْرَه للحَديث بعد 25 عاماً مِن وَفاه النَّبي ؟ فقد يَتذكَّر الرَّاوي حَديثاً فيَذكُره ، و قد لا يَذكُره الَّا في مُناسبته. ثُم ان الحَديث لم يَنفرد به ابو بَكْرَه ، فقد رَواه الطَّبراني في ” المُعجَم الاوسَط ” مِن حَديث جابِر بن سَمُرَه ، و ان كان في الاسناد ضَعْف.

رابِعاً : الحَديث رَواه البُخاري في صَحيحه ، و البُخاري قد وَضَع شُروطاً صارِمه لتَصْحيح الاحاديث، ما جَعَل كِتابه علي راس الكُتُب السِّتَّه ، فيَكفي ان يُقال ” رواه البُخاري ” لقُبول الحَديث. و صَدَق القائِلون : ” كِتاب البُخاري هو اصح الكُتُب بعد كِتاب الله. ”

” و في حاله ثُبوته ، فهُناك امر اخر .. و قد تقرَّر في عِلْم الاُصول ان وَقائع الاعيان لا عُموم لها .. “

وكان المَقْصود تَطويع الادِلَّه مِن اجل الوُصول الي حُكم بعَيْنه ؛ فالحَديث ضَعيف ، والَّا فهُناك امر اخر !

” وَقائع الاعيان لا عُموم لها ” .. صَحيح ، و لَكِن ما عَلاقه ذَلِك بحَديث ” لن يُفلح قَوم ولَّوا امرهم امراه ” ؟

واقِعه العَين ؛ اي خاصَّه بشَخص بعَينه ، كقَول رَسول الله صَلَّي الله عليه و سَلَّم ان شَهاده خُزيمه بن ثابِت بشَهاده رَجُلين ، فهذا الحُكم خاص بخُزيمه رَضي الله عنه وَحده. امَّا حَديثنا مَوْضع النِّقاش ، فـ ” العِبره بعُموم اللَّفظ لا بخُصوص السَّبب ” ، فقد جاء انَّه لن يُفلح قَوم – اي قَوم – ولَّوا امرهم امراه – اي امراه – ، و عليه يَكون الحُكم عام.

” و مَساله حُكم المَراه و وِلايتها للقَضاء مِن المَسائِل المُخْتَلَف فيها بين الائِمَّه والفُقهاء.”

اذا كان في الامر اِخْتِلاف كما تَقولين ، فالاولي علي المُؤمن والمُؤمنه اِجْتِناب ” المُشبَّهات ” لقَوله صَلَّي الله عليه و سَلَّم كَما في صَحيح البُخاري : ” الحَلال بَيِّن و الحَرام بَيِّن ، و بَينهما مُشبَّهات لا يَعلمُها كَثير مِن النَّاس ، فمَن اتَّقي المُشبَّهات اسْتبرا لدينه و عِرْضه .. ”

غير ان هَذا الاِخْتِلاف المَزعوم لا يَصح ، اذ ان اجْماع الاُمَّه علي عَدَم جَواز المَراه الوِلايه ، سَواء الوِلايه العامَّه او وِلايه القَضاء : فمِن بين الشُّروط الَّتي اشْتَرَطها الفُقهاء و اجْمَعوا عليها في مَن يَتولَّي الامامه او القَضاء : الذُّكوره. ( يُمكِن الرُّجوع الي اي كِتاب فِقهي ، و هي مِن الكَثْره بمَكان )

ليس في وَصف النِّساء بانَّهن ناقِصات عَقل ودين اي اِنْتِقاص لهُن ، فنَقص العَقل مَرَدُّه غَلَبه العاطِفه ( التَّكْوين النَّفسي ) و نَقص الدِّين مَرَدُّه طَبيعه المَراه الجَسَديَّه ( التَّكْوين الجَسَدي ).

ليس في اِسْتِطاعه احَد ان يَدَّعي تَماثُل الرَّجُل والمَراه ، لان التَّماثُل يَعني المُطابقه في كُل شَيء. والرَّجُل و المَراه – كما هو مُشاهَد و مَعْلوم – يَتمايزان جَسَديَّاً و نَفْسيَّاً. لذَلِك فقد سَاوي الاسْلام بين الرَّجُل والمَراه في الانسانيَّه و العُبوديَّه و جَزاء الاخره ، و فَرَّق بينهما في بعض التَّكاليف وبعض الاِخْتِصاصات ، كنَتيجه لهَذا التَّمايُز.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل