المحتوى الرئيسى

كيف تنبأ «بن لادن» بظهور «داعش» وماذا قال لها ؟ - ساسة بوست

09/10 19:21

منذ 2 دقيقتين، 10 سبتمبر,2015

قبل الخوض في مضامين رساله زعيم القاعده الراحل أسامة بن لادنالتي وجهها عام 2007 الي تنظيم الدولة الإسلامية تحت عنوان “رساله الي اهلنا في العراق”، لا بد عزيزي القارئ من استعراض معطيين اساسيين:

ظهور نموذج “دوله للخلاف” ه مرحله من المراحل الطبيعيه لتطور ما يسمي الجهاد العالمي وهو امر منصوص عليه في افكار المنظرين الجهاديين دوله العراق الإسلاميه، التي تطورت الي ما يعرف بالدوله الاسلاميه الان ظهرت قبل مقتل “بن لادن” بسنوات.

ليميل المتاعبن للظاهره “الجهاديه” الي تاكيد ان منظري الظاهره البارزين مثل عبد الله عزام، ابو مصعب السوري، ايمن الظواهري، أنور العولقي وغيرهم حاولوا ايجاد توافق بين النصوص الشرعيه، خصوصًا الاحاديث النبويه المرتبطه باحوال اخر الزمن، بالمعطيات الجيوسياسيه التي يفرضها والواقع، ومن ذلك يتم  تقسيم التنظيمات الاسلاميه المسلحه السنيه تطور الجهاد الي ست مراحل، ذكرها بالتفصيل ابو مصعب السوري، احد ابرز القاده والمنظرين الجهاديينا، في كتابه دعوه المقاومه الاسلاميه العالميه:

ابو مصعب السوري، احد ابرز منظري الحركات السلفية الجهادية وصاحب نظريه المراحل تطور الجهاد الست الذائعه الصيت

1- مرحله الهجره: وهي اولي المراحل، وتعني الهجره الجغرافيه والروحيه للمجاهدين نحو اماكن الاشتباك، وتخص بالخصوص المراحله الاولي لما يعرف اليوم باسم الجهاد الافغاني، انتهت في بدايه ثمانينيات القرن الماضي.

2- مرحله الجماعه: وتخص تنظيم المتطوعين للجهاد في جماعات تساعد علي تنظيم وتطوير العمل المسلح اضافه الي نشر فكر ومبادئ العمل التنظيمي لدي المتشددين، وحسب منظري القاعده فقد امتدت منذ منتصف الثمانينيات الي منتصف التسعينات.

3- مرحله زعزعه الطاغوت: وتخص مهاجمه الجماعات الجهاديه مراكز قوه ما تسميه الطاغوت (الولايات المتحده خصوصًا اضافه الي الانظمه العربيه)، من اجل استدراج عدوهم الي معركه مفتوحه معهم، وقد تنبا ابو مصعب السوري بكون نهايه القرن العشرين هو الحيز الزمني لهذه المرحله، وهو ما تحقق بهجمات عنيفه للقاعده لا سيما علي سفارات الولايات المتحده بكينيا وتنزانيا سنه 1998، وهجوم المدمره الامريكيه بخليج عدن عام 2000، وهجمات الحادي عشر من سبتمبر.

4- مرحله التمكين: وهي مرحله تتسم بمواجهه اولي مباشره مع العدو، قصد اعطاء الزخم للظاهره الجهاديه وتوسيع نشاطاتها وامكاناتها، وهي المرحله التي تنبا منظرو القاعده بكونها ستشهد اضطرابات شعبيه واسعه في العالم الاسلامي، وهو ما تحقق جزئيًّا خصوصًا في العراق وسوريا.

5: مرحله الخلافه: طبقًا لنفس التحليل، فان الزخم الذي ستكتسبه الحركه الجهاديه سيمكنها من الوصول الي توحيد اكبر قدر من المسلمين قصد احياء الخلافه (موافقه للوعد النبوي بعوده الخلافه بكونها من علامات اخر الزمن الوسطي)، وباختصار، الدوله المنشوده في الفكر الجهادي هي كيان قائم الذات يشكل قاعده لاحتضان وتطوير العمل المسلح بشكل اكبر من الجماعات، وذلك قصد تجهيز جيش ديني لخوض المعارك المذكوره في الاحاديث النبويه، كمعركتي دمشق ودابق.

يشار بان حلول هذه المرحله هي مركز الخلاف الفكري الرئيسي بين القاعده وحلفائها (كطالبان)، وداعش وانصارها، اذ يري الفريق الاول ان الخلافه لا يمكن ان تعلن الا بتحقق شرط توحيد الأمة الإسلامية، حيث عبر عن هذا بوضوح عدد من قاده الجهاديين كالظواهري وابو محمد المقدسي، فيما يري الثاني ان السياق الجيوسياسي في الشرق الاوسط مناسب لاعلانها، وهو ما تم قبل اكثر من سنه.

مقتطف من العدد الاول لمجله دابق، المجله الرسميه لتنظيم الدوله الاسلاميه، وفيها تم تقديم السياقات والتبريرات لاعلان انتهاء مرحله التمكين وبدء الخلافه من وجهه نظرها.

6- مرحله الانتصار النهائي: وهي المرحله التي تشهد فيها الامه ملاحم اخر الزمان، والتي ذكرت في عده احاديث نبويه مشهوره، كمعركه دابق، ودمشق، والقسطنطينيه، وروما التي وعد رسول الإسلام امته بفتحها قبل قيام الساعه حسب المعتقد الاسلامي،

ولانها مرحله مبنيه فقط علي مصادر شرعيه فلم يقم اي منظر جهادي باقتراح نطاق زمني له.

هذا وقد كان ظهور النواه الاولي لما يسمي “الدوله الاسلاميه” في العراق سنه 2006 تحت مسمي “دوله العراق الاسلاميه”، وهي تجمع لعدد كبير من الجماعات المسلحه ابرزها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وتنظيم مجلس شوري المجاهدين، والتي بايعت ابا عمر البغدادي اميرًا له كما اعلنت بعقوبه عاصمه لها، غير انها لم تحظ بالاهتمام الاعلامي علي كيانها بقدر ما تم التركيز اعلاميًّا علي هجماتها سواء علي القوات الامريكيه او العراقيين، كحادثه كنيسه سيده النجاه وهجوم البنك المركزي العراقي سنه 2009.

هذا وتولي ابو بكر البغدادي قياده دوله العراق الاسلاميه سنه 2011 عقب مقتل ابي عمر البغدادي في غاره امريكيه، قبل سنتين من دخول التنظيم للمشهد السوري واعلان قيام الدوله الاسلاميه في العراق والشام التي ما لبثت ان تحولت الي ما شكلها الحالي اي خلافه الدوله الاسلاميه.

جدير بالذكر ان جزءًا لا يستهان به من الخبرات تلقاها كوادر التنظيم في مرحله دوله العراق الاسلاميه، لا سيما في القدرات الاداريه، والماليه، والاعلاميه.

لذلك يستنتج ان مشروع الدوله الاسلاميه قد تم تحضيره وتدشينه في العراق في حياه مؤسس القاعده، وان تنظيمه كان من الفاعلين الاساسيين عند بداياته.

اخواني المجاهدين في العراق، فكما انكم اهل للثناء والمدح، فلسعه صدوركم وحسن تواضعكم فانتم اهل للعتاب والنصح.

وجه اسامه بن لادن رساله صوتيه تحت مسمي رساله الي اهلنا في العراق في اكتوبر من عام 2007، اي بعد سنه من تاسيس الدوله الاسلاميه في العراق، يتقدم فيها بمجموعه من المعاتبات والنصائح للمقاتلين في العراق، دون تسميه المشاكل الكثيره التي وقعوا فيها، غير انه فهم من رسالته ان الجزء الاساسي منها كان موجهًا لتنظيم دوله العراق الاسلاميه.

فبعد سنه من تاسيسها، ظهرت مشاكل جمه علي الساحه العراقيه، كان ابرزها تراجع العمليات العسكريه في مقابل تصاعد وثيره الهجمات ضد المدنيين، اضافه الي انطلاق صدامات قويه بين الجماعات المشكله لدوله العراق الاسلاميه والعشائر السنيه وبعض قوي المقاومة العراقية، اذ انها رفضت الاعتراف بتلك الدوله كما رفضت الخضوع لقوانينها ونمطها التي حاولت فرضه علي الجميع.

وكان من ابرز نتائج هذه الحوادث انسحاب عدد كبير من المقاتلين من جماعات تنظيم الدوله نصره لعشائرهم، زياده علي تنامي العداء لظاهره المقاتلين الاجانب، فضلًا عن اهتزاز الاداء العسكري سواء للجماعات الجهاديه او للمقاومه العراقيه نتيجه لاستنزافها في معارك جانبيه.

تابي الرماح اذا اجتمعن تكسرا   واذا افترقن تكسرت احادًا.

رساله “بن لادن” الطويله حملت الكثير من المضامين ذات الدلالات الهامه المتصله فيما يخص العراق من احداث، الي انه يمكن تلخيصها في 4 نقاط اساسيه:

1- الثناء علي «الاختيار الجهادي» واستنكار التعصب للجماعات والزعماء

استهل اسامه بن لادن بثناء طويل للاختيار الجهادي بان وصف المجاهدين في العراق بالاسود الميامين واثني بشده علي العمليات “الاستشهاديه” وفقا لوقفه واثرها، لا سيما علي القوات الامريكيه والاعلام، ودعا الي مواصله قتال القوات الاجنبيه وكل الانظمه الاسلاميه حتي ازاله الحدود واقامه الدوله الاسلاميه الكبري، مؤكدًا علي ضروره عدم الدخول في مساومات او في حلول وسط مهما كلفت النتيجه.

اولي معاتبات “بن لادن” لدوله العراق الاسلاميه كان انتشار تعظيم الجماعات والقيادات لدي الكثير من مقاتليها، وهو الامر المستمر الي غايه اليوم، حتي انه شبه هذا النوع من السلوك بالتعصب الجاهلي الذي نهي عنه بشده في جمله من الاحاديث النبويه.

ودعا “بن لادن” المقاتلين الي عدم التعصب للاوامر والتوجيهات، وابداء المرونه اتجاه التنظيمات المخالفه، مشددًا انه لا عصمه لامير او بطل كيفما كان وان كل الامور قابله للرد. كما دعا المقاتلين الي تذكر ان الاهم هو عدم الحياد عن النهج النبوي كما سماه، مستدلًا بذلك قول ابن كثير عن ان امر رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الاقوال والافعال باقواله واعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود علي قائله وفاعله كائنًا من كان.

2- نبذ الاشتباك المسلح بين الجماعات والدعوه لتنصيب قضاء شرعي

استنكر زعيم القاعده نشوب نزاعات مسلحه بين الجماعات بشكل مبطن، ودعا امراء الجماعات وشيوخ العشائر وعلماء الدين الي التدخل بين الفرق المتحاربه وفك الخلافات بناء علي ما ورد في المصادر الشرعيه، كما ناشد الجماعات بقبول والوساطات وعدم الجنوح الي السلاح عند كل نزاع.

وفي نفس السياق، وجه “بن لادن” مناشده الي العشائر السنيه يدعوهم فيها الي تناسي المشاكل التي حدثت والعوده الي الصف الجهادي نظرًا لخطوره الموقف في العراق، مذكرًا باهميه ما قامت به والدور الكبير التي قد تلعبه في دحر المحتلين والعملاء كما سماهم اخطر مطلوب في العالم انذاك، محذرًا في الوقت نفسه من الانضمام للجانب الاخر ومعاداه المقاتلين.

فيا عشائرنا الحبيبه المهيبه – واخص بالذكر في هذه الايام اهلنا في ديالي الذين يتصدون لحمله الكفر والعماله- ان الوقوف تحت ظلال السيوف، رغم ما فيه من حتوف، ذخر عظيم اليوم، ينفعكم يوم الحساب غدًا، وذلك مقتضي التقي والورع، وشرف الدنيا لذلك تبع، فاعملوا لذلك اليوم، ومن صبر ظفر، وان الحذر لا يدفع القدر، واستقبال الموت خير من استدباره، والطعن في النحر اكرم من الطعن في الظهر.

3- تقديم مصلحه الامه علي مصلحه الدوله

كانت احدي اكثر فقرات رساله “بن لادن” وضوحًا تلك التي قال فيها: “فاخوه الايمان هي الرابطه بين المسلمين، وليس الانتساب الي القبيله او الوطن او التنظيم، فمصلحه الجماعه مقدمه علي مصلحه الفرد. ومصلحه الدوله المسلمه مقدمه علي مصلحه الجماعه. ومصلحه الامه مقدمه علي مصلحه الدوله. فيجب ان تكون هذه المعاني واقعًا عمليًّا في حياتنا”.

ذلك انه يدعو دون لبس الجماعات لعدم الركون لمصالحها وتقديم تنازلات من شانها خدمه مشروع الدوله الاسلاميه في العراق، كما دعا الدوله الي اتباع النهج نفسه بان تعطي الاوليه لمصالح الامه الاسلاميه علي مصالحها الذاتيه.

وذلك في اشاره واضحه لانزعاجه من اعطاء بعض الجماعات الاوليه لاهدافها الخاصه عوض الانخراط الكامل في مشروع دوله العراق الاسلاميه، اضافه الي انشغال قاده الدوله بمصالحها اكثر من مصالح الامه عامه، وهو ما تجلي فعليًّا في بعض الاحداث حين لعب الانتماء العشائري والجغرافي دورًا حاسمًا في اختيار قاده الدوله وهيكلها الاداري، اضافه الي التركيز علي توسيع نفوذ الدوله ومحاربه العشائر المحيطه بها عوض محاربه القوات الامريكيه او العراقيه.

4- الحث علي الاتحاد بين الجماعات

ختم “بن لادن” رسالته بدعوه للمقاتلين في العراق بتوحيد الجماعات في تنظيم واحد (ويقصد الانضمام لمشروع الدوله الذي يضم فرع القاعده في العراق)، داعيًا الامراء وقاده العشائر الي بذل كل الجهود التي قد تساعد في الوصول الي الهدف، مناشدًا المقاتلين باعطاء المسلمين “عام جماعه” جديدًا في اشاره الي احد اهم الحوادث في التاريخ الاسلامي المبكر وهو عام توحد المسلمين عقب فض النزاع بين معاوية بن أبي سفيان، والحسن بن علي بن ابي طالب.

اخواني امراء الجماعات المجاهده، ان المسلمين ينتظرونكم ان تجتمعوا جميعًا تحت رايه واحده، لاحقاق الحق، وعند قيامكم بهذه الطاعه ستنعم الامه بعام الجماعه، وكم هي مشتاقه لهذا العام فعسي ان يكون قريبًا علي ايديكم….

ماذا بقي من تلك الرساله اليوم؟

رغم مرور 8 سنوات عليها، تبقي رساله “بن لادن” صالحه لوصف الكثير من الامور التي تعرض لها تنظيم الدوله الاسلاميه باسم الجهاد، فالتعصب للرجال والجماعات ازداد بقوه لا سيما بعد حصول ابي بكر البغدادي علي صفه “الخليفه”، حتي ان بعض اصدارات دابق لم تتردد في الهجوم علي قيادات جهاديه ذات رمزيه كبيره رفضت مبايعه الخليفه المعلن، كايمن الظواهري وابي محمد المقدسي، ومؤخرًا الملا اختر منصور زعيم طالبان الجديد لقبوله الاماره وتجاهله مبايعه تنظيم الدوله.

موضوع خاص بانتقاد الظواهري لرفضه الاعتراف بالخلافه في العدد السادس من مجله دابق التي يصدرها تنظيم الدوله، التقرير يتناول ايضًا الهراري والنظاري قاده القاعده تواليًا في الخليج واليمن.

كما زادت وثيره التكفير بين الجماعات، لا سيما بين تنظيم الدوله وباقي التنظيمات الاسلاميه المسلحه في سوريا، فعلي سبيل المثال لم تتردد داعش في وصف جبهه النصره وجيش الإسلام علانيه بالضالين، فيما تطلق التنظيمات السوريه المسلحه لفظ الخوارج علي مقاتلي تنظيم الدوله، في ظل تعصب كبير للقيادات كالبغدادي والعدناني وغيرهما من قاده داعش الميدانيين من جهه، والجولاني وعلوش وقاده التنظيمات الصغري من جهه اخري.

العدد يصف ايضًا ابا محمد المقدسي (يسار) وابا قتاده (يمين)، وهما احد ابرز منظري التنظيمات المسلحه، بالعلماء المضللين، في العدد السادس من مجله دابق.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل