المحتوى الرئيسى

« روح » .. لو قابلت السعادة ستعرفها ؟!

09/09 15:45

” اكثر من يتمنون الموت ، هم الاكثر حرصا علي الحياه ” .. رغم تذمرنا الدائم من منغصات الحياه و صعوباتها ، الذي يصل لتمني الموت ، و لكن هل سيظل ذلك رايك ، ان دق الموت بابك ، ام ستطلب فرصة أخرى ؟

تساؤلات الحياه و الموت ، و البحث الذي لا ينتهي عن السعاده ، هذا ما يدور حوله عرض ” روح ” المشارك بالمهرجان القومي للمسرح ، و الماخوذ عن روايه ” الورده و التاج ” للكاتب الانجليزي “جي. بي. بريستلي” الذي نفذ لاعماق النفس البشريه ، حتي امسك بخفايا ” الروح ” .

العرض يتناسب مع الاجواء التي نعايشها في مصر حاليا ، في ظل حاله الاحباط التي تخيم بظلالها علي البلد ، ” روح ” دعوه للحياه ، فقبل ان نتمني الموت ، علينا ان نسال انفسنا في البدء ” هل حييت ؟ ” .

مسرحيه ” روح ” تضم انماطا مختلفه من البشر يجمعهم ” بار روح ” و الشعور بالنقمه علي الحياه ، كل منهم يري ان لا احد مهموم اكثر منه في العالم ، و ان الحياه لا تستحق العيش ، فيرون الدنيا بركه متعفنه ، و الاحوال ميئوس منها و ليس هناك بارقه امل لاصلاحها ، الامر الذي جعلهم يتمنون الموت .

فالعجوز كاترين دفنت زوجين و ثلاثه ابناء ، و اصبحت وحيده منبوذه ، و بلغ الامر بالناس ليعدوا عليها ايامها و يستكثروا عليها الحياه ، و كانهم من يحددون مواعيد الرحيل ؟! ، حتي تمنت ان تموت و تلحق باسرتها . و السباك “ستون” الذي هجره ابناؤه ، ليظل وحيدا تعسا كارها للحياه و البشر ، و جملته المفضله و ” ليه نعيش ” و لو امتكلت الشجاعه لانتحرت .

و الفنانه ” بيرثا ريد ” التي تاتي للبار كل يوم قبل الجميع لتغني ، فلم تعد مطلوبه في الحفلات ، و شعرت بعد توقفها عن الغناء ان كل اجهزه جسدها انهارت ، و انها لم تعد جميله او ذات قيمه ، فتغني قائله : ” لو قابلت السعاده ما عرفتها .. و لو سالوني هل الحياه تستحق ان تعاش ام لا ، لقلت لا ” ، فاصبحت تمضي وقتها تناكف في العجوز و ستون ، و يمضون الوقت في مشاكسه بعضهم الاخر .

المتزوجان الجدد بيرسي و ايفي ، هو رجل يحسب كل شئ بعقله حد الاكتئاب و يرفض الانجاب حتي لا ياتي باطفال لهذه الدنيا البائسه فيعانون كما يعاني ، و ايفي امراه محبه للحياه ، و لكنها عديمه الشخصيه ، فبيرسي يحد من انطلاقها ، و يتحكم في افعالها ، و ترجع اليه في كل شئ ، حتي حفظ مرتادو البارجملتها الشهيره ” اليس كذلك يا بيرسي ” .

وفي وسط هذا الجو الكئيب ، يدخل هاري ، فيبث المرح في المكان ، هاري هو الشخص الذي يتمني الجميع ان يملك نظرته للحياه ، فعلي الرغم من مشاكله و قلبه العليل ، لم يكف عن الابتسام ، و محاوله بث البهجه في الاخرين ، فهو يؤمن ان السعاده ” اراده ” تنبع من داخل الناس ، و تكمن في التفاصيل الصغيره ، في بسمه طفل و لمسه يده ، و ثمره تنمو بعد عناء ، و يردد “ان علينا الا ندع الحياه تسخر منا و تستعبدنا ، بل نسخر نحن منها و نقابل مصاعبها بالابتسام” رافعا شعار ” كن حرا تكن سعيدا ” .

و لا ننسي فريد ” صاحب البار ” اشفقت عليه كثيرا ليس لانه لم ينطق بجمله واحده طوال العرض ، و لكن لان عليه ان يتحمل زبائنه المتذمرين و خلافاتهم طوال الوقت ، و عيناه تنطقان بالضيق من الشكوي المستمره .

وفي الوقت الذي اعلن فيه رواد البار كراهيتهم العلانيه للحياه و رغبتهم في الموت ، ظهر الزائر الغريب ” مندوب الموت ” لينفذ رغبتهم و يصطحب احدهم معه ، فاذا بهم يتراجعون في مشهد عبقري يظهر التناقض الانساني و خفايا النفس البشريه ، و ان اكثر من يتذمرون من الحياه و يرددون انهم يرغبون في الموت هم في الحقيقه الاكثر حرصا علي الحياه .

فعندما لاح الموت في الافق ، صرخوا جميعا انهم يطلبون فرصه اخري ، فهم لم يحيوا ليموتوا ، و مازال بعضهم ينشد الحب الحقيقي ، و فرصه للتوبه و تصحيح الماضي ، و محاوله للتغيير و ايجاد السعاده ، مبديين خوفهم من الموت و عدم قدرتهم علي مواجهته ، فالتذمر شيئا و الموت شيئا اخر .

بينما ابدي المحبون للحياه استعدادهم للموت ، فهؤلاء من عرفوا جوهر الحياه ، و عرفوا كيف يعيشوها و يستمتعون بها ، و عندما ياتي الموت ، فهم يفتحون اذرعهم له بلا خوف ، فهم يعلمون جيدا انه مجرد محطه للحياه الحقيقيه .

بينما يعود من طلبوا فرصه اخري للحياه لعادتهم القديمه في التذمر ، فمن الصعب ان تغير ” ريما ” من عاداتها القديمه .

لكل من يسال عن الحياه ، ” روح ” مسرحيه تستحق ان تشاهد ، قصه عبقريه ، و فريق تمثيل مبدع ، و ديكور يدمجك في الحدث ، فمنذ ان تطا قدمك خشبه المسرح ، ستجد نفسك في بار ، و كانك احد رواده ، فالممثلون يجلسون علي القرب منك و جوارك و يرقصون امامك و حولك بسلاسه ، و تشدو الفنانه فاطمه محمد علي بصوتها الجميل و هي تنظر لاعلي ، فتظن في البدء ان وضع الميكرفون الذي يتدلي من الاعلي ربما يكون هو السبب ! ، و لكن مع العرض تكتشف انه حلم مسز ريد التي تطلع اليه و هو ” الغناء ” .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل