المحتوى الرئيسى

الثورةُ نجحتْ.. أملُ مُخيِّلة!

09/10 17:04

اباحيهُ التخيّل تنزْعُك من واقعك لتتخيّل ولو للحظات دهريه بان ثورات الربيع العربي كَللّها النجاح والانتصارات، حققت المطالب ووادت الخلاف وقتلت الخيانات في مهدها، واهدتْ الكرامه للشعوب وبلغتْ الحريه الحناجر والمنابر.

عندما نحلم نحن الشباب فان احلامنا تغدو حيه تتجسّد خِلقتُها امامنا وتسبق خطوتها خطانا، تتحققّ فعليًّا مع ارادتنا ومثابرتنا لاجلها، وطالما نتدرع بلباس الاراده والمثابره فان احلامنا تُبْقِي ارواحها حيه وارواحنا مشتعله.. وثوراتنا نصرًا مُؤجّجًا.

لنُمعن في تصورّاتنا المستقبليه وتخيلات ربيعنا الثوري في ذكراه الرابعه، لعل ذلك يُساهم في جزء من عودته صلبًا مُجددًا، دعونا نعود بالاحداث عبر جهاز احلامنا الاثير الي ثوره يناير المصريه، الي جمعه الغضب 28 يناير/كانون الثاني لعام 2011 وبعد ان افرغنا ذخيره غضبنا الحليم، وكان سلاحنا الوحيد والمُجرّد صوتنا الهادر وقلوبنا المُصرِّه ضد قوي الشر والقتل، كانت وما تزال بؤر التثوّر والتّطلع لهواء حرّ يملا رئاتنا، وتغلبنا علي جنود الفرعون الاعظم، فَطِنَّا لمحاولات عسكره واد ثورتنا، وصلب حلمنا من اول يوم بِبَلِّ رمق ضباط الداخليه الاخير بشربه اقصد بدَفعه اسلحه، فقطعنا عليهم طريق الدخول للامداد، وتوجّهنا سريعًا صوب لاظوغلي حيث مقرّ وزاره الداخليه وحاصرناها باعدادنا الهائله، فلا خرج احد منها ولا دخل حتي اشعار اخر.

وعندما قرّرنا الاعتصام في ميدان التحرير، واصبحنا لفرط حماستنا قاده للثوره جميعًا اتفقت جميع اجتماعات ائتلاف شباب الثورة علي عدم التفاوض قبل تحقيق المطالب كاملهً من دون تنازلات او مواءمات او انحناءات، من دون الرجوع لنخب العار او الاخذ بارائهم المتكلّسه، دون جلسات سريه او علنيه مع النظام العدو.

دعونا نتخيّل ان مطالبنا الثوريه كان لها حقّ التحقق والحياه، فمبارك المخلوع قد سقط وتنحّي عن رئاسه الجمهوريه ولم يتخلَّ عنها مِنّهً منه للثوّار ولم يُوكل المجلس العسكري لاداره شؤون البلاد والعباد، سقطتْ معه حكومته المتحجّره الفاسده وكذلك نائبه السفّاح اللواء عمر سليمان، وتم الغاء حاله الطوارئ الدمويه فعليًّا وانتفي وجود حظر عسكري في البلاد، وشكّلنا حكومه وحده وطنيه انتقاليه حقيقيه وليست من نُخب الاستغلال وقوّادي السلطه والنفوس الدنيئه، وتمّ حلّ مجلسَيْ الشعب والشوري من دون تباطؤ او تواطؤ، وانتخاب برلمان يقوم بتعديلات دستوريه فوريه للمواد سيئه السمعه مثل 75 و76 و77 و88 و93 و148 و179 و189 لضمان انتخابات رئاسيه نزيهه، لا تكون مُفصّله لفردٍ بعينه، وتحدّ من صلاحياته المُطلقه ومده مكوثه علي كرسي الحكم.

لم تنتهِ مطالب ثورتنا بعد -او قلّ تخيّلاتنا-، دعونا نتخيّل لوهلهٍ اننا اقمنا محاكمات ثوريه فوريه لقتله شهداء الثوره من ضباط للداخليه وتنظيمهم الخارجي للبلطجيه، وحلّ جهاز امن الدوله -الاداه القذره لكل انظمه الديكتاتوريه-، وتمّ سجن كل مَن ثبُت اعطاؤه الاوامر باستخدام الاسلحه الحيّه والامعان في القتل، كما تم اعدام كل مَن قام بتنفيذ هذه الاوامر بيديه، وتم اخلاء سبيل جميع المعتقلين، ولكم ان تتخيّلوا انه علي اثر ذلك ستختفي حالات التعذيب الممنهج والاختفاء القسري، واحداث قتلٍ كثيره علي يد الداخليه والمجلس العسكري، بدءًا من مجازر ماسبيرو، ومحمد محمود 1و2، ومجلس الوزراء، والعباسيه، وبورسعيد، وصولًا الي مجازر الحرس الجمهوري، والمنصه، ورابعه والنهضه، ورمسيس 1و2، وسياره الترحيلات ..الخ، لن تحدث اي حالات تعذيب او كشف عذريه او فقء اعين، لن تحدث اي انتهاكات لادميه المواطن ايًّا كان.

لنتخيّل اننا -ونحن ما زلنا في الميدان- نُقدّم رموز النظام الفاسد وحزبه المُفسد بكل اركانه لمحاكمات ثوريه عاجله، والتي علي اثرها يتم مصادره ثرواتهم واسترداد ما تمّ تجميده في الخارج، ومنعهم من ممارسه اي نشاط سياسي مباشر او غير مباشر لمده لا تقلّ عن 10 الي 15 عامًا، نحاكمهم علي جرائم هَدْرِ ما مضي من سنوات فقرٍ ومرضٍ وفساد وافساد.

لم نبرح الميدان قبل تنفيذ خطه تطهيريه لمؤسسات الدوله كافهً، وعلي راسها وزاره الداخليه المتشبّعه دماءً، ومنظومه القضاء المتالّهه سطوهً، ومنصه الاعلام السافره زيفًا، ولا ننسي تفكيك دوله العسكر المُستحوذه استيلاءً علي مقدرات البلاد، حتي نستطيع اقامه دوله مدنيه حقيقيه، انتخبنا جمعيه تاسيسيه توافقيه لوضع دستور جديد، وفي اعقاب ذلك شاركنا في انتخابات برلمانيه نزيهه، ثم اخترنا رئيسًا ثوريًّا يحرر الاراده الوطنيه ويبدا في بناء الدوله بعد تخلخل اركانها وتحلّلها من قِبل النظام الستيني الفاسد.

كان ليتباهي الوطن حقًّا بما حققناه، وكانت شهيه الانتصارات ستعطينا دَفعهً لبناء وطنٍ حيّ يقود الامه، كنا لنكتب التاريخ بمداد الفَرَح الحرّ.

دعونا نحرق دفاترنا السوداء التعيسه، فلا شيء يستحق الانحناء حقًّا او الركوع المُذلّ، نحن لم نرغب يومًا بالتعّفن علي كراسي السلطه، كنا ننبش عن الحريه في تراب الوطن بعد ان دفنتها انظمه الكره والعبوديه، كنا فقط نبحث عن وطنٍ يستبيح ارواحنا واعماقنا ويسلب انفاسنا مُذ تسلل الينا حبه ونحن صغار، فلا تسلب الحريه منك انفاسك.. وحده الوطن يفعل ذلك باقتدار.

نحن الشباب مُتعَبُون باحلامنا المُحققّه والمُتخيَّله، بحريتنا وكرامتنا، بعروبتنا ووطننا، وعندما نري خساراتنا تكبر وتتوالي نُدرك انَّ ما تبقّي لدينا هو هذه الاحلام والاوطان، وقتها يصغُرُ الساده والطغاه امام اعيننا فنصنع ثوراتنا مُجددًا مثل العنقاء من الرماد.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل