المحتوى الرئيسى

كواليس قصة العائلة السورية ضحايا الصحفية المجرية

09/10 12:01

روي  مهند نجل اللاجئ السوري- الذي تعارك مع صحافيه مجريه اسقطتهما ارضا- كواليس قصه عائلته التي حاولت الشرطه التركيه منعهم من قطع الحدود للوصول الي الجنه الموعوده: المانيا.

مهند البالغ من العمر 19 عاماً، والقادم من مدينه "دير الزور" والمصاب بعد ان انفجرت رصاصه بساقه اليسري،  لم يفكر يوما بانه سيجلس يوما امام شاشه التلفاز ليشاهد القنوات الفضائية العالميه والعربيه من غرفه في شقه مستاجره بمدينه تركيه.

مهند -بحسب ما عبر عنه لـ"هافينغتون بوست عربي" عبر الهاتف- لم يشعر بلحظه عجز منذ اصابته بالرصاصه قبل نحو 3 اعوام و8 اشهر وبضعه ايام، كالتي شعر بها يوم الاربعاء 9 سبتمبر/ايلول 2015، وهو يشاهد لحظات الرعب علي وجه شقيقه وصرخه الالم من والده وهو "يشتم" بوجه صحافيه مجريه كانت تقوم بتغطيه حدث محاوله مئات اللاجئين الفرار من الشرطه، فاسقطته عمدا بركله من رجلها لتمنع هربه.

ركله الصحافيه المجريه؛ وتدعي بيترا لازلو، اخذت صدي عالميا سيئا بعد ان صورها صحافي الماني اخر وهي تركل وتهاجم وتعرقل لاجئين يفرون من الشرطه؛ فاضطرت قناه "N1TV" التي تعمل فيها ان تطردها من الوظيفه رغم توجهاتها اليمينيه المناهضه للمهاجرين.

القناه المعروفه ايضا باسم تلفزيون "نيمزيتي" قالت في بيان ان "احدي العاملات في ان1 تي.في اظهرت اليوم سلوكا غير مقبول في نقطه التجمع في روزكي.. انهينا عقد المصوره اعتبارا من اليوم."

وفيما تعالت الاصوات المطالبه بتقديم الصحافيه للقضاء خاصه من قبال الاحزاب المعارضه، قال رئيس تحرير القناه التلفزيونيه "اعتقد اننا قمنا بما يجب ان نقوم به في مثل هذا الموقف. لا نفهم كيف يمكن ان يحدث ذلك. هذا امر صادم وغير مقبول."

الشاب الذي كان يوما ما مليئا بالحركه ومشاركا في المظاهرات، واصابته رصاصه استقرت بساقه في لن ينساه ابداً من ايام يناير/كانون الثاني 2012، لم يستطع منع نفسه من التساؤل عن السبب الذي دفع الصحافيه الشقراء الي ان تمارس كل ذلك "العنف والكره" تجاه والده وشقيقه الاصغر.

فالوالد اسامه عبدالمحسن -كما يشرح مهند- كان يعمل مديرا لمكتب "المنشئات" بديرالزور قبل ان يضطر لتقديم استقالته بعد بدء المواجهات في دير الزرو بين المعارضه وقوات النظام، عاقدا العزم علي البدء برحله -ستتضح فيما بعد انها طويله- لتامين مستقبل لاسره مكونه من الام (38 سنه) ومهند ومحمد (17 سنه) وشقيقه اصغر واخر العنقود زيد (7 سنوات) الذي قرر والده ان يصطحبه معه لانه الاقرب الي قلبه لعمره الصغير ولان وجوده سيساعده علي تقديم طلب لم شمل بقيه افراد الاسره فيما بعد عندما يصل الي المانيا.

رحله الاب برفقه الابن الاصغر زيد بدات مطلع الشهر الجاري من مدينه "بودروم" التركيه، واستطاع بعد 3 محاولات فاشله، الوصول الي اليونان، لينطلق بعدها الي مقدونيا ومنها الي صربيا، وقبل توجهه الي الحدود المجريه "اتصل بنا ثم انقطعت اخباره نهائياً" يقول مهند.

الاسره القلقه حاولت الاطمئنان عليه بالاتصال مع المجموعه التي خرج معها الاب (نحو 20 شخص) ودفع كل واحد منهم 1300 دولار للمهربين.

"اخر اخباره انقطعت عنا منذ يومين" يوضح مهند، ويقول"شعرنا بصدمه كبيره مع والدتي واختي بعد مشاهده مقطع الفيديو والموقف القاسي الذي تعرض له والدي وشقيقي الاصغر" اللذين لا يعرفان عنهما شيئا حتي بعد الحادث.

الشرطه المجريه قالت في موقعها علي الانترنت انها اغلقت طريق "ام.5" السريع بعد ان اخترقت مجموعه من المهاجرين طوقا فرضته الشرطه في "روزكي" علي الحدود مع صربيا الاربعاء وانطلقت سيرا علي الاقدام صوب الطريق السريع. وقالت ان نقطه دخول طريق ام.5 الذي يقود من الجنوب الي بودابست اغلقت.

وقال موقع "ايندكس" الاخباري المحلي ان نحو 400 مهاجرا فروا من نقطه التجمع وانطلق نصفهم نحو الطريق السريع بينما توجه النصف الاخر الي طريق فرعي باتجاه مدينه "زيجيد".

لكن كل هذه الاخبار لم تهدئ من قلب الام التي لا تستطيع نسيان مشهد الرعب الذي ارتسم علي وجه طفلها زيد بعد سقوطه ارضا وتجمع الشرطه حوله وحول والده.

الام تشعر الان بالندم بعد ان وافقت في البدايه -تحت الحاح زوجها- ان يخوض الابن الاصغر هذه الرحله الشاقه، قائله لـ"هافينغتون بوست عربي" انها "ليست كاي رحله، انها رحله الموت"، وتضيف رضخت لكلمات طفلي المطمئنه عندما قال "ماما انا طالع المانيا اشوف محمد لا تخافين" فقد كان يشعر بسعاده كبيره لرؤيه اخيه محمد.

محمد، وهو الابن الاوسط الذي قرر المغامره اولا فسافر منذ 8 اشهر عبر باخره الي ايطاليا ومنها بالقطار الي المانيا، كان يامل في طلب لم الشمل مع الاسره لصغر سنه، لكن صعوبه الطريق والاجراءات المعقده اخّرت في طلب لجوءه وكان قد تجاوز السن القانونيه ولم يعد بمقدوره طلب لم الشمل.

مهند الذي اثرت علي حركته رصاله اطلقتها القوات المواليه للرئيس السوري بشار الاسد، يؤكد ان والده لن يسكت "عما حدث معه، لكن حاليا لا نعرف ظروفه" في اشاره الي امكانيه ان يتقدم بدعوي قضائيه ضد الصحافيه المجريه، وفي مواساه لما تعيشه العائله من حاله ترقب وخوف علي مصير الاب والشقيق الاصغر.

"والدي يئس من كل شيء، ولم يجد عملاً يقوم به في تركيا، وتدهورت الحاله الماديه خاصه ان المعيشه صعبه هنا، وكان مصرا علي ان نتابع دراستنا" هذه هي الاسباب التي دفعت الوالد الي الهجره علي حد قول الابن المصاب.

مهند يشعر بالاسي من عجزه وعدم قدرته ان يكون الي جانب والده في هذه الظروف العصيبه. يتذكر المسيره القصيره لحياته كشريط سينمائي، ويقول "خرجنا من ديرالزور الي دمشق في بدايه القصف علي المدينه ومحاصره النظام لها".

فقد اقام مهند وعائلته في دمشق ليتلقي العلاج من الاصابه، فيما بقي الوالد بديرالزور "وكان ياتي لزيارتنا كل شهرين تقريبا ليطمئن علينا ويعود بعدها الي الدير مره اخري، يمر بطرق صعبه لانه كان مطلوبا من جميع الفروع الامنيه"، حيث كان يعمل معالجا فيزيائيا للمصابين من ابناء مدينته في الجزء الواقع تحت سيطره المعارضة السورية.

بعد دمشق ورحله العلاج هناك، توجهت العائله الي الرقه حيث اقامت لثلاثه اشهر، قبل ان تنتقل مع رب الاسره الي تركيا بعد دخول "داعش" الي ديرالزور.

مهند بعد اصابته لم يعد يفكر في شيء بقدر تفكيره في دراسته التي لم يستطع ان يكملها بسبب الحرب التي اندلعت في كل بقاع سوريا.

ويتسائل في نفسه: "ما الذي قد يدفع صحافيه شقراء وجميله الي ان يخرج كل ذلك الكره تجاه مجموعه من اللاجئين لا حول لهم ولا قوه؟"

لكن الجواب لم يتاخرا كثيرا، فسرعان ما خرجت حسابات علي الشبكات الاجتماعيه باسم الصحافيه بترا لازلو التي لم يمكن اقتفاء اثر لها علي "تويتر" او "فيسبوك" قبل اليوم، تتحدث عن انها "معجبه بما قامت به"!

الحساب الجديد علي تويتر لم يتسن التاكد من صحتها، ولكن عده مئات بدؤوا بمتابعتها فورا.

وتقول في احدي التغريدات "عالم الانترنت قاس جداً، كره كبير يحمله لي، ولكن جلّ ما فعلته هو مساعده الشرطه المجريه في حمايه دولتنا".

واضافت في تغريده اخري "هؤلاء ليسوا لاجئين، هؤلاء مهاجرين يدّعون انهم يحمون ارواحهم، ولكن هدفهم الاستيلاء علي هنغاريا".

لكن احزاب المعارضه والتحالف الديمقراطي في المجر صرحت انها سترفع دعوي قضائيه ضد لازلو لممارستها العنف بحق اللاجئين، وقد تتعرّض لعقوبه تصل الي 5 سنوات اذا تم ادانتها.

وتسعي اوروبا جاهده للتعامل مع التداعيات الانسانيه والسياسيه لتوافد الاف المهاجرين اليها الذين فر معظمهم من الصراعات في الشرق الاوسط وياتون طلبا للجوء.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل